|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التفسير 2 - سورة البقرة عرض وتفسير بقلم: عنتر أحمد حشاد (جـ) عرض عام للسورة: لعل من حق السورة علينا أن نقدم - بين يدي تفسيرنا لها - هذا العرض المجمل لما تضمنته من حديث عن القرآن الكريم، وأنه الهدى الذي لا شك فيه، ومن تفصيل أحوال الناس أمام الإيمان به، والانتفاع بهداه، ولفت أنظار الناس إلى آثار رحمة الله وقدرته، ودعوتهم جميعا إلى الإيمان به، وعبادته وحده، والإيمان بالقرآن المعجز، وتخويفهم من أليم عذابه وإطماعهم في جزيل ثوابه، وطريقة القرآن الكريم في هداية الناس، وضرب الأمثال، وقصة استخلاف آدم في الأرض، ودعوة بني إسرائيل خاصة إلى الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وهم أكثر الأمم نعما، وأشدهم عصيانا، وتفنيد ما أثاروه من شبه وشكوك حول الرسالة المحمدية حسدا من عند أنفسهم، والتيئيس من إيمانهم، وما اشتملت عليه السورة من أصول العقيدة، وتشريع الأحكام العملية في العبادات والمعاملات ... فماذا في هذه السورة: سورة البقرة؟. إليك أيها القارئ ما تضمنته هذه السورة من موضوعات (1) : 1 - التنويه بشأن الكتاب العزيز؛ فهو الهدى، وهو أصل التشريع السماوي، والقانون الإسلامي {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} . 2 - بيان طوائف الناس الثلاثة: المتقين، والكافرين، والمنافقين، وموقفهم من الإيمان بهذا الكتاب، والانتفاع بهداه، وتفصيل صفات كل طائفة، وجزائها، وضرب الأمثال للمنافقين ليزيد حالهم وضوحا. [الآيات من 2 - إلى 20] . 3 - تذكير الناس بنعم الله تعالى عليهم في الخلق والرزق، ولفت أنظارهم إلى آثار رحمته وقدرته، ودعوتهم جميعا إلى عبادته وحده، وعدم الإشراك به، وإلى الإيمان بالقرآن المعجز، وتخويفهم من أليم عذابه، وشديد عقابه، وإطماعهم فيما أعده للمؤمنين من جزيل ثوابه. [الآيات من 21 - إلى 25] . 4 - الحديث عن الأمثال التي يضربها الله في القرآن، وطريقة القرآن في هدايته، وبيان الحقائق: حلوها ومرها، واضعا كل شيء في موضعه، مسميا له باسمه، لا يبالي أن يتناول في بيانه جلائل الأمور أو محقراتها، وبيان موقف المؤمنين والكافرين من هذه الأمثال، والتعجيب من كفر الكافرين، مع وضوح دلائل التوحيد في أنفسهم وفي الآفاق. [الآيات من 26 إلى 29] . 5 - قصة استخلاف آدم وذريته في الأرض وإيثار النوع البشري بفضيلة العلم، وما نشأ عن التفضيل والتكريم من حسد إبليس وعداوته القديمة للإنسان الأول. ومخادعته إياه بوساوسه، وما انتهى إليه أمر الخادع والمخدوع من ابتلائهما وابتلاء ذريتهما بالتكاليف، وعاقبة المهتدين، ونهاية الكافرين المكذبين. [الآيات من 30 إلى 39] . 6 - دعوة بني إسرائيل خاصة- بعد دعوة الناس عامة- إلى الوفاء بعهد الله، وإلى الإيمان بالقرآن، والرسول عليه الصلاة والسلام، ومناداتهم بأحب أسمائهم، وأشرف أنسابهم {يا بني إسرائيل} [إسرائيل: هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، ومعناه في العبرية: عبد الله] . وتذكيرهم بما أنعم الله تعالى به عليهم، وعلى أسلافهم، وبما كان منهم من عصيان وتمرد منذ بعث فيهم موسى عليه السلام، وبيان أحوال المعاصرين منهم للبعثة المحمدية، وما كان منهم من تكذيب، وتحريف للكلم عن مواضعه، وحسدهم للرسول صلى الله عليه وسلم، وزعمهم أنهم شعب الله المختار، وتفنيد ما أثاروه من شبه وشكوك حول الرسالة المحمدية، ودحض باطلهم، فقد وقفوا من الإسلام موقف العداء والهجوم منذ الأيام الأولى، وحرفوا ما جاء في التوراة من تبشير بالرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان أوصافه، خوفا على رياستهم أن تزول. وما استتبع هذه الدعوة من قصص عنادهم وتكذيبهم، كقصة البقرة التي سميت السورة باسمها [ارجع إلى هذه القصة في ص 4 وص 5 من العدد السابق من المجلة] ، وقصصهم مع الرسل من بعد موسى {ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا كذبتم، وفريقا تقتلون} [الآية 87] . ومن خلال هذه الجولة الطويلة التي استغرقت نصف السورة تقريبا [الآيات من 40 إلى 177] ، ترتسم صورة واضحة لاستقبال بني إسرائيل للإسلام ورسوله وكتابه ... لقد كانوا أول كافر به، وكانوا يلبسون الحق بالباطل، وكانوا يأمرون الناس بالبر - وهو الإيمان - وينسون أنفسهم، وكانوا يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه، وكانوا يخادعون الذين آمنوا بإظهار الإيمان، وقد حذر بعضهم بعضا من إطلاع المسلمين على ما يعلمونه من أمر النبي وصحة رسالته، وكانوا يريدون أن يردوا المسلمين كفارا، وكانوا يدعون من أجل هذا أن المهتدين هم اليهود وحدهم - كما كان النصارى يدعون. أنهم وحدهم هم المهتدون- وكانوا يعلنون عداءهم لجبريل عليه السلام؛ لأنه هو الذي حمل الوحي إلى محمد دونهم، وكانوا يكرهون كل خير للمسلمين، ويتربصون بهم السوء، وكانوا ينتهزون كل فرصة للتشكيك في صحة الأوامر النبوية، ومجيئها من عند الله - كما فعلوا عند تحويل القبلة، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها - وكانوا مصدر إيحاء وتوجيه للمنافقين، كما كانوا مصدر تشجيع وإغراء للمشركين. ومن هنا تتضمن السورة حملة قوية على أفاعيلهم، وتخاطبهم في جميع عصورهم كأنهم جيل واحد، وجبلة واحدة لا تتغير ولا تتبدل. وفي سبيل هذه الدعوة تعرض السورة - بأسلوب قصصى جذاب - ذلك التاريخ المجيد لإبراهيم عليه السلام وأبنائه وأحفاده في العصور الذهبية التي لا يختلف أحد من أهل الكتاب ولا المشركين في محبتها، ومحبة الانتساب إليها، مكررا على لسانهم جميعا تلك الكلمة العذبة التي تركها إبراهيم باقية في عقبه، فتوارثها أبناؤه وأحفاده يوصي كل منهم بنيه بها، كلمة: (الإسلام لله رب العالمين) . وفي أثناء عرضها لتاريخ إبراهيم عليه السلام وإمامته للناس - تحكى كلماته التي دعا بها ربه أن يجعل من ذريته إماما للناس، كما جعله هو. ثم تروى قيام إبراهيم وابنه إسماعيل ببناء البيت المعظم الذي جعله الله حرما آمنا ومثابة [مثابة للناس: موضعا يثوبون إليه أي يرجعون إليه إذا انصرفوا عنه لتعلقهم به] للناس، وقبلة لصلاتهم، وتحكى تضرعهما لله أن يجعل من ذريتهما أمة مسلمة، وأن يبعث فيهم رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم، [يزكيهم: يطهرهم من دنس الكفر والمعاصي بما جاءهم به من الهدى والعلم] وفي هذا القصص بيان لصلة هذا النبي وأمته بهذين النبيين الصالحين، لا صلة البنوة النسبية فحسب، بل صلة المبدأ، ورابطة الوحدة الدينية أيضا، فهم من ذريتهما، ووجودهم تحقيق لقبول الله دعوتهما، وملتهم ملتهما، وقبلتهم قبلتهما، ومثابتهم في حجهم مثابتهما، وقد قررت السورة - في الوقت نفسه - انقطاع مثل هذه النسبة المشرفة عن اليهود الذين ينتسبون بالبنوة لإبراهيم ويعقوب، وهم عن حالتهما منحرفون، ولوصيتهما مخالفون، فماذا يغني النسب عن الأدب؟ ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه {تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون} [خلت: مضت] [آية 134، وآية 141] فورثة إبراهيم الحقيقيون هم الذين يمضون على سنته، ويتقيدون بعهده مع ربه. وقد بينت السورة أن وراثة إبراهيم قد انتهت - إذن - إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين به، بعدما انحرف اليهود، وبدلوا، وقعدوا عن حمل أمانة العقيدة، والخلافة في الأرض بمنهج الله. ونهض بهذا الأمر محمد - عليه الصلاة والسلام - والذين معه، وأن هذا كان استجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - وهما يرفعان القواعد من البيت: {ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك، وأرنا مناسكنا، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم 0 ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك، ويعلمهم الكتاب والحكمة، ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم} [آية 128، وآية 129] . ================ (1) أكرر ما سبق أن أوصيت به القارئ بضرورة متابعة هذه الموضوعات في المصحف؛ ليلم بها إجمالا.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |