|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() رسائل الغلاء حسن عبدالحي الحمد لله وحدَه، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، وبعد: فإنَّ الله - تعالى - يقدِّر الخير والشر لحِكَمٍ عظيمة، يقفُ عليها مَن يتدبرُها، ويستفيدُ منها مَن يفهمها، وإنَّ المؤمن أحقُّ الناس بفهم رسائل الله - تعالى - لخلقه؛ لما حبَاه الله به من العلم والبصيرة ونور الإيمان؛ ﴿ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 122]. الفهم عن الله: ولقد عمَّ الناسَ في الفترة الأخيرة الغلاءُ، حتى انتشر وفحش، وازداد ضجرُ الناس به وشكواهم منه، وتكلم الناس فيه وعنه ومنه؛ فمِن ذاكرٍ لمظاهره، ومُحَلِّلٍ لأسبابه، إلى واضعٍ لحلوله... ونحن بالطبع لا نُنكِر على كلِّ أولئك فعلَهم هذا، ولا نقلِّل كذلك من عملهم؛ بل نحمد فيهم سعيَهم للإصلاح. رسائل الغلاء: ولكنَّنا في الوقت ذاته لا نرضى أن تعمينا الأسباب الحسيَّة لظاهرة البلاء، عن رسائل الله -تعالى- إلينا فيه؛ فالغلاء بلاء يحمل لنا الكثيرَ والكثير من الرسائل. رسالة العِقاب: هل فكَّرنا يومًا، ونحن نعاني هذا الغلاء الفاحش، أنَّ ما أصابنا من مصائب إنما هو عِقاب من الله - عزَّ وجلَّ؟ ألم يقل الله -تعالى-: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]؟ ألم يُعاقِب الله -تعالى- أُمَمًا قبلَنا بعصيانهم؟ إنَّ الأمر - أيُّها الإخوة والأخوات - يحتاج لتوبة، توبة عامَّة يُرفَع بها هذا العقاب الذي حلَّ بأمَّتنا، ولقد قال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]. وفي المقابل: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [الأعراف: 96]، إذًا هذا وعد الله، آمنوا واتقوا، والله -تعالى- لا يُخلِف وعدَه. رسالة الدعاء والتضرُّع: إنَّ الله - تعالى - يبتلي عباده المؤمنين؛ ليسمع دعاءهم وشكواهم، ويرى استكانتهم وضعفهم؛ كما قال الله -تعالى-: ﴿ فَلَوْلاَ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأعراف: 43]، فهل أغفلنا الدعاء والتضرُّع لقسوةٍ في قلوبنا؟ أليس من العقل أن نطلب الأمر ممَّن يملكه؟ أليس لله -تعالى- ملكُ السموات والأرض؟ رسالة التكافُل والإحسان: لم يبعث الله -تعالى- نبيَّه محمدًا -صلى الله عليه وسلم- بعقائدَ لا أثر لها في النفوس، ولا بتشريعات لا تعدو الصلاة والصوم والحج، ولا بأخلاق وآداب نتغنَّى بها دون واقع ملموس في حياتنا. لا؛ بل قالها -صلى الله عليه وسلم- لنا جميعًا: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه))؛ متفق عليه، انظر كيف جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- حبَّك لأخيك أثرًا للإيمان في قلبك؟ بل هو الأثر الحقيقي. وإذا كُنَّا نسمع عن جمعيَّات تكافُليَّة في الغرب الكافر، فنحن - المسلمين - أَوْلَى. فليتعهَّد كلٌّ مِنَّا أخاه الفقير، ولتتعهَّد كلُّ أختٍ أختَها الفقيرة، وليكن أصحابُ نبيِّنا - صلَّى الله عليه وسلَّم، ورضي الله عنهم - قدوَتَنا، فلقد ضربوا أروع الأمثلة في الإيثار، فضلاً عن المواساة. رسالة الاقتِصاد والقَناعة: والاقتِصاد هو التوسُّط في النفَقَة بين التبذير والتقتير؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الهدي الصالح والسَّمت الصالح والاقتِصاد، جزءٌ من خمسة وعشرين جزءًا من النبوَّة))؛ (رواه أحمد وغيره وحسَّنه الألباني)، وإلاَّ فنحن في الحقيقة نعيش رخاء لا غلاء، ومع ذلك لا ندعو الناس إلى التقشُّف والزهد؛ بل نوجِّههم إلى الاقتِصاد والتوسُّط، والراعي الصالح لا ينشَغِل عن رعيَّته ولا يُضَيِّعهم من أجل توفير الكماليَّات لهم؛ بل يزن الأمور بميزان الله - عزَّ وجلَّ - لها. أمَّا القناعة، فهي: الرضا بما قسم الله، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((قد أفلح مَن أسلم، ورُزِق كَفَافًا، وقَنَّعَه الله بما آتاه))؛ رواه مسلم. وفي الختام: إنَّ كلماتي هذه لا تُمَثِّل حَلاًّ لمشكلة الغلاء، بقدر ما تُمَثِّله من رسائل وحِكَم ربانيَّة من ورائه، والواجب الإصلاح قدر الاستِطاعة. والحمد لله ربِّ العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |