استدلال أهل السنة على أصول الاعتقاد - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4518 - عددالزوار : 1311493 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4943 - عددالزوار : 2042042 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1174 - عددالزوار : 132523 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-12-2021, 08:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة : Egypt
افتراضي استدلال أهل السنة على أصول الاعتقاد

استدلال أهل السنة على أصول الاعتقاد
د. محمود بن أحمد الدوسري



إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أمَّا بعد: فالحديث عن "استدلال أهل السنة على أصول الاعتقاد" يُجمَع في ثلاثة مطالب:



المطلب الأول: استدلالهم "بالكتاب والسنة".



المطلب الثاني: استدلالهم "بالمتواتر والآحاد".



المطلب الثالث: استدلالهم "بالإجماع والعقل والفطرة".











المطلب الأول: استدلالهم "بالكتاب والسنة":



الكتاب والسُّنة هما العمدة في معرفة أصول الدِّين وفروعه؛ لذا شملت نصوصُهما الدِّين كلَّه، فيجب الأخذ بجميع نصوصهما، والتسليم لهما، والانقياد لأمرهما، وتلقي خبرهما بالقبول والتصديق، ولم يكن أحد من السلف الصالح يُعارض القرآن والسنة بمعقوله ولا خياله، بل كل أقوال الناس وآرائهم تُعرَض على الكتاب والسنة، ولا يُقبل منها إلَّا ما وافق الكتاب والسنة، دون ما خالفهما.







قال الإمام الشافعي رحمه الله: (ولا أعلم من الصحابة ولا من التابعين أحدًا أخبَرَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا قُبِلَ خبرُه، وانتهى إليه، وأثبت ذلك سنة... وصَنَع ذلك الذين بعد التابعين، والذين لَقِيناهم، كلُّهم يُثبِتُ الأخبار ويجعلها سُنَّةً، يُحمَد مَنْ تَبِعَها، ويُعاب مَنْ خالفها، فمَنْ فارق هذا المذهب كان عندنا مُفارِقَ سبيلِ أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهلِ العلم بعدهم إلى اليوم، وكان من أهل الجهالة)[1].







وقال محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله: (اتفق الفقهاء كلُّهم من المشرق إلى المغرب: على الإيمان بالقرآنِ، والأحاديثِ التي جاء بها الثِّقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفة الرَّب عز وجل من غير تفسير، ولا وصف، ولا تشبيه)[2].







اتفاق الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم في مَسَائِلِ الصِّفات:



كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم مستسلمين للنصوص مُتمسِّكين بها، ولم يقع بينهم تنازع في مسائل الصفات، كما وقع عند المتأخرين من أهل الأهواء والبدع، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: (تَنَازَعَ الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم في كَثِيرٍ من مَسَائِلِ الأَحْكَامِ، وَهُمْ سَادَاتُ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَكْمَلُ الأُمَّةِ إيمَانًا، وَلَكِنْ بِحَمْدِ اللَّه لم يَتَنَازَعُوا في مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ من مَسَائِلِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ، بَلْ كلُّهم على إثْبَاتِ ما نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، كَلِمَةً وَاحِدَةً من أَوَّلِهِمْ إلَى آخِرِهِمْ، لم يَسُومُوهَا تَأْوِيلًا، ولم يُحَرِّفُوهَا عن مَوَاضِعِهَا تَبْدِيلًا، ولم يُبْدُوا لِشَيْءٍ منها إبْطَالًا، وَلا ضَرَبُوا لها أَمْثَالًا، ولم يَدْفَعُوا في صُدُورِهَا وَأَعْجَازِهَا، ولم يَقُلْ أَحَدٌ منهم: يَجِبُ صَرْفُهَا عن حَقَائِقهَا، وَحَمْلُهَا على مَجَازِهَا، بَلْ تَلْقَوْهَا بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ، وَقَابَلُوهَا بِالإِيمَانِ وَالتَّعْظِيمِ، وَجَعَلُوا الأَمْرَ فيها كُلِّهَا أَمْرًا وَاحِدًا، وَأَجْرَوْهَا على سَنَنٍ وَاحِدٍ، ولم يَفْعَلُوا كما فَعَلَ أَهْلُ الأهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، حَيْثُ جَعَلُوهَا عِضِينَ، وَأَقَرُّوا بِبَعْضِهَا وَأَنْكَرُوا بَعْضَهَا من غَيْرِ فُرْقَانٍ مُبِينٍ)[3]. وعلى هذا المنهج سار أهل السنة والجماعة في استدلالهم بنصوص الكتاب والسنة على مسائل الاعتقاد.







المطلب الثاني: استدلالهم "بالمتواتر والآحاد":



يستدل أهل السنة والجماعة بنصوص الكتاب والسنة جميعها، لا يُفرِّقون بين نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، ولا يُفرِّقون أيضًا بين الحديث المتواتر[4] وبين خبر الآحاد[5]، ويحتجون بالمتواتر والآحاد في العقائد والأحكام على حدٍّ سواء.







إفادة خبر الواحد العلمَ اليقيني:



خبر الواحد إذا تلقَّته الأمَّة بالقبول فإنه يُفيد العلم اليقيني، وهو قول جماهير الأمة من المحدِّثين والفقهاء، وفي ذلك يقول السمعاني رحمه الله: (إنَّ الخبر إذا صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الثِّقاتُ والأئِمَّة، وأسندَه خَلَفُهم عن سَلَفِهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلقَّته الأُمَّة بالقبول؛ فإنه يوجب العِلْمَ فيما سبيله العلم، هذا قولُ عامةِ أهل الحديث، والمتقنين من القائمين على السُّنة، وإنما هذا القولُ الذي يُذكَر: أنَّ خبرَ الواحد لا يفيد العلم بحال، ولابد من نَقْلِه بطريق التواتر لوقوع العلم به شيءٌ اخترعَتْه القدريةُ والمعتزلةُ، وكان قصدُهم منه ردَّ الأخبار)[6].







ويُؤكِّد ذلك ابن أبي العز الحنفي رحمه الله إذ يقول: (خبر الواحد إذا تلقَّته الأُمَّة بالقبول عملًا به، وتصديقًا له؛ يفيد العلم اليقيني عند جماهير الأُمَّة، وهو أحد قِسمي المتواتر، ولم يكن بين سلف الأُمَّة في ذلك نزاع؛ كخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ"[7]... وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُرسِلُ رُسُلَه آحادًا، ويُرْسِلُ كُتُبَه مع الآحاد، ولم يكن المُرْسَلُ إليهم يقولون: لا نقبله؛ لأنَّه خبر واحد، وقد قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ [التوبة: 33]، فلا بُدَّ أنْ يَحفظَ اللهُ حُجَجَه وبَيِّناتِه على خَلْقِه؛ لئلا تَبطُلَ حُجَجُه وبَيِّناتُه)[8].







حُجِّيَّة خبر الآحاد في العقائد والأحكام: أجمع السلف قاطبة في كل عصر من أهل الفقه والأثر: على قبول خبر الواحد العدل، وإيجاب العمل به إذا ثبت ولم ينسخه غيرُه من أثر أو إجماع، ولم يخالف في ذلك إلَّا الخوارجُ وطوائف من أهل البدع لا يعدُّ خلافهم مُعتبرًا[9].







ما جاء عن أهل العلم في ذلك:



1- قال ابن عبدالبر رحمه الله: (وكلُّهم "يعني: أهلَ الفقه والأثر" يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات، ويُعادي ويوالي عليها، ويجعلها شرعًا ودينًا في معتقده، على ذلك جماعة أهل السُّنة)[10].







2- وقال ابن تيمية رحمه الله: (مذهبُ أصحابِنا: أنَّ أخبار الآحاد المُتلقَّاة بالقبول تصلح لإثبات أصول الدِّيانات)[11].







3- ورَدَّ ابن القيم رحمه الله على مَنْ يزعم التفريق في الاستدلال بين العقائد والأحكام: (وهذا التفريق باطلٌ بإجماع الأمَّة؛ فإنها لم تزل تحتجُّ بهذه الأحاديث في الخبريات العِلميات، كما تحتجُّ بها في الطلبيات العَمَليات... لم تزل الصحابة والتابعون، وتابعوهم، وأهل الحديث والسنة يحتجُّون بهذه الأخبار في مسائل الصفات، والقدر، والأسماء والأحكام، ولم يُنقل عن أحد منهم البتة أنه جوَّز الاحتجاجَ بها في مسائل الأحكام دون الإخبار عن الله وأسمائه وصفاته، فأين سلف المُفرِّقين بين البابين؟)[12].







والحديث عن حُجيَّة خبر الآحاد يتَّسع ويطول، وليس هذا مقصودنا، وإنما قصَدْنا إلى بيان منهج أهل السنة والجماعة في استدلالهم بخبر الآحاد على أصول الاعتقاد، كما يستدلون بالمتواتر عليها.







وتجد عَجَبًا جَمًّا عند كثيرٍ ممَّن ينتسبون إلى العلم وغيرهم من المبتدعة أنهم في الوقت الذي يعترضون على أهل السنة في استدلالهم بخبر الآحاد في العقيدة، تجدهم أنفسهم يعتمدون في الاستدلال على الحديث الضعيف في الفقه وغيره، ثُمَّ إذا جادلتهم قالوا: إنَّ الحديث وإنْ كان ضعيفًا فهو أَولى من الرأي مثلًا، أو قالوا: إنَّ من الأئمة مَنْ أجاز ذلك في فضائل الأعمال، وتجاهلوا عمدًا أنَّ نفس هؤلاء الأئمة الذين أجازوا الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال نفسهم يرون الاستدلال بخبر الآحاد الصحيح على مسائل الاعتقاد، وهذا وربِّ الكعبةِ من العجب العجاب!







المطلب الثالث: استدلالهم "بالإجماع والعقل والفطرة":



سبق الحديث على وجوب التسليم لنصوص الكتاب والسنة؛ لأنهما العمدة في معرفة أصول الدِّين وفروعه، فينبغي على المؤمن أن يستغنيَ بنصوص الكتاب والسنة في كل ما يحتاجه في حياته، وهناك مصادرُ أخرى جاءت لتعضيد ما في الكتاب والسنة؛ كالإجماع، والعقل الصحيح، والفطرة السليمة، وتفصيلُه على النحو التالي:



أولًا: دلالة الإجماع على مسائل الاعتقاد: الإجماع هو المصدر الثالث من مصادر التشريع بعد الكتاب والسنة، واللذين يُعتبران هما المنبع الأصلي لكل مسائل الدِّين، سواء في ذلك الاعتقاد أو الأحكام، وفيذلك يقول الخطيب البغدادي رحمه الله: (وأمَّا الكتاب والسُّنة فهما الأصلان اللَّذان يقوم الاحتجاج بهما في أحكام الشرع على ما سواهما، ويتلوهما الإجماعُ، وليس يعرفه إلَّا مَنْ عَرَفَ الاختلاف)[13].







ومِثل ذلك جاء عن ابن تيمية رحمه الله: (وسُمُّوا أهلَ الجماعة؛ لأنَّ الجماعة هي الاجتماع، وضِدُّها الفُرقة... والإجماع هو الأصل الثالث الذي يُعتمد عليه في العلم والدِّين، وهم "يعني: أهلَ السنة والجماعة" يَزِنون بهذه الأصول الثلاثة جميعَ ما عليه الناس من أقوالٍ وأعمالٍ باطنةٍ أو ظاهرة مِمَّا له تعلُّقٌ بالدِّين، والإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح؛ إذْ بعدهم كَثُرَ الاختلاف، وانتشرت الأُمَّة)[14].







ما جاء عن أهل العلم في ذلك: من أوضح الأمثلة على (دلالة الإجماع على أصول الاعتقاد): أنَّ مَنْ ألَّف في الاعتقاد من السلف الصالح يذكر قولَ الأئمة في "بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة"، أو ما يُعرف "بأصول السُّنة" عند المتقدِّمين؛ كمسألة العلو وغيرها من مسائل الاعتقاد، وكلهم مُتَّفقون في ذلك على اختلاف بلدانهم وأزمانهم، ومن أمثلة ذلك:



1- ما قاله الإمام البخاري رحمه الله في دلالة اتفاق السلف الصالح على أصول الاعتقاد: (لقيتُ أكثرَ من ألف رجلٍ من أهل العلم؛ أهل الحجاز، ومكة، والمدينة، والكوفة، والبصرة، وواسط، وبغداد، والشام، ومصر، لقيتهم كَرَّات قرنًا بعد قرن، ثم قرنًا بعد قرن، أدركتهم وهم متوافرون... فما رأيتُ واحدًا منهم يختلف في هذه الأشياء)[15]، ثم سمَّى أصولًا كثيرةً في الاعتقاد، اتفق عليها السلف الصالح.







2- وما قاله السمعاني رحمه الله في دلالة أنَّ السلف الصالح كلَّهم على الحق في الاعتقاد والعمل: (لو طالعتَ جميعَ كتبهم المُصَنَّفة؛ من أوَّلِهم إلى آخِرِهم، قديمِهم وحديثِهم، مع اختلاف بلدانهم وزمانهم وتباعدِ ما بينهم في الديار، وسكونِ كلِّ واحدٍ منهم قُطْرًا من الأقطار؛ وجَدْتَهم في بيان الاعتقاد على وتيرةٍ واحدة، ونمطٍ واحد، يَجرون فيه على طريقةٍ لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولُهم في ذلك واحد، وفِعلُهم واحد، لا ترى بينهم اختلافًا ولا تفرُّقًا في شيءٍ ما، وإنْ قلَّ.







بل لو جمعتَ جميعَ ما جرى على ألسنتهم، ونقلوه عن سلفِهم؛ وجَدْتَه كأنَّه جاء من قلب واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحقِّ دليلٌ أبينُ من هذا؟)[16].







وهذا الإجماع الذي عليه أهل السُّنة في مسائل الاعتقاد له دلالات عدة، ومنها:



1- وحدة المصدر الذي تلقَّوا عنه، واستدلوا به على مسائل الاعتقاد، وهو القرآن الكريم والسنة النبوية، وما عليه صحابة النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ لو تعدَّدت المصادر لتعدَّدت الرُّؤى والاتجاهات، ولاستحال الإجماعُ.







2- وحدة منهج أهل السنة، فرغم تباعدِ ما بينهم من الأمصار، وتفرُّقِهم في الأقطار، وانتشارِهم على مدار الزمان، فإنَّ منهجهم واحد لم يخرجوا عنه ولم يحيدوا، وفي هذا تأكيد على أنَّ الحق هو الذي جمع بينهم لا التَّعصب والتَّمذهب؛ إذ يستحيل على مَنْ حالُهم هكذا من التباعد الزمني والمكاني أن يتواطؤوا على أمرٍ ما بهذه الصورة، إلَّا إذا كان محضَ الحقِّ وعينَ اليقين.







3- صِدْقُ التَّوجُّه والمقصد؛ إذ إنهم بَلَغوا من التجرُّد لله، والإذعان للحق، والتسليم للدليل مبلغًا عظيمًا، فقدَّموا الحقَّ على كلِّ ما سواه من الهوى والميل للعقل، حيث جعلوهما تبعًا للدليل، وهذا من صفاءِ سريرتهم، ونقاءِ صدورهم، وقوةِ إيمانهم.







ثانيًا: دلالة العقل الصحيح على مسائل الاعتقاد: أهل السنة والجماعة لم يُعطِّلوا العقلَ، بل أعطَوه المكانة اللائقة به، وفي الوقت ذاته لم يعطُوه أكبر من حجمه، فلا يُقدَّم على السمع أبدًا، ولا يُحكَّم فيه، ولم ينصبوا العقل حاكمًا على النصوص الشرعية، ولم يفترضوا التعارض بين العقل والنقل، بل العقل الصريح لا يُعارض النقلَ الصحيح، وأيضًا لم يُهملوا العقل ويُقلِّلوا من شأنه، بل استعملوه فيما يوافق الشرع ويعضده، وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله: (إنَّ السَّمع حُجَةُّ اللهِ على خلقه، وكذلك العقل، فهو سبحانه أقام عليهم حُجَّتَه بما ركَّب فيهم من العقل، وأنزل إليهم من السمع، والعقلُ الصريح لا يتناقض في نفسه، كما أنَّ السمع الصحيح لا يتناقض في نفسه، وكذلك العقل مع السمع، فحُجَجُ اللهِ وبيِّناتُه لا تتناقض ولا تتعارض، ولكن تتوافق وتتعاضد)[17].
يتبع








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 104.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 102.44 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]