|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() كيف أتعامل مع ابني بعد خروجه من السجن؟! الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي السؤال بسم الله الرحمن الرحيم أرجو منكم مساعدتي في حل مشكلتي. لي ابنٌ وحيدٌ عَلَى ثلاث بنات، وهو متفوِّقٌ في دراسته، وله أصحابٌ عاديون؛ أي: يُحافِظون على الصلاة! حدثتْ مُشاجرةٌ معه وأصدقائه، وأثناء المشاجرة أعطى شخصٌ لابني "موسى"؛ ليضربَ به، فضرَب شخصًا ضربةً أدتْ إلى وفاته! وعُرِف أنَّ ابني هو القاتل، مع أنَّ الولد المتوفَّى - أصلًا - بلطجي، وكان عنده ضيقٌ في التنفس، ومغيرٌ لصمامٍ في القلب، وله أكثرُ من حادثة من قبلُ! وبعد مشاورات كثيرة اتفقنا على دفْع الدِّية! أنا أسأل عن كيفيَّة التعامل مع ابني بعد خُروجه من السجن - بإذن الله؟ مع العلم بأنه على درجةٍ عاليةٍ من الخُلُق، وحنونٌ جدًّا، ومحافظٌ عَلَى الصلاةِ جدًّا، ومتفوقٌ في دراسته، ومطيعٌ لوالديه، والكلُّ يشهد له بذلك، وما كنَّا نظن أن الكل يحبُّه بهذه الطريقة. أفيدوني بارك الله فيكم. الجواب الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ: فقد قرأتُ رسالَتَكِ أكثرَ من مرةٍ، ووقفتُ فيها عند معالمَ لعلَّها السببُ فيما وَصَلَ الحالُ إليه؛ مجموعةُ الشباب المصاحبين لولدكِ ووصفُكِ لهم بأنهم شبابٌ عاديُّون، على الرغم مما تحكينه عنهم! فهل الإنسانُ العاديُّ الذي يصلي فقط، يفعلُ مثلَ الأفعالِ المذكورة؟! أو أن هذه أفعال المجرمين أو المنحرفين؟! فمن يَقوَى على حمل "موسى"؛ للضرب به، أو حملِ غازٍ، أو غيرِها، لا يُوصَف بأنه شابٌّ عاديٌّ! كونُ ولدِكِ ولدًا وحيدًا عَلَى ثلاثِ بناتٍ، جعله مُدلَّلًا في الغالب، وهذا التدليلُ يُيَسِّر سُبُلَ الوقوعِ في المعصيةِ. النقطةُ الهامَّةُ - في كلامِك - هي المدحُ الزائدُ لولدكِ؛ كقولِك: عَلَى درجةٍ عاليةٍ من الخُلُق، وحنونٌ جدًّا، ومحافظٌ على الصلاة جدًّا، ومتفوقٌ في دراسته، ومطيعٌ لوالديه، والكل يَشهَد له بذلك، وقولك: ما كنا نظنُّ أن الكلَّ يحبُّه بهذه الطريقة...، فالذي يظهر أن ما تقولينَه رُبَّما تَعَارَضَ مع صداقَتِهِ لهؤلاء الشباب العاديين؛ كما تصفينَهم، فأدَّى إلى ما أدَّى إليه، وبدلًا من أن تُفكِّري في لومه عَلَى التسبُّب في قتل شخصٍ، رُحتِ تلتمسين له العذر، وتقولين: إن الولد المتوفَّى أصلًا بلطجي، وكان عنده ضيق في التنفُّس، ومغيرٌ لصمامٍ في القلب، وله أكثرُ من حادثة من قبلُ، فكان ماذا؟ هل كونه بتلك الصفات يسوِّغ الاعتداء عليه بمثل هذه الصورة؟ ودفعُ المعتدي المجرم يكون بالأيسر فالأيسر، أنا أقدِّر مشاعركِ كأمٍّ؛ وكما قال الشاعر الحكيم: وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ ![]() كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاوِيَا ![]() ولكني أَدُقُّ لك جرس الإنذار؛ فبهذه الطريقة، وبذلك الفكر، لن تساعدي ولدكِ على الصلاح، ولن تنتبهي لعيوبه، وعيوبِ المحيطين به؛ لتصلحيها، فتبقي كالعين الناظرة إلى وجه الأرض، لا يمكنها أن ترى - مع ذلك - السماء، وكالعين التي فيها قذًى لا يمكنها رؤية الأشياء، وكثيرًا ما يكون ذلك عن فرْطِ الهوى، والحب القلبي، دون تحكيم العقل؛ فلا يتبيَّن لك الحقُّ؛ كما قيل: "حبُّك الشيءَ يُعمِي ويُصِمُّ". ولما كان المستشارُ مُؤتمنًا؛ كما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي، من حديث أبي هريرة، فأصارحُك بأنَّ الأسرة تتحمَّل كثيرًا من مسؤولية وُقُوع أبنائهم في المعاصي؛ بسبب قلَّة التوجيه نحوَ الطاعة، بل وتوفير سُبُلِ الوقوع في المعصية؛ ومن هذا أنكم لم تمنعوه عن الصُّحبة السيئة حتى بعد نشوب المشاجَرة، والنظر في الماضي ينفعُ لأخذ العبرة، وتجنُّب الأخطاء في المستقبل، حتى وإن كان وقعُ الحقيقة مؤلمًا للنفس، إلَّا أنَّ فيها النجاةَ - إن شاء الله - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فلو تركوهم وما أرادوا، هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم، نَجَوْا ونَجَوْا جميعًا))؛ رواه البخاري. وعلاج هذه المشكلة يكون بعدة أمور: 1. التخفيفُ من التدليل الزائد، والذي قد يُفقِد الولد الشُّعور بالرُّجولة، ويُحاوِل إظهارَها بمثل هذه المشاجرات، أو غيرها، وهذا الأمر ليس سهلًا ميسورًا، ولكن يتطلَّب مجاهَدةَ وحملَ النفس على غير هواها؛ قد تتحرج الأم من تأديب ابنها، أو القسوة عليه بما يفيده وينفعه لمصلحته، وهذا خطأٌ؛ كما قال الشاعر: فَقَسَا لِيَزْدَجِرُوا وَمَنْ يَكُ حَازِمًا ![]() فَلْيَقْسُ أَحْيَانًا عَلَى مَنْ يَرْحَمُ ![]() 2. عدمُ توفير سُبُل الوقوع في المعصية، وخاصة تلك التي تُسهم في موت القلب؛ كالأفلام، والمسلسلات، والغناء، ومتابعة القنوات الفضائيَّة دون قُيُود أو ضوابط. 3. الحرصُ على إبعاده عن رفقاء السُّوء؛ قال - تعالى -: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾[الزخرف: 67]؛ فالأصحابُ بعضُهم لبعض عدوٌّ يوم القيامة إلَّا المتقين، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تُصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طَعَامَكَ إلَّا تقيٌّ))، ويقول الإمام الأوزاعي: "صاحبُك رُقعتُك فيكَ"؛ فالصاحب يَرْقَعُ، والصاحب التقيُّ يجرُّ صاحبه إلى الخير، وقد قالت العرب: "الصاحبُ ساحِب"، ومَن جالس جانس؛ كما قيل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السَّوْءِ، كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الكِيرِ، فَحَامِلُ المِسْكِ؛ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، وَنَافِخُ الكِيرِ؛ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ رواه البخاري ومسلم. وقيل: قل لي: مَن صاحبُك، أقلْ لك: مَنْ أنتَ، وقد قال الشاعر: عَنِ المَرْءِ لا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ ![]() فَكُلُّ قَرِينٍ بِالمُقارِنِ يَقْتَدِي ![]() وَصَاحِبْ أُولِي التَّقْوَى تَنَلْ مِنْ تُقَاهُمُ ![]() وَلَا تَصْحَبِ الأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي ![]() ويقول الخوارزمي: لَا تَصْحَبِ الكَسْلَانَ في حَاجَاتِهِ ![]() كَمْ صَالِحٍ بِفَسَادِ آخَرَ يَفْسُدُ! ![]() عَدْوَى الْبَلِيدِ إِلَى الجَلِيدِ سَرِيعَةٌ ![]() وَالْجَمْرُ يُوضَعُ فِي الرَّمَادِ فَيَخْمُدُ ![]() وكان سفيانُ بنُ عيينةَ - رحمهُ اللهُ - يتمثَّلُ قولَ الشاعر: لِكُلِّ امْرِئٍ شَكْلٌ يَقَرُّ بِعَيْنِهِ ![]() وَقُرَّةُ عَيْنِ الفَسْلِ أَنْ يَصْحَبَ الفَسْلَا ![]() 4. ربطُ الولدِ بالمسجدِ، وبحلقاتِهِ العلميةِ، وبالصُّحبةِ الصالحةِ، وهذا من أعظمِ ما يُعينُ العبدَ عَلَى صلاحِ قلبِهِ، وتقويةِ إيمانِهِ. 5. توفيرُ سُبُل الهداية؛ من مكتبةٍ سمعيةٍ ومرئيَّةٍ إسلاميةٍ نافعةٍ، تُنَمِّي فيه حب العبادة، وتعلمه حسن الخُلُق، وتُرَهِّبه من الوقوع في المعصية. 6. تشجيعُه على القراءة، وخاصة الكتب المتعلقة بتراجم العلماء، والأبطال المجاهدين، فلعله أن يكتسب أخلاقَهم، ويحذو حذوهم. 7. تشجيعُه على حفظ القرآن، والصيام، ولا شك أن فيهما إعمارًا للقلوب، وإحياءً لها. 8. اتباعُ أسلوبِ الإقناعِ، والحوارِ، والبُعد عن العنف، عندما تُبيِّنينَ له حُكمَ الشرع في أي مسألة، وتجنب إهانته، وإحراجه، ومراعاة مرحلته العمرية؛ فليس بالإهانة، أو الإحراج، تكون التربيةُ. 9- لو تمكَّنتم من تغيير البيئة المحيطة؛ بالبحثِ عن سكنٍ في منطقةٍ أُخْرى، يكون الشبابُ فيها أحسنَ أخلاقًا، وأقل فسادًا، وكمْ مِن آباءٍ تركوا الأماكنَ التي رُبُّوا فيها؛ فرارًا بأبنائهم، ولو تأملتِ قصة الرجل الذي قَتَلَ مائةَ نفس، وكيف أن العالِمَ أمرَهُ بالهجرة من مكان السوء، وأرض السوء، تبين لكِ أهميةُ تغيير البيئة في صلاح الأبناء. وأسأل الله أن يصلحَ ولدكِ وأبناء المسلمين أجمعين، آمين
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |