
25-10-2021, 04:47 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,699
الدولة :
|
|
والداي يسلبان حريتي
والداي يسلبان حريتي
أ. لولوة السجا
السؤال
♦ الملخص:
فتاة تشكو مِن والديها اللذَين ترى أنهما يَسْلُبان حريتها، ولا يعطيانها فرصةً للتجريب أو التصرف؛ مما أدَّى إلى كُرْهِها لهما، وتريد طريقةً تتعامل بها معهما.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في العشرين مِن عمري، مشكلتي أنَّ أمي وأبي يتحكمان في كلِّ شيءٍ في حياتي، ولا يحترمان خصوصياتي، ولا يُعطيانني الحرية في فِعل أي شيء؛ ففي الأكل يُجبِرانني على أكْلِ ما يُحبان رغمًا عني حتى لو لم أكنْ أُحبه، وإذا رفضتُ يصفانني بالعاقة.
يتدخَّلان في دراستي ووقت نومي واستيقاظي، ويُفتِّشان أغراضي ويتدخَّلان في كلِّ كبير وصغير، وإذا علقتُ أو رفضتُ هذا الأسلوب يصفانني بالعاقة!
إذا جربتُ أن أدخل المطبخ لأجرب الطبخ، لا تتركني أمي بل تقول لي: أنت لا تعرفين شيئًا! وإذا طلبتُ منها أن أجرِّبَ لا ترضى.
يُردِّدان دائمًا: نريد مصلحتك، ولا أعرف هل المصلحة التي يريدانها هي: أنْ أكون مجبرة على كل شيء!
كرهتُ الحياة وكرهتُ والديَّ، ولا أستطيع التصرف معهما.
فأخبروني كيف أتعامل معهما؟
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
لا أتعجَّب حين أسْمَع مثل هذه الشكوى، فقد تكرَّرتْ كثيرًا؛ أقول لك ذلك لأؤكد لك أن تلك المشاعر لن تدوم، فأنتِ في هذه الفترة العمرية يكون حكمُك على المواقف مُتمركزًا على جانب واحدٍ يَمس مشاعرك فقط، لكنك حينما تكبرين قليلًا ستجدين أن الحكمَ مختلفٌ، وأنَّ تقبُّلك للأمر أفضل؛ لأنك ستُقدرين مواقف والديك وتفهمينها فَهمًا صحيحًا.
أنا معكِ أن بعض الوالدين لديهم شيءٌ مِن المبالَغة في التعامل مع أبنائهم، وذلك يعود لطبيعة كلٍّ منهما، لكن لا يعني ذلك أن نُعلن السخط والرفض لكون ذلك لا يُعجبنا، فاللهُ جل جلاله أمَر الأبناء بطاعة الوالدين وبرهما والإحسان إليهما، ولم يستثنِ مِن ذلك إلا إذا أمرَا بمعصية.
ولقد أحزنني قولك: (كرهتُ والديَّ)، والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يا بنيتي، الله جل جلاله أمَر بالإحسان إلى الوالد المشرِك؛ حيث قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا ﴾ [لقمان: 15]، فهل تدركين ما معنى مشرك؟!
إنه يعني: أن يعبدَ مع الله آلهة أخرى، وينسب لله الولد والزوجة؛ فأيُّ معصية أشد مِن ذلك؟ ومع هذا أمَر الله بالإحسان إليهما! وأنت يا بنيتي تضايقتِ بل أعلنتِ كره والديك فقط مِن أجل أنهما يفرضان عليك أمورًا إنما هي عادات في التربية، ومنها ما قد يكون المقصود منه التوجيه والتربية، فهل هذا حقهما؟ لذلك لا تتعجبي حين وصفتْ والدتُك أفعالك بأنها عُقوق!
يا بنيتي تحمَّلي والديك، فوالله إنَّ وجودهما نعمة أخشى ألا تُدركيها إلا بعدَ فوات الأوان لا قدَّر الله لك ذلك.
تحمَّلي وأطيعي وجاملي، فقد تكون تلك الأوامر نابعةً مِن ضغوطٍ يتعرَّض لها والداك وأنت لا تعلمين.
صاحبيهما وتَوَدَّدي إليهما، واعترضي لكن بأدبٍ، وناقشي لكن بلطفٍ، ولا ترفعي صوتك ولا تكثري الجدَل والنقاش فيضيق صدرهما.
يا بنيتي، هناك مَن يتمنى وجود والد ووالدة يأمران وينهيان ويفرضان، فاحمدي الله واستغفريه مما قلتِ، فيومًا ما ستُصبحين أمًّا، لك شخصك، ولك مبادئك التي تتمنين مِن أبنائك أن يتقبلوها؛ وكما قيل: (بروا آباءكم يبركم أبناؤكم).
لستِ مسلوبة الحرية، إنما أنت محفوفة بوالدين يُحبان لك الأفضل، ويحميان تلك الحرية، ويومًا ما ستدركين ذلك.
رزقك الله برهما والإحسان إليهما والصبر عليهما
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|