|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() القول السوي في التوسل بالأولياء والنبي أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة أولاً: معنى التوسُّل: • قال الشيخ الفوزان في "عقيدة التوحيد": التوسُّل هو التقرُّب إلى الشيء والتوصُّل إليه، والوسيلة: القربة؛ قال تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]. أي: القربة إليه - سبحانه - بطاعته واتِّباع مرضاته. وقال الشيخ الجبرين في "تسهيل العقيدة"، ص (172): "التوسل في اللغة: هو التقرُّب إلى الشيء، ومنه أن يتقرَّب شخص إلى شخصٍ بعملٍ معيَّن، أو بهَدية معينة، أو بقُربة معينة، أو غيرها؛ ليَحصل له ما يريد منه. والتوسل في الاصطلاح له تعريفان: الأول: تعريف عام، وهو التقرُّب إلى الله تعالى بفعْل المأمورات وترْك المحرَّمات. الثاني: تعريف خاص بباب الدعاء، وهوأن يَذكر الداعي في دعائه ما يرجو أن يكون سببًا في قَبول دعائه، وأن يطلب من عبدٍ صالح أن يدعوَ له. وقال الشيخ العزازي في "ماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة؟"، ص (67): معنى التوسل: طلب الوسيلة والقُربة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]". وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة في كتاب "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة"؛ تحقيق عبدالقادر الأرناؤوط، ص (83)، فصل في معاني الوسيلة والتوسل: إذا عُرِف هذا، فقد ثبت أن لفظ (الوسيلة) و(التوسل) فيه إجمال واشتباه، يجب أن تُعرف معانيه، ويُعطى كل ذي حقٍّ حقَّه، فيُعرَف ما ورد به الكتاب والسُّنة من ذلك ومعناه، وما كان يتكلَّم به الصحابة ويفعلونه، ومعنى ذلك، ويُعرَف ما أحدثه المُحدِثون في هذا اللفظ ومعناه؛ فإن كثيرًا من اضطراب الناس في هذا الباب، هو بسبب ما وقَع من الإجمال والاشتراك في الألفاظ ومعانيها؛ حتى تجدَ أكثرهم لا يَعرف في هذا الباب فصل الخطاب، فلفظ الوسيلة مذكور في القرآن في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]، وفي قوله تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 56 - 57]. فالوسيلة التي أمَر الله أن تُبتغَى إليه وأخبر عن ملائكته وأنبيائه أنهم يَبتغونها إليه، هي ما يُتقرَّب به إليه من الواجبات والمُستحبات، فهذه الوسيلة التي أمَر الله المؤمنين بابتغائها، تتناول كل واجب ومستحبٍّ، وما ليس بواجبٍ ولا مُستحب، لا يدخل في ذلك؛ سواء كان محرَّمًا، أو مكروهًا، أو مباحًا، فالواجب والمستحب هو ما شرَعه الرسول، فأمَر به أمْرَ إيجابٍ أو استحبابٍ، وأصل ذلك الإيمانُ بما جاء به الرسول، فجماع الوسيلة التي أمر الله الخلق بابتغائها، هو التوسل إليه باتِّباع ما جاء به الرسول، لا وسيلة لأحدٍ إلى الله إلا ذلك. والثاني: لفظ الوسيلة في الأحاديث الصحيحة؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((سَلوا الله الوسيلة؛ فإنها درجة من الجنة لا تَنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا ذلك العبد، فمَن سأل الله لي الوسيلة، حلَّت له شفاعتي يوم القيامة))؛ رواه مسلم (384)، الترمذي (3619)، النسائي (2/ 25)، أحمد (2/ 168). وقوله: ((مَن قال حين يسمع النداء: اللهمَّ ربَّ هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابْعَثه مقامًا محمودًا الذي وعَدته - حلَّت له الشفاعة))؛ رواه البخاري (2/ 77 - 78)، وأبو داود (529)، والترمذي (211). فهذه الوسيلة للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وقد أمرنا أن نسألَ الله هذه الوسيلة، وأخبر أنها لا تكون إلا لعبدٍ من عباد الله، وهو يرجو أن يكون ذلك العبد، وهذه الوسيلة أمرنا أن نَسألها للرسول، وأخبرنا أن مَن سأل له الوسيلة، فقد حلَّت له الشفاعة يوم القيامة؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فلما دَعَوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - استحقوا أن يدعوَ هو لهم؛ فإن الشفاعة نوعٌ من الدعاء؛ كما قال: ((فإنه مَن صلَّى عليَّ مرة، صلى الله