|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() معايير تنمية الإبداع لدى الطفل د. حسن شحاتة الطفل هو الثروة الأساسية للأُمَّة، ومن ثم فإن تنمية القدرة الخلاقة والمبدعة تصبح هي الهدف الأسمى لأي تثقيف إذا ما أردنا للمجتمع أن يرقى وينهض، وإذا ما قصدنا للأمة نماءً اجتماعيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا. والمبدعون هم ركائز أساسية وضرورية لمجتمع متقدم، فهم ينتجون المعرفة الإنسانية ويطورونها ويطوِّعونها للتطبيق، وهم الأمل في حل المشكلات التي تعوق التقدم الحضاري، وهم القوة الدافعة نحو تقدم الوطن ورفاهيته وإسعاده. وأداء المبدعين ليس نتاجاً لقدرات عقلية معرفية فقط، ولا هو مزيج من القدرات المعرفية والسمات المزاجية فحسب، بل هو يتم في سياق اجتماعي يحيط بالفرد في مراحل عمره المختلفة ييسِّر ظهور الأداء الإبداعي ويدفع إلى تنميته، أو يعوق ظهوره، ويعاقب على استمراره. إن ضخامة الخسائر في الثروة الإنسانية تتمثل في أطفال نابغين لا يجدون تشجيعاً على إظهار نوع من البحث عن هويَّتهم، تمنعهم مواد مقروءة أو مسموعة أو مرئية في مجال أدب الأطفال عن مواصلة هذا البحث، فيضيعون في الطريق، ويتوقفون عن بحث هويتهم لتحقيق إمكاناتهم في سياق اجتماعي مناسب ومشجع، إنهم قد يصبحون أشقياء، منهم يخرج الجانحون، ومدمنو المسكرات، والمقْدمون على الانتحار، والمرضى النفسيون. إن مجال أدب الأطفال، بما يتضمنه من قصص وأشعار ومجلات وكتب ومسرح وأفلام وبرامج إذاعية مسموعة ومرئية، مجال مهم له دوره في التشجيع على الإبداع وتنمية القدرات الابتكارية والخلاقة لدى أطفالن. ففي أدب الأطفال خبرات متنوعة شاملة ومتكاملة، والطفل يتلقى من هذه الخبرات ما يعدُّه للاستجابة بطريقة موجبة لخبرات حيوية قادمة، ويصحب تدريب الطفل على تنظيم بعض وظائفه الحيوية جوٌّ وجداني خاص يغلب عليه الحب والتقبل والتشجيع، فهو يتعلم من خلال هذه الخبرات التي تقدَّم له، والتي يعايشها، أنه متميز يمكنه السيطرة على وظائفه، وأنه يمكن إنجاز الخبرات الجديدة وحل المشكلات، بل يتم تدريبه على إعادة التوافق مع ظروف الإحباط والفشل خلال محاولاته التوصل للحلول المناسبة. أدب الأطفال – باعتباره وسيطاً تربويًّا – يتيح الفرص أمام الأطفال لمعرفة الإجابات عن أسئلتهم واستفساراتهم، ومحاولات الاستكشاف واستخدام الخيال وتقبل الخبرات الجديدة التي يرفدها أدب الأطفال. إنه يتيح الفرصة أمام الأطفال لتحقيق الثقة بالنفس وروح المخاطرة في مواصلة البحث والكشف وحب الاستطلاع، والدافع للإنجاز الذي يدفع إلى المخاطرة العلمية المحسوبة من أجل الاكتشاف والتحرر من الأساليب المعتادة للتفكير، والميل إلى البحث في الاتجاهات الجديدة، وتفحص البيئة بحثاً عن الخبرات الجديدة، والمثابرة في الفحص والاستكشاف من أجل مزيد من المعرفة لنفسه وبيئته. هذا كله يعني أن أدب الأطفال يوفر سياقاً نفسيًّا اجتماعيًّا يراعي سمات الإبداع وينميها خلال عملية التفاعل والتمثل والامتصاص، من حيثُ استثارةُ المواهب، ومحاولة تنمية هذه المواهب عن طريق تحقيق جوٍّ من التسامح والدفء العاطفي والحب. إنه يمثل ثقافة جزئية مؤثرة على الطفل في المرحلة العمرية التي ينمو فيها معرفيًّا ووجدانيًّا ومهاريًّا. كما أنه يمثل جانباً مهمًّا من جوانب التربية في حياته، بل ربما هو التربية غير النظامية وبعض التربية النظامية التي تؤثر فيه؛ وبالتالي فإن دور أدب الأطفال في تنمية الإبداع والتأثير إيجاباً أو سلباً في القدرات الإبداعية هو دور أساسي وجوهري. بَيْدَ أنه في ضوء الدراسات التي قام بها الباحث وغيره من الباحثين، اتضح أن معظم المواد المقروءة والمسموعة والمرئية التي تقدَّم للأطفال خارج المدرسة أو داخلها ترتبط بثقافة الذاكرة لا بثقافة الإبداع، فهي حقائق سردية تقريرية، وهي خزائن مملوءة بالحقائق والمفاهيم، كما أنها لا تحقق حواراً مع الطفل، وهي مادة تخلو من التعليل والتفسير والموازنة وإعمال الفكر، بالإضافة إلى إهمال البحث عن العلاقات بين القضايا، والبعد عن استخدام الخيال. كل ما سبق يمثل صيغة من الصيغ الغائبة في أدب الطفل العربي تحتاج إلى وضع المعايير المناسبة لتنمية الإبداع لدى الأطفال وتشكيل الوعي المبتكر ووضعه في سياق اجتماعي يساعده على تنمية قدراته وفكره وخياله. وأهم هذه الأمور التي يمكن مراعاتها عند إعداد مواد أدب الأطفال، أو عند تنفيذها، ما يلي: 1- وضع مادة أدب الأطفال على شكل مشكلات تستثير الطفل وتتحدى عقله، وتفتح المجال أمامه كي يفكر تفكيراً علميًّا، وتفسح المجال لخيال الطفل كي يتصور ويحلق في عالم مفارق لعالم الواقع. 2- عرض مواد أدب الأطفال على أنها نتيجة تطور لا يقف عند حد، وعلى إتاحة التحري للعقل بعرض المقدمات ثم النتائج، وإفساح المجال أمام الطفل للتجريد من حالات متعددة، والدعوة إلى فحص البيئة بحثاً عن خبرات جديدة. 3- تدريب الطفل على الاستماع الناقد والقراءة والمشاهدة النقادة، والترحيب بإبداء الرأي، والدعوة إلى التفسير والتعليل والموازنة بين الآراء والحقائق، وكشف العلاقات، والدعوة إلى استخدام الخيال، والمخاطرة العلمية المحسوبة للاكتشاف.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |