لعنة المرافئ (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1164 - عددالزوار : 130666 )           »          3 مراحل لانفصام الشخصية وأهم أعراضها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          متلازمة الشاشات الإلكترونية: كل ما تود معرفته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ما هي أسباب التعرق الزائد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أضرار الوجبات السريعة على الأطفال: عواقب يُمكنك تجنبها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الوقاية من القمل بالقرنفل: أهم الخطوات والنصائح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          علاج جفاف المهبل: حلول طبيّة وطبيعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الوقاية من القمل في المدارس: دليل شامل للأهل والمعلم! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الوقاية من التهاب الكبد: 9 خطوات بسيطة لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الوقاية من الجلطات: دليلك الشامل لصحة أفضل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-04-2021, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,847
الدولة : Egypt
افتراضي لعنة المرافئ (قصة)

لعنة المرافئ (قصة)


أمل عبدربه





الشفق يُلوِّن شُرفة الأفق في مساءٍ صيفيٍّ معتدل، روائح الخبز التنوري تفوح من المدينة المُرابط سفينها على تُخومها منذ ليلة أمس، شيء في نفسه الثابتة تحرَّكَ كومضةٍ سحرية أنارت له دهاليز لطالَما عجز عن فك رموز مَتاهتها، فما الذي أيقظ النائم على شَفا المجهول؟ وما الذي حرَّك ما تحت الرماد؟

خليط من لون الأفق ورائحة الخبز ونسمات المساء، فإذا به يقرأ كتاب الماضي بيُسْر ووضوح، يرى نفسه يسابق قطعان الماشية الآوية إلى مآويها وهو يتفحَّص بعضًا من قطع الخضار التي تخلص منها المُزارعون لعطب أو لعلة فيها، يعود بها إلى أمه لتُطعم بها قطيعًا مِن صغارٍ ذرفتْهم أحشاؤها لإبقاء ذلك الزوج النافر في عهدتها ما استطاعت إليه سبيلاً، كان قد تمرَّد مرة وتزوَّج، لكن الأخرى زهدت فيه لعيوبه التي ظنَّها ستكون في نظرِها حسنات، كما هي في نظر الأولى، لكنه كان مخطئًا، فعاد على مضض لأولاه.

عاد وكأنه لم يعدْ، عاد ليعيش لنفسه فقط، تخلّى عن موقعه لولدِه الأكبر، وبقي بينهم كطفلٍ مدلَّل يأمُر فيُطاع.

من قال إنَّنا لا نلد آباءنا؟!
ذلك القول الذي ما فتئت أمُّه تردِّده أمام القاصي والداني، وتُعيده على مسامع زوجها وأولادها كلما أتى لها بما تَقتاته هي وقبيلها، أو كلما أسهم في فكِّ أزمة أو حل مشكلة تطبَع على خدِّه قُبلةً، وتقول: أنت أبونا الذي ليس لنا سواه بعد الله.

ولتلك الكلمات الطيبات من فم أمه الحبيبة، يَخترق الصعب وينحت الصخر، فتارة يَجمع الخضار ويَبيعُه ليَشتري لوازم المنزل، وتارة يَشتري بعض السجائر لبَيعها للمدمنين الكسالى على الدِّكَك.

مضى عمله بنجاح ولمّا يبلغ السابعة عشرة، وصار لديه مخزن لبَيع الخضار، وعاد لدراسته بعد انقطاع، وظنَّ أن الحال قد استقام ولم يعرف بما تخبئه الأيام.

زيَّنت الحياة لأمه حال أولئك العائدين من دول الجوار بما يسرُّ النفس والعَين، تطلعت إلى ما لديهم ورغبتْ فيه بشدة، نقلت له رغبتها في سفره، وتمنَّت عليه قَبولها، وهو مُعرض وناكر لحالها:
أمي لديكِ الكثير من الأولاد غيري، أما أنا فليس لي سواكِ، لا تُقصيني.

فتجيب: الضنكُ يا ولدي أكل أحشاءنا وأرواحنا، فهلا رحمتَنا بغيثٍ يَروينا بحق.
لم أكمل دراستي ولم أتمَّ السابعة عشرة بعد!

اقترب بهدوء وهمس:
أمي، لا أرغب بفراقك، فكيف ترغبين؟ الغربة رحى تلتهم العمر وتمسح كل جميل فيه.
يا ولدي فُطمتَ مبكرًا، وشببتَ عن الطوق مُبكرًا، أتمَّ جميلك بأبي أنت وأمي.

غادَرَ منزله، دموعه تسابق خطواته، وألمٌ شاسع ينفخ الخواء في روحه مع كل خطوة تقصيه عن أحبَّته وتُنئيه عن مسقط رأسه.

ومِن بعيد بدا له المرفأ قاتمًا، وبدت له السفينة الرابضة في المياه كوحش يبتلع ولا يأوي، يميت ولا يُحيي، يأخذ ولا يعطي.

أخذ نفَسًا عميقًا كأنما يودِّع به كل القلوب التي خذلته.. مسح الدمع العالق على جفنيه، صعد تابوت المرفأ، جلس مهمومًا تحت عدَّة قديمة مُهمَلة، وما هي إلا دقائق حتى انهالت عليه، وكانت تحوي مطرقةً كبيرة سقطَت على رأسه لتسحقَ ذاكرته نيفًا وثلاثين عامًا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 57.23 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]