الأماني الجريحة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 65 - عددالزوار : 52021 )           »          الحرص على الائتلاف والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 80 - عددالزوار : 45815 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 196 - عددالزوار : 64221 )           »          فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 374 - عددالزوار : 155235 )           »          6 مميزات جديدة فى تطبيق الهاتف الخاص بنظام iOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          إيه الفرق؟.. تعرف على أبرز الاختلافات بين هاتف iPhone 12 و Google Pixel 9 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          برنامج الدردشة Gemini متاح الآن على Gmail لمستخدمى أندرويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيفية حذف صفحة Word فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          خطوات.. كيفية إعادة ترتيب الأزرار وتغيير حجمها في مركز التحكم بـiOS 18 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2020, 12:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,565
الدولة : Egypt
افتراضي الأماني الجريحة

الأماني الجريحة


بدر الحسين




الأمُّ كوثرُ الحياةِ، واخضرارُ النَّبات، هِي دفءُ الشتاءِ، وعذوبة الماء ولونُ السماء.. الأمُّ عطرُ الزهر، ورَوعةُ القمر، وظلُّ الشِّجَر.. هي انحناءَةُ القَصب وتواضع السَّنابِل الملأى وشُموخ الدَّوح المبارَك، في قلبها تَتدفَّقُ مُحيطاتُ العالم التي تُغذِّي الأنهارَ والجداولَ والغُدرانَ بماءِ الحنانِ وسلسبيل الأمان، في صَدْرِها سَعَةُ الأُفُق وصَبْر الأنبياء، وفي راحتَيْها سِحرُ العَبَق ورقَّة النُّبلاء.

في صباح هذا اليوم هاتَفَني حارسُ المدرسة يقول: أمُّ عُمَر تُرِيدُ أن تُشاهِدَ ولدها، وستقولُ لك شيئًا.. اصطحبتُ عُمَر، ونزلْنا معًا إلى باب المدرسة، وعندما أصبحنا ما بين دَفَّتَي الباب المفتوح أفلتَ عمر يدَه منِّي، وانطلقَ كالسَّهم أو كالعُصفور الهارب من المطر إلى عُشِّه، انطلقَ لتستقبِلَه ذراعَا أمِّهِ، وقد احتضَنتهُ، وضمَّتْه، وقبَّلَته، وربَّما تَخضَّبَت وَجنَتَاه بِدُموعِ الشَّوق وَدِفءِ الحنان.. إنَّ لقاءَ عمر مع أمِّه - التي انفَصَلَت عن أبيه منذُ سَنَواتٍ عِدَّة -كان أشبَه بِعَودةِ الرُّوح إلى الجسَد واستِقرَار الماء في الوهدِ،كان موقِفًا لو رأتهُ الأحجار لتشقَّقَت، ولو سَمِعتهُ الأطيارُ لناحَت..!

تواريتُ عن الأنظار؛ لأنَّ الموقفَ أدْمَى قَلبِي، وطَفِقْتُ أنتظرُ ريثما ينتهي عمر من احتساءِ جرعةِ الحنان التي كانتْ في هذه المرَّة أمامَ بوابة المدرسة، وبعد نِهاية الموقف كانت الأمُّ قد أحضرَتْ هدايا بعددِ زملاءِ ولدها، رفْعًا لمعنوياته وتوثيقًا لِعلاقته معهم..

دخلْتُ إلى الصَّفِّ ومعي عمر، ومن خَلْفِنا الحارس الذي ضاقَتْ كلتا يديْهِ ذرْعًا بأكْياس الهدايا الأخَّاذَة، أخبرتُ التلاميذ أنَّ زميلَهم عُمَر يُحبُّهم كثيرًا، وها هو الآن قد أحضرَ لكم الهدايا الجميلة فاشكرُوه وصفِّقُوا له، استجابَ الطلابُ وراحوا يُصَفِّقُون ويَشكرُون زميلهم، ودَوَّت عباراتُ شُكْرِهم في أرجاءِ الطَّابق الأوَّل.

شعرَ عمر بالنَّشوة وكان شعورُه تِجاهَ زُملائِه أَشْبَه ما يكون بشعورِ الرَّجل الثريِّ الذي يُنِفقُ على المُعْوِزين، وقبل أن أنسحِبَ من الفصل أخبرتُ المعلم أن يكتبَ له عبارات تشجيعيَّة على هذه اللَّفتَة الإنسانية النبيلة.

وفي الفسحة الثانية نزلَ عمر مع أقرانه وهم يبادلونَهُ نظرات الإعجاب، وكأنَّ عمرَ أصبحَ اليوم في عيونِهم أجْملَ وأروعَ مِمَّا كان في السابق، كان يُحاولُ أن يقتربَ منّي وعيناهُ توحِيان بأنَّ عنده كلامًا يُريد أن يقولَه لي، ومع رنين جرس الحصَّة السادسة اقتربَ مني أكثر فاستبقتُه قائلاً: هل تريد شيئًا، يا بُنَي؟ فأجاب: هل تعرف رقم جوال أمي، يا أستاذ؟ قلت: نَعَم، وماذا تريد من أمِّك؟ ألم تُحضِر لكَ الهدايا قبل قليل، وبقيتَ معَها نحوَ نصفِ ساعة؟! قال: أريدُ أن أقولَ لها شيئًا، .. وما هو؟ قال: أتمنى أن تأخذني اليوم معها؛ لأن أبي وزوجته سيذهبان لزيارة أختِها المريضة، ولا أرغبُ بالذهاب معهما، قلت: أحاول، إن شاء الله.

لم أتَّصل بالأم لأنني أعرف أنَّ الأبَ يمنعُ ولده من الذَّهاب إلى بيت أمِّه إلا أنه يسمح له بذلك في المناسبات كالأعياد، وعندما تملُّ منه زوجةُ أبيه بعض الأحيان، وفي اليوم الثاني اتَّصلتُ بالأب أسْتأذِنُه بِخُروج ولدهِ مع أمِّهِ في أثناء ساعاتِ الدَّوام الرسميَّة عندَ الضرورة، وقد تَحدَّثتُ معه بطريقةٍ إنسانيَّة لطيفة سَدَّت بوجْهِه كلَّ مبرِّرات الرَّفض؛ فقال: لا مانع لديَّ، فرُحتُ على الفَوْرِ واتَّصلتُ بالأم أزُفُّ خبرَ موافقة الأب، وبدأت أمُّ عمر تأتي لمشاهدة ولدها بين الحين والحين، وفي بعض الأحايين أجدُني أتَجاوزُ أنظمة المدارس وأسمحُ لأم عمر بأخذِه إلى السوق؛ لتشتري له بعضَ اللَّوازم المدرسيَّة في أثناء الحصَّة الفنِّيَّة أو البدنيَّة، وتعيده إلى المدرسة ثانيةً؛ لأشعر بأنَّني فَعَلْت شيئًا أو قدَّمت همسة إنسانية للبريء عمر.

عشتُ مع عمر غيرَ سنةٍ وهو على هذه الحال؛ فهل فكَّر أبواه بِدَوَّامة الحزن والألم والعذاب النفسي الذي سيكابدُه هذا الطِّفل من جرَّاء حِرمانه من حضْنِ أمِّهِ ودفء أبيه؟!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.28 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.34%)]