ضاع عمري بسبب الإنترنت

[ابوالوليد المسلم]

ضاع عمري بسبب الإنترنت


أ. عزيزة الدويرج






السؤال



♦ ملخص السؤال:

شاب كان مدمنًا للإنترنت، حتى ضاعتْ سنوات حياته بلا هدف أو تحقيق شيءٍ، والآن هو نادمٌ على ذلك، ويحاول جاهدًا تحقيق ما فاتَهُ، لكن تقف أمامه عقباتٌ وقيودٌ، ويسأل عن محاولة تدارك الماضي بكل سلبياته.



♦ تفاصيل السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



أنا شابٌّ في منتصف الثلاثين، للأسف كنتُ مهملاً، بل أقول: كنتُ كالمدمن الذي لا يعبأ بشيء، أهملتُ وفرَّطتُ في ديني وعلاقاتي الاجتماعية؛ حتى أصبحتُ وحيدًا مُنعَزِلاً، أهملتُ تخصُّصي، ودفنتُ نفسي في عملٍ لا يليق بي، أهملتُ القرآن الذي حفظتُ معظمه، ثم نسيته!



كلُّ شيءٍ أهملتُه، وفرَّطْتُ فيه بعد أن عِشْتُ أسيرًا للإنترنت وبلاياه، وبالفعل فليس هناك فرقٌ بيني وبين مَن ضيَّع حياته في الإدمان والمخدِّرات؛ فكلانا سواء في النتيجة والمآل!



أفقتُ والحمدُ لله، وبدأتُ أضع أهدافًا لحياتي، وإن كانتْ متأخِّرةً، وكان يجب عليَّ أن أنجزها منذ وقت كبيرٍ، لكني أحاول أن أصلحَ مِن شأني، وأصَحِّح مسار حياتي قدر المستطاع.



لكن المشكلة تكْمُن في الآتي:

أولاً: أحس أني سأدفع ثمن تلك السنوات والفُرَص الكثيرة التي ضيعتُها، وأخشى من عدم توفيق الله لي، أنا أُحْسِن الظن بالله، لكن أحس أنَّ الأوان قد فات لتحقيق الكثير مما لم أحقِّقه.



ثانيًا: أشعر أن الأمور تزاحمتْ عليَّ جدًّا، وفي الوقت نفسه أريد سرعةَ الإنجاز للتعويض، لكن كثرة المشاغل الآن تَحُول بيني وبين ذلك، مما يجعلني محبَطًا وأشعر بخيبة أمل كبيرةٍ، تجرني إلى نوعٍ مِن العجز أو اليأس.



ثالثًا: مِن الأمور التي تشغلني الآن إيجاد زوجة صالحة، وبحثتُ بالفعل، وتقدَّمت لأكثر من 20 فتاة، لكن لم يحدثْ نصيبٌ!



المشكلة أني أبحثُ عن زوجةٍ بمُواصَفات إنسانٍ ناجحٍ، مع أني إنسان فاشل، ولا أريد أي زوجة.. خصوصًا في هذا الزمن!



رابعًا: عُزلتي عن الناس، وخجلي الدائم، يُسبِّبان لي مشكلة كبيرة، فأنا فعلاً وحيد، وليس لي أصدقاء يشاركونني أي اهتمامات، وهذه مشكلةٌ كبيرةٌ جدًّا.



أشيروا عليَّ وقدموا لي نصائح أعمل بها، وجزاكم الله خيرًا


الجواب



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.




الأخ الكريم، نشكر ثقتك في شبكة الألوكة، ونتمنَّى أن نكونَ عند حُسن الظن.




كلُّ ابن آدم خطَّاء، وخيرُ الخطائين التوابون، اتركِ الماضي خلفك، وانطلقْ للمستقبل المشرق الذي ينتظرك، فالعمر أمامك وما زلتَ في مُقتبل الشباب، حاوِلْ أن تستغلَّ كلَّ الفُرَص التي أمامك، إذا أردتَ أن تكملَ تعليمك ابدأ من الآن؛ فالعلمُ لا يقف على عمرٍ معينٍ، وليس له حدودٌ، حاوِلْ أن تُقارنَ نفسك بوضعك السابق ولا تقارن نفسك بمن حولك، لكي لا تشعرَ بالتحطيم الذي تشعر به حاليًّا، ابدأ حياة جديدةً، وأرى أنك بدأتَ بمجرد وضعك لخطط وأهداف لحياتك، فحاوِلْ إنجازها والعمل عليها، واعلم أن التوفيق من الله سبحانه، فبيدِه الأمرُ كله، وهو القادرُ على كل شيء، نبذُل الأسبابَ، ونتقرَّبُ إليه سبحانه، ونتجنب معاصيه، وندعوه، وبذلك يتحقق التوفيق.



لا تستعجل التغيير، ولكن اسْعَ له، فالتغييرُ لن يحصلَ في يوم وليلة، وإذا استطعتَ أن تبدأَ بدايةً جيدةً وصحيحةً فسيبدل الله جميع أحوالك، ولا تجعل لليأس عليك سبيلاً، فأنت إنسان واعٍ ومتعلمٌ، رتِّبْ أمورك جيدًا، وأبْدِعْ في عملك، واستثمرْ طاقتك بما يعود عليك بالفائدة، وسيكون التوفيقُ حليفك.



• حاولْ أن تُؤَجِّل موضوع الخطبة حاليًّا، لكي تقفَ على قدميك من جديد، وتظهرَ عليك آثارُ التغيير، ثم عاود البحث عن زوجة صالحةٍ، ولا تيئسْ؛ لأنك وقتها ستجد ما تريده دون عناءٍ، واستبعد مصطلح (فاشل) من تفكيرك، واستبدل به مصطلح (تجارب)، وأقنِعْ نفسك أنَّ ما مررت به تجارب، ويومًا ما ستنجح التجربة.




• بالنسبة للعُزلة: ابدأ بتكوين علاقات عن طريق العمل، ثم النادي، والحي، ومن الممكن أن تتعرفَ عليهم مِن جماعة المسجد... وهكذا.



• اشغلْ وقت فراغك بالقراءة، أو حُضور دورات تدريبية، أو ممارسة الهواية التي تحبها، ردِّدْ في بالك: أنا إنسانٌ ناجحٌ متعلمٌ ومثقَّفٌ، قادرٌ على تحقيق أهدافي، وستصل بإذن الله لما تريد.



وختامًا تمنياتي لك بأوفر الحظ والنصيب في الدنيا والآخرة، ومستقبل أجمل بإذن الله