|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() طريد ( قصة ) سُرى عبدالرحمن إني طريد يا أبي في الظُّلْمةِ الحلْكاءِ أَلْتحفُ السماءْ الأرضُ فَرْشي، والرَّصيفُ وسادتي والصدر يكويه البكاءْ ♦ ♦ ♦ الساعةُ الثالثةُ بعد منتصف الليل، صريرُ الباب أثار مَسْمع أمِّه التي ما برحت تروح جيئة وذَهابًا، وأثار الهيئةَ الضخمة في الرجُل المتَّكِئ بغضب ينتظره أن يُدخل رأسَه أولاً، ثم يتقدمَ جسدَه صوتٌ متضخمٌ يفوح منه الغضب: • ارجع إلى حيث أتيتَ. • أبي، أنا آسف تأخرت لكن ..... • اخرس، واخرج من هنا فورًا! • لكن..... صوت الحنَق يعلو ليقاطع احتجاجه: • لا تجادلني يا..... (وقالَ لفظًا خارجًا عن نطاق الأدب).. ثم صفعني.. نعم.. صفعني أبي! لقد طُردتُ من منزلي، ولا أدري أين يتوجب عليَّ الذهاب؟ سرتُ في الأزقَّة حتى طلع الفجر صديقي رفض استضافتي وتحجَّج بعائلته أشعر بالجوع؛ وليس معي قِرشٌ واحد، فاتخذتُ قراري. سأسرق! لا تنظر إليَّ هكذا أيها الضابط، أعلم أنه أمرٌ شائنٌ؛ لكن الضرورات تبيح المحظورات! اتخذت القرار باختيارٍ إجباريٍّ! اعتادت يدي التسلُّلَ خُفيةً إلى جيوب المارّة، وخطف الحقائب، حتى احترفتُ الركضَ لمسافات بعيدة. أصدقاء الشارع الجدد، وهبوني سيجارة الحشيش الأولى، وصبُّوا لي الكأسَ الأول مجانًا، وأهدوني إبرةَ الهروين، وبدأت أدخّن، ثم سكرت، وأدمنت! الكؤوس التي أتجرَّعها في اليوم أكثرُ من عدد شرَبات الماء في يومين كاملين، الخمر صار رواءً لعطشي، والمخدِّر مسكنًا للحياة إلى عالم الضحك! وجدت طريقي هنا يا أبي في هذا الزقاق المظلِم، حتى وإن كانت خطواتي خاطئةً، أعلم أني أسير مترهِّلَ الخطى، والطريق وعْرٌ؛ لكن الطريق المنحدر - يا أبي - يؤدِّي إليك! أنا الذي مَلِلتُ السير مائلاً كل عمري، فقررت أن أمشي بتعرُّج! البيت بالنسبة لي، كان كأنه سجنٌ قُضِي عليَّ أن أبقى بين جدرانه، ولقد تحررت الآن من كل هذه القيود! رغم أني أبيت على الطَّوَى، أسمع زقزقة عصافير بطني من الجوع – غالبًا - لكن بحبَّةٍ واحدة أنسى كلَّ ذلك. تعلمتُ كيف أتلوَّى حتى يهدأ ألم معِدتي؟! كيف أتكوَّم على نفسي حتى أتدفأ؟! كانت شمسُ ذلك اليومِ تنحدر صوبَ الغروب، عندما قرّر أصدقائي تقاضيَ المال مقابل الزيادة في الجرعة، وكما يقولون: "من أجل مزاج أكثرَ روعةً". عندما عبر من أمامي رجل ثريُّ الهيئة، يطفو على ملامحه البذخ. تسللت يدي بخفةٍ في معطفه؛ لكنَّ قبضتَه أحكمت على ساعدي قبل أن ينسلَّ كفِّي وأصابعي القابضة على محفظته! شعرتُ بقلبي يقفز إلى فوهة حنجرتي! وها أنذا يا حضرة الضابط أدليتُ بإفادتي، واعترفت بكل شيء، قبل أن ترفع أوراقي إلى المحكمة. أرجوك سأرسل رسالة، رسالة واحدة فقط. فوافق الضابط بعد أن أزعجه إلحاحي! في المنزل الموبوء بالصمت.. صندوق البريد يعلن عن وصول رسالة جديدة: "السلام عليك يا أبي، والحنين إليك، أنا الذي ركلتَه من ثناياك إلى أوساط الفراغ، وتلقَّفتْه الأيادي حتى استقرَّ أخيرًا في أحضان العنبر الخامس، الزنزانة الثالثة إن أحببت زيارتي". يفتح السجّان الباب هاتفًا: أن وقت الطعام حان. وعلى سطور البوح قد مُطرت سحابة، ودموعٌ تنهمر!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |