كرب وضيق

[ابوالوليد المسلم]

كرب وضيق


أ. عائشة الحكمي




السؤال
لا أدري ماذا أكتبُ؟ فليس لي سببٌ مُحدَّد وواضحٌ لِمَا أشعرُ به من هَمٍّ وضيقٍ في صدري، وتخنقني العَبَرات، حالي كحال رمضان المنصرِم، فقبل بداية رمضان الماضي أحسَسْتُ بضيقٍ في صَدري وكتمة، لكنَّ ذلك زالَ في العَشْر الأوائل من رمضان، أمَّا هذه السنة، فكنتُ سعيدة بقُدوم رمضانَ، إلاَّ أنَّه في اليوم الثاني انتابني ضيقٌ قويٌّ جدًّا في صدري حتى اللحظة، طبعًا أغلب الوقت ولا أدري ما سببُه، حالي مع العبادة - والحمدُ لله - ممتاز، ولم يُؤثِّر ذلك عليّ، وعندما أتكلَّم مع أيِّ شخصٍ في أيِّ موضوع يذهبُ الضيق والكتْمة من صدري، حتى الآن لا أحبُّ دخولَ المطْبخ على عكس حالي السابق، وإذا دخلتُ أعدُّ طعامًا، لا يأخذ مني وقتًا أبدًا، وليس لديَّ فراغٌ كثير في رمضان، بل أتوقَّع أن الكلَّ مشغول، وأحيانًا أشعرُ برغبة في البكاء، لكنْ أكتمُ ذلك.



فما الحلُّ لكي أُبْعِدُ ذلك عن نفسي؟ جزاكم الله خيرًا.


الجواب
أختي العزيزة، شرَحَ الله صدرَكِ، ويسَّر لكِ أمرَكِ.

يبدو أنَّ ما تعانينَ منه هو نوعٌ من أنواع الاكتئاب Depression، يُعرف باسم "الاكتئاب اللانمطي" Atypical depression، وهذا النوع تَظهر فيه جميعُ أعراضِ الاكتئاب المعروفة، مثل: الشعور بالكآبة، والإحساس بالذنب، وفُقدان القيمة، وفُقدان الاهتمام والاستمتاع بالهوايات أو الأنشطة التي كان يستمتعُ بها الشخصُ من قَبْلُ، مع صعوبة في التركيز والتذكُّر، والشعور بالتوتُّر، مصحوبة ببعض الأعراض الجسديَّة، مثل: الشعور بالاختناق، وضِيق التنفُّس والتعب، لكنَّه يتميَّز عن غيره من أنواع الاكتئاب الأخرى ببعض الأعراض المميّزة، مثل:



• زيادة عددِ ساعات النوم.



• زيادة الشهيَّة ما ينجمُ عنه زيادة في وزن الجسم.



• تحسُّن المزاج مع حدوث أيِّ شيءٍ إيجابي وسارٍّ في الحياة، كالحفلات أو الالتقاء بالأصدقاء خارج المنزل مثلاً، ثم يعود المزاج السوداوي مُجدَّدًا بمجرَّد جلوس المكتئب وحدَه.



العلاج:

أولاً: العلاج الدوائي عبْرَ تناول الأدوية المضادة للاكتئاب اللانمطي بوصفة طِبيَّة.



ثانيًا: الإقلال من تناول الكافيين الموجود في: "الشاي، والقهوة، ومشروبات الكولا/البيبسي، والكاكاو/الشيكولاتة".



ثالثًا: تناول الأطعمة الصحيَّة، مع التركيز على الأطعمة التي تحتوي على معدن "الكروم"، مثل: "لحم البقر، والأرز الأسمر، والجُبن، وصدر الدجاج، والذرة، وزيت الذرة، والبيض، والسمك، والمأكولات البحريَّة، والفواكه والخضروات الطازجة، وعِرْق السوس".



رابعًا: ممارسة التمارين الرياضيَّة، والتأمُّل لمدة عشرين دقيقة يوميًّا.



خامسًا: تجنُّب الوحدة والعُزْلة قدْرَ الإمكان، مع الحِرص على الخروج من المنزل بصُحْبة العائلة والأصدقاء.



سادسًا: الانخراط في الأعمال التطوعيَّة والخيريَّة، ومساعدة الآخرين.



سابعًا: الكتابة لمدة عشرين دقيقة يوميًّا عن كلِّ ما تشعرينَ به أو ترغَبينَ في القيام به؛ فالكتابة وسيلة جيدة للتنفيس الانفعالي.



ثامنًا: الجلوس أمامَ الشمس عند ساعات الشروق الأولى لمدة 10 دقائق يوميًّا.



تاسعًا: الإقلال من مشاهدة التلفاز؛ حيث ربطتْ بعضُ الدراسات بين مشاهدة التلفاز وبين تركُّز مشاعر العُزْلة والوحدة.



عاشرًا: مارِسي هواياتكِ المفضَّلة، كالرسم أو الحياكة، ونحو ذلك من الأمور الإبداعيَّة؛ فالإبداع علاج فعَّال للاكتئاب.



وأخيرًا:

لا تنْسَي دعاءَ الهمِّ والغَمِّ: "اللهم إني أَمَتُك، بنتُ عبدك، بنتُ أَمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حُكْمك، عَدْل فيّ قضاؤك، أسألُك بكلِّ اسمٍ هو لك؛ سمَّيتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا مِن خلقك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثَرْتَ به في عِلم الغيب عندك - أنْ تجعلَ القرآن ربيعَ قلبي، ونور صدري، وجَلاء حُزني، وذَهاب همِّي".



شرَحَ الله صدرَكِ، ويسَّر لكِ أمرَكِ، وأسْعَدَكِ في الدنيا والآخرة؛ آمين.



دُمتِ بألف خيرٍ، ولا تنسَيني من صالح دعائكِ.