في بيتنا مراهق منحرف!

[ابوالوليد المسلم]

في بيتنا مراهق منحرف!


أ. عائشة الحكمي






السؤال



♦ ملخص السؤال:

أُمٌّ تشكو مِن ابنها المنحرف، وعلاقته السيئة بأبيه، وتسأل عن إمكانية علاجه نفسيًّا؛ لأن المشكلات التي يقع فيها تضره بصورة بالغة.



♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.




ابني عمرُه عشرون عامًا، كان يُعاني مِن الانحراف منذ صغره وما يزال، يسرق ويكذب ويزني، ولا أعرف ماذا ارتَكَب مِن المحَّرمات الأخرى!




يصلنا كلامٌ كثير عنه أنه يزني ويشرب الخمر، والمشكلات تُواجِهُه مِن كل مكان، وهو لا يقْبَل نُصحَ أحدٍ، وكلُّ مَن يُحاول توجيه النصيحة له فهو عدوٌّ له، ويبتعد عنه، حتى لو كان هذا الشخصُ أباه أو أمه!




ساءتْ علاقتُه مع أبيه بشكلٍ كبيرٍ، وعلاقتي به ما زالتْ جيدةً، وكثيرًا ما أحاول مُسايرَته وعدم الضغط عليه، وأتقبَّل تملْمُلَه مِن نصائحي بروحٍ فكاهيةٍ مما يُلطّف الجو بيننا كي لا أفقده!




المشكلةُ أنه لا يتقبَّل نصيحتي، ويزداد إصرارُه على أن يفعلَ ما يُريد عندما يُكَلِّمُه والدُه أو يَنْصَحُه، وهنا يبدأ حديثه عن الانتحار، أو تصيبه حالةٌ نفسيةٌ سيئة؛ فيشعر بالاختناق وعدم القدرة على التنفُّس، ويرْتَجِفُ جسدُه بالكامل!




إذا اعترف بخطئه أجد كلامه كله ندمًا وحسْرَةً، وأنه لن يُكرر ما يفعل، لكن حقيقةَ أفعاله لا تدُلُّ على ذلك، فهو يعود لما يفعل مرات ومرات.




دومًا يقول: لن أغيرَ أفعالي ما دام والدي لم يغيرْ أسلوبه معي، ووالده يرفض أن يتركَه يتصرف بحريةٍ ودون رقابة كي لا يزداد انحرافه.




في الأيام الأخيرة ساءت العلاقةُ بينه وبين والده بصورةٍ كبيرةٍ جدًّا، ولا أعرف كيف أتصرَّف، فهو على أتمّ استعداد أن يتركَ المنزل والأسرة في أي لحظة ويعيش وحده، فلديه لا مُبالاة شديدة تجاه البيت، ولا يريد تحمُّل المسؤوليَّة، وإذا ما ناقشناه يقول: هذا تدخل في شؤوني، وأنا كبير وأستطيع حل مشكلاتي وحدي!



أخبروني كيف أتعامَل معه؟



وهل هناك أسلوبٌ نفسيٌّ علاجيٌّ يمكن اتباعه بحيث يتحسَّن حاله؟





الجواب



بسم الله الموفق للصواب

وهو المستعان




سلامٌ عليك، أما بعدُ:




فلا ريب أن حُسن توافق الفرد وكمالَ صحته النفسية مُرْتَبِطان بتوافُقه وصحته النفسية في طفولته؛ فمرحلةُ الطفولة هي أسُّ ما تُبنى عليه مرحلةُ الشباب، فإنْ ضَعُف الأساس تداعَى البُنيان!



في سنّ العاشرة وعندما بدأت العلاماتُ التي يُستدل بها على وُجود الاضطراب السلوكي لدى ابنك كان الواجبُ أن تُسارعي أنت وزوجك إلى علاج مشكلته، وتعديل سلوكه المُنْحَرِف عن المعايير الاجتماعية، إلَّا أنكما - ومع بالغ الأسف - تركتُما هذه النَّبْتة الصغيرة تنمو بكل علَّاتها السلوكية دون تشذيبٍ حتى راهَق الحلم، واستمرَّ ينمو بهذه الاضطرابات السلوكية طوال فترة المراهقة الممتدَّة بين الحادية عشرة والحادية والعشرين! وهي أزمةٌ طويلة تُرِكَتْ أيضًا بلا إرشادٍ أو علاجٍ!



صمت قلبي عن هذا الإهمال الوالدي أبلغ مِن عتابي!



مع ذلك، فما زال هناك الكثيرُ مِن الأمل في العلاج والإصلاح متى ما تلقَّى ابنُك توجيهًا وإرشادًا نفسيًّا ودينيًّا على أيدي أهل الاختصاص، أما الإرشادُ عن طريق الاستشارات الإلكترونية فلا يمكن أن يحققَ النتيجةَ المرْجُوَّةَ؛ لذا آمل أن تتواصَلي مع مراكز الإرشاد النفسي في منطقتك.



أُشَدِّد فقط على نقطتين:


• الأولى: أن يعلمَ والده أن صلاح ابنه مُقترنٌ بحُسن تعامُله معه، وانحرافُه كائنٌ مع الصراع القائم بينهما.



• والثانية: أهمية تثقيف نفسك وزوجك بشأن اضطراب السلوك عند الشباب والمراهقين، وكيفية التعامل معهم، من خلال الكتُب والمقالات المتوفِّرة على شبكة الإنترنت.



وإلى الله الدعاء في توفيقك وتسديدك، وهداية ابنك وصلاح أمْرِه



والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب