|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود إلا يولد على الفطرة) فواز بن علي بن عباس السليماني قال المصَنِّف: ولهما[1] عنه[2] مرفوعًا: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ)، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟ حَتَّى تَكُونُوا أَنتُمْ تَجْدَعُونَهَا، ثم قرأ أبو هريرة رضي اله عنه: ﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ﴾ [الروم: 30]، متفق عليه. تعريف الفطرة: قال ابن عبدالبر في "الاستذكار" (3/101): أما اختلاف العلماء في الفطرة المذكورة في هذا الحديث، فقال جماعة من أهل العلم والنظر: أريد بالفطرة المذكورة في هذا الحديث الخلقة التي خلق عليها المولود في المعرفة بربه، فكأنه قال: كل مولود يولد على خلقة يعرف بها ربه إذا بلغ مبلغ المعرفة يريد خلقة مخالفة لخلقة البهائم التي لا تصل بخلقتها إلى معرفة ذلك. واحتجوا على أن الفطرة الخلقة والفاطر الخالق بقوله تعالى: ﴿ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [فاطر:1] يعني خالقهنَّ. وقوله: ﴿ وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي ﴾ [يس:22] يعني: خلقني، وما كان مثله من آي القرآن. وأنكروا أن يكون المولود فُطر على كفر أو إيمان، أو معرفة أو إنكار، وقالوا: إنما يولد المولود على السلامة في الأغلب خِلقةً وبنيةً وطبعًا ليس معها إيمان ولا كفر، ولا إنكار ولا معرفة، ثم يعتقدون الإيمان أو الكفر بعدُ إذا ميَّزوا. واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء)؛ يعني: سالمة، (هل تحسون فيها من جدعاء؟)؛ يعني: مقطوعة الأذن، فمثل قلوب بني آدم بالبهائم؛ لأنها تولد كاملة الخلق ليس فيها نقصان ولا آفة، ثم تقطع آذانها بعد وتشق وتثقب أنوفها، ويقال: هذه بحائر، وهذه سوائب، وكذلك قلوب الأطفال في حين ولادتهم سالمة ليس لهم كفر ولا إيمان، ولا معرفة ولا إنكار، فلما بلغوا استهوتهم الشياطين، وكفر أكثرهم، وعصم الله أقلهم. قالوا: ولو كان الأطفال قد فطروا على شيء من الكفر أو الإيمان في أولية أمرهم، ما انتقلوا عنه أبدًا، كما لا ينتقلون عن خلقتهم، وقد نجدهم يؤمنون ثم يكفرون، ويكفرون ثم يؤمنون، قالوا: ويستحيل في المعقول أن يكون الطفل في حين ولادته يعقل كفرًا أو إيمانًا؛ لأن الله عز وجل أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئًا. قال أبو عمر: هذا القول أصح ما قيل في معنى الفطرة التي يولد الناس عليها، والله أعلم؛ اهـ وقال ابن حجر في "الفتح" (3/250): قال ابن القيم: سبب اختلاف العلماء في معنى الفطرة في هذا الحديث: أن القدرية كانوا يحتجون به على أن الكفر والمعصية ليسا بقضاء الله، بل مما ابتدأ الناس إحداثه، فحاول جماعة من العلماء مخالفتهم بتأويل الفطرة على غير معنى الإسلام، ولا حاجة لذلك؛ لأن الآثار المنقولة عن السلف تدل على أنهم لم يفهموا من لفظ الفطرة إلا الإسلام، ولا يلزم من حملها على ذلك موافقة مذهب القدرية؛ لأن قوله: فأبواه يهودانه...، محمول على أن ذلك يقع بتقدير الله تعالى، ومن ثم احتج عليهم مالك بقوله في آخر الحديث: الله أعلم بما كانوا عاملين؛ اهـ. قوله: (فأبواه يهودانه...): قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3/250): قال الطيبي: (الفاء) في (فأبواه)؛ إما للتعقيب أو السببية، أو جزاء شرط مقدر؛ أي: إذا تقرر ذلك فمن تغيَّر كان بسبب أبويه؛ إما بتعليمهما إياه، أو بترغيبهما فيه، وكونه تبعًا لهما في الدين يقتضي أن يكون حكمه حكمهما.... وقوله: (كما)، حال من الضمير المنصوب في (يهودانه)؛ أي: يهودان المولود بعد أن خلق على الفطرة تشبيهًا بالبهيمة التي جُدعت بعد أن خُلقت سليمة، أو هو صفة مصدر محذوف أي: يغيرانه تغييرًا مثل تغييرهم البهيمة السليمة؛ اهـ. وتقدم من كلام ابن القيم الذي نقله عنه الحافظ نحو هذا، فيراجع، والله أعلم. فائدة تخصيص الوالدين بقوله صلى الله عليه وسلم: (فأبواه يهودانه...الحديث)، مع أن المولود قد يكون عند غير آبائه؟ قال الحافظ ابن حجر ـ عقب كلامه السابق -: وخص الأبوان بالذكر للغالب، فلا حجة فيه لمن حكم بإسلام الطفل الذي يموت أبواه كافرين، كما هو قول أحمد، فقد استمر عمل الصحابة ومن بعدهم على عدم التعرض لأطفال أهل الذمة؛ اهـ. وقوله: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء)، تقدم في كلام ابن عبدالبر قبل صفحة: بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟). تعريف البهيمة وسبب تسميتها بذلك، ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (جمعاء)، وتعريف الجَدْعِ: قال في "الفائق" (1/19): البهيمة: كل ذات أربع في البر والبحر؛ اهـ. وقال المناوي في "التعاريف" (ص147): البهيمة ما لا نطق له لِما في صوته من الإبهام، لكن خُصَّ في التعارف بما عدا السباع؛ لقوله تعالى: ﴿ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ﴾ [المائدة: 1]؛ اهـ. وقال ابن الأثير في "النهاية" (ص164): جمعاء: أي: سليمة من العيوب مجتمعة الأعضاء لا جدع فيها ولا كي؛ اهـ. وقال في "مختار الصحاح" (ص119): الجَدْعُ قطع الأنف وقطع الأذن أيضًا، وقطع اليد والشفة، وبابه قطع، تقول: جَدَعَهُ فهو أجْدَعُ بيِّنُ الجَدَعِ، والأنثى جَدْعاءُ؛ اهـ. [1] أي: وللبخاري برقم (1358)، ومسلم (6755). [2] إن أراد: عن ابن عباس، فهو وهم؛ لأن الحديث في "الصحيحين"، عن أبي هريرة س، والله أعلم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |