|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ابنتي العنيدة تعصيني وتهددني أ. مروة يوسف عاشور السؤال ♦ الملخص: رجل عربي يعيش في أوربا يَشكو من سوء خلق ابنته، وتهديدها له بقوانين البلد الذي تعيش فيه إن لم يتركوا لها الحبل على الغارب، وهو لا يعرف كيف يتعامل معها! ♦ التفاصيل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا رجل عربيٌّ أعيش في دولة أوربية، وللأسف أواجه مشاكل مع ابنتي الكبيرة وقد عجزتُ عن حلِّها؛ فابنتي منذ صغرها لدَيها شخصية قوية، وهي صعبة المِراس، وتُحبُّ الانعزال، وتتأثَّر سلبًا بما تراه من سقطات المسلمات من حولها، وكلامها فظٌّ وفيه الكثير من قلَّة الاحترام، وكل شجار بينها وبين والدتها يَنتهي بقطيعة لأسابيع، ولا يكاد ينتهى الخصام حتى يعود مِن جديد؛ فزوجتي سريعة الغضب، والبنت لا تتحمَّل تعنيف أمِّها بالكلام الجارح. للأسف أصبح قلب ابنتي كالحجر، وامتلأ بالبُغض لوالدتها ولكل مَن له صلَة بوالدتها من الأقارب، ومنذ أن بلغتْ وهي تعمل كل شيء يُغضبني ويُغضب والدتها، ولا تهتمُّ إن كان ما تفعله حلالًا أم حرامًا، واحترفت الكذب والمُراوغة، وصعَّبت الحياة علينا وعلى نفسها وإخوتها. حاولت توجيهها إلى الصواب بالتي هي أحسن، وتحملت قلَّة أدبها، حتى وصلت إلى مرحلة الانفعال، فردعتها وزجرتها واضطرتني إلى ضربها لتجاوُزها كل الحدود المسموح بها، ولكن كل ذلك لم يردعها، بل أصبحت تتصرف بعدوانية وازدراء لجميع الأسرة، والآن صارت تَعصيني أمام إخوتها وأقاربنا عمدًا، وتهدِّد وتتوعَّد بما تستطيع فعله - بما يسمَح لها به قانون البلد الذي نعيش فيه - إن لم أترك لها الحبل على الغارب، وصارت تتصرَّف وكأنها حرة نفسها، وتتوعد أنها ستهدم العائلة إن لم نتركها كما تريد! للأسف ابنتي هذه هي الكبيرة سنًّا، وهي في سنِّ الزواج، وبدلًا من أن تكون قدوة لإخوتها وتتحمَّل عبء الأسرة معنا، ونفرح بها، وضعتْنا في بلاء شديد! لا أعرف كيف أتصرَّف مع هذه البنت، فهي تعرف كل شيء وليس من السهل خداعها أو أخذها خارج البلاد أو تزويجها للتخلُّص من مشكلاتها! الجواب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أيها الكريم، حياك الله. إنَّ أبناءنا ثمار قلوبنا، وعماد ظهورنا، ومُهجة أرواحنا، وقرَّة عيوننا، وإنَّ من آكدِ حُقوق الولد على والده أن يعمل بقول الله تعالى ويأتمر بأمره فيه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6]، واعذرني إن كانت الحقيقة المؤلمة أنكَ ووالدتها تأخَّرتما كثيرًا في التفكير في أمرها، ولم تحرِّكا ساكنًا حتى بدت أمارات الانحراف الخُلقي والاعوجاج الاجتماعي تلوح وتُنذر بشرٍّ كبير يزحف نحوها ويَجرفها حيثما يسير التيار. إن غرس أمور أساسية وقواعد رئيسيَّة مثل: قبول الحق والخضوع له، والعدل في الحكم، والرضا والتسليم بأمر الشريعة الإسلامية - تبدأ منذ بداية تعلُّم الطفل سائر أمور حياته وفقه الأحداث من حوله، ومن حقوقه الشرعيَّة أن يتعلَّم العقيدة الصحيحة ويتجنَّب ما يضادها، وأن يختار له والداه الرفقة الصالحة، ويُحذِّراه من الركون إلى أهل الفساد، ويعملان على سدِّ الثغرات التي تنشأ بينهم وبين أبنائهم مع التقدم في العمر وتغير الأحوال وتبدل الآراء واختلاف الأفكار، ورتْق كل خلاف قبل أن يستفحل ويتحوَّل إلى بُغضٍ ونفور يرفض معه الابن قبول الحق من والديه ولو وعاه واستيقنته نفسه! لا أجد لك أيها الوالد المُشفق من مخرَج سوى أن تتسلَّح أولًا بالصبر، وتتحلى بالحكمة الشديدة في تعاملك مع ابنتك. • اعمل على التقرُّب إليها ولو كان على حساب ما تراه أحيانًا خلاف الأولى؛ بغرض امتصاص تلك المشاعر السلبيَّة التي تحول دون تقبُّلها للحق منكم. • امدح بعض أفعالها ولو لم تكن أهلًا للمدح. • اصحبها لبعض أماكن اللهو المُباح، ومازحها ببعض الطُرف مصحوبة بالحديث حول بعض ذكرياتك وأنت في مثل عُمرها. • ابحث لها عن رفقة صالحة دون أن تطلب منها التخلِّي عن صديقاتها. • قِف في صفها في بعض المواقف التي تختلف فيها معكم. • لا تسمح لها بالتعدي اللفظي عليكما، ولكن دون ضرب أو إهانة، بل بحرمان من بعض الأمور التي في إمكانك حرمانها منها! • أَشعرها بمشاعرك، وامسح على رأسها أحيانًا؛ فحنان الأب تتعطَّش إليه كل فتاة سوية وتَرتوي منه كل من لها أب، وستفتقده حين تغضب عليها. • لا تُكثر من النصائح بأسلوب الأمر، واستبدله بأسلوب المشورة، وكأنَّكَ تريد رأيها وتحب سماع قولها. • أشعرها بالأمان، ووفِّر لها سُبل الراحة في البيت دون تدليل زائد يَزيد من سوء خُلقها. • شجِّعها على ممارسة هواياتها، وأرشدها إلى أنها بإمكانها أن تُمارس التجمُّل دون معصية الله، فيكون خاصًّا للمحجبات، وبتجنُّب الأمور المحرمة فيه. • ناقِشْها في مشكلات إخوتها، واشكُ لها حال بعضهم، واستمع لها ونفِّذ بعض ما تقول لتكتسب الثقة في نفسها وفي علاقتها بكم. أيها الفاضل، تذكَّرْ أن الشجرة إذا قويتْ واشتدَّ عودها وتعمَّقت جذورها في الأرض لن نتمكن مِن تحريكها إلا بشق الأنفس، واعلمْ أن دعاء الوالد لولده مِن الدعوات المُجابة بإذن الله، فلا يُنسينَّك حالها ولا يشغلنَّك التفكير في أمرها عن الدعاء لها بالهداية وصلاح الحال والتوبة من كل ما يُغضب الله. هذا لك، ولكل الآباء والمربِّين أقول ما قاله الإمام الغزالي في رسالة أنجع الوسائل: "الصبي أمانة عند والدَيه، وقلبه الطاهر جوهرة ساذجة خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما يُنقش، ومائل إلى كلِّ ما يُمال به إليه، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمَه نشأ عليه، وسعد أبواه في الدنيا والآخرة، وإن عوِّد الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيِّم عليه". فليحذر الآباء من الجوع الأخلاقي، وضعف العقيدة كما يحذرون من الجوع البدني والضعف الجسدي أن يَعتري أبناءهم، وليُفكِّروا في تعمير آخرتهم قبل أن يُفكروا في تأسيس دُنياهم. وليُسارعوا إلى غرس كل جميل في نفوسهم بالقُدوة الحسنة، والبُعد عن التناقض والدعاء المستمر. والله الموفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |