|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() هذا القول الطيب.. فهل حققه العمل الصالح؟ مجلة الهدي النبوي ولا يوجد دواء أنجع من الدين لإصلاح أخلاق الجماهير، فإن العامة تتلقى أحكام الدين والأخلاق الدينية بسهولة لا تحتاج إلى أكثر من واعظ هاد حسن الأسلوب جذاب إلى الفضيلة بعمله وبحسن بصره في تصريف القول في مواطنه ولذلك كان الدعاة إلى الفضيلة قديماً وحديثاً يلجؤون إلى الأديان يتخذونها وسائل للإصلاح؛ بل إن كل دعاة المذاهب السياسية وحملة السيوف لم يجدوا بداً من الرجوع إلى الأديان وصبغ دعواتهم بها. كل ذلك لأن حياة المجتمعات لا تدين لنوع من أنواع الإصلاح إلا إذا صبغ بصبغة دينية يكون قوامها الإيمان. والأمة المصرية، بل والأمم الشرقية جمعاء، تدهورت أخلاقها فضعفت لديها ملكات الصدق والوفاء بالوعد والشجاعة والصبر والإقدام والحزم وضبط النفس عن الشهوات، وضعفت الروابط بين الجماعات، فلم يعد الفرد يشعر بآلام الآخرين ومصائبهم، وقد أثرت الحياة الفردية في حياة الجماعة أثرها الضار فانحطت منزلة الأمم ورضيت من المكانة بأصغر المنازل. وقد أرى أن الأمة المصرية وهي تريد النهوض والمجد، وتتطلع إلى حياة سياسية راقية؛ يجب عليها أن تذكر دينها، ولتفت إلى حملة ذلك الدين فتصلح شأنهم، وترقي تعليمهم، وتضعهم في المكانة اللائقة بالمرشدين، والتي يجب أن يكون عليها حملة الدين. أما إهمال هذه الناحية والساعي إلى ترقية النواحي الأخرى من حياة الأمة، فلا ارى أنه يوصل إلى الغرض المنشود؛ فالخلق هو العمود الفقري للأمم لا يمكنها أن تنهض بغيره؛ وأسهل طريق لتكوينه هو طريق الدين إذا أصلح تعليمه وهذب دعاته. وقد كان الأزهر مصدر أشعة نوار العلوم الدينية والعربية وغيرها إلى البلاد الإسلامية. وقد أصابه ما أصاب غيره في الشرق من خمول وضعة، فيجب على الأمة المصرية وهي تحمل راية الأمم الإسلامية أن تنقي هذا المصباح (الأزهر) من الأكدار، وأن توجد له جهازاً قوياً يستمد نوره منه على طريقة تتناسب مع ما جد في العالم من أطوار في العلم وفيا لتفكير وفي الحوار والتخاطب وفي طرق الاستدلال والبحث. والدولة تنفق على الأزهر قدراً عظيماً من المال لا تستطيع أن تمنعه عنه، ولا تستطيع أيضاً أن تلغي الأزهر وما يتبعه من معاهد لتوجد بدلها معاهد أخرى فالحاجة إلى إصلاح الأزهر واضحة لا تحتمل نزاعاً ولا جدالاً. وإني أقرر مع الأسف أن كل الجهود التي بذلت لإصلاح المعاهد منذ عشرين سنة لم تعد بفائدة تذكر في إصلاح التعليم؛ وأقرر أن نتائج الأزهر والمعاهد تؤلم كل غيور على أمته وعلى دينه. وقد صار من الحتم لحماية الدين لا لحماية الأزهر، أن يغير التعليم في المعاهد، وأن تكون الخطوة إلى هذا جريئة يقصد بها وجه الله تعالى فلا يبالي بما تحدثه من ضجة وصراخ فقد قرنت كل الإصلاحات العظيمة في العالم بمثل هذه الضجة. يجب أن يدرس القرآن دراسة جيدة، وأن تدرس السنة دراسة جيدة، وأن يفهمها على وفق ما تتطلبه اللغة العربية فقهها وآدابها من المعاني، وعلى وفق قواعد العلم الصحيحة، وأن يبتعد في تفسيرهما عن كل ما أظهر العلم بطلانه وعن كل ما لا يتفق وقواعد اللغة العربية. يجب أن تهذب العقائد والعبادات وتنفي مما جد فيها وابتدع، وتهذب العادات الإسلامية بحيث تتفق وقواعد الإسلام الصحيحة. يجب أن يدرس الفقه الإسلامي دراسة حرة خالية من التعصب لمذهب، وأن تدرس قواعده مرتبطة بأصولها من الأدلة، وأن تكون الغاية من هذه الدراسة عدم المساس بالأحكام المنصوص عليها في الكتاب والسنة والأحكام المجمع عليها، والنظر في الأحكام الاجتهادية لجعلها ملائمة للعصور والامكنة والعرف وأمزجة الأمم المختلفة كما كان يفعل السلف من الفقهاء. يجب أن تدرس الأديان ليقابل ما فيها من عقائد وعبادات وأحكام بما هو موجود في الدين الإسلامي، ليظهر للناس يسره وقدسه وامتيازه عن غيره في مواطن الاختلاف. ويجب أن يدرس تاريخ الأديان وفرقها، وأسباب التفرق، وتاريخ الفرق الإسلامية على الخصوص وأسباب حدوثها. يجب أن تدرس أول المذاهب في العالم قديمها وحديثها وكل المسائل العلمية في النظام الشمسي والمواليد الثلاثة، مما يتوقف عليه فهم القرآن في الآيات التي أشارت إلى ذلك. يجب أن تدرس اللغة العربية دراسة جيدة كما درسها الأسلاف، وأن يضاف إلى هذه الدراسة دراسة أخرى على النحو الحديث في بحث اللغات وآدابها. يجب أن توجد كتب قيمة في جميع فروع العلوم الدينية و اللغوية على طريقة التأليف الحديثة، وأ، تكون الدراسة جامعة بين الطرق القديمة (في عصور الإسلام الزاهرة) والطرق الحديثة المعروفة الآن عند علماء التربية. وعلى الجملة يحجب أن يحافظ على جوهر الدين؛ وكل ما هو قطعي فيه محافظة تامة؛ وأن تهذب الأساليب ويهذب كل ما حدث بالاجتهاد بحيث لا يبقى منه إلا ما هو صحيح من جهة الدليل وكل ما هو موافق لمصلحة العباد. يجب أن يفعل هذا لإعداد رجال الدين، لأن رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عامة ودينه عام، ويجب أن يطبق بحيث يلائم العصور المختلفة، والأمكنة المختلفة، وإن لم يفعل هذا فإنه يكون عرضة للنفور منه والابتعاد عنه كما فعلت بعض الأمم الإسلامية، وكما حصل في الأمة المصرية نفسها إذ تركت الفقه الإسلامي، لأنها وجدته يحالته التي أوصله إليها العلماء غير ملائم. ولو أن الأمة المصرية وجدت من الفقهاء من جارى أحوال الزمان، وتبدل العرف والعادة، وراعى الضرورات والحرج، لما تركته إلى غيره لأنه يرتكن إلى الدين الذي هو عزيز عليها. ولست أنسى أن هذه الدراسة التي أسلفت بيانها دراسة شاقة تحتاج إلى مجهود عظيم، وتحتاج إلى رجال قد لا تجدهم في طائفة العلماء، وتحتاج إلى مال يكافأ به العاملون ولكن سمو المطلب يجعلنا على تذليل كل عقبة، وتوجب علينا السخاء والبذل لأننا نريد إصلاح أعز شيء على النفوس، ونريد بهذا الإصلاح تقويم الأمة ونهوضها. مجلة الهدي النبوي: المجلد الخامس - العدد 8-9 - جمادى الأولى 1360هـ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |