الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نباتات منزلية تمتص رطوبة الصيف من البيت.. الصبار أبرزها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          طريقة عمل برجر الفول الصويا.. وجبة سريعة وصحية للنباتيين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          4 وسائل علمية لتكون أكثر لطفًا فى حياتك اليومية.. ابدأ بتحسين طاقتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          وصفة طبيعية بالقهوة والزبادى لبشرة صافية ومشرقة قبل المناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          3 عادات يومية تزيد من تساقط الشعر مع ارتفاع درجات الحرارة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          6 خطوات فى روتين الإنقاذ السريع للبشرة قبل الخروج من المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          تريندات ألوان الطلاء فى صيف 2025.. الأحمر مع الأصفر موضة ساخنة جدًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          طريقة عمل كرات اللحم بالبطاطس والمشروم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          وصفات طبيعية لتقشير اليدين بانتظام.. من السكر لزيت جوز الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أبرز 5 تريندات ديكور منزلى في صيف 2025.. لو بتفكر تجدد بيتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-11-2020, 09:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (1)


أ. محمد خير رمضان يوسف




الهدية

في الاستدراك على تفسير ابن عطية (1)

المقدمة - سورة الفاتحة




بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمدُ لله العزيزِ الحكيم، والصلاةُ والسلامُ على النبيِّ الكريم، وعلى آلهِ وأصحابهِ الأبرارِ المكرَمين، وبعد:
فإن "المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"، المعروفَ بتفسيرِ ابن عطية، هو من أشهرِ التفاسيرِ في الغربِ الإسلاميّ، إلى جانبِ تفاسير: القرطبي وأبي حيان وابن جُزي ومكي القيسي، وهي من أشهرها في الشرقِ كذلك.

وقد وفقني الله تعالى لعملِ مستدركٍ على تفسيرِ ابنِ كثير، وآخرَ على تفسيرِ البغوي، وبحثتُ عن تفسيرٍ ثالثٍ مشهورٍ بين أيدي الناس، يحتاجُ إلى استدراكٍ كذلك، لتكونَ فائدتهُ مؤكدة، فوجدتهُ في تفسيرِ القاضي الأديبِ المجاهدِ أبي محمد عبدالحق بن عطية الأندلسي، المتوفَّى سنة 542 هـ.

وهو تفسيرٌ كبير، طبعتهُ وزارةُ الأوقافِ المغربيةُ محققًا في (16) مجلدًا، وكذلك أصدرته وزارة الأوقافِ القطرية محققًا، ونشرتهُ دار ابن حزم في مجلدٍ واحدٍ (مضغوط)، بلغت صفحاته (2019 ص). وهو عن الطبعة القطرية.
وهو عجبٌ في بابه! يدلُّ على ثقافةِ صاحبهِ العاليةِ المتنوعةِ الموسوعية!
فهو عدةُ أنواعٍ من التفاسيرِ وليس تفسيرًا واحدًا!
فيمكنُ أن يجرَّدَ منه كتابٌ كبيرٌ في (معاني القرآن)، وآخرُ في (القراءات)، وثالثٌ في (الأحكام)!

هذا عدا الآثارِ والشواهدِ الكثيرة، إلى جانبِ أسبابِ النزول، والتعرضِ للعقائدِ خاصة، وإيرادِ آراءِ فرق، وخاصةً المعتزلة، مع نقدها..

وقد وجدتُ في مواضعَ منه ما لم أجدهُ في تفاسيرَ أخرى، من التحري والتفصيلِ وقوةِ الحجة، وتحريرِ إفاداتٍ وحلِّ إشكالات، وإجادةِ توفيقٍ وتوضيحِ مفاهيم، مع لغةٍ جميلةٍ باهرة، فقد كان أديبًا شاعرًا أيضًا. فجزاهُ الله خيرًا على هذا التفسيرِ العظيم، الذي جرَّدَ له قواهُ منذُ شبابه، وبقيَ معه سنواتٍ طوالًا.

وهو يتعمَّقُ فيما يتعرَّضُ له، مما يرى فيه اختلافًا، أو غموضًا، أو إشكالًا. ولا يدَعُ آيةً تحتاجُ إلى بيانٍ أو تعليقٍ إلا ويبيِّنُها حتى آخرها.

ولكن لا يشترطُ أن يكونَ هذا البيانُ (تفسيرًا) بمصطلحهِ المعروف، وهو المعنى الذي يريدهُ القارئ، فقد يكتبُ في لفظٍ سطورًا وحتى صفحة، ولكن في وجوهِ قراءتهِ أو نحوهِ وإعرابه، ويتركهُ هكذا معتبرًا ذلك تفسيرًا له. وكأنه بذلك يخاطبُ العلماءَ أو يكتبهُ لهم، أو للنحويين والبلاغيين وحدهم. وكأن الغالبَ على تفسيرهِ هو جانبُ التخصص. يعني أنه يفسِّرُ للعلماء!
وكان هذا أحدَ الوجوهِ المستدركةِ على تفسيرهِ رحمَهُ الله.
فالكلامُ حولَ اللفظِ أو الآيةِ مالم يكنْ (تفسيرًا) استدركتُ عليه وأوردتُ تفسيره.
فبيانُ الوجهِ النحوي للكلمةِ أو إعرابها دون بيانِ معناها لم أعتبرهُ تفسيرًا.
وكذلك المعنى اللغويُّ للفظ، إلا إذا وافقَ معناهُ الشرعي، وفُهِمَ به تفسيره.
ومن الوجوهِ الأخرى التي استُدركتْ على تفسيرهِ قولهُ مرات: وباقي الآيةِ بيِّن، أو واضح. ولا يوردُ تفسيره.
وكذلك قولهُ إنه سبقَ تفسيرُ مثله. ولا يقولُ هذا في كلِّ مرةٍ إذا لم يفسِّر.
وقد يفسِّرُ الآيةَ بالكلماتِ الواردةِ فيها، ولا يغيِّرُ فيها سوى تصريفها.
وقد يفسِّرُ منها لفظًا واحدًا، ولا أشيرُ إلى ذلك عند الاستدراكِ عليه.
وشغلتْ أواخرُ الآياتِ قسمًا كبيرًا مما لم يفسِّره.
وأتوقفُ عند آيات، فلا أدري هل فسَّرَ أم لا؟ فأتردَّدُ في إعادةِ تفسيرها.. وقد أفسِّر.

وقد اعتبرتُ كلَّ ما يؤدِّي إلى توضيحِ معنى الآيةِ تفسيرًا. ويتبيَّنُ هذا من خلالِ ما يوردهُ المؤلفُ من الشواهدِ والآثار، من القرآن نفسه، ومن الأحاديثِ الشريفة، وأقوالِ أهلِ العلمِ والحكمةِ عمومًا، وحتى أسبابِ النزول، وما يلخصهُ من الإسرائيليات، أو القصصِ والحكايات..

وقد يفسِّرُ كلماتٍ من الآيةِ السابقةِ في الآيةِ التاليةِ أو ما بعدها، لاتصالها بها. وقد أشرتُ إلى ذلك مراتٍ قليلة. فإذا لم يجدِ القارئ عندهُ تفسيرَ آيةٍ في مكانها، فليبحثْ عنها فيما بعدها.
وقد يفسِّرُ الآيةَ في أولِ كلامه، أو في وسطه، أو آخره. وقد يفسِّرها أكثرَ من مرة. وهو قليل.

ثم إن بعضَ القرّاءِ قد يعجبُ من هذا الاستدراكِ الدقيقِ على المفسِّرين، بتتبعِ كلامهم، ويرَى أن هذا هو أسلوبهم ومنهجهم في التفسير، فلماذا الاستدراك؟
وأقول: إن المفسِّرين ليسوا سواء، وتختلفُ مناهجهم في التفسيرِ حسبَ تخصصاتهم، فقد يركزون على ما يرونهُ مهمًّا من وجهةِ نظرهم واشتغالهم بعلومهم، ولا يعاملون الباقي مثله، بل يدَعون كثيرًا من الألفاظِ والآياتِ بدونِ تفسير!
وليس في القرآن شيءٌ زائد، وإذا تكرَّرَ فلحِكمة.
وينبغي أن يفسَّرَ القرآنُ كلُّه.

وقد تبدو هناك آياتٌ واضحةٌ لا تحتاجُ إلى تفسير، ولكن بالتدبرِ فيها وتفصيلها وضربِ أمثلةٍ لها يتضحُ معناها أكثر، ويظهرُ فيها للقارئ ما لم يكنْ يعرفهُ منها.

وهذا الإمامُ الطبري، إمامُ المفسِّرين، لم يدَعْ شيئًا من الآياتِ بدونِ تفسير، بجميعِ ألفاظها، إلا ما ندر. وغيرهُ لم يفعلْ مثله. وآخرون فسَّروا ما لم يفسِّرهُ غيرهم.

وابنُ عطيةَ رحمَهُ الله فسَّرَ كلماتٍ قرآنيةً وآياتٍ لم يفسِّرها آخرون من المفسِّرين، وغيرهُ فسَّرَ ما لم يفسِّره. وما فسَّرَهُ أولئك يمكنُ الاستدراكُ بها عليه، وما فسَّرهُ هو يمكنُ الاستدراكُ به على ما لم يفسِّروه، حتى تتعادلَ التفاسير، ولا يخفَى على القارئ ما لم يفسَّرْ من القرآنِ الكريم.

ويقولُ ابن عطية نفسهُ في تفسيرهِ هذا (ص 982): "... ومثلُ هذا قولُ الله تعالى: ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [سورة الصافات: 103]، وقال بعضُ النحاةِ في مثلِ هذا: إن الواوَ زائدة. وقولهُ مردود؛ لأنه ليس في القرآنِ شيءٌ زائدٌ لغيرِ معنى".
أقول: وبما أنها غيرُ زائدة، وليس في القرآنِ شيءٌ زائدٌ لغيرِ معنى، فيفسَّرُ مثلَ غيره.


المنهج:
والمنهجُ الذي اتبعتهُ في الاستدراكِ على تفسيرهِ رحمهُ الله، هو كالنهجِ الذي اتبعتهُ في المستدركين السابقين تقريبًا، وهو تفسيرُ كلِّ ما لم يتضحْ للقارئ أنه فُسِّر، من الأمورِ التي ذكرتها سابقًا. ولم أبحثْ في الحروفِ المقطَّعة، والمتشابهاتِ مِن الآيات.
ولم أتتبَّعْ ما أوجزَ من تفسير، والأفضلُ توضيحهُ أكثر.
واستثنيتُ - كذلك - ما كان تفسيرهُ واضحًا، ولو لم يتتبَّعِ المؤلفُ ألفاظه.

وقد لا أوردُ التفسيرَ كلَّهُ إذا كان مطوَّلاً، بل أكتفي بما تتوضَّحُ به الألفاظُ أو الآيات، عند ذلك أُشيرُ إلى أنه مختصرٌ، أو منتخبٌ من مصدره.

وأُورِدُ تفسيرَ آيةٍ أو لفظٍ مما فسَّرهُ المؤلفُ من مشابهٍ له في موضعٍ آخر، فإنْ لم أجدهُ طلبتهُ في تفاسيرَ أخرى ذكرتها للقارئ. ولم أتقصَّهُ عندهُ كما فعلتُ في المستدركين السابقين، فتفسيرُ الألفاظِ والآياتِ في سياقها قد يعطيها مدلولًا إضافيًّا غيرهُ فيما سبق، فالتكرارُ له فائدةٌ وميزة.

والتفسيرانِ الأساسيانِ لهذا العملِ هما: تفسيرُ الإمامِ الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن)، وتفسيرُ الحافظِ ابنِ كثير (تفسير القرآن العظيم)، وهذا ما يشكِّلُ جلَّ هذا التفسير. وهما تفسيرانِ مأثوران، وأكثرُ قبولًا عند كلِّ الناس. وتفسيرُ ابن عطيةَ يجمعُ بين الأثرِ والرأي.

كما استعنتُ بتفسيرِ القاضي البيضاوي (أنوار التنزيل وأسرار التأويل) فهو تفسيرٌ مشهور، وتفسيرِ النسفي (مدارك التنزيل وحقائق التأويل) لشمولهِ وسهولته، واستفدتُ من تفسيرِ (روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني) للآلوسي، فهو لا يكادُ يتركُ لفظًا دون بيانه، ويدخلُ في الأمورِ المستعصيةِ فيوردُ وجوهها ويحلُّها، كما استعنتُ بـ (الواضح في التفسير) لمعدِّ هذا الكتاب، وقد استفدتهُ من التفاسير السابقةِ وغيرها.
ولم أزدْ على تلك التفاسيرِ إلا نادرًا.
وأضعُ المصدرَ في آخرِ تفسيرِ كلِّ آية. وقد أذكرهُ في أوَّلها.

وموضعُ الاستشهادِ هو مكانُ تفسيرِ الآياتِ في التفاسيرِ نفسها، واستغنيتُ بذلك عن ذكرِ أرقامِ الأجزاءِ والصفحاتِ في الهوامش.
ولم أوردِ الأقوالَ والآثارَ والخلافات.
وجمعتُ بين المأثورِ والرأي في هذا المستدركِ كما هو شأنُ التفسيرِ المستدركِ عليه.
وراعيتُ جاهدًا التوفيقَ بين التفاسيرِ القديمةِ التي أنقلُ منها، وبين ما أقدِّمهُ لجيلٍ معاصرٍ بما يناسبهُ وما يفهمهُ ويستفيدُ منه.
ولم أُدخِلْ في هذا التفسيرِ أمورًا محدَثة، ولا علومًا مساندةً للتفسير، فالأساسُ في هذا هو الأصل.
وأوردُ الآيةَ أو جزءًا منها، يسبقها رقمها، وأضعُ خطًّا تحت الكلمةِ أو الكلماتِ والجُمَلِ التي لم تفسَّرْ فيها.
فإذا لم تفسَّرِ الآيةُ كلُّها أبقيتُها بدونِ خطّ.
وقد لا أشيرُ إلى كلمةٍ فسَّرها في آيةٍ طويلة، فأفسِّرُها كلَّها مع الكلمة.
وفسِّرَ كثيرٌ من الآياتِ وهي تبدو سهلةً للقارئ، ولكن تفسيرها يُظهِرُ له ما لم يدركهُ من أسرارها.

وأنبِّهُ إلى أن معظمَ ما وردَ هنا هو تفسيرٌ لجزءٍ أو ألفاظٍ أو جملةٍ من الآية، فلا يصلحُ إلا مع متابعةِ الأصل، يعني أن هذا التفسيرَ مكمِّلٌ لتفسيرِ "المحرر الوجيز"، وليس مستقلاً بذاته، فقد أفسِّرُ لفظةً في آيةٍ تكونُ مرتبطةً بما قبلها وما بعدها فسَّرها المؤلف. والأفضلُ أن يطبعَ معه، بهامشه. وقد أذنتُ بذلك لمن شاء، مع إثباتِ هذه المقدِّمة، وعدمِ الزيادةِ أو النقصِ في الكتاب، إلا ما كان من الرسمِ العثماني للآياتِ الكريمة.

واعتمدتُ في هذا الاستدراكِ على طبعةِ دار ابن حزم، التي اجتهدَ أخونا الشيخ مجد مكي سلَّمهُ الله في مقابلتهِ وتصحيحهِ على طبعةِ قطر المحققة. ورأيتهُ كافيًا وافيًا بالمقصود، ففيه كلُّ ما فسَّره. والهدفُ من هذا المستدركِ هو تفسيرُ ما لم يفسِّرهُ المؤلف، لا التعليقُ أو التحقيقُ لما فسَّره.
والحمدُ لله الذي يسَّرَ هذا، وله الفضلُ والمنَّة.
محمد خير رمضان يوسف
الرياض

بسم الله الرحمن الرحيم

الجزء الأول

سورة الفاتحة

3- ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ
قالَ رحمَهُ الله: تقدَّمَ القولُ في ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾.
ويعني عند تفسيرهِ البسملة.
وملخصُ ما ذكرَهُ هناك، أن ﴿ ٱلرَّحْمـٰنِ ﴾ صفةُ مبالغةٍ من الرحمة، ومعناهاأنه انتهَى إلى غايةِ الرحمة، وهي صفةٌ تختصُّ بالله ولا تُطلَقُ على البشر. وهي أبلغُ من فَعِيل، وفَعِيلُ أبلغُ من فاعل؛ لأن راحمًا يُقالُ لمن رَحِمَ ولو مرةً واحدة، ورحيمًا يُقالُ لمن كثرَ منه ذلك، والرحمنُ النهايةُ في الرحمة.

7- ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾.

قال: ﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ ﴾ بدلٌ من الأول. يعني في الآيةِ السابقة: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.
وذكرَ هناك أن "الصراطَ" في اللغةِ الطريقُ الواضح. ثم أوردَ أقوالًا في المعنَى الذي استُعيرَ له الصراطُ في هذا الموضع، منها قولُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضيَ الله عنه: الصراطُ المستقيمُ هو القرآن، وقالَ جابر: هو الإسلام.
قال: و"المستقيم": الذي لا اعوجاجَ فيه ولا انحراف، والمرادُ أنه استقامَ على الحقّ، وإلى غايةِ الفلاحِ ودخولِ الجنة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-11-2020, 09:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (2)


أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة البقرة



(الآيات 1 - 100)











سورة البقرة







6- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ



قالَ ابنُ كثيرٍ رحمهُ الله: سواءٌ عليهم إنذارُكَ وعدمُه، فإنهم لا يؤمنونَ بما جئتَهم به.







12- ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾.



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ التي تسبقها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.







23- ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ﴾.



مما نزَّلنا على عبدنا محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ من النورِ والبرهانِ وآياتِ الفرقانِ أنه من عندي، وأنّي الذي أنزلتهُ إليه، فلم تُؤمنوا به ولم تصدِّقوهُ فيما يقول.. (تفسير الطبري).







26- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ



﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ﴾: فأما الذين صدَّقوا الله ورسوله، فيعرفون أن المثَلَ الذي ضرَبهُ الله، لِمَا ضربَهُ له، مثَل. (الطبري).



وأوردَ الطبريُّ قولَ قتادة: أي: يعلمون أنه كلامُ الرحمن، وأنه الحقُّ من الله.



عن ابن عباس: ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ﴾ يقول: يعرفهُ الكافرون فيكفرون به.



وقالَ قتادة: ﴿ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ ﴾: فسقوا، فأضلَّهم الله على فسقهم.





28- ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.



قالَ ابنُ عطيةَ رحمَهُ الله في تفسيرها في الآيةِ الأخيرةِ من سورةِ القصص: إخبارٌ بالحشرِ والعودةِ من القبور.



وقالَ الحافظُ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ لها في آخرِ سورةِ يس: وإليه يرجعُ الأمرُ كلُّه، وله الخَلقُ والأمر، وإليهِ ترجعُ العبادُ يومَ القيامة، فيُجازي كلَّ عاملٍ بعمله، وهو العادلُ المتفضِّل.







29- ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.



قالَ الطبري: أخبرهم جلَّ ذكرهُ أنه خلقَ لهم ما في الأرضِ جميعًا؛ لأنَّ الأرضَ وجميعَ ما فيها لبني آدمَ منافع، أما في الدينِ فدليلٌ على وحدانيةِ ربِّهم، وأما في الدنيا فمعاشٌ وبلاغٌ لهم إلى طاعتهِ وأداءِ فرائضه.







30- ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ.



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.







32- ﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾.



قولهُ تعالَى: ﴿ سُبْحَانَكَ ﴾ أي: تنزيهًا لكَ عن أنْ يَعلَمَ الغيبَ أحدٌ سواك. وهذا جوابُهم عن قوله: ﴿ أَنْبِئُونِي ﴾، فأجابوا أنَّهم لَا يعلَمون إِلّا ما أعْلَمَهُم به، ولم يَتعاطَوا ما لَا علمَ لهم به، كما يَفعلهُ الجهَّالُ منَّا. (القرطبي).







33- ﴿ قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾.



﴿ أَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأرْضِ ﴾ تدرُّجاً من المجملِ إلى ما هو مبيَّنٌ بعضَ بيان، ومبسوطٌ بعضَ بسط. وفي اختصاصهِ بعلمِ غيبِ السماواتِ والأرضِ ردٌّ لما يتكلَّفهُ كثيرٌ من العباد، من الاطلاعِ على شيءٍ من علمِ الغيب، كالمنجِّمين، والكهّان، وأهلِ الرمل، والسحر، والشعوذة. (فتح القدير للشوكاني).







36- ﴿ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾.



أوردَ ابنُ جريرٍ الطبريُّ وغيرهُ أقوالًا في المرادِ بالبعضِ الذين بينهم عداوة، منها قولُ مجاهد: آدمُ وذريته، وإبليسُ وذريته. وقولُ ابنِ عباس: آدمُ وحواءُ وإبليسُ والحية.



وذكرَ المؤلفُ نفسهُ الاختلافَ في المقصودِ في الآيةِ (38) من السورة ﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا ﴾، ورأى أن الصحيحَ في معناه: آدمُ وحوَّاءُ وإبليسُ وذرِّيتُهم.







37- ﴿ فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.



وأما قوله: ﴿ الرَّحِيمُ ﴾، فإنه يعني أنه المتفضِّلُ عليه مع التوبةِ بالرحمة. ورحمتهُ إيَّاهُ إقالةُ عثرته، وصَفحهُ عن عقوبةِ جُرمه. (الطبري).







38-﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ



يعني فمن اتَّبعَ بياني الذي أبيِّنهُ على ألسنِ رسلي أو مع رسلي. (تفسير الطبري).







39- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.



قالَ الإمامُ البغويُّ في تفسيره: لا يخرجون منها، ولا يموتون فيها.







41- ﴿ وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾.



قالَ رحمَهُ الله: وقد تقدَّمَ نظيرُ قوله: ﴿ وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ ﴾.



يعني في الآيةِ (21) من السورة: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ وقد صرَّفَ اللفظَ هناك، ولم يزدْ على قوله: مأخوذٌ من الوقاية.



قالَ النسفيُّ في تفسيره: أي اعبدوا على رجاءِ أن تتَّقوا فتَنجوا بسببهِ من العذاب.







48- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾.



﴿ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ﴾: يُمنَعون من عذابِ الله (البغوي).







49- ﴿ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ﴾.



أي: يستَبْقُون نساءكم، أي: بناتكم (زاد المسير لابن الجوزي).







51- ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ .



قالَ رحمهُ الله: مبتدأٌ وخبرٌ في موضعِ الحال، وقد تقدَّمَ تفسيرُ الظلم.



ويعني ما وردَ في الآيةِ (35) من السورة: ﴿ وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾.







وذكرَ معنَى اللفظةِ هناك بما يناسبُ السياقَ من قصةِ آدمَ عليه السلام.



قالَ ابنُ كثيرٍ في الآيةِ (92) من السورةِ نفسها: ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾: في هذا الصنيعِ الذي صنعتموه، مِن عبادتِكمُ العجل، وأنتم تعلمونَ أنه لا إله إلا الله.







52- ﴿ ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.



لتشكروني على عفوي عنكم، إذ كان العفوُ يوجبُ الشكرَ على أهلِ اللبِّ والعقل. (الطبري).







53- ﴿ وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.



لكي تهتدوا بتدبُّرِ الكتاب، والتفكُّرِ في الآيات. (البيضاوي).







54- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾.



تصريفٌ وإعرابٌ دون تفسير.



وتفسيرُ الآيةِ الكريمة: واذكروا عندما قالَ موسى لبَني إسرائيلَ الذين عَبدوا العجلَ: لقد ارتكبتُم جُرْماً عظيماً ومَعصيةً كبيرةً عندما اتَّخذتمُ العجلَ ربًّا دونَ الله، ولا توبةَ لكم عندَ خالقِكم إلاّ أنْ يَقتُلَ بعضُكم بعضاً، فيَقتُلَ البريءُ منكمُ المجرمَ، فإنَّهُ أنسبُ عقوبةٍ لنفوسِكمُ السيِّئة، وقلوبِكمُ القاسية، وطبيعتِكمُ المنحَرفة، وعسَى أنْ يكونَ هذا توبةً لجُرمِكمُ الشنيع، وتذكرةً مؤلمةً لكم لئلاّ تَعودوا إلى مثلِه. ثمَّ أدركتْكُم رحمتُهُ فتابَ عليكم، فهو يَقبلُ التوبةَ الصادقةَ مِن عبادِه، رحمةً بهم. (الواضح في التفسير).







60- ﴿ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ .



فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.



وقالَ ابنُ كثير: لا تقابلوا النعمَ بالعصيان فتُسلَبوها.







61- ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾.



قالَ المؤلِّفُ في تفسيرها في الآيةِ (112) من سورةِ آلِ عمران ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴾، قال:



وقولهُ تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ﴾ حملَهُ المفسِّرون على أن الإشارةَ بذلك إلى الشيءِ الذي أُشِيرَ إليه بذلك الأول، قالَهُ الطبريُّ والزجَّاجُ وغيرهما.







والذي أقول: إن الإشارةَ بـ ﴿ ذَلِكَ ﴾ الأخيرِ إنما هي إلى كفرهم وقتلهم، وذلك أن الله تعالى استدرجهم فعاقبهم على العصيانِ والاعتداء، بالمصيرِ إلى الكفرِ وقتلِ الأنبياء، وهو الذي يقولُ أهلُ العلم: إن الله تعالى يعاقِبُ على المعصيةِ بالإيقاعِ في معصية، ويجازي على الطاعةِ بالتوفيقِ إلى الطاعة، وذلك موجودٌ في الناسِ إذا تُؤمِّل، وعصيانُ بني إسرائيلَ واعتداؤهم في السبتِ وغيرهِ متقررٌ في غيرِ ما موضعٍ من كتابِ الله.







وقال قتادةُ رحمهُ الله عندما فسَّرَ هذه الآية: اجتنبوا المعصيةَ والعدوان، فإن بها أُهلِكَ مَن كان قبلَكم من الناس. اهـ.



وقالَ ابنُ كثير: هذه علَّةٌ أخرى في مجازاتهم بما جوزوا به، أنهم كانوا يعصون ويعتدون، فالعصيانُ فعلُ المناهي، والاعتداءُ المجاوزةُ في حدِّ المأذون فيه أو المأمورِ به. والله أعلم.







62- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.



﴿ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾: فأطاعَ الله. (الطبري).



﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: قالَ مؤلِّفُ الأصلِ رحمَهُ الله: تقدَّمَ القولُ في مثلِ هذه الآية.







يعني في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.



وهناك أوردَ تصريفَ وإعرابَ الكلمات، وقالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي: فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها. ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه. ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.







63- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾.



كي تتَّقوا وتخافوا عقابي بإصرارِكم على ضلالِكم، فتنتهوا إلى طاعتي، وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي. (تفسير الطبري).







67- ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾.



أوردَ ضبطها من القراءاتِ دون بيانِ معناها.



قالَ القرطبي: والهزء: اللَّعبُ والسُّخرية.







68- ﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ ﴾.



أي: ما صفتها. (البغوي).







70-﴿ قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ .



أوردَ لغوياتٍ وبعضَ ما يُستَنتج، دون التفسير.



وتفسيرُ الآيةِ الكريمة: عادوا ليَسألوا سؤالاً آخر، فقالوا: اطلبْ من ربِّكَ أيُّها النبيُّ أنْ يُحدِّدَ لنا وصفَها وحِلَّهَا لنا، فإذا فعلَ ذلكَ فإنَّنا بذلكَ إنْ شاءَ اللهُ نَهتدي إليها. (الواضح في التفسير).







72- ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ



أي: مُظهرٌ ما كتمتم بينكم من أمرِ القتل، فاللهُ مُظهرهُ لعباده، ومبيِّنهُ لهم. (فتح القدير للشوكاني).







74- ﴿ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.



أوردَ اللغةَ والإعرابَ دون التفسير.



وقد قالَ في تفسيرها في الآية (140) من السورةِ نفسها: وعيدٌ وإعلامٌ أنه لا يَتركُ أمرَهم سُدًى، وأن أعمالَهم تُحصَّلُ ويُجازَون عليها. والغافلُ الذي لا يفطنُ للأمورِ إهمالاً منه، مأخوذٌ من الأرضِ الغُفل، وهي التي لا مَعْلَمَ بها.







75- ﴿ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾.



اختيارُ الطبري في تفسيره: أن الله تعالى ذكرهُ إنما عنَى بذلك مَن سمعَ كلامَهُ مِن بني إسرائيل، سماعَ موسى إيَّاهُ منه، ثم حرَّفَ ذلك وبدَّل، مِن بعد سماعهِ وعلمهِ به وفهمهِ إيَّاه.







80- ﴿ وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ



بل تقولونَ على اللهِ ما لا تعلمونَ من الكذبِ والافتراءِ عليه. (ابن كثير).







82-﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ



والذين آمنوا بالله ورسُوله، وعملوا الأعمالَ الصالحةَ الموافقةَ للشريعة، الخالصةَ لله، فإنَّهم مِن أهلِ الجنَّة، مخلَّدونَ فيها أبداً. (يُنظر الواضح في التفسير).







83- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾.



قومٌ عادتُكم الإعراضُ عن الوفاءِ والطاعة. (البيضاوي).







85- ﴿ ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ﴾.



تفسيرُ الآيةِ ليتَّضحَ المعنى: كما تُخرِجونَ بعضَكم من بيوتِ بعض، وتَنهَبونَ ما فيها منَ المالِ والمتاعِ وتأخذونَ سباياهُم، وتُقَوُّونَ أعداءَكُم على بعضِكُم البعض، وتساعدونهم عليهم، وإذا انتهتِ الحربُ تَفكُّون الأُسارَى منَ الفريقِ المغلُوبِ وتُفادونَهُم ولا تقتُلونَهُم عملاً بحُكمِ التوراة، ولكنْ لماذا تَعملونَ هنا بالتوراةِ بينما تناقِضونَ أحكامَها فيما مضَى ويَقتُلُ بعضُكم بعضاً في الحربِ وهو محرَّمٌ عليكُم؟ أفتُؤمِنونَ ببعضِ التوراةِ وتكفُرونَ بالبعضِ الآخَرِ فيه؟ (الواضح).







87-﴿ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾.



فكذَّبتُم بعضًا منهم. وقتلتُم بعضًا؟ فهذا فعلُكم أبدًا برسلي. (الطبري).







91- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ



﴿ مُصَدِّقًا ﴾: يعني التوراة، لأن كتبَ الله تعالى يصدِّقُ بعضُها بعضاً. (النكت والعيون للماوردي).



﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ بالتوراة، وقد نُهيتُم فيها عن قتلِ الأنبياءِ عليهم السلام. (البغوي).







91- ﴿ وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾.



سبقَ في الآيةِ (50) من السورةِ قولهُ تعالى: ﴿ وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾. وبيَّنَ مؤلِّفُ الأصلِ هناك أن اليهودَ اتخذوا العجلَ إلهاً، وتركَ تفسيرَ قولهِ ﴿ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ ﴾ كما أُشيرَ إليه في موضعهِ من هذا الكتاب.



قالَ ابنُ كثير رحمَهُ الله: وأنتم ظالمون في هذا الصنيعِ الذي صنعتموهُ من عبادتِكم العجلَ، وأنتم تعلمون أنه لا إله إلا الله.







93- ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ ﴾.



سبقَ في الآيةِ (63) من السورة. وأوردَ المؤلفُ هناكَ قصَّةَ نبيِّ الله موسى عليه السلامُ مع قومهِ في هذا الشأن.



قالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: يقولُ تعالى مذكِّراً بني إسرائيلَ ما أخذَ عليهم من العهودِ والمواثيقِ بالإيمانِ به وحدَهُ لا شريكَ له، واتِّباعِ رسله، وأخبرَ تعالَى أنه لمـّا أخذَ عليهم الميثاق، رفعَ الجبلَ فوق رؤوسهم؛ ليقرُّوا بما عُوهِدوا عليه...







94- ﴿ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآَخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ .



﴿ خَالِصَةً ﴾: معنى الخلوصِ أنه لا يشاركهم فيها غيرهم. (فتح القدير).



﴿ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: قالَ في الآيةِ (6) من سورةِ الجمعة: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: ﴿ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ﴾ إن كنتُم تعتقدون في أنفسِكم هذه المنزلة. اهـ.



لأنه من اعتقدَ أنه من أهلِ الجنة، كان الموتُ أحبَّ إليه من الحياة، لما يصيرُ إليه من نِعَمِ الجنة، ويزولُ عنه من أذَى الدنيا. (النكت والعيون).







96- ﴿ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.



والله ذو إبصارٍ بما يعملون، لا يخفَى عليه شيءٌ من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط، ولها حافظٌ ذاكر، حتـى يذيقَهم بها العقابَ جزاءَها. (الطبري).







97- ﴿ قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾.



لأن المؤمنَ إذا سمعَ القرآنَ حفظَهُ ورعاهُ، وانتفعَ به واطمأنَّ إليه، وصدَّق بموعودِ الله الذي وعدَ فـيه، وكان علـى يقـينٍ من ذلك. (قالهُ قتادة، الطبري).







99- ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ ﴾.



أي: أنزلنا إليكَ يا محمدُ علاماتٍ واضحات، دالّاتٍ على نبوَّتك، وتلك الآياتُ هي ما حواهُ كتابُ الله الذي أنزلَهُ إلى محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، من خفايا علومِ اليهود، ومكنونِ سرائرِ أخبارهم، وأخبارِ أوائلهم من بني إسرائيل، والنبأ عمّا تضمَّنتهُ كتبُهم، التي لم يكنْ يعلمُها إلا أحبارُهم وعلماؤهم، وما حرَّفَهُ أوائلهم وأواخرهم وبدَّلوهُ، من أحكامهم التي كانت في التوراة، فأطلعَها الله في كتابهِ الذي أنزلَهُ على نبيِّهِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فكان في ذلك من أمرهِ الآياتُ البيِّناتُ لمن أنصفَ من نفسه، ولم يدعهُ إلى هلاكها الحسدُ والبغي، إذ كان في فطرةِ كلِّ ذي فطرةٍ صحيحةٍ تصديقُ مَن أتَى بمثلِ الذي أتَى به محمدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، من الآياتِ البيِّناتِ التي وُصِفت، من غيرِ تعلُّمٍ تعلَّمَهُ من بشر، ولا أخذَ شيئاً منه عن آدمي.. (الطبري).







100- ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾.



﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ بالتوراة، وليسوا من الدينِ في شيء، فلا يعدُّون نقضَ المواثيقِ ذنبًا، ولا يبالون به. (النسفي).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12-11-2020, 09:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (3)


أ. محمد خير رمضان يوسف



سورة البقرة (102 - 199)

102- ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾.
بضارِّين بالذي تعلَّموه منهما، من المعنى الذي يفرِّقون به بين المرءِ وزوجه... (الطبري).

103- ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴾.
أي: ولو أنهم آمنوا بالله ورسله، واتقَوا المحارم، لكان مثوبةُ الله على ذلك خيرًا لهم مما استخاروا لأنفسهم ورضوا به. (ابن كثير).

104- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
فسَّرَ "الأليمَ" في أكثرَ من موضعٍ بالمؤلم.
وقالَ الطبري: وللكافرين بي وبرسولي عذابٌ أليم، يعني بقولهِ "الأليم": الموجع.

105- ﴿ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
فإِنَّ قلوبَهُم تَغلِي بالحقدِ والحسدِ على ما خصَّكُم اللهُ به من رحمتهِ الواسعةِ وفضلِهِ الكبير، فأَنزلَ الوحيَ على محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّمَ وهو بين ظَهرَانَيكُم، فاستمسِكوا بهذا الذي يَحسدُونَكُم عليه، واشكُروا فضلَه، ليَحفظَهُ فيكم ويزيدَكُم منه، وليسَ هناكَ أجلُّ مِن نعمةِ الإيمانِ والاستجابةِ لدعوةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فاحرِصوا على ذلك. (الواضح).

109- ﴿ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
قالَ رحمهُ الله: مقتضاهُ في هذا الموضعِ وعدٌ للمؤمنين.
وقالَ الطبريُّ رحمهُ الله في تفسيره: إنَّ اللهَ على كلِّ ما يشاءُ بالذين وصفتُ لكم أمرَهم مِن أهلِ الكتابِ وغيرهم قديرٌ، إنْ شاءَ الانتقامَ منهم بعنادِهم ربَّهم، وإنْ شاءَ هداهم لما هداكم اللهُ له مِن الإيمان، لا يتعذَّر علـيه شيءٌ أراده، ولا يتعذَّر علـيه أمرٌ شاءَ قضاءه؛ لأنَّ له الـخـلقَ والأمر.

110- ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ ﴾: ومهما تعملوا من عملٍ صالحٍ في أيامِ حياتكم، فتقدِّموهُ قبلَ وفاتكم، ذُخرًا لأنفسِكم في معادِكم...

﴿ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ قالَ مؤلِّفُه: خبرٌ في اللفظِ معناهُ الوعدُ والوعيد.
وقال الطبري: هذا خبرٌ من اللهِ جلَّ ثناؤهُ للذين خاطبهم بهذه الآياتِ مِن المؤمنينَ أنهم مهما فعلوا مِن خيرٍ وشرٍّ، سِرًّا وعلانية، فهو به بصير، لا يخفَى عليه منه شيء، فيجزيهم بـالإحسانِ جزاءه، وبـالإساءةِ مثلها.

وهذا الكلامُ وإنْ كان خرجَ مخرجَ الخبر، فإن فيه وعدًا ووعيدا، وأمرًا وزجرًا، وذلكَ أنه أعلمَ القومَ أنه بصيرٌ بجميعِ أعمالهم، ليجدُّوا في طاعته، إذ كان ذلكَ مذخورًا لهم عندهُ حتى يُثيبَهم عليه.

111- ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
إن كنتم صادقين بأن الجنةَ لا يدخلها إلا مَن كان هودًا أو نصارَى. (زاد المسير).

112- ﴿ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ﴾.
مصدِّقٌ بالقرآن (النسفي).
وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمهُ الله: أي: اتبعَ فيه الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم، فإن للعملِ المتقبَّلِ شرطين، أحدهما: أن يكون صواباً خالصاً لله وحده، والآخر: أن يكونَ صواباً موافقاً للشريعة، فمتى كان خالصاً ولم يكنْ صواباً، لم يتقبل، ولهذا قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن عملَ عملاً ليس عليه أمرُنا فهو ردّ". رواهُ مسلمٌ من حديثِ عائشةَ عنه عليه الصلاةُ والسلام، فعملُ الرهبان ومن شابههم، وإن فُرِضَ أنهم مخلصون فيه لله، فإنه لا يتقبلُ منهم، حتى يكونَ ذلك متابعاً للرسولِ صلَّى الله عليه وسلَّم، المبعوثِ إليهم وإلى الناسِ كافَّة، وفيهم وأمثالهم قالَ الله تعالى: ﴿ وَقَدِمْنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ [سورة الفرقان: 23]، وقالَ تعالى: ﴿ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَـٰلُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ ٱلظَّمْآنُ مَآءً حَتَّىٰ إِذَا جَآءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً ﴾[سورة النور: 39].

114- ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم﴾.
ولهم على معصيتِهم وكفرهم بربِّهم وسعيهم فـي الأرضِ فساداً عذابُ جهنـم. (الطبري).

118- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ .
قالوا: هلاَّ كلَّمَنا الله عياناً بأنكَ رسوله، أو تأتينا بآيةٍ دلالةً وعلامةً على صدقِكَ في ادِّعائكَ النبوة؟ (البغوي، باختصار).

120- ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ
﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ ﴾ يا محمدُ هوَى هؤلاءِ اليهودِ والنصارى، فيما يرضيهم عنكَ من تهوُّدٍ وتنصُّر، فصرتَ من ذلك إلى إرضائهم، ووافقتَ فيه محبَّتَهم من بعدِ الذي جاءكَ من العلمِ بضلالتهم وكفرهم بربِّهم، ومن بعدِ الذي اقتصصتُ علـيكَ من نبئهم في هذه السورة... (الطبري).

123- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾.
تفسيرها: واحذَروا حسابَ ذلكَ اليوم، الذي لا تَقضي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً منَ الحقوقِ والجزاء، ولا يُقبَلُ منها فديةٌ، ولا يُفيدُها واسطةُ أحد، ولا يُنتَصَرُ لهم فيُمنَعُوا مِن العذاب. (الواضح).

126- ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾.
أي: من أنواعها، بأنْ تُجعلَ قريبًا منه قرًى يحصلُ فيها ذلك، أو تجيءُ إليه من الأقطارِ الشاسعة - وقد حصلَ كلاهما - أي أنه يجتمعُ فيه الفواكهُ الربيعيةُ والصيفيةُ والخريفيةُ في يومٍ واحد! (روح المعاني).

131- ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ إبراهيمُ مجيباً لربِّه: خضعتُ بالطاعة، وأخلصتُ بالعبادةِ لمالكِ جميعِ الخلائقِ ومدبِّرها دون غيره. (الطبري).

133- ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ
قالَ بنوهُ له: نعبدُ معبودكَ الذي تعبده، ومعبودَ آبائكَ إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ إلهًا واحدًا، أي: نُـخـلِصُ له العبـادة، ونوحِّدُ له الربوبـية، فلا نشركُ به شيئًا، ولا نتَّـخذُ دونهُ ربًّا.
ويعني بقوله: ﴿ وَنَـحْنُ لَهُ مُسْلِـمُونَ ﴾: ونـحن له خاضعونَ بـالعبوديةِ والطاعة. (تفسير الطبري).

134- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
ودَعُوا الاتِّكالَ على فضائلِ الآبـاءِ والأجداد، فإنما لكم ما كسبتم، وعليكم ما اكتسبتم، ولا تُسألون عمّا كان إبراهيمُ وإسماعيـلُ وإسحاقُ ويعقوبُ والأسبـاطُ يعملون من الأعمال، لأن كلَّ نفسٍ قدمتْ على الله يومَ القيامةِ فإنما تُسألُ عمّا كسبتْ وأسلفت، دون ما أسلفَ غيرُها. (الطبري).

135- ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: وقولهم: ﴿ وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا ﴾ نظيرُ قولهم: ﴿ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى ﴾ [سورة البقرة: 111].
قالَ ابن الجوزي في (زاد المسير): معناه: قالتِ اليهود: كونوا هوداً، وقالتِ النصارى: كونوا نصارى، تهتدوا.

136- ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾.
ونـحن له خاضعونَ بـالطاعة، مذعنونَ له بـالعبودية. (الطبري).

137- ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا ﴾.
فقد أصابوا الحقَّ وأُرشِدوا إليه. (ابن كثير).

138- ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾.
قال ابنُ جرير الطبري: اتَّبِعوا ملَّةَ إبراهيم، صبغةَ الله التي هي أحسنُ الصبغ، فإنها هي الحنيفيةُ المسلمة، ودَعوا الشركَ بالله والضلالَ عن محبةِ هداه.
﴿ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ ﴾: يعني ملَّةَ الخاضعينَ لله، المستكينينَ له، في اتِّباعِنا ملَّة إبراهيمَ ودينونتِنا له بذلك، غيرَ مستكبرينَ في اتَّباعِ أمرهِ والإقرارِ برسالةِ رسله، كما استكبرتِ اليهودُ والنصارى، فكفروا بمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ استكبارًا وبغيًا وحسدًا.

141- ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
قد مرَّ لفظهُ في الآيةِ (134) من السورة، وقالَ هناكَ رحمَهُ الله: وقولهُ تعالى: ﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾ في موضعِ رفعِ نعتٍ لأمَّة، ومعناه: ماتتْ وصارتْ إلى الخلاءِ من الأرض، ويُعنَى بالأمةِ الأنبياءُ المذكورون، والمخاطَبُ في هذه الآيةِ اليهودُ والنصارى، أي: أنتم أيها الناحلوهم اليهوديةَ والنصرانية، ذلك لا ينفعكم، لأن كلَّ نفسٍ ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ ﴾ من خيرٍ وشرّ، فخيرُهم لا ينفعُكم إن كسبتُم شرًّا. وفي هذه الآيةِ ردٌّ على الجبريةِ القائلين لا اكتسابَ للعبد. ﴿ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ فتنحلوهم دِيناً.
وتُنظَرُ الآيةُ (134) في هذا الكتاب؛ لتكملةِ تفسيرها.

الجزء الثاني
143- ﴿ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ﴾.
أي: هداهم الله. (البغوي).

145- ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ
من بعدِ ما وصلَ إليكَ من العلمِ بإعلامي إيّاكَ أنهم مقيمون على باطل، وعلى عنادٍ منهم للحقّ، ومعرٍفة منهم أن القِبلةَ التي وجَّهتُك إليها هي القِبلةُ التي فُرِضَتْ على أبيكَ إبراهيمَ علـيه السلامُ وسائرِ ولدهِ من بعدهِ من الرسلِ التوجُّهُ نحوَها. (الطبري).

149- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
فإنَّهُ القِبلةُ الخالصةُ التي رَضِيَها اللهُ لكم، وهو الثابتُ الموافِقُ للحِكمة، وليسَ اللهُ بغافلٍ عن امتثالِكم وطاعتِكم، ولسوفَ يُجازيكم بذلكَ أحسنَ جزاء. (الواضح في التفسير).

150- ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾.
قالَ المؤلفُ في الآيةِ التي قبلها: ثم تكررتْ هذه الآيةُ تأكيداً من الله تعالى؛ لأن موقعَ التحويلِ كان صعباً في نفوسهم جدًّا، فأكدَ الأمرَ ليرَى الناسُ التهمُّمَ به، فيخفَّ عليهم وتسكنَ نفوسُهم إليه. اهـ
﴿ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾: ولكي تهتدوا إلى قبلةِ إبراهيم. (النسفي).

151- ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ ﴾.
لأتمَّ نعمتي عليكم في أمرِ القبلة، أو في الآخرة، إتماماً مثلَ إتمامِ إرسالِ الرسول. (روح المعاني، باختصار).

159- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ﴾.
هؤلاء الذين يكتمون ما أنزلَهُ الله من أمرِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم وصفتهِ وأمرِ دينه، أنه الحقُّ من بعدِ ما بيَّنهُ الله لهم في كتبهم، يلعنهم بكتمانهم ذلك وتركِهم تبيينَهُ للناس. وأصلُ اللعن: الطرد، فمعنى الآية إذًا: أولئك يُبعِدُهم الله منه ومن رحمته. (الطبري، باختصار).

160- ﴿ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
﴿ وَأَنَا ٱلتَّوَّابُ ﴾: الرجَّاعُ بقلوبِ عبادي المنصرفةِ عني إليّ، ﴿ ٱلرَّحِيمُ ﴾ بهم بعد إقبالهم عليّ. (البغوي).

165- ﴿ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾.
وأيقنتـُم أني شديدٌ عذابي لمن كفرَ بي وادَّعَى معي إلهاً غيري. (الطبري).

167- ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾.
﴿ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا ﴾: كما تبرأ منهم رؤساؤهم الذين كانوا في الدنيا، المتبوعون فيها على الكفر بـالله.
﴿ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾: وما هؤلاء الذين وصفتهم من الكفار، وإن ندموا بعد معاينتهم ما عاينوا من عذابِ الله، فاشتدَّت ندامتُهم على ما سلفَ منهم من أعمالهم الخبـيثة، وتمنَّوا إلى الدنيا كرّةً لينيبوا فيها، ويتبرَّؤوا من مضلِّيهم وسادتهم الذين كانوا يطيعونهم في معصيةِ الله فـيها، بخارجين من النارِ التي أصلاهُموها الله بكفرهم به في الدنـيا، ولا ندمُهم فـيها بمنجيهم من عذابِ الله حينئذ، ولكنهم فـيها مخـلَّدون. (الطبري).

168- ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.
قالَ في تفسيرِ الألفاظِ الكريمةِ نفسها، في الآيةِ (168) من السورة: ﴿ عَدُوٌّ ﴾: يقعُ على الواحدِ والاثنينِ والجميع، و﴿ مُبِينٌ ﴾: يحتملُ أن يكونَ بمعنَى أبانَ عداوته، وأن يكونَ بمعنَى بانَ في نفسهِ أنه عدوّ؛ لأن العربَ تقول: بانَ الأمر، وأبان، بمعنًى واحد.
وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: بيِّنُ العداوة، وقيل: مُظهِرُ العداوة، وقد أظهرَ عداوتَهُ بإبائهِ السجودَ لآدم، وغرورهِ إيّاهُ حين أخرجَهُ من الجنة.

170- ﴿ أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.
ولا يهتدونَ لرشدٍ فيَهتدي بهم غيرُهم، ويقتدي بهم مَن طلبَ الدينَ وأرادَ الحقَّ والصواب. (الطبري).

172- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴾.
قالَ المؤلفُ في موضعِ تفسيرِ الآية: ﴿ إِنْ ﴾ شرط، والمرادُ بهذا الشرطِ التثبيتُ وهزُّ النفس، كما تقول: افعلْ كذا إن كنتَ رجلاً.

وقالَ في تفسيرها، في الآيةِ (142) من سورةِ الأنعام: ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾: إقامةٌ للنفوس، كما تقولُ لرجل: إن كنتَ من الرجالِ فافعلْ كذا، على معنى إقامةِ نفسه.
وقال الطبري: إنْ كنتُم منقادينَ لأمره، سامعينَ مطيعين.

173- ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
﴿ غَفُورٌ ﴾ للذنوبِ الكبائرِ فأنَّى يؤاخِذُ بتناولِ الميتةِ عند الاضطرار؟ ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ حيثُ رخَّص. (النسفي).

177- ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾.
﴿ الْبِرَّ ﴾: البِرُّ هو التوسُّعُ في فعلِ الخير. وهو ضربان: ضربٌ في الاعتقاد، وضربٌ في الأعمال، وقد اشتملَ عليه قولهُ تعالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ... ﴾ (مفردات الراغب باختصار).

﴿ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾:... من اتَّصفَ بهذه الآيةِ فقد دخلَ في عُرَى الإسلامِ كلِّها، وأخذَ بمجامعِ الخيرِ كلِّه، وهو الإيمانُ بالله، وأنه لا إله إلا هو، وصدَّقَ بوجودِ الملائكة، الذين هم سفَرةٌ بين الله ورسله، والكتاب، وهو اسمُ جنسٍ يشملُ الكتبَ المنزلةَ من السماءِ على الأنبياء، حتى خُتِمتْ بأشرفها، وهو القرآن، المهيمنُ على ما قبلَهُ من الكتب، الذي انتهَى إليه كلُّ خير، واشتملَ على كلِّ سعادةٍ في الدنيا والآخرة، ونُسِخَ به كلُّ ما سواهُ من الكتبِ قبله، وآمنَ بأنبياءِ الله كلِّهم، من أولهم إلى خاتمهم محمدٍ صلواتُ الله وسلامهُ عليه وعليهم أجمعين. (ونسيَ ابنُ كثير ذكرَ يومِ القيامة، رحمهُ الله).

﴿ وَٱلْمَسَـٰكِينِ ﴾: وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم في قوتهم وكسوتهم وسكناهم، فيُعطَون ما تُسَدُّ به حاجتُهم وخَلَّتُهم.
﴿ وَٱلسَّآئِلِينَ ﴾: وهم الذين يتعرَّضون للطلب، فيُعطَون من الزكواتِ والصدقات. (ابن كثير).

﴿ وَالـمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عاهَدُوا ﴾: الذين لا ينقضون عهدَ الله بعد الـمعاهدة، ولكنْ يوفون به ويُتـمُّونَهُ علـى ما عاهدوا علـيه مَن عاهدوه علـيه. (الطبري).

181- ﴿ فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
فإنما إثمُ ما بُدِّلَ مِن ذلكَ علـى الذين يبدِّلونه. (الطبري).

184- ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾.
فإذا أُفطِرَ فعليه عدَّةُ ما أُفطِرَهُ في السفرِ من الأيام. (ابن كثير).

189- ﴿ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
ولكنَّ البرَّ من اتَّقَى الله فخافه، وتجنَّبَ محارمه، وأطاعَهُ بأداءِ فرائضهِ التي أمرَهُ بها، فأمّا إتيانُ البيوتِ من ظهورها فلا برَّ لله فيه، فأتوها من حيث شئتُم من أبوابها وغيرِ أبوابها، ما لم تعتقدوا تحريـمَ إتـيانها من أبوابها في حالٍ من الأحوال، فإن ذلك غيرُ جائزٍ لكم اعتقاده، لأنه مما لم أحرِّمه علـيكم. (الطبري).

190- ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ الذين يجاوزونَ حدوده، فـيستحلُّونَ ما حرَّمَهُ اللهُ علـيهم، مِن قتلِ هؤلاءِ الذين حرَّمَ قتلَهم، مِن نساءِ الـمشركينَ وذراريهم. (الطبري).

191- ﴿ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ ﴾.
فإن اللهَ جعلَ ثوابَ الكافرينَ على كفرهم وأعمالهم السيئةِ القتلَ في الدنيا والخزيَ الطويلَ في الآخرة. (الطبري).

194- ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾.
أمرٌ لهم بطاعةِ الله وتقواه، وإخبارهُ بأنه تعالى مع الذين اتقَوا بالنصرِ والتأييدِ في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

195- ﴿ وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
إنَّ اللهَ يريدُ الخيرَ بالمحسنين. (الواضح).

197- ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾.
﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ ﴾: لمـّا نهاهم عن إتيانِ القبيحِ قولًا وفعلًا، حثَّهم على فعلِ الجميل.
﴿ وَاتَّقُونِ ﴾: يقول: واتَّقوا عقابي ونكالي وعذابي لمن خالفني ولم يأتمرْ بأمري. (ابن كثير).

199- ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
واستغفِروا اللهَ لذنوبكم، فإنه غفورٌ لها حينئذٍ، تفضُّلاً منه علـيكم، رحيـمٌ بكم. (الطبري).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 12-11-2020, 09:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (4)


أ. محمد خير رمضان يوسف






سورة البقرة (203 - آخر السورة)


203- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: ثم أمرَ تعالى بالتقوى، وذكَّرَ بالحشرِ والوقوفِ بين يديه.

وقالَ الطبري في تفسيرها: واتَّقوا الله أيها المؤمنونَ فيما فرضَ عليكم من فرائضه، فخافوهُ في تضييعها والتفريطِ فيها، وفيما نهاكم عنه في حجِّكم ومناسككم أنْ ترتكبوهُ أو تأتوه، وفيما كلَّفكم في إحرامِكم لحجِّكم أنْ تقصِّروا في أدائهِ والقيامِ به، واعلموا أنكم إليه تُحشَرون، فمجازيكم هو بأعمالِكم، المحسنُ منكم بإحسانه، والمسيءُ بإساءته، وموفٍ كلَّ نفسٍ منكم ما عملت، وأنتم لا تُظلَمون.



205- ﴿ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴾.

فسَّرَ الإفسادَ في الآيةِ (11) من السورةِ نفسها بالكفرِ وموالاةِ الكفرة.

ومما ذكرَهُ الطبريُّ رحمَهُ الله في معنى الفسادِ قوله: وقد يدخلُ في الإفسادِ جميعُ المعاصي، وذلك أن العملَ بـالمعاصي إفسادٌ في الأرض، فلم يخصصِ الله وصفَهُ ببعضِ معاني الإفسادِ دونَ بعض.



206- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ﴾.

حملَتْهُ النخوةُ وحميَّةُ الجاهليةِ على الإثم، الذي يُنهَى عنه، وألزمتْهُ ارتكابه، أو الباءُ للسبب، أي: أخذتْهُ العزَّةُ من أجلِ الإثمِ الذي في قلبه، وهو الكفر. (النسفي).



207- ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾.

﴿ ٱبْتَغَاءَ مَرْضَـٰتِ ٱللَّهِ ﴾: أي طلباً لرضاه.

﴿ وَٱللَّهُ رَءوفٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾: أي المؤمنين، حيثُ أرشدَهم لما فيه رضاه، وجعلَ النعيمَ الدائمَ جزاءَ العملِ المنقطع، وأثابَ على شراءِ مُلكهِ بملكه. (مستفادٌ من روح المعاني).



208- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُ في ﴿ خُطُوَاتِ ﴾، ويعني في الآيةِ (168) من السورة، وقالَ هناك: و﴿ خُطُوَاتِ ﴾: جمعُ خُطوة، وهي ما بين القدمَين في المشي، فالمعنَى: النهيُ عن اتِّباعِ الشيطانِ وسلوكِ سُبلهِ وطرائقه، قال ابنُ عباس: خطواتهُ أعماله، قالَ غيره: آثاره، قالَ مجاهد: خطاياه، قالَ أبو مجلز: هي النذورُ والمعاصي.



213- ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.

﴿ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾: وأنزلَ معهمُ الكُتبَ بالحقِّ والعدلِ والقولِ الفَصل، ليَتدبَّرَها الناسُ ويَتحاكموا إلى ما فيها مِن أوامرَ ونَواه، ففيها الحقّ، ولا قولَ بعدَها. (الواضح).



﴿ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ قالَ رحمَهُ الله: ردٌّ على المعتزلةِ في قولهم: إنَّ العبدَ يستبدُّ بهدايةِ نفسه.

وهو في (الواضح في التفسير): واللهُ يَهدي مَن يشاءُ مِن خَلْقهِ إلى الطريقِ المستقيم، ممَّن يَعلَمُ فيهمُ الرغبةَ في اتِّباعِ الهُدَى وتقبُّلِ الحقّ. وهو الهادي إلى سَواءِ السَّبيل. (الواضح).



214- ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾.

وإنَّ نصرَ اللهِ قريبٌ ممَّن صبرَ على مُكابدةِ المـَشاقّ، وجاهدَ حقَّ الجهاد، فكانَ أهلاً للنَّصر، وإنَّ مع العُسرِ يُسراً وتوفيقاً، ونَصراً وفرَجاً. (الواضح).



215- ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ

والأهلُ: الأقربُ منهم فالأقرب، واليتامَى مِن الصِّغارِ الذين فقدوا آباءَهم، وهم مَظِنَّةُ الحاجةِ لعدمِ قدرتِهم على الكسب، والمساكينُ الذين لا يجدونَ ما يكفيهم، وابنُ السبيل: الغريبُ الذي انقطعَ عن بلدهِ ولا يجدُ ما يُبْلِغهُ إليه.



وما تُنفِقوا مِن أموالٍ على هؤلاءِ المـُحتاجين، وما تَفعلوا مِن الطَّاعاتِ والقُرُبات، يَعلَمْها الله، وسيَحفظُها لكم، ويُجازيكم عليها أفضلَ الجزاء. (الواضح).



216- ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾.

أي: هو أعلمُ بعواقبِ الأمورِ منكم، وأخبرُ بما فيه صلاحُكم في دنياكم وأُخراكم، فاستَجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون. (ابن كثير).



217- ﴿ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾.

تفسيرهُ عند الطبريِّ ملخصًا: ولا يزالُ مشركو قريشٍ يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن قدروا علـى ذلك، ومَن يرجعْ عن دينِ الإسلام، فيمتْ قبلَ أنْ يتوبَ مِن كفره، فهم الذين بطلتْ أعمالهم (أي ثوابها) في دارِ الدنيا والآخرة.

وهؤلاءِ الذين ارتدُّوا عن دينهم، فماتوا على كفرهم، هم أهلُ النارِ المخلَّدونَ فيها.



218- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.

﴿ وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: وحاربوهم في دينِ اللهِ ليُدخلوهم فيه، وفيما يُرضي الله.

﴿ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾: واللهُ ساترُ ذنوبِ عبادهِ بعفوهِ عنها، متفضِّلٌ عليهم بالرحمة. (الطبري).



227- ﴿ وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾.

أي: سميعٌ لطلاقه، عليمٌ بنيَّته. (روح المعاني).



231- ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾:... وإمّا أنْ تُطلِّقوهنّ، وهيَ كذلكَ تُطَلَّقُ بنفسِها إذا انتهتْ عِدَّتُها، وتَخرجُ من بيتِ الزوجِ بدونِ ظلمٍ ولا إيذاء. ولا يجوزُ لكم أن تُمسِكوهنَّ في البيوتِ وتُطوِّلوا عِدَّتَهنَّ بقصدِ الإضرارِ بهنَّ وأنتم تعلمونَ أنّكمْ ستُطلِّقوهنّ، فإنَّ مَن يَفعلْ ذلكَ فقد خالفَ أمرَ الله. (الواضح).

﴿ يَعِظُكُمْ بِهِ ﴾ بما أنزلَ عليكم، وهو حال، ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾ فيما امتحنكم به. (النسفي).



232- ﴿ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ

أي: هذا الذي نهيناكم عنه، مِن منعِ الوَلايا أنْ يتزوَّجنَ أزواجهنَّ إذا تراضَوا بينهم بالمعروف، يأتمرُ به ويتَّعظُ به وينفعلُ له ﴿ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ﴾ أيها الناسُ ﴿ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ﴾ أي: يؤمنُ بشرعِ الله، ويخافُ وعيدَ اللهِ وعذابَهُ في الدارِ الآخرةِ وما فيها من الجزاء (ابن كثير).



237- ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾.

وأنْ تعفوا أيها الناسُ بعضُكم عمّا وجبَ له قِبَلَ صاحبهِ من الصَّداقِ قَبلَ الافتراقِ عند الطلاق، أقربُ له إلى تقوَى الله. (الطبري).



239- ﴿ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾.

كما ذكَّركم بتعليمهِ إياكم، من أحكامه، وحلاله، وحرامه، وأخبارِ مَن قبلكم من الأممِ السالفة، والأنباءِ الحادثةِ بعدكم، في عاجلِ الدنيا وآجلِ الآخرة، التي جهلَها غيركم، وبصَّركـم من ذلك وغيره، إنعامًا منه عليكم بذلك، فعلَّمكم منه ما لم تكونوا من قبلِ تعليمهِ إياكم تعلمون. (الطبري).



245- ﴿ وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾.

في معناهُ قولان:

أحدهما: أن معناه: يَقترُ على من يشاءُ في الرزق، ويَبسطهُ على من يشاء.

والثاني: يقبضُ يدَ من يشاءُ عن الإنفاقِ في سبيله، ويبسطُ يدَ من يشاءُ بالإنفاق. (زاد المسير، باختصار).



247- ﴿ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.

قالَ في تفسيرِ اسمِ الجلالةِ (عليم) في الآيةِ (115) من سورةِ البقرة: ﴿ وَللَّهِ ٱلْمَشْرِقُ وَٱلْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾: عليمٌ بالنياتِ التي هي ملاكُ العمل، وإن اختلفتْ ظواهرهُ في قِبلةٍ وما أشبهها.

وقالَ القاضي البيضاوي فيما يناسبُ الآية: عليمٌ بمن يليقُ بالـمُلكِ من النسيبِ وغيره.



250- ﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾.

أي: هَبْ لنا كمالَ القوةِ والرسوخِ عند المقارعةِ بحيث لا تتزلزل. وليس المرادُ بتثبيتِ الأقدامِ مجردَ تقرُّرِها في حيِّزٍ واحد، إذ ليس في ذلك كثيرُ جدوى. ﴿ وَٱنصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴾ أي: أعِنّا عليهم بقهرهم وهزمهم. (روح المعاني، باختصار).





251- ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ

أي: مَنٍّ عليهم، ورحمةٍ بهم، يدفعُ عنهم ببعضهم بعضًا، وله الحكمُ والحكمة، والحجَّةُ على خَلقهِ في جميعِ أفعالهِ وأقواله. (ابن كثير).



252- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ

إنَّها آياتُ الله، والقَصَصُ الحقُّ الذي أنزلَهُ اللهُ عليكَ أيُّها الرسولُ الكريم، ليؤمنَ الناسُ ويَعتبِروا، ويَتبصَّروا بحقائقِ الأمور، وما كانوا يعرفونَ هذهِ الآثارَ والأخبار، لكنَّكَ أخبرتَهم بذلكَ مِن وحي اللهِ وعلمِه، فأنتَ نبيٌّ مرسَلٌ مِن عندهِ لا رَيب. (الواضح).



الجزء الثالث

261- ﴿ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ ﴾: غنيٌّ يعطي عن سعة، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ بنيَّةِ مَن ينفقُ ماله. (البغوي).



266- ﴿ أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ ﴾.

﴿ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾: الهاءُ في قوله: ﴿ لَهُ ﴾ عائدةٌ علـى (أَحَد)، والهاءُ والألفُ في: ﴿ فِيهَا ﴾ على الـجنة، ﴿ وَأَصَابَهُ ﴾ يعني وأصابَ أحدَكم الكِبَرُ، ﴿ وَلَهُ ذُرّيَّةٌ ضُعَفَاء ﴾.



