سلامة الصدر وصلاح الأمر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن لقاح السعال الديكي للأطفال والبالغين! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          لمرضى السكري: 9 فواكه ذات مؤشر جلايسيمي منخفض! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حلية المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دعاء العبادة ودعاء المسألة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-11-2020, 09:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,693
الدولة : Egypt
افتراضي سلامة الصدر وصلاح الأمر

سلامة الصدر وصلاح الأمر


خميس النقيب



إن مِن النعيم المعجَّل للعبد المؤمن في هذه الدنيا، والمؤجَّل المقام له في الآخرة؛ أي: جنة الدنيا ولذة الآخرة - أن يُرزَق نعمة سلامة الصدر وصلاح الأمر على كل مَن عاش معه، أو خالطه، بل على كل أحد! فقلبه أبيض مِن ثوبه، وصدره أرقُّ مِن صوته، وخُلُقه أجمل مِن شكله، يرى أن لكل مسلم عليه حقًّا، أما هو فليس له حق على أحد، ولذا فحياته طيِّبة مطمئنة! سلَّمه الله من الأدواء والأدران والأورام التي تنبت في القلب؛ كالغلِّ والحقد، والبُغض والعُجب، والكِبر والحسد.

قال الأستاذ محمد الغزالي رحمه الله في كتابه خلق المسلم: "ليس أروح للمرء، ولا أطرد لهُمومه، ولا أقرَّ لعينه من أن يعيش سليمَ القلب، مبرَّأً مِن وساوس الضَّغينة، وثوران الأحقاد، إذا رأى نعمةً تَنساق إلى أحد رضي بها، وأحس فضل الله فيها وفقر عباده إليها، وذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد مِن خَلقك، فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر))، وإذا رأى أذًى يلحق أحدًا مِن خلق الله، رثى له، ورجا الله أن يفرِّج كربه ويغفر ذنبه.

يحيا المسلم ناصع الصفحة، راضيًا عن الله وعن الحياة، مُستريح النفس من نزعات الحقد الأعمى، فإن فساد القلب بالضغائن داء عياء، وما أسرع أن يتسرب الإيمان من القلب المغشوش، كما يتسرب السائل من الإناء المثلوم!

ونظرة الإسلام إلى القلب خطيرة، فالقلب الأسود يُفسد الأعمال الصالحة، ويَطمس بهجتها، ويُعكِّر صفوها، أما القلب المشرق، فإن الله يُبارك في قليله، وهو إليه بكل خير أسرع؛ عن عبدالله بن عمرو، قيل: يا رسول الله، أيُّ الناس أفضل؟ قال: ((كل مخموم القلب صدوق اللسان))، قيل: "صدوق اللسان" نعرفه، فما "مخموم القلب"؟ قال: ((هو التقي النقيُّ، لا إثم فيه ولا بغي ولا غلَّ ولا حسَد))".

سلامة الصدر، ونقاء السريرة، وصفاء النفس: من الأمور الدالة على الإيمان والطمأنينة واليقين، ومِن دَوافع العمل الصالح، ومِن موجبات الأجر والثواب، وهي صفات تقرِّب صاحبها من الأعمال التي تَفتح له أبواب الخير، وتُورده مسالك الطريق إلى الجنة، وتساعده على تقويم نفسه وإصلاح ذات البَين؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أتى مكان كذا وكذا، فله كذا وكذا، أو فعل كذا وكذا، فله كذا وكذا))، فتسارع إليه الشبان، وبقي الشيوخ عند الرايات، فلما فتح الله عليهم جاؤوا يَطلبون ما جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لهم الأشياخ: لا تذهبوا به دوننا، فأنزل الله عليه الآية: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي في سننه، عَن أبي أُمامة قال: سألتُ عُبادة بن الصامت عن الأنفال، فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلَفنا في النفل، فساءت فيه أخلاقنا، فانتزعه الله مِن أيدينا وجعله إلى رسول الله، فقسمه رسولُ الله بين المسلمين.

ترك الله كل أحداث بدر، وبدأ سورة الأنفال - التي تحكي ما حدث في معركة الفرقان - بقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾؛ لأن فساد ذات البين يؤجل النصر، ويَحجب الدعاء، ويُغضب رب السماء، أما سلامة الصدر وإصلاح الأمر، فيمهد للعزة، ويَرسم للكرامة، ويَجلب أسباب النصر!

لكنَّ كثيرًا من الناس اليوم - للأسف - يتورَّع عن أكل الحرام أو النظر الحرام، ويترك قلبه يَرتع في مهاوي الحقد والحسد والغلِّ والضَّغينة؛ قال عبدالله الأنطالي: "إنما هي أربع لا غير: عينُك، ولسانُك، وقلبُك، وهواك، فانظر عينك لا تَنظر بها إلى ما لا يحلُّ، وانظر قلبك لا يكون منه غلٌّ ولا حقد على أحد من المسلمين، وانظر هواك لا يهوى شيئًا من الشر، فإذا لم يكن فيك هذه الخصال الأربع، فاجعل الرماد على رأسك؛ فقد شقيتَ".

وبعض الناس يظنُّ أن سلامة القلب تَكمن في سهولة غشِّه وخِداعه.

إن مِن أخلاق الإسلام الصلح بين الناس إذا تقاطعوا؛ لِمَحْوِ أسباب الضغائن والشحناء، وقطع طرُق الفتن والبغضاء، إنها من صنائع المعروف المقرِّبة إلى الله تعالى.

والمسلم الحق يحبُّ السلام والأمن والازدهار، والمسلم الفاسق والضعيف والشحيح يُروِّع ويَظلم ويهلك أخاه المسلم إن اختلف معه في الرأي، والله له بالمرصاد، علمًا أن الأحقاد تدمِّر الأمجاد!

فما أجمل المجتمع إذا طبق شرع الله، وسار على نهج رسول الله، والتزم كتاب الله! ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق: 2، 3].

فالحمد الله على نعمة هذا الدين، والفضل لله أن رزقنا الإسلام الحنيف، وعلى الدعاة والمصلحين أن يعوا مرامي الآيات التالية، ويتمثَّلوها في أنفسهم أولًا، وهذه الآيات قد حثتنا على التمسُّك بالإسلام وتعاليمه، والدفع بالتي هي أحسن، والصبر على ذلك، وعدم الاستسلام لنزغات إبليس، والاستعاذة من الشيطان بالاستغاثة بالرحمن؛ ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [فصلت: 33 - 36].

إنَّ الدفع بالتي هي أحسن يصبُّ في اتجاه إرادة الصلح، والرغبةُ في الصلح - في حدِّ ذاتها - خير، فهو أحسن أمرًا، وأطيب أثرًا، وأكثر عمقًا، وأعظم أجرًا، وأسلم عاقبة؛ لأنه يُبنى على كرم النفس، وسماحة الطبع، فهو يأتي عفوًا بلا حكم صادر من أحد، بل من جودة السجية، وحسن الطبع، وجمال الخلق، فالذي يسعى بالصلح ولو لم يكن مُخطئًا محبوب؛ لأنه يريد البناء والخير؛ ولهذا قال شعيب: ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ﴾ [هود: 88].

الصلح خير على كل جِهة أرادته؛ لأنه لا يَندم على الصلح أحد؛ إذ يعوض الله قابل الصلح سكينةً وأمْنًا، وبردَ عفوٍ، ولذَّةَ كرم يَجدها في قلبه؛ لأن المُصالِح كريم، والكريم واسع الصدر، رحب الباع، مُنشرح القلب، بخلاف رافض الصلح؛ فإنه يُعاقَب بحرَجٍ في صدره، وضيق في نفسه، وسواد في قلبه، وحمق في عقله، جزاءً وفاقًا لعمله.

وما أجمل هذا التعقيب الرائع الساطع في الآية! بعد أن قال: ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]، قال تعالى: ﴿ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾ [النساء: 128]، وهو تحذير للنفوس من هذا المرض الذي يَصحبها ويغلب عليها؛ فلا تقبل صلاحًا، ولا تَعفو عن مظلمة، ولا تتنازل عن حق، ولا تُعطي شيئًا، إلا مَن رحم الله، ولكن في قوله: ﴿ وَأُحْضِرَتِ ﴾ تعبير عن ضخامة الشرِّ واكفهرار الليل، وكمية الحقد، وعدم الرغبة في الصلح، وعدم الاكتراث بإصلاح ذات البين.

ثم ذكر الأنفس؛ لأنها مصدر الخير والشر؛ ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ﴾ [الشمس: 7، 8]، ومعقل الجود والبخل، فمن حدَّث نفسه بالمعروف، قَبِل الصلح وسعى إلى المسامحة، ومن بخلت نفسه وضنَّت، ضيقت على عباد الله، وسعت في استيفاء حقوقها بشراسة وعناد، وفي قوله: ﴿ الشُّحَّ ﴾ إشراق في العبارة؛ لأنَّ الشح غاية البخل ومُنتهاه.

قال ابن تيمية: المؤمن الصادق لا يُضارب ولا يعاقب ولا يطالب، وإنما يمنع الإصلاح قبولُ شح الأنفس الأمَّارة؛ ولهذا حسن أن يزفَّ في سياق الآية، فمَن نجا مِن شحِّ نفسه، عاش صالحًا مصلحًا، فصار كالغمامة أينما حلَّت هلَّت، فهو جواد عند الخصومة، سهل عفوٌّ عند المنازعة، يسيرٌ عند الجدال، صَفوح عند المعاتبة، بخلاف الشحيح، فهو بخيل بنواله، ثقيل في مطالبه، عنيد في خلافه، شرس في طباعه، وصدق الله: ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

اللهم طهِّر قلوبنا، ونقِّ صدورنا، ويسِّر أمورنا، وفرِّج همومنا، أنت خالقنا وربنا.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.45 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.09%)]