عليه بها عشرًا)). وأما التوسُّل بالنبي والتوجُّه به في كلام الصحابة، فيُريدون به التوسل بدعائه وشفاعته، والتوسلُ به في عُرف كثيرٍ من المتأخرين يُراد به الإقسام به والسؤال به، كما يُقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين، ومَن يُعتقَد فيه الصلاحُ. وحينئذٍ، فلفظ "التوسل" به معنيان صحيحان باتِّفاق المسلمين، ويُراد به معنًى ثالث لم تَرِد به سُنة، فأما المعنيان الأَوَّلان الصحيحان باتِّفاق العلماء، فأحدُها هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسُّل بالإيمان به وبطاعته، والثاني دعواه وشفاعته كما تقدَّم؛ فهذان جائزان بإجماع المسلمين، ومن هذا قول عمر بن الخطاب: "اللهمَّ إنَّا كنَّا إذا أجْدَبنا توسَّلنا إليك بنبيِّنا، فتَسقينا، وإنَّا نتوسَّل إليك بعمِّ نبيِّنا، فاسْقِنا"؛ رواه البخاري، (4/ 413) في الاستسقاء؛ أي: بدعائه وشفاعته. وقوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [المائدة: 35]؛ أي: القُربة إليه بطاعته وطاعة رسوله؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]. فهذا التوسُّل الأول هو أصل الدين، وهذا لا يُنكره أحد من المسلمين، وأما التوسُّل بدعائه وشفاعته - كما قال عمر - فإنه توسُّل بدعائه لا بذاته؛ ولهذا عَدَلوا عن التوسُّل به إلى التوسل بعمِّه العباس، ولو كان التوسل هو بذاته، لكان هو أَوْلى من التوسل بالعباس، فلما عَدلوا عن التوسل به إلى التوسل بالعباس، عُلِمَ أن ما يفعل في حياته قد تعذَّر بموته، بخلاف التوسل الذي هو الإيمان به والطاعة له، فإنه مشروع دائمًا. فلفظ التوسل يُراد به ثلاثة معانٍ: أحدها: التوسُّل بطاعته، فرْضٌ لا يتم الإيمان إلا به. والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا في حياته، ويكون يوم القيامة يتوسَّلون بشفاعته. والثالث: التوسُّل به، بمعنى الإقسام على الله بذاته والسؤال، فهذا هو الذي لم يكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه؛ لا في حياته، ولا بعد مماته، لا عند قبره، ولا غير قبره، ولا يُعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، ولم يُنقل شيءٌ من ذلك في أحاديثَ ضعيفة مرفوعة أو موقوفة، أو عمَّن يُعتدُّ بقوله؛ كما سنذكر ذلك - إن شاء الله تعالى. وهذا هو الذي قال أبو حنيفة وأصحابه: إنه لا يجوز؛ أي: نَهوا عنه؛ حيث قالوا: لا يسأل بمخلوقٍ، ولا يقول آخر: أسألك بحقِّ أنبيائك. قال أبو الحسين القُدُورِي في كتابة الكبير في الفقه المسمى بـ"شرح مختصر الكرخي" في باب الكراهة: وقد ذكر هذا غير واحدٍ من أصحاب أبي حنيفة، قال بشر بن الوليد: حدثنا أبو يوسف، قال أبو حنيفة: لا ينبغي لأحدٍ أن يدعو الله إلا به، وأكره أن يقول: "بمعاقد العز من عَرشك"، أو "بحق خَلقك"، وهو قول أبي يوسف، قال أبو يوسف: بمَعقد العز من عرشك، هو الله، فلا أكْرَه هذا، وأكره أن يقول: بحقِّ فلان، أو يقول: بحقِّ أنبيائك ورُسلك، وبحق البيت الحرام، والمَشعر الحرام. قال القدوري: المسألة بخلقه لا تجوز؛ لأنه لا حقَّ للخلق على الخالق، فلا تجوز وفاقًا، وهذا الذي قاله أبو حنيفة وأصحابه من أن الله لا يُسأل بمخلوقٍ. أقسام التوسل: التوسُّل أصله ينقسم إلى قسمين: 1- التوسل المشروع: وهذا القسم يشمل أنواعًا كثيرة، أجمعها فيما يلي: أ- التوسُّل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]. وذلك بأن يدعو الله تعالى بأسمائه كلها؛ كأن يقول: اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، أن تغفِر لي، أو أن يدعو الله تعالى باسم معيَّن من أسمائه تعالى، يُناسب ما يدعو له؛ كأن يقول: اللهم يا رحمن، ارْحَمني، أو أن يقول: اللهم إني أسألك بأنَّك أنت الرحمن الرحيم، أن ترحمني، أو أن يدعو الله تعالى بجميع صفاته؛ كأن يقول: اللهم إني أسألك بصفاتك العُليا أن تَرزقني رزقًا حلالاً، أو أن يدعوه بصفة واحدة من صفاته تعالى، تُناسب ما يدعو به؛ كأن يقول: اللهم إنَّك عفوٌّ تحب العفو، فاعفُ عني، أو يقول مثلاً: اللهمَّ انصُرنا على القوم الكافرين؛ إنك قوي عزيز. ب- الثناء على الله تعالى والصلاة على نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - في بداية الدعاء؛ لِما ثبت عن فضالة بن عبيد عن النبي أنه سمِع رجلاً يدعو في صلاته، لم يَحمَد الله، ولم يصلِّ على النبي، فقال: ((عَجِل هذا))، ثم دعاه، فقال له: ((إذا صلَّى أحدكم، فليَبدأ بتمجيد الله والثناء عليه، ثم ليُصلِّ على النبي، ثم ليَدْعُ ما يشاء))، قال: وسمِع رسول الله رجلاً يصلي، فمجَّد الله وحمِده، وصلَّى على نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((ادعُ، تُجَبْ، وسَلْ تُعْطَ))؛ صحَّحه العدوي، وأخرَجه أبو داود (1481)، الترمذي (3477) واللفظ له، وغيرهم. ومن ذلك أن يُثني على الله تعالى بكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله"، التي هي أعظم الثناء على الله تعالى؛ كما توسَّل بها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت، ثم يصلي على النبي، فيقول في توسُّله مثلاً: "لا إله إلا الله، اللهمَّ صلِّ على محمد، اللهم اغفِر لي". ومن ذلك سورة الفاتحة، فشَطرها الأول ثناءٌ على الله تعالى، وآخرها دعاءٌ. ج- التوسُّل إلى الله تعالى بذِكره وحده - جلَّ وعلا - كما في قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ ﴾ [آل عمران: 194]، ومنه أن يقول الداعي: اللهم إنك وعَدت مَن دعاك بالإجابة، فاستجِب دعائي. د- التوسُّل إلى الله تعالى بأفعاله - جلَّ وعلا - كأن يقول: اللهم يا مَن نصَرت محمدًا يوم بدرٍ، انصُرنا على القوم الكافرين. هـ- أن يتوسَّل العبد إلى الله تعالى بعباداته القلبية أو الفعلية، أو القولية أو غيرها؛ كما قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ﴾ [المؤمنون: 109]. وكما في قصة أصحاب الغار، فأحدهم توسَّل إلى الله تعالى ببرِّه لوالديه، والثاني توسَّل إلى الله تعالى بإعطاء الأجير أجرَه كاملاً بعد تَنميته له، والثالث توسَّل إلى الله تعالى بتَرْكه الفاحشة، وقال كل واحدٍ منهم في آخر دعائه: "اللهمَّ إن كنتُ فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك، ففَرِّج عنَّا ما نحن فيه"؛ البخاري (4650)، مسلم (2743)، ومن ذلك أن يقول الداعي: "اللهمَّ إني أسألك بمحبَّتي لك، ولنبيِّك محمدٍ، ولجميع رُسلك وأَوليائك - أن تُنجِّني من النار"، أو يقول: "اللهمَّ إني صُمت رمضان ابتغاءَ وجهك، فارزُقني السعادة في الدنيا والآخرة". و- أن يتوسَّل إلى الله تعالى بذِكر حاله، وأنه يحتاج إلى رحمة الله وعونه؛ كما دَعا موسى - عليه السلام -: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ [القصص: 24]. فهو - عليه السلام - توسَّل إلى ربه - جلَّ وعلا - باحتياجه للخير، أن يُنزل عليه خيرًا، ومن ذلك قول الداعي: "اللهمَّ إني ضعيف لا أتحمَّل عذاب القبر ولا عذابَ جهنم، فأنْجِني منهما، اللهم إني قد آلَمني المرض، فاشْفِني منه". ويدخل في ذلك: الاعتراف بالذنب وإظهار الحاجة إلى رحمة الله ومغفرته؛ كما قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. ز- التوسُّل بدعاء الصالحين؛ رجاء أن يَستجيب الله دعاءهم، وذلك بأن يطلب من مسلم حاضرٍ أن يدعو له؛ كما في قول أبناء يعقوب - عليه السلام - له: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ ﴾ [يوسف: 97]. وكما في قصة الأعرابي الذي طلَب من النبي - عليه الصلاة السلام - أن يدعو له بنزول المطر، فدعا النبي؛ أخرجه البخاري (1933)، وكما في قصة المرأة التي طلَبت منه - عليه الصلاة والسلام - أن يدعو الله لها بألاَّ تتكشَّف؛ البخاري (5652)، مسلم (1576)، وكما طلب عمر ومعه الصحابة في عهد عمر من العباس أن يَستسقي لهم؛ أي: أن يدعو لهم بنزول المطر؛ البخاري (1010)، (3710). فهذه التوسُّلات كلها صحيحة؛ لأنه قد ثبت في النصوص ما يدلُّ على مشروعيَّتها، وأجمَع أهل العلم على ذلك؛ نقلاً عن كتاب "تسهيل العقيدة الإسلامية"؛ للشيخ الجبرين؛ تحقيق الشيخ العدوي، ص (175)، (176). يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |