|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الحسن البصري يذم الدنيا وينهى عن التعلق بها د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي قال هشام بن حسان[1]: سمعت الحسن يقول: والله ما أحد مِن الناس بُسط له في أمر من أمور دنياه، فلم يخف أن يكون ذلك مكرًا به، واستدراجًا له، إلا نقص ذلك من عمله، ودينه، وعقله، ولا أحد أمسك الله الدنيا عنه، ولم يرَ أن ذلك خير له، إلا نقص ذلك من عمله، وبان العجز في رأيه. وكان يقول: ما من مسلم رُزق يومًا بيوم، فلم يعلم أن ذلك خير له، إلا كان عاجز الرأي. وكان يقول: إن الله - عز وجل - لَيُعطي العبد من الدنيا؛ مكرًا به، ويمنعه؛ نظرًا له. وكان يقول: أدركت أقوامًا كانت الدنيا أهون عندهم من التراب الذي تمشون عليه. وكان يقول: رحم الله أقوامًا كانت الدنيا عندهم وديعةً، حتى ردوها إلى من ائتمنهم عليها، ثم راحوا خِفَافًا غير مثقلين، ولقد أدركت أقوامًا كانت الدنيا تتعرَّض لأحدهم، وإنه لمجهود، فيتركها مخافة الساعة. وكان يقول: والله ما بلغت الدنيا ولا انتهى قدرها إلى أن يضيع الرجل فيها حسبه ودينه. وكان يقول: والله ما عجبت من شيء كعجبي من رجل لا يحسب حب الدنيا من الكبائر؛ وايم الله! إن حبها لمن أكبر الكبائر، وهل تشعَّبت الكبائر إلا من أجلها؟ وهل عُبدت الأصنام، وعُصي الرحمن، إلا لحب الدنيا؟ فالعارف لا يجزع من ذلها، ولا ينافس بقربها، ولا يأسى لبُعدها. وكان يقول: يحشر الناس عراةً يوم القيامة، ما خلا أهل الزهادة في الدنيا. وكان يقول: أيها الناس، والله ما أعز هذا الدرهمَ أحدٌ إلا أذله الله تعالى يوم القيامة؛ لقد ذكر أن إبليس لما ضُرب الدينار والدرهم أعزهما وجعلهما على رأسه، وقال: من أحبكما فهو عبدي حقًّا أصرفه كيف أشاء. وقال: إذا أحب بنو آدم الدنيا، فما أبالي ألا يعبدوا صنمًا، ولا يتخذوا إلهًا غير الله ربًّا، حبهم الدنيا يورثهم المهالك. وكان يقول: رأَينا مَن أُعطي الدنيا بعمل الآخرة، وما رأينا من أعطي الآخرة بعمل الدنيا. وكان يقول: المؤمن لا يَصفو له في الدنيا عيش. وكان يقول: لقد رُوي عن المسيح عليه السلام قال: الدنيا لإبليس مزرعة، والناس له حراثون. وكان يقول: من عرف ربه، أحبه، وآثر ما عنده، ومن عرف الدنيا وغرورها، زهد فيها. وقيل له: يا أبا سعيد، هل نرى الله - عز وجل - في دار الدنيا؟ فقال: لا، قيل: فهل نراه في دار الآخرة؟ قال: نعم، قيل: وما الفرق بين ذلك؟ فقال: إن الدنيا فانية، وفانٍ كلُّ ما فيها، وإن الآخرة باقية، وباقٍ كلُّ ما فيها، ومحال أن يرى الباقي بالفاني، والقديم الأزلي بالمحدث، فإذا كان يوم القيامة، خلق الله - عز وجل - لعباده أبصارًا باقيةً، يرون بها ربهم؛ تفضلاً عليهم، وإكرامًا لهم. وكان يقول: رُوي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو راقد على سرير مرمول بالشريط[2]، وقد أثَّر في جنبه أثر الحبل، فدمعت عيناه، فقال النبي - عليه السلام -: ((ما لك يا بن الخطاب؟))، فقال: ذكرت كسرى وقيصر، وما هما فيه من الملك والنِّعَم، ورأيتك وأنت رسول الله، وصفيه، ومصطفاه، وحبيبه، تنام على سرير مرمول بالشريط! فقال عليه السلام: ((أما ترضى يا عمر أن يكون لهما الدنيا، ولنا الآخرة؟))، فقال: رضيت يا رسول الله، قال عليه السلام: ((فاعلم يا عمر أن الأمر كذلك))[3]، وقال عليه السلام: ((إنما مثَلي ومثل الدنيا كراكب سافر في يوم صائف، فرُفعت له شجرة ذات ظل ظليل، فقال تحتها، ثم راح وتركها))[4]. قال الحسن: ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب الحمار، ويلبس الصوف، ويلعق أصابعه، ويأكل على الأرض، ويقول عليه السلام: ((إنما أنا عبد، آكل كما يأكل العبد))[5]. وكان يقول: لقد كانت فاكهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يستظرفونها خبز البر، فما بالكم عباد الله تَستفرهون المراكب، وتستلينون الملابس، وتلونون الأطبخة؟! ثم يقول: ويحَكم[6]! أما تستحون من طول ما لا تستحيون؟! ألا تكونون كما كان سلفكم الصالح! وكان يقول: من نافسك في دينك، فنافسه، ومن نافسك في دنياك، فألقها في نحره. وكان يقول: أيها الناس، أدركت أقوامًا، وصحبتُ طوائف، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبَلَ، ولا يحزنون على شيء منها أدبَرَ، ولهي عندهم أهون من التراب الذي تطؤونه بأرجلكم. كان أحدهم يعيش دهره لم يُجدَّد له ثوب، ولا نُصب له قدر على نار، ولا يجعل بينه وبين الأرض ستر، كانوا يخافون يومًا تشخص فيه الأبصار، وتعمى القلوب. وكان يقول: ابن آدم، لا تعلق قلبك بشيء من الدنيا، تعلقها شر تعلق، اقطع عنك حبائلها، وأغلق دونك أبوابها. وليكن حسبك - أيها المغرور - منها ما يبلغك المحل، وإياك أن تظن أنك تُباهي يوم القيامة بمالك وولدك، هيهات أن ينفعك شيء من ذلك يوم يقوم الحساب! ذلك يوم تذهب الدنيا فيه بحالها، وتبقى الأعمال قلائد في أعناق عمَّالها. وكان يقول: أيها الناس، خذوا صفْوَ الدنيا، ودعوا كدَرَها؛ فليس الصفو ما عاد كدرًا، ولا الكدر ما عاد صفوًا، دعوا ما يريبكم إلى ما لا يَريبكم، تُرتجى السلامة في العاجلة والآجلة لكم، وقد رأيت أقوامًا كانوا فيما أحلَّ الله لهم من الدنيا أزهد منكم فيما حرم عليكم منها. وكان يقول: ما أُعطي رجل شيئًا من الدنيا إلا قيل له: خذه ومثله من الحرص. وكان يقول: من حمد الدنيا، ذم الآخرة، وليس يَكره لقاءَ الله إلا مقيمٌ على سخطه. وكان يقول: ابن آدم، ما أعطاك الله تعالى الدنيا إلا اختبارًا، ولا زواها مذ خلقها عن عباده المؤمنين إلا اختبارًا. قال الحسن بن جعفر[7]: سمعتُ مالك بن دينار يقول: الدينار والدرهم أهوَن من النَّوى، فعرفت ذلك الحسن بن أبي الحسن، فقال: يرحم الله مالكًا، هما أهون عليَّ من الحصباء، النوى تأكله الدواب، ويَنتفع به الناس، والدراهم تَقتل مَن كسبها من غير حلها، وتهوي به في نار جهنم وبئس المصير. وكان يقول: إن مما يُزهِّد ذا الهمة في الدنيا، ويُلزمه تركها، ويوجب عليه ألا يحرص عليها: علمه بأن الأرزاق لم تُقسم فيها على قدر الأخطار. وكان يقول: صحبتُ أقوامًا كان أحدهم يأكل على الأرض، وينام عليها، منهم صفوان بن محرز[8]، كان قد عود نفسه أكل رغيف، وكان يقول: إذا أتيتُ إلى أهلي، وأصبت رغيفًا، فجزى الله الدنيا عن طلابها والراغبين فيها شرًّا، وكان آخر يقول: إذا أكلت من طعامكم رغيفًا، وشربتُ كوز ماء، فعلى دنياكم العفاء. وكان الحسن يقول: أهينوا الدنيا، فأكرم ما تكون حين تُهان. ولقد روي: إذا كانت الدنيا في القلب، نفرت عنها الآخرة؛ لأنها عزيزة كريمة. وكان يقول: ابن آدم، إن لك عاجلة وآجلة، فلا تؤثرنَّ عاجلتك على آجلتك فتندم، واعلم أنك إنْ تَبِعْ دنياك بآخرتك تربحهما، وإن تبع آخرتك بدنياك تخسرهما. ابن آدم، إنه لا يضرك ما زوي عنك من دنياك إذا ادخر لك خير آخرتك، وما ينفعك خير ما أصبت منها إذا حُرمت خير آخرتك. ابن آدم، إن الدنيا مطية، إن ركبتَها حمَلتْك، وإن حمَلتَها أثقلتك. ابن آدم، إنك مرتهن بعملك، وارد عليك أجلك، معروض على ربك، فخذهما في يديك لما بين يديك؛ فعند الموت يأتيك الخبر اليقين: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]. وكان يقول: لله در بكر بن عبدالله حين قال: الدنيا ما مضى منها فحلم، وما بقي منها فأماني وإثم. وكان الحسن يقول: إن كان بغيتك من الدنيا ما يَكفيك، فأدنى ما فيها يكفيك، وإن كان الذي تعمل منها ما يكفيك، فليس شيء يكفيك. وكان يقول: إن هذا الموت فضَح الدنيا، فلم يترك لأحد بها فرحًا. وكان يقول: لئن كانت الدنيا مُلئت باللذات، فلقد حُشيَت بالآفات، ووجبت من أجلها التباعات. وكان يقول: ابن آدم، إياك أن تكون صاحب دنيا، لها ترضى، ومن أجلها تغضب، وعليها تُقاتل، وفيها تتعب وتنصب، ارفضها إلى النار إن كنتَ طالب الجنة، أو فدع التمني يا لُكع؛ فإن حكيمًا يقول: وإنَّ امرأً دنياه أكبرُ همِّه لَمُستمسِك منها بحبل غرور[9] ابن آدم، الثواء ها هنا قليل، والعذاب هُنالك كثير طويل، لقد رُوي عن بعض الزاهدين أنه كان يقول: الدنيا والدة للموت، ناقِضة للمبرم، مرتجعة للعطية، وكل من فيها يجري إلى ما لا يَدري، وكل مستقر فيها غير راضٍ بها؛ وذلك دليل على أنها ليست بدار قرار. وكان يقول: ابن آدم، إياك والتسويف؛ فإنه مُهلِك، يعمد أحدكم إلى رزق الله فينفقه في البناء والتبذير، والسرف والمخيلة، وفي زينة الحياة الدنيا، ولعل أحدكم أن يُنفق مثل دينه في بلوغ هواه، ولا يتصدق بدرهم واحد طغيانًا في رزق الله، وهربًا عن حق الله، ستعلم يا لُكع! وكان يقول: إن المؤمن كيِّس؛ نظر فأبصَر، وتفكَّر فاعتبر، ثم عمد إلى دنياه فهدمها وبنى آخرته، ولم يهدم آخرته لبناء دنياه، ولم يزل ذلك عمله حتى لقي ربه فرضي عنه وأرضاه، وإن المنافق عمد فنافس عن دنياه، وعميَ عن آخرته، اتخذ الدنيا إلهًا، ويحه! ألَها خُلقَ، أم بالجمع لها أُمر؟ سيعلم المغرور يوم ﴿ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ ﴾ [الرحمن: 41]. ابن آدم، لا غناء بك عن نصيبك من الدنيا، وأنت إلى نصيبك من الآخرة أفقر، فعليك به؛ فإنه سيأتي بك إلى نصيبك من الدنيا، فينظمه لك نظمًا يزول معك حيث تزول. وكان يقول: ابن آدم، وُصفَت لك الدنيا، وغابت عنك أمور الآخرة، وقَرب منك الأجل، وأُمرت بالعمل، وحق الله ألزم لك، فاعمل لمعادك، فلن يَرضى ربُّك منك إلا بأداء ما فرض عليك. ابن آدم، إذا رأيت الناس في خير فنافسهم، وإذا رأيتهم في هلكة من طلب الدنيا فذرهم وما اختاروا لأنفسهم، ولقد رأيت أقوامًا آثروا عاجلتهم على آجلتهم، ودنياهم على آخرتهم، فافتضحوا وذلوا وهلكوا وعُوقبوا بموت القلوب. وكان يقول: عقوبة العلماء موت قلوبهم؛ لطلبهم الدنيا بعمل الآخرة. وكان يقول: أيها المغرورون، إنما الدنيا جيفة يَنهشها عُشَّاقها، فهي تقتل بعضهم ببعض وهم لا يَشعرون، من ركَن إليها ذلَّ واقتصر، ومَن زهد فيها عزَّ واقتدر. وقيل: مر الحسن برجل، وهو يُنشد: فأما ليس بي قُبح ولكن عسى يغتر بي حَمِق لئيمُ فقال: الله أكبر! وايم الله، لو كان للدنيا شِعر، لكان هذا. ويقال: إن مِن شِعره - رحمه الله - في صفة الدنيا: أحلام نوم أو كظلٍّ زائل إن اللبيب بمثلها لا يُخدَع[10] وكان يقول: ابن آدم، سوطًا سوطًا، جمعًا جمعًا في وعاء، ونبذًا في وكاء، تركب الذلول، وتلبَس اللين، كأن قد قيل: مات وأفضى - والله - إلى الآخرة، إن المؤمن عمل أيامًا يسيرةً، فوالله ما ندم أن قد أصاب من نعيم الدنيا ورخائها، مع استهانته بها، وهضمه لها، وتزوُّدِه لآخرته منها، لم تكن الدنيا في نفسه على مقدار، ولا رغب في نعيمها، ولا فرح برخائها، ولا تعاظم في نفسه شيء من بلائها، مع احتسابه الأجر عند الله - عز وجل - مضى راغبًا راهبًا، فلم يَلتمس ثواب الدنيا، ولا عرج على نعيمها، فهنيئًا له، أمَّن الله بذلك روعته، ويسَّر حسابه، وآمنه عقابه. وكان يقول: إنما الغدو والرَّواح وحظٌّ من الدلجة والاستقامة لا يُلبثنك أن تقدم على الله وهو راضٍ عنك، فيدخلك الجنة، فتكون من المفلحين. وكان يقول: أيها الناس، إن الله لا يُخدع عن جنته، ولا يعطيها أحدًا من عباده بالأماني. وكان يقول: أيها الناس، عليكم بالزهادة في الدنيا؛ فقد روي أن عيسى عليه السلام كان يقول: إدامي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، واصطلائي في الشتاء الشمس، وسراجي القمر، وراحلتي رجلاي، وفاكهتي ما تُنبت الأرض، ويعلم الله أني أبِيتُ ولا شيء لي، وأُصبِح ولا شيء لي، وأحسب أن ليس على الأرض أغنى مني. وكان الحسن يقول: رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في بعض أيامه: ((والذي نفس محمد بيده، ما أصبح اليوم في آل محمد من طعام))[11]، وإنهم لتسعة أبيات. قال الحسن: أمَا والله ما قالها صلى الله عليه وسلم استبطاءً لرزق ربه، ولا طلبًا لما لم يُعطه، ولكن