بريق (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 882 - عددالزوار : 119513 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 8865 )           »          البشعة وحكمها في الشريعة الإسلامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الألباني.. إمام الحديث في العصر الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1197 )           »          لا تقولوا على الله ما لا تعلمون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 21980 )           »          اصطحاب الأطفال إلى المساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          صلة الرحم ليس لها فترة زمنية محددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الدعاء بالثبات والنصر للمستضعفين من المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الأسباب المعينة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 14-12-2020, 11:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,289
الدولة : Egypt
افتراضي بريق (قصة)

بريق (قصة)











د. غادة نصار






حملها على كفيه، غرَّدَتْ فهامَ في التغريد، وطفِقَ يُقَبِّلُ جناحيها الواهنين رائعي الألوان بانبهارٍ.






حملها برفقٍ، ووضعها في قفصٍ من الذهبِ المرصع بالجُمان، له بريق يكاد يذهبُ بالأبصار، أتاها من فضل اللهِ الذي أوتي، أشبعَها طعامًا حدَّ التخمة، نسيتْ شكلَ العالم، وعبقَ الزهور، ولفحاتِ الهواء لجناحيها حين يتمدَّدان وهي تحلقُ، غابت في غياهب البريق، وشربَتْ من الوحدة حدَّ الثُّمالة.






بعد حينٍ، لحق التغريد بالجناحين في غيابات الوهنِ، ثمة شيءٌ يَجثُمُ على حنجرتها، ذاك البريقُ يتسلل لعينيها، يَنخَر في أعصابها وخلاياها، يزيدها وهنًا على وهنٍ، أغمضَت عينيها؛ لئلا تراه، فما عادت تُطيق.






(ألم يخلُقِ الله عميانًا؟!)


هكذا سألتْ نفسها لتقنعَها أن ذاك العمى الاختياري ليس بمأساة.



صوت قهقهاته يتصاعد في أذنيها، ضاحكًا من حُمقٍ يراهُ لا نظير له، ووهنٍ يراهُ لا عذرَ له، والقفص يعِجُّ بحبيبات البريق.







(عينان غافيتان جاهلتان، لا تدركان أي بريقٍ تعافانه، مغبونةٌ جاهلةٌ هي)
قرارٌ استقر في نفسه، وأبى التزعزع قِيدَ أنملة، فنظرتُه أبدًا لا تخيب.







وفي ظلمة الغافييْن، كانت تسمع قهقهاته، وتسمع مواءً يتصاعد من أسفل الجدار المعلق عليه قفصها، قهقهات السخرية من وهنها وجهلها، ومواء هِرَر يمنعها عِظَمُ الجدار، وإحكامُ إغلاق القفص، من جعلها وجبةَ غداءٍ شهية.






اختلطت القهقهات بصيحات منه ترهبها من الهرر المتربصة، وأخذ يفتح باب القفص زيادة منه في ترهيبها.






(السخرية، الترهيب، التربص، إغفاءة اختيارية، اقتحام البريق، وجناحان واهنان).
أصوات يتردد صداها في قلبها، رجاتٌ في أرجاء جسدها الواهن.







(موت هذا، أم موت ينهيه؟)
(ما الفارق بين ظلمةٍ اختيارية، وظلمةٍ في غياهب أمعاء قط جائع؟).







مقارنة عجز عقلها الواهن عن إدراكها، بدأت تتخيل ظلمة أمعاء الهر، قسوة رائحة الإنزيمات وهي تهضم جسدها…






(ولكن قضمة واحدة لرأسك، لا تضامي بعدها أبدًا، أي أمعاء، أي ظلمة، أي قسوة تفكرين فيها وأنتِ حينها جسدٌ بلا روحٍ؟!)


هكذا أدرك عقلها الواهن.






اقتربت القهقهات الساخرة، اختلطت أصواتها بالتهديدات، فُتحَ باب القفص، فتعالى مواء الهرر كالعادة، وتعالت القهقهات أكثر كالمعتاد، ولكنها في تلك المرة، كان صوت يتعالى في نفسها:
(لا ضير، لن تضامي؛ إنما هي قضمة واحدة، لا تخشي).







فتقدمتْ وتقدمت و...
وغافلتْه، وخرجت من القفص الذي فتحه مقهقهًا، واثقًا أن الواهنيْن لن يحملاها، وأن الغافيين لا يملكان إبصارًا بعد طول عمًى.




خرجت، شعرت بالواهنين يمتدان جانبًا دون إرادةٍ منها، تعالى المواء في أذنيها واقترب، تعالت القهقهات أكثر، اقترب الصوت حتى شعرته لامس رأسها، غرقت في الدهشة، القهقهات تلاصقها مع المواء كذلك.







كيف اجتمعا؟!


مر بها صوت هدير قوي، (أهو صوت مِعَى أحد الهرر؟).






ولكن الهواء البارد ما زال يلفحها.


(أيستغرق هبوطٌ من أعلى الجدار لفكِّ الهر ومخالبه كل هذا الوقت؟).






هدير آخر.


عبق ما يتسلل لأنفها.



أخيرًا، قررت أن تفتح عينين طالت غفوتُهما، شعرت بالعمى، وبريق ما يقتحم عينيها قويٍّ.







(أما زلتُ في القفص؟)
ربما، فالقهقهات تكاد تلتصق برأسها.
بُعيْد برهة، بدأت عيناها تبصران.







ما هذا؟!


الهدير طائرة تعبر بالقرب منها، جناحاها الواهنان ممتدان في الهواء يحملانها، نظرت حولها، لا قهقهات، لا مواء.



لقد حلقت بعيدًا بعيدًا، وها هو بريق الشمس يداعب عينيها اللتين برزتا من أسفل الجفون بعد طول غفوة.







(أنا أحلق رغم أن الجناحين واهنان)، هكذا قالت لنفسها.






ومن نفسها علا صوت:


(حمقاء أنت! وهل يحتاج قلبُ طائرٍ صغير لأكثر من جناحين واهنين ليحلقَ؟).






أقنعها الرد، ففردت جناحيها أكثر، وحلقت بعيدًا بعيدًا، وصعِدت فوق السحاب مشتاقةً لضياء الشمس.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.81 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.14%)]