وإنما جعلَ جلَّ ثناؤهُ البستانَ من النـخيـلِ والأعناب، الذي قالَ جلَّ ثناؤه لعبـادهِ الـمؤمنـين: أيودُّ أحدُكم أن تكونَ له مثلاً لنفقةِ الـمنافقِ التي يُنفقُها رياءَ الناس، لا ابتغاءَ مرضاةِ الله، فـالناسُ بما يَظهرُ لهم من صدقتهِ وإعطائهِ لما يُعطي وعملهِ الظاهر، يُثنون علـيه ويَحمدونَهُ بعملهِ ذلك أيامَ حياتهِ في حُسنهِ كحُسنِ البستان، وهي الجنةُ التي ضربها الله عزَّ وجلَّ لعملهِ مثلاً من نـخيـلٍ وأعناب، ﴿ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ﴾، لأن عملَهُ ذلك الذي يعملهُ فـي الظاهرِ في الدنـيا له فـيه من كلِّ خيرٍ من عاجلِ الدنـيا، يدفعُ به عن نفسهِ ودمهِ ومالهِ وذرِّيته، ويكتسبُ به المحمدةَ وحسنَ الثناءِ عند الناس، ويأخذُ به سهمَهُ من المغنم، مع أشياءَ كثـيرةٍ يكثرُ إحصاؤها، فله في ذلك من كلِّ خيرٍ في الدنـيا، كما وصفَ جلَّ ثناؤهُ الجنةَ التي وصفَ مثلاً بعمله، بأن فـيها من كلِّ الثمرات... (الطبري).



268- ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

عليمٌ بنفقاتِكم وصدقاتِكم التـي تُنفقونَ وتَصدَّقون بها، يُحصيها لكم حتـى يجازيَكم بها عند مقدمِكم علـيه في آخرتِكم. (الطبري).



269- ﴿ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾.

يقال: إن مَن أُعطيَ الحكمةَ والقرآنَ فقد أُعطيَ أفضلَ ما أُعطيَ مَن جمعَ علمَ كتبِ الأوَّلين من الصحفِ وغيرها؛ لأنه قالَ لأُولئك: ﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ [سورة الإسراء: 85]، وسمَّى هذا خيراً كثيراً؛ لأن هذا هو جوامعُ الكلِم. (القرطبي).



270- ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾.

هذا بيانٌ لحكمٍ عامٍّ يشملُ كلَّ صدقةٍ مقبولة، وغيرِ مقبولة. (فتح القدير).



271- ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.

أي: لا يخفَى عليه مِن ذلكَ شيء، وسيجزيكم عليه. (ابن كثير).



272- ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾.

لا تنقصونَ من ثوابِ أعمالِكم شيئًا. (البغوي).



274- ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

فسَّرها في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها. ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه. ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.



277- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.

تفسيرُ الآية: إنَّ الذينَ آمنوا وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحة، فأطاعوا ربَّهم، وشكروا لهُ نِعَمَهُ عليهم، ورَضُوا بما قَسَمَ لهم منَ الحلال، وأحسَنوا إلى خَلْقه، وداوموا على صلواتِهم، وأعطَوا زكاةَ أموالِهم للفقراءِ والمحتاجين، لهم جميعاً الجزاءُ العظيمُ عندَ ربِّهم، ولا خوفٌ عليهم يومَ الحساب، في مقابلِ التخبُّطِ والهلعِ الذي يُصيبُ المـُرابي، ولا هم يَحزَنونَ على ما فاتَهم منَ الدُّنيا، فهم في مكانٍ أجلّ، ونعيمٍ أعظم، وسعادةٍ لا تُوصَفُ ولا تُقارَنُ بما في الدنيا. (الواضح).



280- ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.

﴿ إنْ كُنْتُـمْ تَعْلَـمُونَ ﴾ موضعَ الفضلِ في الصدقة، وما أوجبَ اللهُ مِن الثوابِ لمن وضعَ عن غريمهِ المُعسرِ دَينه. (الطبري).



281- ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.

﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾ بنقصِ ثوابٍ وتضعيفِ عقاب. (البيضاوي).



282- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِـيـمٌ ﴾: يعني مِن أعمالِكم وغيرها، يُحصيها علـيكم لـيجازيَكم بها. (الطبري).



283- ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾.

﴿ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾: فليَخفِ اللهَ ربَّهُ في الذي عليه مِن دَينِ صاحبهِ أن يجحده، أو يلطَّ دونه، أو يحاولَ الذهابَ به، فيتعرَّضَ مِن عقوبةِ الله ما لا قِبلَ له به، ولْيؤدِّ دَينَهُ الذي ائتمنَهُ عليه إليه.



﴿ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾: عليمٌ بما تعملونَ في شهادتكم، مِن إقامتِها والقيامِ بها، أو كتمانكم إياها عند حاجةِ مَن استشهدكم إليها، وبغيرِ ذلك من سرائرِ أعمالكم وعلانيتها عليمٌ، يُحصيهِ عليكم ليجزيَكم بذلك كلِّهِ جزاءَكم، إمّا خيرًا وإمّا شرًّا، على قدرِ استحقاقِكم (الطبري).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 12-11-2020, 09:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (5)


أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة آل عمران (1 – 91)



سورة آل عمران




2- ﴿اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

أوردَ بعضَ معانيها عند تفسيرِ آيةِ الكرسي (الآية 255 من سورة البقرة)، منها تفسيرهُ لفظَ ﴿الْقَيُّومُ ﴾ بأنه القائمُ على كلِّ أمرٍ بما يجبُ له.

ومما قالَهُ الطبريُّ في تفسيرِ الآيةِ مختصرًا:

﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾: خبرٌ من الله جلَّ وعزَّ أخبرَ عبـادَهُ أن الألوهيةَ خاصَّةٌ به دونَ ما سواهُ من الآلهةِ والأنداد، وأن العبـادةَ لا تصلحُ ولا تجوزُ إلا له؛ لانفرادهِ بـالربوبـية، وتوحُّدهِ بـالألوهية، وأن كلَّ ما دونَهُ فمُلكه، وأن كلَّ ما سواهُ فخَـْلقُه، لا شريكَ له في سلطانهِ وملكه.



﴿الْحَيُّ ﴾: وصفَ نفسَهُ بـالحياةِ الدائمةِ التي لا فناءَ لها ولا انقطاع، ونفَى عنها ما هو حالٌّ بكلِّ ذي حياةٍ من خَـلقه، من الفناء، وانقطاعِ الحياةِ عند مجيءِ أجله، فأخبرَ عبـادَهُ أنه المستوجبُ على خـلقهِ العبـادةَ والألوهة، والحيُّ الذي لا يموتُ ولا يَبـيدُ كما يموتُ كلُّ من اتَّـخذَ من دونهِ ربًّا، ويَبـيدُ كلُّ من ادَّعَى من دونهِ إلهاً، واحتـجَّ على خـَلقهِ بأن من كان يَبـيدُ فـيزولُ ويموتُ فـيفنَى، فلا يكونُ إلهًا يستوجبُ أن يُعبَدَ دون الإلهِ الذي لا يَبـيدُ ولا يـموت، وأن الإلهَ هو الدائمُ الذي لا يـموتُ ولا يَبـيدُ ولا يفنَى، وذلك الله الذي لا إله إلا هو.

﴿الْقَيُّومُ ﴾: القائمُ بأمر ِكلِّ شيءٍ في رزقهِ والدفعِ عنه، وكلاءتهِ وتدبـيرهِ وصرفهِ في قدرته.



5- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾.

يخبرُ تعالَى أنه يعلمُ غيبَ السماواتِ والأرض، ولا يخفَى عليه شيءٌ مِن ذلك. (ابن كثير).



6- ﴿هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

هو المستحقُّ للإلهيةِ وحدَهُ لا شريكَ له. (ابن كثير).



8- ﴿رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾.

﴿بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا﴾ له، فوفِّقتنا للإيـمانِ بمـحكمِ كتابِكَ ومتشابهه.

﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾: إنكَ أنتَ المـُعطي عبادكَ التوفيقَ والسداد، للثباتِ على دينك، وتصديقِ كتابِكَ ورسُلِك (الطبري).



9- ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ﴾.

إنكَ لا تُخلِفُ وَعْدَك، أنَّ مَن آمنَ بك، واتَّبع رسولَك، وعملَ بالذي أمرتَه به في كتابك، أنكَ غافرهُ يومئذ. (الطبري).



11- ﴿كَدَأْبِ آَلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ

تفسيرُ الآيةِ الكريمة: وهذا كصنيعِ آلِ فرعونَ ومَن قَبلَهم منَ الأممِ الكافرة، منَ الكفرِ والتكذيبِ بما جاءَ بهِ أنبياءُ الله، عندما حارَبوهم، واستهزَؤوا بهم، ونَبذوا ما جاؤوا بهِ وراءَ ظهورِهم، واللهُ شديدٌ في عقابهِ لهؤلاءِ الكافِرينَ وأمثالِهم. (الواضح).



12- ﴿وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ﴾.

واللهُ المتَّصفُ بصفاتِ الجمالِ والجلال، يقوِّي بعونهِ مَن يشاءُ أنْ يؤيِّدَه مِن غيرِ توسُّطِ الأسبابِ المعتادة، كما أيَّدَ الفئةَ المقاتلةَ في سبيله. (روح المعاني، باختصار).



14- ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ﴾.

... فبدأ بالنساءِ لأن الفتنةَ بهنَّ أشدّ، فأمّا إذا كان القصدُ بهنَّ الإعفافَ وكثرةَ الأولاد، فهذا مطلوبٌ مرغوبٌ فيه، مندوبٌ إليه. وحبُّ البنينَ تارةً يكونُ للتفاخرِ والزينة، فهو داخلٌ في هذا، وتارةً يكونُ لتكثيرِ النسلِ وتكثيرِ أمةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، ممن يعبدُ الله وحدَهُ لا شريكَ له، فهذا محمودٌ ممدوح. (ابن كثير، باختصار).



15- ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾.

﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾: إنَّهُ مِن نصيبِ عبادِ اللهِ المتَّقين، الذينَ آمنوا باللهِ وقاموا بالأعمالِ الصَّالحة.

﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾: واللهُ بصيرٌ بأعمالِ عبادهِ ونيّاتِهم وتوجُّهاتِهم في الدنيا، خبيرٌ بميولِهم ونوازِعِهم، وهو يُعطي كلاًّ بحسبِ ما عملَ واجتهدَ وأخلَص. (الواضح).



16- ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.

الذين يقولون إننا صدَّقنا بكَ وبنبـيِّك، وما جاءَ به من عندك، فـاسترْ علـينا بعفوِكَ عنها، وتركِكَ عقوبتَنا علـيها، وادفعْ عنا عذابكَ إيّانا بـالنارِ أن تعذِّبَنا بها.

وإنما معنَى ذلك: لا تعذِّبْنا يا ربَّنا بـالنار.

وإنما خصُّوا الـمسألةَ بأن يقيَهم عذابَ النار، لأن من زُحزِحَ يومئذٍ عن النارِ فقد فـازَ بـالنـجاةِ من عذابِ النارِ وحُسنِ مآبه. (الطبري، باختصار).



18- ﴿شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

تفسيرُ الآية: شَهِدَ الله، وكفَى بهِ شهيداً، أنَّهُ الإلهُ الواحدُ الأحد، إلهُ الخلقِ كلِّهم، فالكلُّ لهُ عبيد، وهو عنهم غنيّ، وشَهِدَتْ ملائكتهُ بوحدانيَّتِه، وكذا العلماءُ الراسخون، في تصديقٍ وطاعةٍ واتِّباع. وهي شهادةٌ أيضاً بقيامِ اللهِ تعالَى بالعدلِ والقِسطِ في تدبيرِ الكونِ وحياةِ الناس، فلا يَظلِمُ أحداً، سُبحانَهُ وتعالَى، لا إلهَ غيره، ولا ربَّ سِوَاه، ولا أعدلَ منه، وهو ذو العِزَّةِ والعظَمة، الحكيمُ في كلِّ ما يفعلُ ويَشْرَعُ ويُقَدِّر. (الواضح).



19- ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.

مَن جحدَ بما أنزلَ اللهُ في كتابه... (ابن كثير).



21- ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾.

﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ ﴾: يجحدون بآياتِ الله، يعني القرآن، وهم اليهودُ والنصارى. (البغوي).

﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾: موجعٍ مهين. (ابن كثير).



22- ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.

وما لهؤلاءِ القومِ من ناصرٍ ينصرُهم من اللهِ إذا هو انتقمَ منهم بـما سلفَ من إجرامِهم واجترائهم علـيه فـيستنقذهم منه (الطبري).



23- ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾.

المرادُ منه نصيباً من علمِ الكتاب، لأنّا لو أجريناهُ على ظاهرهِ فُهِمَ أنهم قد أوتوا كلَّ الكتاب، والمرادُ بذلك العلماءُ منهم، وهم الذين يُدْعَون إلى الكتاب؛ لأن من لا علمَ له بذلك لا يُدعَى إليه. (التفسير الكبير للرازي).



25- ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ

أي: لا ينقصُ من حسناتهم، ولا يُزاد على سيئاتهم. (البغوي).



26- ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

تعطي الـمُلكَ مَن تشاءُ فتـملِّكهُ وتسلِّطهُ على من تشاء. وقوله: ﴿وَتَنزِعُ المـُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ ﴾ أن تنزعَهُ منه. وتعزُّ مَن تشاءُ بإعطائهِ المـُلكَ والسلطان، وبسطَ القدرةِ له، وتُذِلُّ مَن تشاءُ بسلبِكَ مُلكَه، وتسليطِ عدوِّهِ عليه. كلُّ ذلك بيدِكَ وإليك، لا يقدرُ على ذلك أحد؛ لأنكَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ دونَ سائرِ خَلقك، ودونَ مَن اتَّخذهُ المشركونَ من أهلِ الكتابِ والأميينَ من العربِ إلهًا وربًّا يعبدونَهُ من دونك، كالمسيح، والأندادِ التي اتَّخذها الأميونَ ربًّا (الطبري، باختصار).



29- ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

﴿أَوْ تُبْدُوهُ ﴾: أو تُبدوا ذلكم من أنفسِكم بألسنتِكم وأفعالِكم، فتُظهروه.

﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: واللهُ قديرٌ علـى معاجلتِكم بـالعقوبةِ علـى موالاتِكم إيّاهم، ومظاهرتِكموهم علـى الـمؤمنـين، وعلـى ما يشاءُ مِن الأمورِ كلِّها، لا يتعذَّر علـيه شيءٌ أراده، ولا يـمتنعُ علـيه شيءٌ طلبه. (الطبري).



31- ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.

﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ أي: يتجاوزْ لكم عنها، ﴿وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي: لمن تحبَّبَ إليه بطاعته، وتقرَّبَ إليه باتِّباعِ نبيِّهِ صلَّى الله عليه وسلَّم. (روح المعاني).



32- ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾.

﴿قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي: تخالَفوا عن أمره، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَـٰفِرِينَ ﴾، فدلَّ على أن مخالفتَهُ في الطريقةِ كفر، والله لا يحبُّ من اتصفَ بذلك، وإن ادَّعَى وزعمَ في نفسهِ أنه يحبُّ اللهَ ويتقرَّبُ إليه، حتى يتابعَ الرسولَ النبيَّ الأميَّ خاتمَ الرسل، ورسولَ الله إلى جميعِ الثقلَين: الجنِّ والإنس، الذي لو كان الأنبياءُ، بل المرسلون، بل أولو العزمِ منهم في زمانه، ما وسعَهم إلا اتِّباعُهُ، والدخولُ في طاعته، واتِّباعُ شريعته. (ابن كثير).



34- ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ

﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ ﴾ لأقوالِ العباد، ﴿عَلِيمٌ ﴾ بأفعالهم وما تكنُّهُ صدورهم، فيصطفي من يشاءُ منهم. (روح المعاني).



38- ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ

قالَ مؤلفُ الأصلِ في الآيةِ (39) من سورةِ إبراهيم ﴿إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ﴾: يقول: إن ربـِّي لسميعٌ دعائيَ الذي أدعوهُ به.

وفي تفسيرِ البغويّ: أي: سامعه، وقيل: مجيبه.



39- ﴿فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

رسولاً لربِّهِ إلـى قومه، ينبِّئهم عنه بأمرهِ ونهيه، وحلالهِ وحرامه، ويبلِّغُهم عنه ما أرسلَهُ به إلـيهم. ويعني بقوله: ﴿مِنَ الصَّالِـحِينَ ﴾: مِن أنبـيائهِ الصالحين. (الطبري).



43- ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾.

أي: ولتكنْ صلاتُكِ مع المصلِّين، أي في الجماعة، أو: وانظمي نفسَكِ في جملةِ المصلِّينَ وكوني في عدادهم، ولا تكوني في عدادِ غيرهم. (النسفي).



46- ﴿وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ﴾.

أي: هو من العبادِ الصالحين. (البغوي).

وقالَ الفخرُ الرازيُّ في تفسيرهِ الكبير، مبيِّنًا الحكمةَ من وصفِ عيسى عليه السلامُ بأنه من الصالحين، بعدَ ذكرِ أوصافٍ أخرى له تبدو أعلَى من هذه الصفة، فقال: إنه لا رتبةَ أعظمُ من كونِ المرءِ صالحاً؛ لأنه لا يكونُ كذلك إلا ويكونُ في جميعِ الأفعالِ والتروكِ مواظباً على النهجِ الأصلح، والطريقِ الأكمل، ومعلومٌ أن ذلكَ يتناولُ جميعَ المقاماتِ في الدنيا والدين، في أفعالِ القلوب، وفي أفعالِ الجوارح، فلمّا ذكرَ الله تعالَى بعضَ التفاصيل، أردفَهُ بهذا الكلام، الذي يدلُّ على أرفعِ الدرجات.



50- ﴿وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾.

وجئتُكم بآياتٍ مُعجِزاتٍ تَشهدُ بصِحَّة إرسالي إليكم، فالتزِموا طاعةَ اللهِ واجتنِبوا معصيتَه، وأطيعوني فيما آمرُكم بهِ وأنهاكم عنه. (الواضح).



52- ﴿قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾.

نحنُ أعوانُ دينِ اللهِ ورسولِه، نؤازِرُكَ ونَنصرُك، فقد آمنَّا باللهِ ربًّا، وبكَ رسولاً، فاشهدْ على أنَّنا استسلَمنا لأمرِ الله، وأخلَصنا له الدِّين. (الواضح).



55- ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾.

فأقضي حينئذٍ بـين جميعِكم في أمرِ عيسى بـالحقِّ فـيما كنتُـم فـيه تـختلفون من أمره. (الطبري).



57- ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: وتقدَّمَ نظيرُ قوله: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ في قولهِ قبلُ: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [سورة آل عمران: 32]. وقد قالَ هناك: وعيد، ويحتملُ أن يكونَ بعد الصدعِ بالقتال.

وقالَ البغويُّ رحمَهُ الله: أي: لا يرحمُ الكافرين، ولا يُثني عليهم بالجميل.



62- ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

... والنبأ ﴿ٱلْحَقُّ ﴾ فـاعلـمْ ذلك، واعلـمْ أنه لـيسَ للـخـلقِ معبودٌ يستوجبُ علـيهم العبـادةَ بـملكهِ إياهم إلا معبودكَ الذي تعبده (الخطابُ لرسولنا صلى الله عليه وسلم).

ويعنـي بقوله ﴿العَزِيزُ ﴾: العزيزُ فـي انتقامهِ مـمَّن عصاه، وخالفَ أمره، وادَّعى معه إلهًا غيره، أو عبدَ ربًّـا سواه. ﴿الـحَكِيـمُ ﴾ فـي تدبـيره، لا يدخـلُ ما دبَّرهُ وهْن، ولا يـلـحقهُ خـلَل (الطبري).



63- ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ﴾.

﴿فَإِنْ تَوَلَّوْاْ ﴾ أي: عن هذا إلى غيره، ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ أي: مَن عدلَ عن الحقِّ إلى الباطل، فهو المفسد، والله عليمٌ به، وسيجزيهِ على ذلك شرَّ الجزاء، وهو القادرُ الذي لا يفوتهُ شيء، سبحانهُ وبحمده، ونعوذُ به من حلولِ نقمته. (ابن كثير).



66- ﴿هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

﴿حَاجَجْتُمْ ﴾: تجادَلتُم.

هذا إنكارٌ على من يحاجُّ فيما لا علمَ له به، فإن اليهودَ والنصارَى تحاجُّوا في إبراهيمَ بلا علم، ولو تحاجُّوا فيما بأيديهم منه علمٌ مما يتعلَّقُ بأديانهم التي شُرعتْ لهم إلى حين بعثةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، لكان أولَى بهم، وإنما تكلَّموا فيما لا يعلمون، فأنكرَ الله عليهم ذلك، وأمرَهم اللهُ بردِّ ما لا علمَ لهم به إلى عالمِ الغيبِ والشهادة، الذي يعلمُ الأمورَ على حقائقها وجليّاتها. (ابن كثير).



67- ﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ

﴿حَنِيفًا ﴾: فسَّرَهُ في الآيةِ التالية.



73- ﴿قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيره.

وقالَ الطبريُّ في تفسيرِ الاسمينِ الجليلين: واللهُ ذو سَعةٍ بفضلهِ على من يشاءُ أنْ يتفضَّلَ عليه، ذو علمٍ بـمن هو منهم للفضلِ أهل.



74- ﴿يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾.

أي: اختصَّكَم أيها المؤمنون من الفضلِ بما لا يُحَدُّ ولا يوصف، بما شرَّفَ به نبيَّكم محمداً صلَّى الله عليه وسلَّمَ على سائرِ الأنبياء، وهداكم به إلى أكملِ الشرائع. (ابن كثير).



78- ﴿وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾.

ذكرَ أنه تقدَّمَ نظيره. ويعني في الآيةِ (75) من السورة، وفيها قولهُ رحمَهُ الله: ذمٌّ لبني إسرائيلَ بأنهم يكذبون على الله تعالَى في غيرِ ما شيء، وهم علماءُ بمواضعِ الصدقِ لو قصدوها، ومن أخطرِ ذلكَ أمرُ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم.



80- ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

قالَ رحمَهُ الله: تقريرٌ على هذا المعنَى الظاهرِ فسادُه.

وللبغويِّ رحمَهُ الله: قالَهُ على طريقِ التعجبِ والإِنكار، يعني: لا يقولُ هذا.



82- ﴿فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.

تسبقها الآيةُ الكريمة: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ ﴾.

قال الطبري رحمهُ الله في تفسيرِ الآيةِ الأولى: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: فمن أعرضَ عن الإيـمانِ برسلي الذين أرسلتُهم بتصديقِ ما كانَ مع أنبـيائي من الكتبِ والـحكمة، وعن نصرتهم، فأدبرَ ولـم يؤمنْ بذلك، ولـم ينصر، ونكثَ عهدَهُ وميثاقَهُ بعدَ ذلك، يعنـي بعدَ العهدِ والـميثاقِ الذي أخذَهُ اللهُ علـيه، فأولئكَ هم الفـاسقون، يعني بذلك أن الـمتولِّـينَ عن الإيـمانِ بـالرسلِ الذين وصفَ أمرهم ونصرتهم بعد العهدِ والـميثاقِ اللذينِ أُخذا علـيهم بذلك، هم الـخارجونَ من دينِ اللهِ وطاعةِ ربِّهم.



83- ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾.

أي: يومَ المعاد، فيجازي كلاً بعمله. (ابن كثير).



84- ﴿قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾.

تفسيرُ الآية: قلْ أنتَ أيُّها الرسولُ ومَن معكَ مِن المؤمنين: آمنّا باللهِ وحدَه، وبالقرآنِ الذي أنزلَهُ علينا، وبما أنزلَهُ على أنبيائه: إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، والأسباطِ، وهم بطونٌ مِن أولادِ يعقوبَ عليهِ السلام، مِن صُحُفٍ ووحي، وما أوتيَهُ موسَى، وهو التوراة، وعيسَى، وهو الإنجيل، وما أوتيَ كلُّ الأنبياءِ مِن ربِّهم مِن كتبٍ ومعجِزات، لا نفرِّقُ بين أحدٍ منهم، فنؤمنُ بهم جميعاً، وليسَ مثلَ أهلِ الكتابِ الذين يؤمنونَ ببعضٍ ويكفرونَ ببعض. ونحنُ مستسلمونَ لأمرِ اللهِ وحُكمِه، مخلصونَ في عبادتِنا له، نطيعهُ فيما أمر، وننتهي عمّا نَهى، ونؤمنُ بجميعِ ما طلبَ منّا الإيمانَ به. (الواضح).



88- ﴿خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾.

لا يُنقَصونَ مِن العذابِ شيئًا في حالٍ مِن الأحوال، ولا يُنفَّسُون فـيه. (الطبري).



89- ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.


﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ ﴾ يقبلُ توبته، ﴿رَّحِيمٌ ﴾ يتفضَّلُ عليه. (البيضاوي).



91- ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.

... فإنَّ لهم عذاباً شديداً مُوجِعاً، ولن يكونَ هناكَ مَن يُعينُهُ لدفعِ العذابِ عنهُ أو تَخفيفِه. (الواضح).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 12-11-2020, 09:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (6)


أ. محمد خير رمضان يوسف



سورة آل عمران (96 - آخر السورة)

الجزء الرابع




96- ﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ﴾.
﴿ مُبَارَكاً ﴾ أي: كثيرَ الخير؛ لما أنه يضاعَفُ فيه ثوابُ العبادة. قالهُ ابنُ عباس، ﴿ وَهُدًى ﴾ أي: هادٍ لهم إلى الجنةِ التي أرادها سبحانه، أو هادٍ إليه - جلَّ شأنهُ - بما فيه من الآياتِ العجيبة. (روح المعاني، باختصار).

99- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾.
قالَ في تفسيرِ مثلها في الآية (140) من سورةِ البقرة: وعيدٌ وإعلامٌ أنه لا يَتركُ أمرَهم سُدًى، وأن أعمالَهم تُحصَّلُ ويُجازَون عليها. والغافلُ: الذي لا يفطنُ للأمورِ إهمالاً منه، مأخوذٌ من الأرضِ الغُفل، وهي التي لا مَعْلَمَ بها.

100- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
يضلُّوكم فيردُّوكم بعد تصديقِكم رسولَ ربِّكم، وبعد إقرارِكم بما جاءَ به من عندِ ربِّكم، جاحدينَ لما قد آمنتـُم به وصدَّقتموهُ من الحقِّ الذي جاءَكم من عندِ ربِّكم.
فنهاهم جلَّ ثناؤهُ أن ينتصحوهم ويقبلوا منهم رأيًا أو مشورة، ويعلـِّمُهم تعالى ذكرهُ أنهم لهم منطوونَ علـى غلٍّ وغشٍّ، وحسدٍ وبغض. (الطبري).

101- ﴿ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾.
أي: ومع هذا، فالاعتصامُ بالله، والتوكلُ عليه، هو العمدةُ في الهداية، والعُدَّةُ في مباعدةِ الغواية، والوسيلةُ إلى الرشاد، وطريقِ السداد، وحصولِ المراد. (ابن كثير).

106- ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾.
أي: بما كنتم تجحدونَ في الدنيا ما كان اللهُ قد أخذَ ميثاقَكم بالإقرارِ به والتصديق. (الطبري).

108- ﴿ تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ﴾.
قالَ بعضهم: معناه: لا يعاقبهم بلا جُرم. وقالَ الزجّاج: أُعلِمنا أنه يعذِّبُ مَن عذَّبَهُ باستحقاق. (زاد المسير).

109- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾.
قالَ في تفسيرها في الآيةِ (210) من سورةِ البقرة: وهي راجعةٌ إليه تعالى، قبلُ وبعد، وإنما نبَّهَ بذكرِ ذلك في يومِ القيامةِ على زوالِ ما كان منها إلى الملوكِ في الدنيا.

110- ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾.
تأمرونَ الناسَ بالخير، وتَنشرونَ الحقَّ والعدل، وتحثُّون على الفضائلِ والآدابِ الحسنة، وتَنهونَهم عنِ المنكراتِ والفواحشِ والأخلاقِ المسترذَلة، وتؤمنونَ باللهِ الواحدِ الأحد، فتعبدونَهُ ولا تُشركونَ به شيئاً. (الواضح).

112- ﴿ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ ﴾.
تفسيرها: لقد ألزمَهمُ اللهُ الذلَّةَ والمهانةَ أينما كانوا، وصارَ هذا مُلازِماً لهم حتَّى استكنَّ في مشاعرِهم، ولن يَجدوا راحةً ولا استقراراً إلاّ بذمَّةٍ من الله، وهو أن يكونوا ذمِّيينَ في الدولةِ الإسلامية، يُلزَمونَ بدفعِ الجزية، أو بعهدٍ من الناس، كأمانٍ منهم لهم، أو معاهداتٍ بينهم وبين دولٍ كبرَى يَتقوَّونَ بها. (الواضح).

115- ﴿ وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ﴾.
والله ذو علـمٍ بمن اتَّقاه، بطاعتهِ واجتنابِ معاصيه، وحافظٌ أعمالَهمُ الصالحةَ حتى يثيبَهم عليها، ويجازيَهم بها، تبشيرًا منه لهم جلَّ ذكرهُ في عاجلِ الدنيا، وحضًّا لهم على التمسُّكِ بـالذي هم عليه من صالحِ الأخلاقِ التي ارتضاها لهم (الطبري).

117- ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾.
وما ظلمَهمُ الله، بل همُ ظَلموا أنفسَهم عندَما اختَاروا لأنفسِهمُ الغَيَّ والضَّلال (الواضح في التفسير).

118- ﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾.
قد بـيَّنا لكم من أمرِ هؤلاء الـيهودِ الذين نهيناكم أنْ تتَّـخذوهم بطانةً مِن دونِ الـمؤمنـينَ ما تعتبرونَ وتتَّعظونَ به مِن أمرِهم... (تفسير الطبري).

122- ﴿إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾.
عن ابنِ إسحاق: ﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا ﴾: أي الدافعُ عنهما ما همّا به من فشلهما، وذلك أنه إنما كان ذلك منهما عن ضعفٍ ووهنٍ أصابهما من غيرِ شكٍّ أصابهما في دينهما، فتولَّى دفعَ ذلك عنهما برحمتهِ وعائدته، حتى سلِمَتا من وهنهما وضعفهما، ولحقتا بنبـيِّهما صلَّى الله عليه وسلَّم.
يقول: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ أي: من كان به ضعفٌ من الـمؤمنـين أو وهنٌ فلـيتوكَّلْ علـيّ، ولـيستعنْ بي، أُعِنْهُ علـى أمره، وأدفعْ عنه، حتى أبلغَ به وأقوِّيَهُ على نـيَّته. (الطبري).

126- ﴿ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
العزيزُ إشارةٌ إلى كمالِ قدرته، والحكيمُ إشارةٌ إلى كمالِ علمه، فلا يخفَى عليه حاجاتُ العباد، ولا يعجزُ عن إجابةِ الدعوات، وكلُّ من كان كذلك لم يتوقَّعِ النصرَ إلا من رحمته، ولا الإعانةَ إلا من فضلهِ وكرمه. (التفسير الكبير للرازي).

129- ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
يغفرُ لمن يشاءُ منهم فيُدخلُهم الجنَّة، ويعذِّبُ مَن يشاءُ منهم في النّار، وقضاؤهُ هذا بالحكمةِ والعدل، وبالرحمةِ والمغفرة. (الواضح).

130- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
واتَّقوا اللهَ أيها الـمؤمنونَ فـي أمرِ الربا فلا تأكلوه، وفي غيرهِ ممّا أمرَكم به، أو نهاكم عنه، وأطيعوهُ فـيه لعلكم تفلـحون، يقول: لتنـجحوا؛ فتنجوا مِن عقابه، وتُدركوا ما رغَّبكم فـيه مِن ثوابه، والخلودِ في جنانه. (الطبري).

132- ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾.
قالَ رحمَهُ الله: هي ابتداءُ المعاتبةِ في أمرِ أُحُد، وانهزامِ مَن فرَّ، وزوالِ الرماةِ عن مراكزهم. اهـ.
وقالَ الطبريُّ رحمَهُ الله: يعنـي بذلك جلَّ ثناؤه: وأطيعوا الله أيها الـمؤمنونَ فـيـما نهاكم عنه، من أكلِ الربـا وغيرهِ من الأشياء، وفـيـما أمرَكم به الرسول؛ لتُرحَموا فلا تعذَّبوا (باختصار).

136- ﴿ أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾.
جنات، وهي البساتـين، ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ يقول: تـجري خلالَ أشجارها الأنهار، وفي أسافلها، جزاءً لهم على صالحِ أعمالهم، ﴿ خَـٰلِدِينَ فِيهَا ﴾ يعني دائمي المقامِ في هذه الجناتِ التـي وصفها، ﴿ وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ ﴾ يعنـي ونعمَ جزاءُ العاملين للهِ الجناتُ. (الطبري).

140- ﴿ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾.
يعنـي به: الذين ظلـموا أنفسَهم بـمعصيتِهم ربَّهم. (الطبري).

142- ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾.
أي: لا يحصلُ لكم دخولُ الجنَّةِ حتى تُبتَلَوا، ويرَى اللهُ منكم المجاهدينَ في سبيله، والصابرينَ على مقارنةِ الأعداء. (ابن كثير).

148- ﴿ فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
أي: هم محسنون والله يحبُّهم. (النسفي).

149- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ﴾.
يحذِّرُ تعالى عبادَهُ المؤمنين عن طاعةِ الكافرين والمنافقين، فإن طاعتَهم تورثُ الردَى في الدنيا والآخرة. (ابن كثير).

150- ﴿ بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ ﴾.
﴿ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلَـٰكُمْ ﴾: ولـيُّكم وناصرُكم علـى أعدائكم الذين كفروا، ﴿ وَهُوَ خَيْرُ النّاصرِين ﴾، لا مَن فررتـُم إلـيه ِمن الـيهودِ وأهلِ الكفرِ بـالله، فبـالله ِالذي هو ناصرُكم ومولاكم فـاعتصِموا، وإيّاهُ فـاستنصِروا، دونَ غيرهِ ممَّن يبغيكم الغوائلَ ويرصدُكم بـالـمكاره. (تفسير الطبري).

152- ﴿ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
والله ذو طَولٍ علـى أهلِ الإيـمانِ به وبرسوله، بعفوهِ لهم عن كثـيرِ ما يستوجبونَ به العقوبةَ علـيه من ذنوبهم، فإنْ عاقبَهم علـى بعضِ ذلك، فذو إحسانٍ إلـيهم بجميـلِ أياديهِ عندهم. (الطبري).

153- ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: واللهُ بالذي تعملون - أيها المؤمنون، من إصعادكم فـي الوادي هربًا مِن عدوِّكم، وانهزامِكم منهم، وتركِكم نبيَّكم وهو يدعوكم في أُخراكم، وحزنِكم على ما فاتَكم مِن عدوِّكم، وما أصابكم في أنفسِهم - ذو خبرةٍ وعلم، وهو مُحصٍ ذلك كلَّه علـيكم، حتى يجازيَكم به، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته، أو يعفوَ عنه (الطبري).

156- ﴿ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾.
أي: وعلمهُ وبصرهُ نافذٌ في جميعِ خلقه، لا يخفَى عليه مِن أمورِهم شيء. (ابن كثير).

159- ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ عليه، الواثقينَ به، المنقطعينَ إليه، فينصرهم ويرشدُهم إلى ما هو خيرٌ لهم، كما تقتضيهِ المحبَّة. (روح المعاني).

160- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
يعني لما ثبتَ أن الأمرَ كلَّهُ بيدِ الله، وأنه لا رادَّ لقضائه، ولا دافعَ لحكمه، وجبَ أن لا يتوكَّلَ المؤمنُ إلا عليه. وقوله: ﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾ يفيدُ الحصر، أي: على الله فليتوكَّلِ المؤمنون، لا على غيره. (التفسير الكبير للرازي).

161- ﴿ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
﴿ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ﴾: ثم تُعطَى كلُّ نفسٍ جزاءَ ما كسبتْ بكسبها وافـيًا، غيرَ منقوصٍ ما استـحقَّهُ واستوجبَهُ من ذلك.
﴿ وَهُمْ لا يُظْلَـمُونَ ﴾ يقول: لا يُفعَلُ بهم إلا الذي ينبغي أن يُفعَلَ بهم، من غيرِ أن يُعتدَى عليهم فيُنقَصوا عمَّا استحقُّوه. (تفسير الطبري).

162- ﴿ أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾.
فاستحقَّ بذلك سكنَى جهنم، وبئسَ المصيرُ الذي يصيرُ إليه ويؤوبُ إليه. (تفسير الطبري، باختصار).

163- ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: وسيُوفيهم إيّاها، لا يظلمُهم خيرًا، ولا يزيدهم شرًّا، بل يُجازي كلاًّ بعمله. (ابن كثير).

165- ﴿ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
إنَّ اللهَ على جميعِ ما أرادَ بخلقه، مِن عفوٍ وعقوبة، وتفضُّلٍ وانتقام، قدير، يعنـي ذو قدرة. (الطبري).

170- ﴿ فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾.
فسَّرها في الآية (38) من السورة: ﴿ فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾. قالَ في آخره: ويحتملُ قولهُ تعالى: ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ أي فيما بين أيديهم من الدنيا، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ على ما فاتهم منها، ويحتملُ أن ﴿ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ﴾ يومَ القيامة، ﴿ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ فيه، ويحتملُ أن يريدَ أنه يُدخلهم الجنة، حيثُ لا خوفٌ ولا حزن.

171- ﴿ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
معناها: لا يبطلُ جزاءَ أعمالِ مَن صدقَ رسولَهُ واتَّبعهُ وعملَ بما جاءَهُ من عندِ الله (الطبري).

172- ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ﴾ بطاعةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وإجابتهِ إلى الغزو، ﴿ وَاتَّقَوْا ﴾ معصيته، ﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾. (تفسير البغوي).

173- ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾.
﴿ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾: قد جمعوا الرجالَ للقائكم، والكرَّةَ إليكم لحربكم.
﴿ حَسْبُنَا ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴾ يكفينا الله، ونعم المولَى لمن ولِـَيُه وكفله. (الطبري، باختصار).

174- ﴿ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ
﴿ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ﴾ يعنـي: لم ينَلْهم بها مكروهٌ من عدوِّهم ولا أذى.
﴿ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ﴾ يعني بذلك أنهم أرضَوا اللهَ بفعلهم ذلك، واتِّبـاعِهم رسولَهُ إلـى ما دعاهم إلـيه، من اتِّبـاعِ أثرِ العدوِّ، وطاعتهم.
﴿ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيـمٍ ﴾ يعني: والله ذو إحسانٍ وطَولٍ عليهم، بصرفِ عدوِّهم الذي كانوا قد همُّوا بالكرَّة إليهم، وغيرِ ذلك من أياديهِ عندهم، وعلى غيرهم بنعمه، عظيمٍ عندَ من أنعمَ به عليهِ من خلقه. (تفسير الطبري).

175- ﴿ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
فإِن الإِيمانَ يقتضي إيثارَ خوفِ الله تعالى على خوفِ الناس. (البيضاوي).

176- ﴿ وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآَخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾.
يريدُ الله ألّا يجعلَ لهؤلاء الذين يسارعون في الكفرِ نصيباً في ثوابِ الآخرة، فلذلك خذلهم، فسارعوا فيه. ثم أخبرَ أنهم مع حرمانهم ما حُرِموا من ثوابِ الآخرة، لهم عذابٌ عظيمٌ في الآخرة، وذلك عذابُ النار. (الطبري).

177- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
لن يضرّوا الله بكفرهم وارتدادهم عن إيمانهم شيئاً، بل إنما يضرُّون بذلك أنفسَهم بإيجابهم بذلك لها من عقابِ الله ما لا قِبلَ لها به. (الطبري).

179- ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
ويختارُ اللهُ مِن رسلهِ مَن يشاء، كمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، ليَتبيَّنَ مَن يتَّبعهُ ومَن لا يتَّبعُه، ومَن يُعاديهِ مِن غيرِه، فيتميَّزُ الخبيثُ مِن الطيِّب، ويُخبرُهُ اللهُ بما صدرَ عن المنافقين مِن أقوالٍ وأفعال، فيَفضَحُهم، ويخلِّصُكم مِن شرِّهم وإيذائهم.
فأطيعوا اللهَ واتَّبِعوا ما يأمرُكم بهِ رسولُهُ ممّا شرعَ لكم، وإنْ تؤمنوا باللهِ حقَّ الإيمان، وتتَّقوهُ بمراعاةِ حقوقِه، فلكم ثوابٌ عظيمٌ لا تعرفونَ قَدْرَه. (الواضح).

180- ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾.
أي: لا يحسبنَّ البخيلُ أن جمعَهُ المالَ ينفعه، بل هو مضرَّةٌ عليه في دينه، وربما كان في دنياه.
﴿ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ أي: بنيَّاتكم وضمائركم. (ابن كثير).

183- ﴿ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾.
أي: فيما يدلُّ عليه كلامُكم، من أنكم تؤمنون لرسولٍ يأتيكم بما اقترحتموه. (روح المعاني).

184- ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾.
فإنهم إنْ فعلوا ذلكَ بكَ فكذَّبوك، كذَبوا على الله، فقد كذَّبتْ أسلافُهم مِن رسلِ اللهِ قبلكَ مَن جاءَهم بالحُجَجِ القاطعةِ العذر، والأدلَّةِ الباهرةِ العقل، والآياتِ المعجزةِ الخَلق، وذلكَ هو البـيِّنات. (الطبري).

187- ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾.
وتعوَّضوا عمّا وعدوا عليه من الخيرِ في الدنيا والآخرةِ بالدونِ الطفيف، والحظِّ الدنيويِّ السخيف، فبئستِ الصفقةُ صفقتهم، وبئستِ البيعةُ بيعتهم.
وفي هذا تحذيرٌ للعلماءِ أن يسلكوا، مسلكهم فيصيبَهم ما أصابهم، ويسلكَ بهم مسالكهم، فعلى العلماءِ أن يبذلوا ما بأيديهم من العلمِ النافع، الدالِّ على العملِ الصالح، ولا يكتموا منه شيئًا... (ابن كثير).

188- ﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
ولهم عذابٌ في الآخرةِ أيضاً مؤلم، مع الذي لهم في الدنيا معجل. (الطبري).

192- ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.
أي: يومَ القيامةِ لا مُجيرَ لهم منك، ولا محيدَ لهم عمّا أردتَ بهم. (ابن كثير).

193- ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾.
أنْ آمِنوا بربِّكم، مالكِكم ومُتَولِّي أمورِكم، فامتَثلنا أمرَه، وأجبنَا نداءَهُ واتَّبعناه، اللهمَّ فذاكَ إيمانُنا، وهذا دعاؤنا، فاغفرْ لنا ذنوبنَا، كبيرَها وصغيرَها، وألحِقنا بعبادِكَ الصالحينَ الأبرار، خُصَّنا بصحبتِهم، واجعلنا في جوارِهم. (الواضح).

194- ﴿ رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾.
إنَّكَ لا تُخلِفُ ما وعدتَ بهِ منَ الفضلِ والرَّحمة. (الواضح).

195- ﴿ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ﴾.
يعني: لأمحونَّها عنهم، ولأتفضَّلنَّ عليهم بعفوي ورحمتي، ولأغفرنَّها لهم، ولأدخلنَّهم جناتٍ تجري مِن تحتها الأنهار، جزاءً لهم على ما عملوا وأبلَوا في اللهِ وفي سبيله، مِن قِبَل اللهِ لهم، واللهُ عندَهُ مِن جزاءِ أعمالهم جميعُ صنوفه، وذلك ما لا يبلغهُ وصفُ واصِف. (الطبري، باختصار).

198- ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ ﴾.
وفي مقابِلهمُ المؤمنون، الذينَ سمعوا نداءَ الإيمانِ فآمنوا وثبتُوا، وعزمُوا على الأعمالِ الصَّالحةِ والتزَموا، فجازاهمُ اللهُ جنَّاتٍ واسعات، تجري في خلالها الأنهارُ المتنوِّعة.. (الواضح).


200- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
يعني بذلكَ تعالَى ذكره: واتَّقوا اللهَ أيها المؤمنون، واحذروهُ أنْ تـخالفوا أمرَه، أو تتقدَّموا نهيَه، لتُفلحوا، فتبقوا في نعيمِ الأبد، وتنجحوا فـي طلباتِكم عنده. (الطبري).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 12-11-2020, 09:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (7)




أ. محمد خير رمضان يوسف
(من أول سورة النساء - الآية 100)




سورة النساء
8- ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾.
أولو القربَى: الأقرباء، والمساكين: الفقراء، الذين لا يرثون.

11- ﴿ يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ ﴾.
للرجُلِ ضِعْفُ ما هو للأُنثَى.

12- ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾.
ولكم أيُّها الأزواجُ نصفُ ما تركتِ الزوجاتُ إذا لم يكنْ لهنَّ أولاد.
فإذا كانَ لهنَّ أولادٌ فلكمُ الربُع مِن تركتِهنّ.
وهذا بعدَ إيفاءِ الدَّينِ والوصيَّةِ مِن ميراثِهنّ، إنْ كانَ عليهنَّ دَين، أو أوصَينَ بوصيَّة.
وللزَّوجاتِ الرُّبُعُ مِن ميراثِكم أيُّها الأزواجُ إذا لم يكنْ لكم ولد..
﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾: واللهُ عليمٌ بالمضارِّ وغيرِه، حليمٌ بهم، فلا يؤاخذُهم بمجرَّدِ صدورِ خطأ منهم، بل يُمهِلُهم ويبيِّنُ لهم حتَّى يفهمُوا ويعتبِروا. (الواضح).

13- ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـي العملِ بـما أمرَهُ به، والانتهاءِ إلى ما حدَّهُ له في قسمةِ الـمواريثِ وغيرها، ويجتنبْ ما نهاهُ عنه في ذلكَ وغيره، يُسكنهُ بساتـينَ تجري مِن تـحتِ غروسِها وأشجارِها الأنهار، بـاقـينَ فـيها أبدًا، لا يـموتونَ فـيها ولا يفنون، ولا يخرجونَ منها، وذلكَ الفَلَـحُ العظيـم (مستفاد من الطبري).

14- ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾.
﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ فـي العملِ بـما أمراهُ به مِن قسمةِ الـمواريث، وغيرِ ذلكَ مِن فرائضِ الله، مخالفًا أمرَهما إلى ما نهياهُ عنه، مِن قسمةِ تركاتِ موتاهم بـين ورثته، وغيرِ ذلكَ مِن حدوده، يُدخلْهُ نارًا باقـيًا فـيها أبدًا، لا يـموتُ ولا يخرجُ منها أبدًا، وله عذابٌ مذلٌّ ومُخزٍ له. (الطبري، باختصار).

16- ﴿ وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآَذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾.
يعنـي: ذا رحمةٍ ورأفة. (الطبري).

20- ﴿ وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾.
﴿ قِنْطَارًا ﴾: ذكرَ أنه سبقَ بيانه. ويعني في الآية (75) من سورةِ آلِ عمران، وقد قالَ هناك: القنطارُ في هذه الآيةِ مثالٌ للمالِ الكثير، يدخلُ فيه أكثرُ من القنطارِ وأقلّ.
﴿ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ﴾: أتأخذونَهُ ظلماً وزوراً بيِّناً؟ (الواضح).

الجزء الخامس

24- ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا ﴾ بما يُصلحُ أمرَ الخَلق، ﴿ حَكِيمًا ﴾ فيما شرعَ لهم، ومِن ذلكَ عقدُ النكاح، الذي يحفَظُ الأموالَ والأنساب. (روح المعاني).

25- ﴿ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
رحيمٌ بكم إذ أذنَ لكم في نكاحهنَّ عندَ الافتقارِ وعدمِ الطَّولِ للحرَّة. (الطبري).

27- ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾.
يريدُ الذين يطلبونَ لذَّاتِ الدنيا وشهواتِ أنفسِهم فيها أن تميلوا عن أمرِ اللهِ تبارك وتعالى، فتجوروا عنه بإتيانكم ما حرَّمَ عليكم وركوبِكم معاصيه، ﴿ مَيْلاً عَظِيمًا ﴾: جَورًا وعُدولاً عنه شديدًا (الطبري).

28- ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾.
﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُخَفّفَ عَنْكُمْ ﴾ فلذلكَ شرعَ لكم الشرعةَ الحنيفيةَ السمحةَ السهلة، ورخَّصَ لكم في المضايق، كإحلالِ نكاحِ الأمة.
﴿ وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً ﴾: لا يصبرُ عن الشهوات، ولا يتحمَّلُ مشاقَّ الطاعات. (ابن كثير).

29- ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾.
أي: فيما أمرَكم به، ونهاكم عنه. (ابن كثير).

31- ﴿ إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا ﴾.
نغفرْ لكم صغائركم ونمحُها عنكم. (البيضاوي).

34- ﴿ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾.
﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا ﴾ فاحذروه، فإن قدرتَهُ سبحانهُ عليكم أعظمُ من قدرتكم على مَن تحت أيديكم منهن، أو أنه تعالى على علوِّ شأنهِ وكمالِ ذاتهِ يتجاوزُ عن سيئاتكم، ويتوبُ عليكم إذا تبتُم، فتجاوزوا أنتم عن سيئاتِ أزواجكم، واعفوا عنهنَّ إذا تبن، أو أنه تعالى قادرٌ على الانتقامِ منكم، غيرُ راضٍ بظلمِ أحد، أو أنه سبحانهُ مع علوِّهِ المطلقِ وكبريائهِ لم يكلِّفْكم إلا ما تُطيقون، فكذلك لا تكلِّفوهنَّ إلا ما يُطِقن. (روح المعاني).

35- ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه: إنَّ اللهَ كانَ عليمًا بما أرادَ الحكمانِ من إصلاحٍ بين الزوجينِ وغيره، خبيرًا بذلكَ وبغيرهِ مِن أمورهما وأمورِ غيرهما، لا يخفَى عليه شيءٌ منه، حافظٌ عليهم، حتى يجازيَ كلاًّ منهم جزاءَهُ بالإحسانِ إحسانًا، وبالإساءةِ غفرانًا أو عقابًا. (تفسير الطبري).

36- ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾.
ولا تجعلوا له في الربوبيةِ والعبادةِ شريكًا تعظِّمونَهُ تعظيمَكم إيّاه. (الطبري).

39- ﴿ وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا ﴾.
وما الذي كانَ يَجري لهم لو سَلكوا الطريقَ الصحيح، فآمَنوا باللهِ خالقِهم، وآمَنوا بيومِ القيامة، الذي يُثابُ فيهِ المرءُ على ما أحسنَ فيُكرَم، ويُعاقَبُ على ما أساءَ فيُعَذَّب، ليَخافَ الناسُ فيُحسِنوا سلوكَهم، ثمَّ أنفَقوا ممّا رزقَهمُ اللهُ مِن مالٍ وتفضَّلَ بهِ عليهم لوجههِ الكريم، لا للمباهاةِ والافتخار، فيعتَدِلوا ويَنفعوا بدلَ أنْ يَبْخَلوا ويَضرُّوا؟ (الواضح).

43- ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.
أي: ومِن عفوهِ عنكم وغَفْرهِ لكم أنْ شرعَ التيمُّم، وأباحَ لكم فعلَ الصلاةِ به إذا فقدتم الماء، توسعةً عليكم، ورخصةً لكم... (ابن كثير).

45- ﴿ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾.
﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ ﴾ أي: هو أعلمُ بهم، ويحذِّركم منهم، ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً ﴾ أي: كفَى به وليًّا لمن لجأ إليه، ونصيرًا لمن استنصره. (ابن كثير).

47- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آَمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ ﴾.
يعني جلَّ ثناؤه بقوله: ﴿ يَـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ ﴾: اليهودَ من بني إسرائيل، الذين كانوا حوالي مهاجَرِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قالَ الله لهم: يا أيها الذين أُنزلَ إليهم الكتاب، فأُعطُوا العلمَ به، ﴿ ءامِنُواْ ﴾ يقول: صدِّقوا بما أنزلنا إلى محمدٍ من الفرقان. (الطبري).

48- ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يشركْ بالله في عبادتهِ غيرَهُ من خلقه، ﴿ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾، يقول: فقد اختلقَ إثماً عظيماً. وإنما جعلَهُ الله تعالَى ذكرهُ مفترياً، لأنه قالَ زوراً وإفكاً، بجحودهِ وحدانيةَ الله، وإقرارهِ بأن لله شريكاً من خلقه، وصاحبةً أو ولداً، فقائلُ ذلك مفتر، وكذلك كلُّ كاذب، فهو مفترٍ في كذبه، مختلقٌ له. (الطبري، باختصار).

49- ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾.
أي: يُطهِّرُ ويُبرِّئ من الذنوبِ ويُصلِحُ مَن يشاء. (البغوي).

57- ﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا ﴾.

قالَ في تفسيرِ ﴿ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ﴾ في الآيةِ (25) من سورةِ البقرة، ما مختصره: ﴿ جَنَّاتٍ ﴾: جمعُ جنة، وهي بستانُ الشجرة والنخيل، و ﴿ مِنْ تَحْتِهَا ﴾: معناهُ من تحتِ الأشجارِ التي يتضمَّنها ذكرُ الجنة، و ﴿ الْأَنْهَارُ ﴾: المياهُ في مجاريها المتطاولةِ الواسعة. اهـ.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾: وهم خالدون فيها أبداً، لايحُولون ولا يزولون، ولا يبغون عنها حِوَلاً. (ابن كثير).

58- ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ﴾.
ويأمركم إذا حكمتُم بين رعيَّتِكم أن تحكموا بينهم بالعدلِ والإنصاف (الطبري).

61- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا ﴾.
ألم ترَ يا محمَّدُ إلى الذينَ يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزل إليكَ مِن المنافقين، وإلى الذين يزعمونَ أنهم آمنوا بما أُنزِلَ مِن قبلِكَ مِن أهلِ الكتاب، إذا قيلَ لهم: تعالَوا هلمُّوا إلى حكمِ اللهِ الذي أنزلَهُ في كتابه، وإلى الرسولِ ليحكمَ بيننا... (الطبري، باختصار).

64- ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ﴾.
فسألوا الله أن يصفحَ لهم عن عقوبةِ ذنبهم بتغطيتهِ عليهم، وسألَ لهم اللهَ رسولهُ صلَّى الله عليه وسلَّمَ مثلَ ذلك. (الطبري).

65- ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾.
أي: وينقادوا لأمرِكَ انقياداً. (البغوي).

69- ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يُطعِ الله والرسولَ بالتسليمِ لأمرهما، وإخلاصِ الرضا بحكمِهما، والانتهاءِ إلىأمرهما، والانزجارِ عمّا نهيا عنه من معصيةِ الله، فهو مع الذين أنعمَ الله عليهم بهدايتهِ والتوفيقِ لطاعتهِ في الدنيا...
﴿ وَالصَّالِحِينَ ﴾: وهم جمعُ صالح، وهو كلُّ من صلحتْ سريرتهُ وعلانتيه.
وأما قولهُ جلَّ ثناؤه: ﴿ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً ﴾ فإنه يعني: وحسنَ هؤلاء الذين نعتهم ووصفهم رفقاءَ في الجنة. (الطبري).

89- ﴿ وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾.
﴿ فَتَكُونُونَ سَوَاءً ﴾ أي: هم يودُّون لكم الضلالة؛ لتستووا أنتم وإيّاهم فيها، وما ذاكَ إلا لشدَّةِ عداوتهم وبغضهم.
﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ﴾ أي: لا توالُوهم ولا تستنصروا بهم على الأعداءِ ما داموا كذلك. (ابن كثير).

92- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾ بمن قتلَ خطأً، ﴿ حَكِيماً ﴾ فيما حكمَ به عليكم. (البغوي).

93- ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾.
... وغضبَ اللهُ بقتلهِ إيَّاهُ متعمِّدًا، وأبعدَهُ من رحمته، وأخزاه، وأعدَّ له عذابًا لا يعلمُ قدرَ مبلغهِ سواهُ تعالى ذكره. (تفسير الطبري، باختصار).

96- ﴿ دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
﴿ وَمَغْفِرَةً ﴾ يقول: وصفحَ لهم عن ذنوبهم، فتفضَّلَ عليهم بتركِ عقوبتهم عليها.
﴿ وَرَحْمَةً ﴾ يقول: ورأفةً بهم.
﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: يقول: ولم يزلِ الله غفورًا لذنوبِ عبادهِ المؤمنين، فيصفحُ لهم عن العقوبةِ عليها، رحيمًا بهم، يتفضَّلُ عليهم بنعمه، مع خلافهم أمرَهُ ونهيه، وركوبهم معاصيه. (الطبري).


99- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾.
وهو ربٌّ كريم، يعفو عنِ النَّاس، ويغفرُ ذنوبَهم، على كثرةِ ما يُخطِئونَ ويُذنِبون. (الواضح في التفسير).

100- ﴿ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾.
يقول: ولم يزلِ الله تعالى ذكرهُ غفورًا، يعني ساترًا ذنوبَ عبادهِ المؤمنين، بالعفوِ لهم عن العقوبةِ عليها، رحيمًا بهم، رفيقًا. (تفسير الطبري).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 12-11-2020, 09:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (8)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة النساء

(102 - آخر السورة)
102- ï´؟ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾.
فخذوا من عدوِّكم حذركم، يقول: احترسوا منهم أن يميلوا عليكم وأنتم عنهم غافلون غارُّون. ï´؟ إنَّ اللَّهَ أعَدَّ للكافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾ يعني بذلك: أعدَّ لهم عذابًا مذلاًّ، يبقونَ فيه أبدًا، لا يخرجونَ منه، وذلك هو عذابُ جهنَّم. (الطبري).

104- ï´؟ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ï´¾ أي: كما يصيبُكم الجراحُ والقتل، كذلك يحصلُ لهم، كما قالَ تعالى: ï´؟ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ ظ±لْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ï´¾. [سورة آل عمران: 140].

ثم قالَ تعالى: ï´؟ وَتَرْجُونَ مِنَ ظ±للَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ï´¾ أي: أنتم وإيّاهم سواءٌ فيما يصيبُكم وإيّاهم من الجراحِ والآلام، ولكن أنتم ترجون من الله المثوبةَ والنصرَ والتأييدَ كما وعدكم إيّاه في كتابه، وعلى لسانِ رسولهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو وعدٌ حقّ، وخبرٌ صدق، وهم لا يرجون شيئاً من ذلك، فأنتم أولَى بالجهادِ منهم، وأشدُّ رغبةً فيه، وفي إقامةِ كلمةِ الله وإعلائها.
ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ï´¾ أي: هو أعلمُ وأحكمُ فيما يقدِّرهُ ويقضيه، وينفذهُ ويمضيه، من أحكامهِ الكونيةِ والشرعيةِ، وهو المحمودُ على كلِّ حال. (ابن كثير).

105- ï´؟ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ï´¾.
أي: هو حقٌّ من الله، وهو يتضمَّنُ الحقَّ في خبرهِ وطلبه. (ابن كثير).

106- ï´؟ وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ï´¾
إنَّ اللهَ لم يزلْ يصفحُ عن ذنوبِ عبادهِ المؤمنينَ بتركهِ عقوبتِهم عليها إذا استغفروهُ منها، رحيمًا بهم، فافعلْ ذلكَ أنتَ يا محمَّدُ يغفرِ اللهُ لكَ ما سلفَ مِن خصومتِكَ عن هذا الخائن. (الطبري).

108- ï´؟ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾.
ï´؟ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ظ±للَّهِ ï´¾ أي: ولا يستحيون منه سبحانه، وهو أحقُّ بأن يُستحَى منه ويُخافَ من عقابه، وإنما فُسِّرَ الاستخفاءُ منه تعالى بالاستحياء؛ لأن الاستتارَ منه عزَّ شأنهُ محال، فلا فائدةَ في نفيه، ولا معنى للذمِّ في عدمه.
ï´؟ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا ï´¾: أي بعملِهم، أو بالذي يعملونَهُ من الأعمالِ الظاهرةِ والخافية، حفيظًا، أو عالمـًا، لا يعزبُ عنه شيءٌ ولا يفوت. (روح المعاني، بشيء من الاختصار).

111- ï´؟ وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ يَكْسِبْ ï´¾: يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ومن يأتِ ذنباً على عمدٍ منه له ومعرفةٍ به.
وأما قوله: ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ï´¾ فإنه يعني: وكان الله عالماً بما تفعلون أيها المجادلون عن الذين يختانون أنفسهم في جدالكم عنهم، وغيرِ ذلك من أفعالكم وأفعالِ غيركم، وهو يُحصيها عليكم وعليهم، حتى يجازيَ جميعكم بها.
ï´؟ حَكِيماً ï´¾، يقول: وهو حكيمٌ بسياستكم وتدبيركم، وتدبيرِ جميعِ خلقه. (الطبري).

114- ï´؟ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾.
وهو الإصلاحُ بين المتباينَين أو المختصمَين، بما أباحَ اللهُ الإصلاحَ بينهما، ليتراجعا إلى ما فيه الألفةُ واجتماعُ الكلمةِ على ما أذنَ اللهُ وأمرَ به. (الطبري).

115- ï´؟ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ï´¾.
قال ابنُ كثير رحمَهُ الله: جعلَ النارَ مصيرَهُ في الآخرة؛ لأن مَن خرجَ عن الهُدَى لم يكنْ له طريقٌ إلا إلى النارِ يومَ القيامة.

116- ï´؟ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ï´¾.
إنَّ اللهَ لا يغفرُ لـ "طعمة" إذْ أشركَ وماتَ على شركهِ بالله، ولا لغيرهِ مِن خلقهِ بشركهم وكفرهم به، ويغفرُ ما دونَ الشركِ باللهِ مِن الذنوبِ لمن يشاء. (الطبري).

120- ï´؟ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا ï´¾.
أي: باطلاً يغرُّهم به. (زاد المسير).

122- ï´؟ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ï´¾
والذين آمنوا باللهِ ورَضُوا بدينه، وأتْبَعُوا إيمانَهم بالأعمالِ الصالحةِ ونفَّذوا ما أُمِروا به مِن الخيرات، نُدخلُهم جنّاتٍ تجري مِن تحتِها الأنهار، مع خلودٍ دائم. وهذا وعدٌ منَ اللهِ لأوليائهِ قائمٌ لا محالة، وليسَ هناكَ أصدقُ منَ اللهِ قولاً وخبَراً. (الواضح).

123- ï´؟ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ï´¾.
ولا يجدُ الذي يعملُ سوءًا مِن معاصي اللهِ وخلافِ ما أمرَهُ به سوَى اللهِ يلي أمرَه، ويحمي عنه ما ينزلُ به مِن عقوبةِ الله، ولا ناصرًا ينصرهُ ممَّا يحلُّ به مِن عقوبةِ اللهِ وأليمِ نكاله. (يُنظر تفسير الطبري).

127- ï´؟ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَـظ°مَىظ° بِظ±لْقِسْطِ ï´¾ أي: ويُفتيكم في أنْ تقوموا لليتامَى بالقسط، بالعدلِ في مُهورهن ومواريثهن. (البغوي).
وقوله: ï´؟ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً ï´¾ تهييجًا على فعلِ الخيرات، وامتثالِ الأمر، وأنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ عالمٌ بجميعِ ذلك، وسيجزي عليه أوفرَ الجزاءِ وأتمَّه (ابن كثير).

128- ï´؟ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ï´¾.
ï´؟ فَإِنَّ ظ±للَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ ï´¾ من الإِحسانِ والخصومةِ ï´؟ خَبِيراً ï´¾: عليماً به، وبالغرضِ فيه، فيجازيكم عليه. (البيضاوي).

130- ï´؟ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ï´¾.
قالَ ابنُ عباس: يريدُ فيما حكمَ ووعظ، وقالَ الكلبي: يريدُ فيما حكمَ على الزوجِ من إمساكها بمعروفٍ أو تسريحٍ بإحسان. (التفسير الكبير للرازي).

131- ï´؟ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ï´¾.
تفسيرُ الآية: وللهِ ملكُ السَّماواتِ والأرض، وهو الحاكمُ فيهما، فلا يتعذَّرُ عليه شيءٌ ممّا يريدُ منهما، ممّا يخصُّ أحوالَ الزَّوجَينِ وغيرَها.
وقدْ أمَرْنا الذينَ أوتوا الكتابَ بتقوَى اللهِ وطاعتهِ كما أمَرْناكم بها يا أهلَ القرآن، فإنْ تُعرِضوا عمّا وصّاكمُ اللهُ به وتكفُروا، فإنَّهُ لا يضرُّهُ شيءٌ من إعراضِكم، كما لا ينفعهُ شيءٌ مِن شكرِكم وتقواكُم، فهو مالكُ السَّماواتِ والأرضِ وما بينهما، وهو غنيُّ عن خَلْقهِ وعبادتِهم، محمودٌ في ذاتِه، إنْ حَمِدوا أو كفَروا. (الواضح).

132- ï´؟ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ï´¾.
يعني بذلك جلَّ ثناؤه: ولله ملكُ جميعِ ما حوتهُ السماواتُ والأرض، وهو القيِّمُ بجميعه، والحافظُ لذلكَ كلِّه، لا يعزبُ عنه علمُ شيءٍ منه، ولا يَؤودهُ حفظهُ وتدبيره. (الطبري).

133- ï´؟ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآَخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا ï´¾.
أي: هو قادرٌ على إذهابِكم وتبديلِكم بغيركم إذا عصيتُموه. (ابن كثير).

135- ï´؟ وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ï´¾.
فإنَّ اللهَ كانَ بما تعملون، مِن إقامتِكم الشهادة، وتحريفِكم إيّاها، وإعراضِكم عنها بكتمانِكموها، خبيرًا، يعني ذا خبرةٍ وعلمٍ به، يحفظُ ذلكَ منكم عليكم حتى يجازيَكم به جزاءَكم في الآخرة، المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيءَ بإساءته. يقول: فاتَّقوا ربَّكم في ذلك. (الطبري).

136- ï´؟ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ï´¾.
معناه: ومَن يكفرْ بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيجحدُ نبوَّته، فهو يكفرُ باللهِ وملائكتهِ وكتبهِ ورسلهِ واليومِ الآخر، لأنَّ جحودَ الشيءِ مِن ذلكَ بمعنى جحودهِ جميعه، وذلكَ لأنه لا يصحُّ إيمانُ أحدٍ مِن الخلقِ إلا بالإيمانِ بما أمرَهُ اللهُ بالإيمانِ به، والكفرُ بشيءٍ منه كفرٌ بجميعه، فلذلكَ قال: ï´؟ وَمَنْ يَكْفُرْ باللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الاَخِرِ ï´¾ بعقبِ خطابهِ أهلَ الكتاب، وأمرهِ إيّاهم بالإيمانِ بمحمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم تهديدًا منه لهم، وهم مقرُّون بوحدانيةِ اللهِ والملائكةِ والكتبِ والرسلِ واليومِ الآخرِ سوَى محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم وما جاءَ به مِن الفرقان.
وأما قوله: ï´؟ فَقَدْ ضَلّ ضَلالاً بَعِيدا ï´¾ فإنه يعني: فقد ذهبَ عن قصدِ السبيل، وجارَ عن محجَّةِ الطريقِ إلى المهالكِ ذهابًا وجورًا بعيدًا، لأنَّ كفرَ مَن كفرَ بذلك خروجٌ منه عن دينِ اللهِ الذي شرعَهُ لعباده، والخروجُ عن دينِ الله: الهلاكُ الذي فيه البوار، والضلالُ عن الهُدَى هو الضلال. (الطبري).

137- ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا ï´¾.
أي: لا يجعلهم بكفرهم مهتدين. (زاد المسير).

138- ï´؟ بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ï´¾.
يعني: بأن لهم يومَ القيامةِ من الله على نفاقهم عذابًا أليمًا، وهو الموجِع، وذلك عذابُ جهنم. (الطبري).

140- ï´؟ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ï´¾.
ورضيتُم بالجلوسِ معهم في المكانِ الذي يُكفَرُ فيه بآياتِ الله، ويُستَهزأُ ويُنتقَصُ بها، وأقررتموهم على ذلك.. (ابن كثير).

141- ï´؟ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ï´¾.
ï´؟ وَنَمْنَعْكُمْ ï´¾: ونصرفكم، ï´؟ مِّنَ ظ±لْمُؤْمِنِينَ ï´¾ أي: عن الدخولِ في جملتهم، وقيل: معناه: ألم نستولِ عليكم بالنصرةِ لكم ونمنَعْكم من المؤمنين؟ أي: ندفعُ عنكم صولةَ المؤمنين، بتخذيلهم عنكم، ومراسلتنا إيّاكم بأخبارهم وأمورهم. ومرادُ المنافقين بهذا الكلامِ إظهارُ المنَّةِ على الكافرين. (البغوي).

143- ï´؟ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ï´¾.
أي: يخذله، ويسلبهُ التوفيق. (فتح القدير).

145- ï´؟ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا ï´¾.
مانعاً من العذاب. (البغوي).

الجزء السادس
149- ï´؟ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا ï´¾.
إنْ تقولوا جميلاً من القولِ لمن أحسنَ إلـيكم، فتُظهروا ذلك شكراً منكم له على ما كان منه من حسنٍ إلـيكم، ï´؟ أَوْ تُخْفُوهُ ï´¾، يقول: أو تتركوا إظهارَ ذلك فلا تُبدوه. (الطبري).

151- ï´؟ أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ï´¾.
يُهينُهم ويُذلُّهم جزاءَ كفرِهم الذي ظنُّوا به العزَّة. (روح المعاني).

152- ï´؟ وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ ï´¾ بأنْ يؤمنوا ببعضٍ ويكفروا بآخرين، كما فعلَ الكفرة، ï´؟ أُوْلَـظ°ئِكَ ï´¾ المنعوتون بهذه النعوتِ الجليلةِ ï´؟ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ ï´¾ اللهُ تعالى ï´؟ أُجُورَهُمْ ï´¾ الموعودةَ لهم، ï´؟ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا ï´¾ لمن هذه صفتُهم ما سلفَ لهم مِن المعاصي والآثام، ï´؟ رَحِيمًا ï´¾ بهم، فيضاعفُ حسناتِهم، ويزيدُهم على ما وُعِدوا به. (روح المعاني، باختصار).

153- ï´؟ وَآَتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ï´¾.
يقول: وآتـينا موسى حجَّةً تبـينُ عن صدقهِ وحقِّـيةِ نبوَّته، وتلك الـحجَّةُ هي الآياتُ البـيِّناتُ التـي آتاهُ الله إيَّاها. (الطبري).

155- ï´؟ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ï´¾.
ï´؟ بَلْ طَبَعَ ظ±للَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ ï´¾ أي: ختمَ عليها، ï´؟ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ï´¾ يعني: ممن كذَّبَ الرُّسلَ، لا ممن طُبعَ على قلبه؛ لأنَّ مَن طبعَ اللّهُ على قلبهِ لا يؤمنُ أبداً. وأرادَ بالقليل: عبدَ الله بنَ سلّامٍ وأصحابه، وقيل: معناه: لا يُؤمنون قليلاً ولا كثيراً. (البغوي).

158- ï´؟ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ï´¾.
ï´؟ وَكَانَ ظ±للَّهُ عَزِيزاً ï´¾ لا يُغلَبُ على ما يريده، ï´؟ حَكِيماً ï´¾ فيما دبَّرَهُ لعيسى عليه الصلاةُ والسلام. (البيضاوي).

159- ï´؟ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ï´¾.
قيل: يشهدُ على اليهودِ أنهم كذَّبوهُ وطعنوا فيه، وعلى النصارَى أنهم أشركوا به. (التفسير الكبير للرازي).

161- ï´؟ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ï´¾.
وجعلنا للكافرينَ بـاللهِ وبرسولهِ مـحمَّدٍ مِن هؤلاءِ الـيهودِ العذابَ الألـيم، وهو الـموجِعُ مِن عذابِ جهنَّم، عدةً يصلَونَها في الآخرةِ إذا وردوا على ربِّهم، فـيعاقبهم بها. (الطبري).

162- ï´؟ لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ï´¾.
وهم يقيمونَ الصَّلاةَ على وجهِها، ويعطُونَ الزكاةَ المفروضةَ عليهم، ويؤمنونَ باللهِ الواحدِ الأحد، وبالبعثِ بعدَ الموت، والجزاءِ على الأعمال، فأولئكَ سنؤتيهم ثواباً جزيلاً وأجراً عظيماً على ما آمنوا وصدَّقوا. (الواضح).

167- ï´؟ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا ï´¾.
أي: كفروا في أنفسهم، فلم يتَّبعوا الحقّ، وسعَوا في صدِّ الناسِ عن اتِّباعهِ والاقتداءِ به، قد خرجوا عن الحقِّ وضلُّوا عنه، وبعدوا منه بُعدًا عظيمًا شاسعًا. (ابن كثير).

171- ï´؟ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ï´¾.
الجميعُ مُلكهُ وخَلقه، وجميعُ ما فيها عبيده، وهم تحت تدبيرهِ وتصريفه، وهو وكيلٌ على كلِّ شيء، فكيفَ يكونُ له منهم صاحبةٌ أو ولد؟ (ابن كثير).

172- ï´؟ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ï´¾.
ولن يَستكبِرَ المسيحُ عيسى عن أنْ يكونَ عبداً لله مطيعاً، والعبوديَّةُ للهِ شَرفٌ وعزُّ لمن عَقَل، كما لا يأنَفُ ملائكتهُ المقرَّبونَ مِن أنْ يَكونوا عبيداً له، ومَن يَمتَنعْ عن عبادتهِ ويَستكبِرْ عن طاعتِه، فسيَجمَعُهم إليهِ يومَ القيامةِ ليَفصِلَ بينَهم بحُكمهِ العَدل. (الواضح).

173- ï´؟ فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ï´¾.
فأما المؤمنونَ المقرُّون بوحدانـيةِ الله، الخاضعونَ له بالطاعة، الـمتذلِّلونَ له بـالعبودية، والعاملونَ الصالحاتِ من الأعمال، فيؤتـيهم جزاءَ أعمالهم الصالحةِ وافيًا تامًّا، ويزيدُهم على ما وعدَهم مِن الـجزاءِ على أعمالهم الصالـحةِ والثوابِ علـيها مِن الفضلِ والزيادةِ ما لم يعرِّفْهم مبلغَه، ولم يحدَّ لهم منتهاه.

وأما الذين تعظَّموا عن الإقرارِ للهِ بـالعبودةِ والإذعانِ له بـالطاعة، واستكبروا عن التذلُّلِ لألوهتهِ وعبادتهِ وتسليمِ الربوبـيةِ والوحدانـيةِ له، فيعذِّبهم عذابـًا موجعًا، ولا يجدُ المستنكفونَ من عبادتهِ والمستكبرونَ عنها إذا عذَّبهم اللهُ الألـيـمَ من عذابهِ سوَى اللهِ لأنفسِهم ولـيًّا ينُـجيهم من عذابهِ وينقذُهم منه، ولا ناصرًا ينصرهم، فيستنقذُهم من ربِّهم ويدفعُ عنهم بقوَّتهِ ما أحلَّ بهم من نقمته، كالذي كانوا يفعلونَ بهم إذا أرادَهم غيرُهم من أهلِ الدنيا فـي الدنيا بسوءٍ من نصرتِهم والـمدافعةِ عنهم. (الطبري، باختصار).

176- ï´؟ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾.

فإذا كانَ للميِّتِ أُختان، فلهما ثُلثا التركة.
وإذا كانَ للميِّتِ إخوةٌ وأخوات، أُعطِيَ للذكرِ منهم حظُّ الأُنثَيَين.
ï´؟ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ï´¾: وهوَ سبحانَهُ عالِمٌ بعواقبِ الأمورِ ومصالحِها، فيشرِّعُ ما هوَ حقٌّ وعدلٌ بعلمهِ وحكمتِه. (الواضح).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 12-11-2020, 09:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية

الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية (9)




أ. محمد خير رمضان يوسف





سورة المائدة
3- ﴿ فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيم ﴾.
﴿ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ ﴾ أي: مائلٍ إلى إثم، وهو أن يأكلَ فوق الشبع. وقالَ قتادة: غيرَ متعرِّضٍ لمعصيةٍ في مقصده، ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾، وفيه إضمار، أي: فأكلَهُ، فإنَّ الله غفورٌ رحيم. (البغوي).

5- ﴿ الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾.
﴿ الطَّيِّبَاتُ ﴾ ذكرَ أنه تقدَّمَ القولُس في الطيبات. وقد قالَ فيها، في الآيةِ 172 من سورةِ البقرة: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ﴾: الطيبُ هنا يجمعُ الحلالَ المستلذّ.
وقالَ الطبري: اليومَ أُحِلَّ لكم - أيها المؤمنون - الحلالُ من الذبائحِ والمطاعم، دون الخبائثِ منها.

﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾: ومن يجحدْ ما أمرَ الله بـالتصديقِ به، من توحيدِ اللهِ ونبوَّةِ محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، وما جاءَ به من عندِ الله، وهو الإيـمانُ، الذي قال اللهُ جلَّ ثناؤه: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بـالإِيـمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ﴾ يقول: فقد بطلَ ثوابُ عملهِ الذي كان يعملهُ في الدنـيا، يرجو أن يُدرِكَ به منزلةً عند الله. وهو في الآخرة من الهالكين، الذين غبنوا أنفسَهم حظوظَها من ثوابِ الله، بكفرهم بمـحمَّد، وعملِهم بغيرِ طاعةِ الله (الطبري).

6- ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾.
ذكرَ أنه سبقَ تفسيرهُ في سورةِ النساء، ويعني الآيةَ (43) منها، وقد توسَّعَ فيه كثيرًا، ومختصره: المريضُ المقصودُ في هذه الآيةِ هو الحضريّ.

والمسافر: هو الغائبُ عن الحضر، كان السفرُ مما تقصرُ فيه الصلاةُ أو لا تقصر، هذا مذهبُ مالكٍ وجمهورِ الفقهاء.
والمجيءُ من الغائط: قضاءُ الحاجة.
واللمسُ في اللغةِ لفظةٌ قد تقعُ للَّمسِ الذي هو الجماع، وفي اللمسِ الذي هو جسُّ اليدِ والقُبلةُ ونحوها...
والتيممُ في اللغة: القصد، وفي الشرعِ يطلقُ على العبادةِ المعروفة.
والصعيدُ في اللغة: وجهُ الأرض. واختلفَ الفقهاءُ فيه من أجلِ تقييدِ الآيةِ إيَّاهُ بالطيب.
وترتيبُ القرآنِ الوجهَ قبلَ اليدين، وبه قالَ الجمهور. اهـ.

وتفسيرها في (الواضح): وإذا كنتُم مرضَى ويَضرُّكمُ استعمالُ الماءِ معه، أو كنتُم مسافرين، أو جئتُم مِنَ الغائطِ (أي قضاءِ الحاجة)، أو لامستمُ النساءَ - على الخلافِ الواردِ بينَ المفسِّرينَ والفقهاءِ، مِن معنَى الجِماعِ أو مسِّ البشَرةِ - ولم تجدوا ماءً تتوضَّؤون به، فتيمَّموا تراباً طاهراً، أو ما صعدَ منَ الأرضِ مِن رملٍ وحجَرٍ وغيرِه، على أقوال، فامسَحوا وجوهَكم به، ثمَّ أيديكم إلى المرافق...

7- ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾.
تأكيدٌ وتحريضٌ على مواظبةِ التقوَى في كلِّ حال. ثم أعلمَهم أنه يعلمُ ما يختلجُ في الضمائرِ من الأسرارِ والخواطر. (ابن كثير).

8- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾.
أيُّها المؤمِنون، قُوموا بالحقوقِ اللازمةِ عليكم عدلاً وصدقاً، لا جَوراً وظُلماً، وبإخلاص، لا لرياءٍ وسُمعة، ولا يَحملنَّكم بُغضُ قومٍ على ظلمِهم وعدمِ إقامةِ العدلِ فيهم، بلِ اعدِلوا فيهم وإنْ أساؤوا إليكم، وأنصِفوا فيهم وإنْ مالوا وظَلموا، فإنَّ عدلَكم معهم أقربُ إلى رِضا اللهِ واتِّقاءِ عذابِه.

قالَ الفخرُ الرازيُّ رحمَهُ الله: وفيهِ تنبيهٌ عظيمٌ على وجوبِ العدلِ مع الكفّار، الذينَ هم أعداءُ اللهِ تعالَى، فما الظنُّ بوجوبهِ مع المؤمِنين، الذينَ هم أولياؤهُ وأحبّاؤه؟! ا.هـ.
فواظِبوا على تقوَى اللهِ وطاعتهِ والخوفِ منه، فإنَّهُ خبيرٌ بأعمالِكم كلِّها، وسيُجازيكم عليها. (الواضح).

9- ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾.
وعدَ اللهُ الذين صدَّقوا اللهَ ورسوله، وأقرُّوا بما جاءَهم به مِن عندِ ربِّهم، وعملوا بما واثقَهم اللهُ به، وأوفَوا بـالعقودِ التي عاقدهم عليها، وأطاعوه، فعملوا بما أمرهم اللهُ به، وانتهَوا عمّا نهاهم عنه، لهم مغفرة، وأجرٌ عظيـم. والعظيمُ مِن خيرٍ غيرُ مـحدودٍ مبلغُه، ولا يَعرفُ منتهاهُ غيرهُ تعالَى ذكره. (الطبري، باختصار).

10- ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾.
والذين جحدوا وحدانـيةَ الله، ونقضوا ميثاقَهُ وعقودَهُ التـي عاقدوها إيّاه، وكذَّبوا بأدلَّةِ اللهِ وحُجَجهِ الدالَّةِ على وحدانـيتهِ التي جاءتْ بها الرسلُ وغيرُها، هؤلاءِ أهلُ النار، الذين يخـلدونَ فـيها ولا يخرجونَ منها أبدًا. (الطبري، بشيء من الاختصار).

11- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾.
أيُّها المؤمنون، اذكروا فضائلَ اللهِ ونِعمَهُ المتتاليةَ عليكم، وقد أرادَ قومٌ أنْ يَبطِشوا بكم فيَقتلوكم ويأخذوا أموالَكم، فمنعَهم وكفَّ شرَّهم عنكم، وردَّ كيدَهم في نحورِهم، فاتَّقوا اللهَ واشكروهُ على هذه النِّعم، وعلى ربِّهم فليَعتَمدِ المؤمنون، ولْيُفوِّضوا إليهِ أمورَهم كلَّها، فهو الذي يَدرأُ المفاسدَ ويَجلُبُ المصالح. (الواضح).

12- ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴾.
﴿ وَأَقْرَضْتُمُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ﴾: وهو الإنفاقُ في سبيلهِ وابتغاءَ مرضاته، ﴿ لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَـٰتِكُمْ ﴾ أي: ذنوبكم، أمحوها وأسترها، ولا أؤاخذكم بها، ﴿ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾ أي: أدفعُ عنكم المحذور، وأحصلُ لكم المقصود.

وقوله: ﴿ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ ٱلسَّبِيلِ ﴾ أي: فمن خالفَ هذا الميثاق بعد عقدهِ وتوكيدهِ وشدِّه، وجحَدَه، وعاملَهُ معاملةَ من لا يعرفه، فقد أخطأ الطريقَ الواضح، وعدلَ عن الهدَى إلى الضلال. (ابن كثير).

13- ﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
﴿ فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ ﴾: فبسببِ نقضِهم الميثاقَ الذي أخذَ عليهم.
﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾. قالَ مؤلفُ الأصلِ رحمَهُ الله: منسوخٌ بما في (براءة) من الأمرِ بقتالهم حتى يؤدُّوا الجزية، وباقي الآيةِ وعدٌ على الإحسان.

وقالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيره: ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ﴾: وهذا هو عينُ النصرِ والظفر، كما قالَ بعضُ السلف: ما عاملتَ مَن عصَى اللهَ فيكَ بمثلِ أن تطيعَ اللهَ فيه. وبهذا يحصلُ لهم تأليفٌ وجمعٌ على الحقّ، ولعلَّ الله أن يهديهم؛ ولهذا قالَ تعالَى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ يعني به: الصفحَ عمَّن أساءَ إليك.
وقالَ قتادة: هذه الآية: ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ﴾ منسوخةٌ بقوله: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِوَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [سورة التوبة: 29].

14- ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾.
﴿ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ﴾: وأخذنا من النصارَى الميثاقَ على طاعتي وأداءِ فرائضي، واتِّباعَ رسلي والتصديقَ بهم، فسلكوا في ميثاقي الذي أخذتهُ عليهم منهاجَ الأمةِ الضالَّةِ من اليهود، فبدَّلوا كذلك دينَهم، ونقضوهُ نقضَهم، وتركوا حظَّهم من ميثاقي الذي أخذتهُ عليهم بالوفاءِ بعهدي، وضيَّعوا أمري. (الطبري).

17- ﴿ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
مَن يَقدِرُ على منعِ أمرِ اللهِ إذا أرادَ أنْ يُميتَ عيسَى وأمَّهُ مريم، بل وجميعَ مَن في الأرضِ مِن أحياء؟ فأين هي أُلوهيَّةُ عيسَى، وما الذي يستطيعُ أنْ يفعلَه؟! (الواضح).

23- ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾.
توكَّلوا أيها القومُ علـى اللهِ في دخولِكم علـيهم. ويقولانِ لهم: ثقوا بـاللهِ فإنهُ معكم إنْ أطعتُـموهُ فيما أمرَكم مِن جهادِ عدوِّكم. وعنَـيا بقولهما ﴿ إنْ كُنْتُـمْ مُؤْمِنِـينَ ﴾: إنْ كنتُم مصدِّقي نبـيِّكم صلَّى الله عليه وسلَّم، فيما أنبأكم عن ربِّكم مِن النصرةِ والظفرِ علـيهم، وفي غيرِ ذلكَ مِن إخبـارهِ عن ربِّه، ومؤمنـينَ بأنَّ ربَّكم قادرٌ علـى الوفـاءِ لكم بما وعدَكم مِن تمكينِكم في بلادِ عدوِّهِ وعدوِّكم. (الطبري).

29- ﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾.
فتكونَ بقتلِكَ إيّايَ مِن سكّانِ الـجحيـم، ووقودِ النارِ المخـلَّدين فـيها، والنارُ ثوابُ التاركينَ طريقَ الـحقّ، الزائلـينَ عن قصدِ السبيل... (مقتطف من تفسير الطبري).

33- ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾.
يعنـي: يعملونَ في أرضِ الله بـالمعاصي، مِن إخافةِ سُبلِ عبادهِ الـمؤمنـينَ به، أو سُبلِ ذمَّتِهم وقطعِ طرقِهم، وأخذِ أموالهـم ظلمًا وعدوانًا، والتوثُّبِ على حُرَمِهم فجورًا وفسوقًا. (الطبري).

35- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
ورغَّبهم في ذلك بالذي أعدَّهُ للمجاهدين في سبيلهِ يومَ القيامة، من الفلاح، والسعادةِ العظيمةِ الخالدةِ المستمرة، التي لا تبيدُ ولا تحولُ ولا تزول، في الغرفِ العاليةِ الرفيعةِ الآمنة، الحسنةِ مناظرها، الطيبةِ مساكنها، التي من سكنها ينعمُ لا يبأس، ويحيا لا يموت، لا تبلَى ثيابه، ولا يفنَى شبابه. (ابن كثير).

36- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.
إن الذين جحدوا ربوبـيةَ ربِّهم وعبدوا غيرَهُ من بني إسرائيل، الذين عبدوا العجل، ومن غيرهم الذين عبدوا الأوثانَ والأصنام، وهلكوا علـى ذلكَ قبلَ التوبة، لو أنَّ لهم ملكَ ما في الأرضِ كلِّها وضِعفَهُ معه، لـيفتدوا به من عقابِ الله إيّاهم، علـى تركهم أمرَهُ وعبـادتهم غيرَهُ يومَ القـيامة، فـافتدَوا بذلكَ كلِّه، ما تقبَّلَ الله منهم ذلكَ فداءً وعوضاً من عذابهم وعقابهم، بل هو معذِّبُهم في حميـمِ يومِ القـيامةِ عذابـاً موجعاً لهم. (الطبري).

37- ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ
أي: دائمٌ مستمرّ، لا خروجَ لهم منها، ولا محيدَ لهم عنها. (ابن كثير).

38- ﴿ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾.
﴿ جَزَاءً بِمَا كَسَبَا ﴾: بسببِ كسبِهما، أو ما كسباهُ مِن السرقة، التي تُباشَرُ بالأيدي.
﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾: عزيزٌ في شرعِ الردع، حكيمٌ في إيجابِ القطع. أو: عزيزٌ في انتقامهِ مِن السارقِ وغيرهِ مِن أهلِ المعاصي، حكيمٌ في فرائضهِ وحدوده. (روح المعاني).

39- ﴿ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
إنَّ اللهَ عزَّ ذكرهُ ساترٌ - على مَن تابَ وأنابَ عن معاصيهِ إلـى طاعتهِ - ذنوبَهُ، بـالعفوِ عن عقوبتهِ علـيها يومَ القـيامة، وتركهِ فضيحتَهُ بها على رؤوسِ الأشهاد، رحيمٌ به وبعبادهِ التائبـينَ إلـيه مِن ذنوبهم. (الطبري).

40- ﴿ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
واللهُ على تعذيبِ مَن أرادَ تعذيبَهُ مِن خَـلقهِ علـى معصيته، وغفرانِ ما أرادَ غفرانَهُ منهم بـاستنقاذهِ مِن الهلكةِ بـالتوبةِ علـيه، وغيرِ ذلك من الأمورِ كلِّها، قادر؛ لأن الخَـلقَ خـَلقه، والمـُلكَ مُلكُه، والعبـادَ عبـادُه. (تفسير الطبري).

42- ﴿ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ﴾.
أي: الباطل. (ابن كثير).
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-11-2020, 09:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,655
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الهدية في الاستدراك على تفسير ابن عطية



44- ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾.
يقولُ تعالَى ذكرهُ لعلماءِ اليهودِ وأحبارِهم: لا تـخشَوا الناسَ في تنفـيذِ حكمي الذي حكمتُ به على عبادي وإمضائهِ علـيهم على ما أمرت، فإنهم لا يقدرون لكم علـى ضرٍّ ولا نفعٍ إلا بإذني، ولا تكتـموا الرجْمَ الذي جعلتهُ حُكمًا في التوراةِ على الزانـيَـينِ المحصَنَـين، ولكنِ اخشوني دونَ كلِّ أحدٍ مِن خَلقي، فإنَّ النفعَ والضرَّ بـيدي، وخافوا عقابي في كتـمانِكم ما استـُحفظتِـم مِن كتابي. (مستخلص من الطبري).

45- ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾.
ومَنْ لم يَحكمْ بما أنزلَ اللهُ مِن هذه الأحكام، فإنَّهم مِن الظالمين. (الواضح).
وقالَ ابنُ كثيرٍ رحمَهُ الله: قد تقدَّمَ عن طاوسٍ وعطاءٍ أنهما قالا: كفرٌ دونَ كفر، وظلمٌ دونَ ظلم، وفسقٌ دونَ فسق.

46- ﴿ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾.
والإنجيلُ كلُّهُ هداية، وتخويفٌ وزجرٌ عنِ ارتكابِ المعاصي، لمنِ اتَّقَى اللهَ وخافَ عقابَه. (الواضح).

47- ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾.
أي: الخارجون عن طاعةِ ربِّهم، المائلون إلى الباطل، التاركون للحقّ. (ابن كثير).

48- ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾.
وهي طاعةُ الله، واتِّباعُ شرعهِ الذي جعلَهُ ناسخاً لما قبله، والتصديقُ بكتابهِ القرآن، الذي هو آخرُ كتابٍ أنزله. (ابن كثير).

49- ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾.
وأن احكمْ بـينهم بـما أنزلَ الله، وأنزلنا إليكَ يا محمدُ الكتابَ مصدِّقاً لِـما بـين يديهِ من الكتاب. ويعني بقوله: ﴿ بِـمَا أنْزَلَ اللّهُ ﴾: بحكمِ الله الذي أنزلَهُ إلـيكَ في كتابه. (الطبري، باختصار).

50- ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾.
أي: هذا الخطابُ وهذا الاستفهامُ "لقومٍ يوقنون"، فإنهم هم الذين يتبيَّنون أنْ لا أعدلَ من الله، ولا أحسنَ حُكماً منه. (النسفي).

53- ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آَمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ ﴾.
يقول: فأصبحَ هؤلاءِ الـمنافقونَ عند مجيءِ أمرِ اللهِ بإدالةِ المؤمنـين علـى أهلِ الكفرِ قد وكسوا في شرائهم الدنـيا بـالآخرة، وخابتْ صفقتُهم وهلكوا. (الطبري).

54- ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾.
﴿ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾: أشدّاءَ على الكافرين غلظاءَ بهم. هؤلاءِ المؤمنـونَ الذين وعدَ اللهُ المؤمنـينَ أنْ يأتـيَهم بهم إنِ ارتدَّ منهم مرتدٌّ بدلاً منهم، يجاهدونَ في قتالِ أعداءِ الله، علـى النـحوِ الذي أمرَ اللهُ بقتالهم، والوجهِ الذي أذنَ لهم به، ويجاهدونَ عدوَّهم.

﴿ عَلِيمٌ ﴾: علـيـمٌ بموضعِ جودهِ وعطائه، فلا يبذلهُ إلاّ لمنِ استـحقَّه، ولا يبذلُ لمنِ استـحقَّهُ إلاّ علـى قدرِ المصلـحة، لعلـمهِ بموضعِ صلاحهِ له مِن موضعِ ضرِّه. (الطبري، بشيء من الاختصار).

55- ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾.
أي: ليس اليهودُ بأوليائكم، بل ولايتُكم راجعةٌ إلى الله ورسولهِ والمؤمنين. (ابن كثير).

59- ﴿ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ﴾.
قلْ يا محمدُ لأهلِ الكتابِ من الـيهودِ والنصارى: يا أهلَ الكتاب، هل تكرهون منا أو تجدون علـينا إلاَّ أن صدَّقنا وأقررنا بـالله فوحَّدناه، وبـما أُنزِلَ إلـينا من عند الله من الكتاب، وما أُنزِلَ إلى أنبـياءِ الله من الكتبِ من قبلِ كتابنا. (الطبري، باختصار).

60- ﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾.
أي: غضباً لا يرضَى بعدهُ أبداً. (ابن كثير).

62- ﴿ وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾.
أي: لبئسَ العملُ كان عملهم، وبئسَ الاعتداءُ اعتداؤهم. (ابن كثير).

63- ﴿ لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾.
فسَّرَ السحتَ في الآيةِ السابقة بالرِّشا وسائرِ مكسبهم الخبيث.
﴿ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ قال الطبري: يصنعونَ ويعملونَ واحد. قالَ لهؤلاءِ حينَ لـم يَنْهُوا، كما قالَ لهؤلاءِ حينَ عملوا.

64- ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ﴾.
﴿ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾: يُنفِقُ كما يشاء، مِن توسيعٍ على عبادٍ له، أو تضييقٍ في الرزقِ على آخرينَ منهم...
﴿ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾:... وهذا مِن سَجيَّتهم، فإنَّ شأنَهمُ الإفسادُ في الأرض، بالكيدِ لأهلِ الحقّ، وإثارةِ الشرِّ والفتنة، وإيقادِ نيرانِ الحروب (الواضح).

66- ﴿ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾.
بئسَ شيئاً عملُهم. قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهما: عملوا القبيحَ مع التكذيبِ بالنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم. (البغوي).

69- ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى ﴾.
ذكرَ أنه سبقَ بيانُ اللفظين في سورةِ البقرة. ويعني في الآيةِ (62) منها، وفيه ملخصًا:
النصارى: لفظةٌ مشتقةٌ من النصر، إما لأن قريتهم تسمَّى ناصرة، ويقال: نصريا، ويقال: نصرتا، وإما لأنهم تناصروا، وإما لقول عيسى ِعليه السلام: ﴿ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 152].

والصابىء في اللغة: مَن خرجَ من دينٍ إلى دين، ولهذا كانت العربُ تقولُ لمن أسلم: قد صبا، وقيل: إنها سمتهم بذاك لما أنكروا الآلهة، تشبيهاً بالصابئين في الموصل، الذين لم يكنْ لهم برٌّ إلا قولهم: لا إله إلا الله... وأما المشارُ إليهم في قولهِ تعالى: ﴿ وَالصَّابِئُونَ ﴾، فقال السدِّي: هم فرقةٌ من أهلِ الكتاب، وقال مجاهد: هم قومٌ لا دينَ لهم، ليسوا بيهودٍ ولا نصارى، وقال ابنُ أبي نجيح: هم قومٌ تركَّبَ دينُهم بين اليهوديةِ والمجوسية، لا تؤكلُ ذبائحهم، وقال ابن زيد: هم قومٌ يقولون: لا إله إلا الله، وليس لهم عملٌ ولا كتاب، كانوا بجزيرةِ الموصل...

71- ﴿ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ﴾.
أي: وحسبوا أن لايترتبَ لهم شرٌّ على ما صنعوا، فترتب، وهو أنهم عمُوا عن الحقّ، وصمُّوا، فلا يسمعون حقًّا، ولا يهتدون إليه. (ابن كثير).

72- ﴿ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾.
اعبُدوا اللهَ وحدَه، فهو ربِّي وربُّكم، ونحن جميعاً عَبيدٌ لله، وإنَّ مَن يُشرِكْ بهِ في عبادتهِ فقد حرَّمَ عليهِ دخولَ الجنَّة، وأوجبَ له النَّار. وقد ظَلموا بإشراكِهم وكفرِهم هذا وعَدَلوا عن طريقِ الحقّ، ولن تجدَ لهؤلاءِ الظَّالمينَ مُعيناً ولا ناصراً يُنقِذُهم من عذابِ اللهِ وعقوبتهِ المقدَّرةِ عليهم. (الواضح).

78- ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
بما عصَوا اللهَ فخالفوا أمرَه، وكانوا يتـجاوزونَ حدوده. (الطبري).
وفسَّرَهُ ابنُ كثير بالاعتداءِ على الخَلق.

80- ﴿ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ ﴾.
وفي عذابِ اللهِ يومَ القـيامةِ هم خالدون، دائمٌ مُقامُهم ومُكثهم فـيه. (الطبري).

81- ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾.
وبما أنزلَهُ عليهِ منَ القرآنِ الكريم، لَما اتَّخذوهم أولياءَ يُناصِرونَهم ضدَّ دينهِ وأوليائه. (الواضح).

الجزء السابع
85- ﴿ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
دليلٌ على إخلاصِ إيمانهم وصدقِ مقالهم، فأجابَ الله سؤالهم وحَقَّق طمعَهم ـ وهكذا من خلَصَ إيمانهُ وصدَقَ يقينه، يكونُ ثوابهُ الجنة. (القرطبي).

87- ﴿ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾.
واللهُ لا يحبُّ الظَّالمينَ المعتَدينَ حدودَه، ولكنْ قفوا عندها والتزِموا بها. (الواضح).

88- ﴿ وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾.
﴿ حَلَالاً طَيِّبـاً ﴾ يعنـي: ما أحلّ الله لهم من الطعام.
وأما قوله: ﴿ وَاتَّقُوا اللّهَ الَّذِي أنْتُـمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ فإنه يقول: وخافوا - أيها الـمؤمنون - أنْ تعتدوا في حدوده، فتحلُّوا ما حرَّمَ علـيكم، وتحرِّموا ما أحلِّ لكم، واحذروهُ في ذلكَ أنْ تـخالفوهُ فـينزلَ بكم سخطه، أو تستوجبوا به عقوبته، ﴿ الَّذِي أَنْتُـمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ يقول: الذي أنتـم بوحدانـيتهِ مقرُّون، وبربوبـيتهِ مصدِّقون. (الطبري).

89- ﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾.
﴿ لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ﴾ ذكرَ أنه سبقَ بيانهُ في سورةِ البقرة، ويعني في الآيةِ (225) منها، وقد توسَّعَ فيه هناك، وقالَ بعد البيانِ اللغويِّ وأقوالِ أهلِ التفسير:
وطريقةُ النظرِ أن يُتأمَّلَ لفظةُ اللغوِ ولفظةُ الكسب، ويُحكَمُ موقعُهما في اللغة، فكسبُ المرءِ ما قصدَهُ ونواه، واللغوُ ما لم يتعمَّده، أو ما حقُّهُ لهجنتهِ أن يسقط، فيقوَى على هذه الطريقةِ بعضُ الأقوالِ المتقدِّمةِ ويضعفُ بعضها، وقد رفعَ الله عزَّ وجلَّ المؤاخذةَ بالإطلاقِ في اللغو، فحقيقتهُ ما لا إثمَ فيه ولا كفّارة. اهـ.

﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: وراعُوا حَلِفَكم إذا حنَثْتُم، فلا تَتركوهُ مِن غيرِ تَكفير. وهكذا يبيِّنُ اللهُ لكم أحكامَ شريعتهِ ويوضِّحُها، فاشكروهُ على نعمةِ هذا التعليمِ والبيان، الذي هو لخيرِكم وصالِحكم. (الواضح).

90- ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
﴿ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾: شربُكم الـخمر، وقماركم علـى الـجُزُر، وذبحكم للأنصاب، واستقسامُكم بـالأزلام، من تزيـينِ الشيطانِ لكم، ودعائهِ إياكم إلـيه، وتـحسينهِ لكم، لا من الأعمالِ التي ندبَكم إلـيها ربُّكم، ولا مما يرضاهُ لكم، بل هو مما يسخطهُ لكم.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: لكي تنـجحوا فتدركوا الفلاحَ عند ربِّكم بتركِكم ذلك (الطبري).

93- ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾.
والله يحبُّ المتقرِّبـين إلـيه بنوافلِ الأعمالِ التـي يرضاها. (الطبري).

95- ﴿ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ ﴾.
واللهُ مَنـيعٌ في سلطانه، لا يَقهرهُ قاهر، ولا يـَمنعهُ مِن الانتقامِ ممَّن انتقمَ منه، ولا مِن عقوبةِ مَن أرادَ عقوبتَهُ مانع، لأنَّ الخَلقَ خَـلقُه، والأمرَ أمرُه، له العزَّة والمنَعة. وأما قوله: ﴿ ذُو انْتِقَامٍ ﴾ فإنه يعني به: معاقبتهُ لمن عصاهُ على معصيتهِ إيّاه. (الطبري).

98- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
اعلموا أيها الناس، أنَّ ربَّكم الذي يعلمُ ما في السماواتِ وما في الأرض، ولا يخفَى علـيه شيءٌ مِن سرائرِ أعمالِكم وعلانـيتِها، وهو يُحصيها عليكم ليجازيَكم بها، شديدٌ عقابهُ مَن عصاهُ وتمرَّدَ عليه، على معصيتهِ إيّاه، وهو غفورٌ لذنوبِ مَن أطاعَهُ وأنابَ إليه، فساترٌ عليه وتاركٌ فضيحتَهُ بها، رحيمٌ به أنْ يعاقبَهُ على ما سلفَ مِن ذنوبهِ بعد إنابتهِ وتوبتهِ منها. (الطبري).

100- ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾.
اتَّقوا اللهَ لتُفلحوا، أي: كي تنـجحوا في طلبتِكم ما عنده. (الطبري).

104- ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ﴾.
أجابوا في عنادٍ وضلال: يَكفِينا ما وجدنا عليه آباءَنا وأجدادَنا، ولا نلتفِتُ إلى غيرهم، فمعَهمُ الحقُّ وكفَى!
ولكنْ لماذا يقلِّدونَ آباءَهم هكذا بدونِ تعقُّلٍ ولا تفكير؟ فإذا كانَ الآباءُ جهَلةً ضالِّينَ مثلَهم، لا يَفهمونَ الحقَّ ولا يعرفونَ سبيلَ الاهتداءِ إليه، فكيفَ يتَّبِعونَهم والحالةُ هذه؟ (الواضح).

105- ﴿ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾.
أي: فيُجازي كلَّ عاملٍ بعمله، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشرّ. (ابن كثير).

109- ﴿ يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ﴾.
أي: أنتَ الذي تعلمُ ما غاب، ونحن لا نعلمُ إلا ما نشاهد. (البغوي).

110- ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾.
﴿ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ﴾: وأنطقتُكَ منذُ صِغَرِك، فصرتَ تكلِّمُ الناسَ وأنتَ طفلٌ صغيرٌ في المهد، كما تكلِّمُهم وأنتَ كهلٌ تجاوزتَ الثلاثين.

﴿ وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ﴾: وتُبرِئُ الأعمَى فيُصبِحُ مُبصِراً، وتَشفي المبتلَى بالبرَص.
﴿ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ ﴾: فقالَ الكافرونَ منهم: ما هذا الذي جئتَ بهِ سوَى سحرٍ وشعوَذة. (الواضح).

111- ﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾.
﴿ قَالُواْ آَمَنَّا ﴾ طبقَ ما أُمِرنا به، ﴿ وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ مخلصونَ في إيمانِنا، أو منقادونَ لِما أُمِرنا به. (روح المعاني).
وذكرَ ابنُ عطيةَ رحمَهُ الله أنه تقدَّمَ تفسيرُ لفظةِ (الحواريين) في آل عمران، ويعني في الآيةِ (52) منها، وقد قالَ هناك: الحواريون قومٌ مرَّ بهم عيسى عليه السلام، فدعاهم إلى نصره، واتِّباعِ ملَّته، فأجابوه، وقاموا بذلك خيرَ قيام، وصبروا في ذاتِ الله. ورُويَ أنه مرَّ بهم وهم يصطادون السمك.

112- ﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾.
المائدة: هي الخوانُ عليه الطعام. وذكرَ بعضهم أنهم إنما سألوا ذلكَ لحاجتِهم وفقرهم، فسألوهُ أن يُنزلَ عليهم مائدةً كلَّ يومٍ يقتاتون منها، ويتقوَّون بها على العبادة. (ابن كثير).

114- ﴿ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآَخِرِنَا وَآَيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
﴿ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ أي: خُواناً عليه طعام، أو سُفرةً كذلك.
وقولهُ سبحانهُ وتعالى: ﴿ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ متعلقٌ إمّا بـ ﴿ أَنْزِلْ ﴾، أو بمحذوفٍ وقعَ صفةً لـ﴿ مَائِدَةً ﴾، أي: كائنةً من السماء. والمرادُ بها إمّا المحلُّ المعهود، وهو المتبادرُ من اللفظ، وإمّا جهةُ العلو. (روح المعاني، باختصار).
﴿ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ ﴾: وأعطِنا مِن عطائك، فإنكَ يا ربِّ خيرُ من يعطي، وأجودُ مَن تفضَّل؛ لأنه لا يدخلُ عطاءَهُ مَنٌّ ولا نكد. (الطبري).

116- ﴿ وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ ﴾.
ويقولُ اللهُ تعالَى لعيسَى بنِ مريمَ يومَ القيامةِ تبكيتاً وتقريعاً للنَّصارَى: أأنتَ قلتَ للنَّاس: اجعلوني وأمِّيَ معبودَينِ لكم مِن دونِ الله؟ (الواضح).
وذكرَ باقي التفسيرِ في الآيةِ التالية.

117- ﴿ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
يقول: وكنتُ على ما يفعلونَهُ وأنا بين أظهرهم شاهداً عليهم وعلى أفعالهم وأقوالهم، فلمّا قبضتَني إليكَ كنتَ أنتَ الحفيظَ عليهم دوني، لأني إنما شهدتُ من أعمالهم ما عملوهُ وأنا بين أظهرهم، وأنتَ تشهدُ على كلِّ شيء، لأنه لا يخفَى عليكَ شيء، وأما أنا فإنما شهدتُ بعضَ الأشياء، وذلك ما عاينتُ وأنا مقيمٌ بين أظهرِ القوم. (الطبري، باختصار).

119- ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾.
لهم جزاءَ إيمانِهم وصدقِهم جنّاتٌ عالياتٌ تجري مِن تحتِها الأنهار، مُقيمينَ فيها أبداً، لا يزولونَ عنها ولا يَحُولون، ويُفيضُ اللهُ عليهم رضوانَهُ الذي لا غايةَ وراءَه، ويَرضَونَ هم، فلا شيءَ أعزُّ مِن رضوانهِ سبحانَه، وهو الفوزُ والفلاحُ الذي لا أعظمَ منهُ ولا يُدانيهِ مَطلَب. (الواضح).


120- ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾.
أي: هو الخالقُ للأشياء، المالكُ لها، المتصرِّفُ فيها، القادرُ عليها، فالجميعُ مُلكه، وتحتَ قَهرهِ وقدرتهِ، وفي مشيئته، فلا نظيرَ له ولا وزيرَ ولا عديل، ولا والدَ ولا ولدَ ولا صاحبة، فلا إلهَ غيرُه، ولا ربَّ سواه. (ابن كثير).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 393.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 387.15 كيلو بايت... تم توفير 5.86 كيلو بايت...بمعدل (1.49%)]