لتتأسى به أمته، وتعلم ألا قدْرَ للدنيا عنده. وكان يقول: لقد عُرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاتيح الدنيا، وخزائن الأرض، ولا ينقصه الله من أجره شيئًا، فأبى أن يَقبلها، وكره أن يخالف ربه، وأن يحب ما أبغضه، أو يرفع ما وضعه، ولقد رُوي أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((من زهد في الدنيا، هانت عليه المصائب))[12]. وكان الحسن يقول: رُوي أنه يؤتى بالدنيا يوم القيامة مع كل زينة كانت فيها مذ خلقها الله - عز وجل - إلى يوم القيامة، تتصرم فتقول: يا رب، اجعلني لأحد أوليائك، فيقول الله سبحانه: "اسكتي، فما خلقتُ خلقًا هو أبغض إليَّ منك وممَّن آثرك واختارك على ما عندي". وكان الحسن يقول: المؤمن أسير في الدنيا، يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن حتى يلقى ربه. وقال له رجل يومًا: يا أبا سعيد، أيُّ اللباس أحب إليك؟ قال: أغلظه، وأخشنه، وأوضعه عند الناس، فقال الرجل: أليس قد روي: ((إن الله جميل يحب الجمال))[13]؟! فقال: يا بن أخي، لقد ذهبت إلى غير المذهب، لو كان الجمال عند الله اللباس، لكان الفُجَّار إذًا عنده أوجه من الأبرار، إنما الجمال: التقرب إلى الله بعمل الطاعات، ومُجانبة المعاصي، ومكارم الأخلاق ومحاسنها، وكذلك ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: ((بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق))[14]. ولقد رُوي أن عيسى - عليه السلام - قال للحواريين: أجيعوا أكبادكم، وشعِّثوا رؤوسكم، وضعوا عليها جلباب الحزن؛ لعلكم ترون ربكم بعيون قلوبكم. وكان يقول: قيل للحسن بن علي رضي الله عنهما: مَن أعظم الناس قدرًا؟ فقال: مَن لا يبالي الدنيا في يدِ مَن كانت. وقيل له: فمَن أخسر الناس صفقةً؟ قال: من باع الباقي بالفاني. وقيل له: من أعظم الناس قدرًا؟ قال: مَن لا يرى الدنيا لنفسه قدرًا. ويُروى أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: دُلَّني على عمل إذا عملتُه أحبَّني الله، وأحبني الناس؟ فقال عليه السلام: ((ازهد في الدنيا يُحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس))[15]. وكان الحسن يقول: إذا أصبح العبد وجبَت عليه أربعة أشياء: حبُّ الله تعالى، وحب دين الله، وحب الآخرة، وبغْضُ الدنيا. وقال له رجل: يا أبا سعيد، ما تقول في الدنيا؟ فقال: وما عسى أن أقول في دارٍ حلالُها حساب، وحرامها عِقاب؟ فقال الرجل: تالله ما رأيت كلامًا أوجز من كلامك، فقال الحسن: بل كلام عمر بن عبدالعزيز[16] أوجز وأبلغ من كلامي؛ حيث كتب إليه عامل[17] حمص[18]: إن سورها قد تهدَّم، واحتاج إلى الإصلاح؟ فكتب إليه: حصِّن مدينتك بالعدل، ونقِّها من الظلم، تأمن عليها المخاوف، وترجُ لها السلامة. وكان يقول: رُوي أن الله تعالى أوحى إلى الدنيا: من خدَمني فاخدميه، ومن خدمك فاستخدميه. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |