|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطيبي أصبح عقيما فهل أتزوجه؟ أ. مروة يوسف عاشور السؤال ♦ ملخص السؤال: فتاة أُصِيبَ خطيبها في حادثٍ؛ مما أدَّى إلى حُدوث عُقمٍ لديه، وطلب منها فسخ الخطبة، لكنها رفضتْ وتريد إكمال الحياة معه، وأهلها لا يعلمون أنه أصبح عقيمًا، وتسأل: هل قراري صحيح؟ وهل أُخبر أهلي بذلك أوْ لا؟ ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أُصِيبَ خطيبي في حادثٍ؛ مما أدَّى إلى حُدوث عُقمٍ لديه، وهو الآن في حالةٍ يُرثى عليها، وطلَب مني المُضِيَّ في حياتي وتَرْكه، لكني أريد أن أستَمِرَّ معه وأتزوجه، وأهلي لا يعلمون أنه أصبح عقيمًا! فهل قراري صحيح؟ وهل أُخبر أهلي بذلك أوْ لا؟ الجواب أيتها الكريمة، حياكِ الله. إنَّ بلاءات الحياةِ لا تنتهي، ولا تقِف عند حدٍّ، وأنَّى لها ذلك وقد جبَلها اللهُ على الأكدار والمتاعب؟! ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ ﴾ [البلد: 4]، وجعَل الابتلاءَ سِمَةً لها، وأساسًا مِن أُسسها؛ ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ﴾ [محمد: 31]. ابْتُلي خطيبكِ بالعقم، وامتحنه اللهُ به، فقدَّر عليه أن يحيا على ذلك، وهو واحدٌ مِن أكبر بلاءات الدنيا، وأشدِّها على المرء؛ إذ تشتهي النفسُ الولدَ، وتسعد بالذُّرِّيَّة أيما سعادة، والبنونَ مِن أكبر النِّعَم على العبد، وأبهج مَظاهر الحياة؛ ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46]، وقد يبتلي اللهُ عبدَهُ بنقص المال أو الولد؛ ليختبرَه ويُمَحِّصه، والجزاءُ الأُخْرَوِيُّ لمن صَبَر واحتسب، وليس كلُّ مَنْ منَّ الله عليه بالأولاد نال السعادة أو الراحة، وكم نرى مِن ذُرِّيَّةٍ كانتْ سببًا في تعاسة والديها وشقائهما، وحولتْ حياتهما إلى جحيم وعذابٍ! وكم من وَلَدٍ فَتَن والديه، وأذاقهما مِن الذُّلِّ والهوان ما لم يخطرْ لهما ببال! وليس كلُّ مَنْ أكرمه الله بالبنين والبنات وملأ بيته بالأولاد حصَل على ما يرجو مِن سعاداتٍ، ونال ما كان يأمل من نعيمٍ، فهي نعمةٌ كغيرها مِن النِّعَم، إلا أنها قد تكون سببَ الشَّقاء والعذاب، وقد يُبتلى الإنسانُ بالنِّعَم كما يُبتلى بالنِّقَم؛ ﴿ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ﴾ [الأنبياء: 35]، ﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الأعراف: 168]، فالنعمةُ قد تكون سببَ الفتنة، ومصدرَ الابتِلاء، ولا سعادةَ حقيقيةً، ولا نعيمَ فِعْلِيًّا، إلا في دار الآخرة. الرجل العقيم، هل يَصْلُح زوجًا؟ "عن ابن سيرين أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعَث رجلًا على بعض السعاية، فتزوَّج امرأة وكان عقيمًا، فقال له عمر: أَعلمتها أنك عقيم؟ قال: لا، قال: فانْطَلِق فأعلمها، ثم خَيِّرها"؛ سنن سعيد بن منصور. وسُئِل الإمامُ أحمد بن حنبل رحمه الله: الرجلُ يَتَزَوَّج المرأة وهو عقيم، لا يُولَد له؟ فقال: "أعجب إليَّ إذا عرف ذا مِن نفسه أن يُبين، عسى امرأته تريد الولد". فمِنْ حقكِ عليه أن يذكرَ عيبه، وألا يخفيه، ما دام قد علِم مِن نفسه ذلك، ومِن حقكِ القبول أو الرفض، وأول ما يُنظر إليه مِن صفات دين الخاطب وخُلقه؛ رُوي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أتاكم مَن تَرْضَوْنَ خُلُقَه ودينه فزوِّجوه، إلا تفعلوا تكنْ فتنة في الأرض، وفسادٌ عريضٌ))؛ رواه ابن ماجه، وحسَّنه الألباني. لكن عليكِ أن تتفَقَّدي قلبكِ الذي يُوحي نبضه بمشاعرَ عارمةٍ من الشفَقة والرحمة تفيض حزنًا على حال خطيبكِ، ومِن أخطر المشاعر التي تُغذي الزواج وتُؤَثِّر فيه تلك التي تغلب عليها الشفَقة، خاصة إن كانتْ مِن الفتاة نحو الشاب، وليس العكس! دعينا نكون أكثرَ صراحةً حين نُفَكِّر في تلك القضايا المصيرية؛ العلاقةُ الزوجيةُ ليستْ كما تتصور الكثيرُ مِن الفتيات؛ مَبْنِيَّةً على رومانسيات حالمةٍ، وأحلامٍ ورْدِيَّةٍ، وليستْ مجرد كلمات حبٍّ مُتبادلة بين الزوجين، أو نظرات إعجاب تُبقي حبْلَ التواصل بينهما، بل هي علاقةٌ راقيةٌ مِن التعامل بين شخصين، أحَبَّا بعضهما، فقامت العلاقة على أُسس كثيرة مِن المودة والرحمة، والتعاون المُتبادَل، وما أجملَ أن يُبنى الزواجُ على الحبِّ الحقيقيِّ! لكن الحياة العملية تُنبئ بأنَّ تلك المشاعر القوية مِن المحبة قد تتوهَّج، وتخفُتْ أثناء الحياة، وأن المرأة ليس مِن اليسير عليها مُقاومة مشاعر الأمومة، والتلهُّف على رؤية الأبناء؛ أما ترين كيف تحتضن الفتاةُ ذات السنوات الثلاث دميتها بوِدٍّ؟ وكيف تعطف عليها برِقَّةٍ وحنانٍ يشيران إلى عاطفةٍ جَيَّاشةٍ داخلها؟ وكيف تعتني وهي في الخامسة بدُميتها وتُبَدِّل ملابسها، وتُصَفِّف شَعرها؟ وكيف تهتم الصغيرة ذات السنوات التِّسْع بأختها الوليدة، وتتعهَّدها بالرِّعاية، مِن إطعامٍ وتدليلٍ وهدْهَدَةٍ، وكأنها أُمٌّ بالفطرة؟ بل هي كذلك بالفعل؛ فغريزةُ الأمومة مِن أقوى الغرائز لدى المرأة، وأشدها تأثيرًا على حياتها؛ هذه حقائقُ لا يمكن إنكارها بحالٍ. أخشى أنَّ رغبتكِ الآن في الزواج ناشئة عن الصدمة مما أصابَه، وأن تألُّم قلبكِ يُخفي مشاعركِ الحقيقية التي لن تلبثَ أن تتمرَّدَ بعد الزواج بعامٍ أو أعوامٍ، حين ترين أبناء إخوتكِ وأبناء العائلة والأطفال مِن حولكِ يلْهون في براءةٍ تَطِيش بعقل المرأة، وتُذهب بكل سعادة غيرها. أيتها الفاضلة، إن كان هو في حالةٍ يُرثى لها مما أصابه، فأنت في حالة أشبه بالصدمة أدَّتْ إلى تفاعلكِ عاطفيًّا مع الموقف، وكعادة الفتيات في مِثْلِ هذه المِحَنِ أن تبقى تحت تأثير العاطفة، وتُصدر قراراتها بناءً عليها، وتستعدَّ للتضحية بكلِّ ما لديها للتعاطُف الكامل مع مَن تُحِبُّ، أو مَنْ أثار فيها مشاعر الاستعطاف؛ لهذا أُحَذِّركِ أن تأخذي قراراتكِ تحت تأثير تلك العاطفة، ثم تدفعي أنت وهو الثمن غاليًا بعد الزواج، بعد أن تتضحَ الصورة بشكل أكبر، وتهدأ ثورة المشاعر، وتظهر الحياة بكلِّ ما فيها مِن خفايا لم تكنْ لتبين قبل ذلك. لا بُدَّ مِن الاستخارة والدعاء في الإقدام على قرارٍ تعتمد عليه الحياةُ المستقبليةُ؛ فالذي خَلَقَنا يعلم حالنا، ويعلم ما يكون منَّا في غدٍ، ويعلم تقلُّب الأيام وما يصدر عنها، وليس لبَشَرٍ التكهُّن بما يكون عليه حاله غدًا، فلتكنْ صلاة الاستخارة أول ما تفعلين، ثم لا أنصح بكتْمِ الأمر عن الأهل؛ فلَئِنْ أحزَنَتْكِ ردود أفعالهم الآن، وتَجَلَّتْ لكِ في صورةِ قسوةٍ أو غِلْظَةٍ، إلا أنَّ خِبْرَتَهم وحكمتهم وتوجيههم وأنتِ في هذا العمر الصغير لا يُستغنى عنها، ولا ينبغي إغفالها. راجعي نفسكِ، وابني قراركِ على استخارة علَّام الغيوب، والقرار لكِ في جميع الأحوال، لكن تذَكَّري أنَّ تَرْككِ إياه الآن قد يُوَفِّر عليكما الكثير، وأنه لن يعجز أن يجد مَن تُناسبه، ولا تُشعره بالنقص، إن كان لديها ولدٌ مِنْ زواج سابقٍ، وتذَكَّري أيضًا أن طلبه الانفصال وتأكيده له علامةٌ على أنه شخصٌ حسَّاسٌ لن يغفلَ عن كلمةٍ أو حركة أو شعور قد يصدُر منكِ على غير إرادة، بما يُسبِّب الكثير مِن المشكلات. والله الموَفِّق، وهو الهادي إلى سواء السبيل
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |