زوجتي تهددني بالفضيحة لأني سأتزوج غيرها

[ابوالوليد المسلم]

زوجتي تهددني بالفضيحة لأني سأتزوج غيرها

أ. فيصل العشاري

السؤال:

أنا شابٌّ في منتصف الثلاثينيات مِن عمري، متزوِّج ولديَّ طفلان، لديَّ أخٌ متزوجٌ مِن أخت زوجتي، بعد زواج أختِها بدأتُ أشعر بتغيُّر زوجتي؛ إذ بَدَا طبعُها شرسًا تجاهي وتجاه أهلي، فلم أقابلْ ذلك بالعنف، بل اتبعتُ أسلوب المُدارَة للحِفاظ على بيتي وأولادي.


كلَّمتُها كثيرًا ونصحتُها أكثر، لكن النصيحة لا تنفع معها، صارحتُها بأنَّ أفعالها ربما تُؤَدِّي إلى الطلاق، فَبَكَتْ وصرختْ، وأخبرتْني أنها تحبني، لكنها لم تتغيَّرْ!


كنتُ أعيش فراغًا عاطفيًّا، حتى أحببتُ زميلةً لي في العمل مُطَلَّقة ولديها طفلةٌ، لم تتجاوزْ علاقتي بها المكالمات الهاتفية والرسائل، قرَّرتُ أن أتزوَّجَها لعلمي أن زواجي الثاني هو الطريق لإصلاح زوجتي الأولى.


أخبرتُ الفتاة بأني سأتقدَّم لها رسميًّا، وأطلبها مِن أبيها، ومن شدة فرحها أرسلتْ لي رسالةً فيها كلمات حبٍّ!


رأتْ زوجتي الرسالةَ وحصلتْ مشكلات بيننا على ذلك، حتى أخبرتُها بأني سأتزوَّج هذه الفتاة، فاتصلتْ بالأقارب وأهل الفتاة، وأخبرتهم بالرسالة، والعلاقة التي بيني وبين الفتاة، وعلى إثر ذلك بدأتْ تنعتني بالخائن، وتقذفني بكلماتٍ فيها مِن السَّبِّ والشتم وقلة الشرف والمروءة!


اعتذرتُ عن موضوع الزواج الثاني، وتعللتُ بظروف العمل والانشغال، رغم أن الحقيقة أني لم أستطع الوقوفَ أمام موقف زوجتي الحادّ، فعلمتُ أن الفتاة مرضتْ وأصيبتْ باكتئابٍ حادٍّ!


لم تتغيرْ زوجي بعد هذا الموقف، ولم تُراجعْ نفسها، بل ازدادتْ قسوةً، وكان هذا سبب إصراري على الانفصال أو الزواج الثاني، قررتُ أن أقفَ أمامها بِحَزْمٍ، وألا أترددَ في قراري، واستخرتُ الله كثيرًا، وذهبتُ لخطبة الفتاة رسميًّا، وتمت الخطبةُ بدون معرفة زوجتي.


وصلتني رسالة مِن أخي الفتاة يستفسر فيها عن بعض الأمور، فرأتْها زوجتي، فاتصلتْ بالفتاة وأهلها وسبَّتْهم سبًّا شديدًا، وهدَّدتهم بالقَتْل!


طلبتْ زوجتي الطلاقَ فرفضتُ بشدة، فساومتني هي وأخي وزوجته واشترطتْ عليَّ شُروطًا، وعليَّ أن أعطيهم الضمانات بأني لن أتزوَّجَ، وإلا طلقتُ زوجتي، أو تهددني بالفضيحة، أو تترك لي الأولاد.

أخبروني ماذا أفعل فأنا في حيرةٍ شديدةٍ؟

وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الأخ الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


قرأتُ قصتك بتمعُّنٍ واهتمامٍ، وتفاعلتُ معها، وأسأل الله تعالى أن يُفَرِّج همك، وأن يرزقك الاختيارَ الصائب.


بدايةً نشكرك على أخلاقك العالية، وحُسن تفهُّمك المستمر لزوجتك الكريمة، وصبرك على مُغالبتها لك أحيانًا، وهذه صفةُ الكِرام مِن الرجال حيث تغلبهم زوجاتُهم!

لكن لا ينبغي أن تصلَ هذه الغلبة إلى الخطوط الحمراء المتعلِّقة بإهدار حقِّ الغير، ولا بالتأثير السلبيِّ على حياتك ومستقبلك؛ فهذا شأنٌ آخر.

لن نطيلَ بالتفاصيل معك، ولكننا نُؤَيِّدك بأن تمضي في مشروع زواجك الثاني، وتنحني للعاصفة؛ حتى تمرَّ بسلامٍ!

ليس الأمرُ متعلقًا فقط بالمرأة الجديدة التي أُصيبتْ بالاكتئاب جراء قطع العلاقة وإلغاء الزواج؛ ولكن لأنَّ هذا الأمر سيُؤَثِّر على حياتك مع زوجتك الأولى لو لم تتزوج الثانية! فستظل قلقًا وربما تُصاب باكتئابٍ أنت الآخر، لا سيما وأنك تعلَّقْتَ بالمرأة الثانية، وطلبتَها بالحلال، فهذا مِن صميم حقِّك الشرعيِّ والقانونيِّ، ولا يستطيع أحدٌ إجبارك على التخلِّي عنها.

نعم نحن نتفهَّم ضرورة مُراعاة مشاعر الأولى، ومداراتها والصبر عليها، لكن هذه المراعاة ينبغي أن تكونَ مِن الجانبين، فكما أنك تُراعي مشاعرَها وتتفهَّمها وتصبر عليها، كذلك ينبغي أن تفعلَ معك؛ لأنَّ إلقاء الحِمل على جهة واحدةٍ ربما لا يصمد صاحبُه أمامه طويلًا.

الشروطُ التي تمَّ وضعُها مِن قِبَل زوجتك الأولى وأختها وزوجها لستَ مُلْزَمًا بها، ولا تجبهم إليها، واستعمِلْ حقَّك الكامل في رفْضِها وعدم الرُّضوخ إليها، فلستَ مُلْزَمًا بتطليق الأولى؛ نعم قد تحصُل منها مُعارضةٌ شديدة وتنمُّر واختلاقُ بعض المشاكل، لكنها عاصفةٌ مُؤَقَّتة، وستمُرُّ وتعود الأمور إلى سابق عهدِها إن لم يكن أحسن، لا سيما إذا أحسنتَ إدارة الحياة التنافُسية بين الزوجتين الضرتين!

أما الأولادُ فقد يتم مساومتك بهم في بداية الأمر، لكن في الغالب أن الأم لن تصبرَ على فراقهم، فلا تقلقْ مِن هذه الناحية.

أما تهديدك بالفضيحة، فلا توجد فضيحةٌ أصلًا حتى يتمَّ تهديدُك بها، ومجرد تبادُل رسائل الجوال لا سيما في فترة الخِطبة أمرٌ معروفٌ عند الناس، فلن يكونَ لهذا الأمر تأثيرٌ عليك - إن شاء الله.

المهم أن يَرَوْا منك تصميمًا على هدفك والوصول إليه، وأنَّ هذا حقٌّ مشروعٌ لك لا يلزمك التنازُل عنه.

نسأل الله تعالى أن يجعلَ لك مِن كلِّ هَمٍّ فرَجًا، ومِن كل ضيقٍ مخْرجًا

والله الموفِّق