السياق في معرض القول بالتاريخية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118861 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40201 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366998 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-11-2020, 08:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي السياق في معرض القول بالتاريخية

السياق في معرض القول بالتاريخية


امحمد الخوجة






اعتنى القدماء بتفسير القرآن الكريم، واهتمُّوا أيما اهتمام بنقل ما صحَّ في تفسير الآيات القرآنية مع مراعاة السياقات المختلفة التي ينبغي التنبه إليها عند تفسير النص.

ومع ذلك فقد كان كثيرٌ من أهل العلم يتحرَّجون من تفسير بعض الألفاظ القرآنية؛ لأنها قد تكون في سياق بعيد عن إدراكاتهم، وهذا ليس من العيب في شيء، ويُفهم منه ما يلي:
إما أنهم كانوا لا يريدون الخوضَ فيما لا يَجُرُّ عملًا تطبيقيًّا.
أو كانوا يشيرون إلى أن العقل البشري تَعترضه نواقصُ، فرأوا أن الإحجام والتزام الصمت أفضل، كما كان يفعل سعيد بن المسيب رحمه الله، حينما "كان يُسأل عن الحلال والحرام يُجيب، وعندما يسأل عن تفسير آية يَسكت"[1].

وليس معنى هذا أن سكوتَهم وإعراضَهم منهجٌ ينبغي الوقوفُ عنده جملةً وتفصيلًا، وإلا تعطَّلت مصالح تجري بمجرى الزمان وتغيُّر الأحداث والوقائع، لنقف بالنصِّ على حافَة الجمود، وإنما الذي نُقِل وتواتر هو أنهم كانوا يتصيَّدون المناسبات والسياق الذي يُقبلون فيه على الإفادة والاستفادة؛ كاغتنام فرص أسئلة بعض الأعراب التي كانت تُوجَّه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

وإنما المقصود بالسكوت عن تفسير بعض الآيات القرآنية، هو أنه إذا لم يجد المفسِّر سياقًا يفسِّر من خلاله الآياتِ أحجَم وسكت، وقد يجتهد لربط السابق باللاحق؛ لأن ذلك من وظائف السياق، كما رفع الخفاء، والترجيح وتخصيص العام، وعليه كيف يعقل أن نفسِّر كلامَ الله ونحن نجهل وظائف السياق في إطار تفسير الوحي، وهذا هو دَيدنُ التاريخانيين؟!

فورود النهي عن التفسير بمجرد الرأي يبيِّن ما يقع صاحبُه في عدم مراعاة السياق: "من تكلَّم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ"[2]، فمعنى الرأي هنا هو الهوى والتشهِّي، والقول بدون علم، فهل هذا يؤهِّل لتفسير كلام الله عز وجل؟! ولقد قال ابن عطية رحمه الله: "وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسِّر اللغويون لغته..."[3]، ولا شك أن الضابط اللغوي هو من ضوابط السياق القرآني، لذلك كيف يستقيم الفهم، وأغلبهم لم يدرس اللغة العربية، ولم يطَّلع على خباياها؟!

ومنهج التفسير لا شك أنه يضع فهم الألفاظ في الحسبان، انطلاقًا من تحكيم العقل الذي كان ساري المفعول حتى عند الصحابة، فلقد فهِموا الظلم على أنهم واقعون فيه، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم راعى سياق لفظة الظلم في الآية، وفسَّرها لهم بالشرك.
ومن هنا نستشف قاعدةً في غاية الأهمية، وهي أنه يحقُّ لكل مسلم أن يتدبَّر معنى الآيات ليحصل ما فهِمه منها، لكنه لا بد من الرجوع إلى السياق الذي جاء فيه النص، وإلا "تُركت الألفاظ على عواهنها، وأُطلقت مِن عِقال سياقها وسباقها..."[4]

والتدبر يُوهم أو يُغري الكثيرين - حتى الدعاة - بانتهاج التأويلات الفجَّة، والتعلُّق بأهداب الفكر الغربي الذي يحثُّ على تأويل أيِّ نصٍّ بغض النظر عن مصدره، لذا لا بد من الزاد الذي يستطيع به المفسِّر المعتقِد لربَّانيَّة النص - أن يفسره تبعًا للسياق الذي ورد فيه، أما إذا لم يتوحَّد هذا الاعتقاد كنا أمام باب مغلق ينتهي عنده الحوار والنقاش.

ودليلنا في ذلك قوله تعالى: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]؛ فالدعوة بالتدبُّر هنا لا تقتصر على العلماء الجهابذة الذين بلغوا شأوًا بعيدًا في التبحُّر في العلوم الشرعية، وإنما تدعو أيضًا مَن تشبَّع بالفكر الهرمنوطيقي - مع يقينه بأن القرآن كلام الله - الذي قد يكون حصَّل نصيبًا من الإلمام اللغوي.
من ثَمَّ نستطيع أن نقول: لو منع التفسير بالرأي المبني على فَهم السياق القرآني، لتعطَّلت المصالح، ولما كان الاجتهاد جائزًا، ولما صلح القرآن إلا لأهل زمانه، وهذا هو نعيق القائلين بالتاريخانية.

كما أنه لو كان التفسير بالرأي ممنوعًا، لما اختلف الصحابة رضي الله عنهم في تفسير كثيرٍ من الألفاظ؛ لأنه في الغالب الأعم كان كلُّ واحد منهم يفهم اللفظة بحسب السياق الذي يراه مناسبًا لتفسيرها، مع العلم أن الاختلاف كان اختلافَ تنوُّع، لا اختلاف تضاد، وفي ذلك مصلحة ما بعدها مصلحة.

وبعد هذا، يلزم أن نذكر أنه لا بد من شروطٍ للإقبال على تفسير القرآن الكريم؛ من أهمها:
"الالتزام بمدلولات الألفاظ واستعمالاتها اللغوية في ظل السياق التي سيقت فيه الآيات"[5]، ومراعاة السياق أمر مهمٌّ؛ إذ يتعذَّر فَهم وجه آيةٍ ما مبتورةً عن السياق التي جاءت فيه.




[1] كتاب اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر، د. فهد بن عبدالرحمن بن سليمان الرومي، دار البحوث العلمية السعودية، ط 1986 .

[2] المحرر الوجيز لابن عطية؛ تحقيق عبدالسلام عبدالشافي ج، ص41، دار الكتب العلمية بيروت ط 1422 هـ.

[3] المحرر الوجيز لابن عطية سابق الذكر.

[4] النص القرآني من تهافت القراءة إلى أفق التدبُّر لقطب الريسوني، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - المغرب - ط 2010 .

[5] كتاب اتجاهات التفسير في القرن الرابع عشر.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.82 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.62%)]