تفسير سورة الناس - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 909 - عددالزوار : 119705 )           »          التنمر الإلكترونى عبر الإنترنت.. إحصاءات وحقائق هامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          طرق مهمة للتعامل لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          علماء الفلك يحذرون من احتمال بنسبة 50% لاصطدام مجرتنا مع أخرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          احم طفلك.. ألعاب إلكترونية ونهايات مأساوية أبرزها الحوت الأزرق وبابجى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيفية جعل أيقونات الشاشة الرئيسية لجهاز أيفون داكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيفية تحويل ملف Word إلى PDF فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كل ما تريد معرفته عن روبوت لوحى من أبل يشبه ايباد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          سلسلة Google Pixel 9.. ما تقدمه الهواتف المستخدمة للذكاء الاصطناعى مقابل السعر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تطبيق رسائل جوجل يحصل على بعض التعديلات قريباً.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-08-2020, 03:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,340
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة الناس

تفسير سورة الناس
محمد حباش




بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فعن أبي هريرة قال: قال أبو بكر: قلتُ: يا رسول الله، مُرْني بشيء أقوله إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ، قال: ((قل: اللهم عالِمَ الغيب والشهادة، فاطرَ السموات والأرض، ربَّ كل شيء ومَلِيكَه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه، قله إذا أصبحتَ وإذا أمسيتَ وإذا أخذتَ مضجعك))؛ صحيح الترمذي وأبي داود، وزاد الترمذي في رواية: ((وأن أقترفَ سوءًا على نفسي أو أجرَّه إلى مسلم)).

قال ابن القيم: "فذَكر مصدرَي الشر، وهما: النفس والشيطان، وذكر مَوْرِدَيْه ونهايتَيْه، وهما: عَوْدُه على النفس أو على أخيه المسلم، فجَمَع الحديث مصادر الشر وموارده في أوجز لفظٍ وأخصره وأجمعه وأبْيَنِه".

﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس: 1]
﴿ قُلْ خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكل خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم فهو خطاب لأمَّته.
﴿ أَعُوذُ؛ أي: ألتجئ وأحتمي.
والاستعاذة دعاء؛ فعن شكل بن حميد قال: قلتُ: يا رسول الله، علمني دعاءً، قال: ((قل: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر مَنِيِّي))؛ صحيح أبي داود.

﴿ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 3]
هذه صفات ثلاث لله عز وجل: الربوبية، والمُلك، والألوهية؛ فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه، فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة له.
وإنما قدم الربوبية؛ لمناسبتها للاستعاذة؛ فهي تتضمن نعمة الصَّوْن والحماية والرعاية.
ثم ذكر الملكية؛ لأن المستعيذ لا يجد عونًا له ولا غوثًا إلا مالكه.
ثم ذكر الألوهية؛ لبيان أنه المستحق للشكر والعبادة دون سواه.
وقد اشتملت هذه الصفات الثلاث على جميع قواعد الإيمان، وجاءت في أول المصحف: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ﴾ [الفاتحة: 2 - 4]، وختم بها المصحف.

وخص الناس هاهنا بالذكر؛ للتشريف، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، ولأن هذا القرآن أنزل إليهم؛ لأنهم هم المكلفون وهم المستعيذون، قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].

فالمستعاذ به مذكور في سورة الفلق بصفة واحدة، وهو أنه رب الفلق، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات: الغاسق، والنفاثات، والحاسد.. وأما في هذه السورة، فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاث، وهي الرب والملك والإله، والمستعاذ منه آفة واحدة، وهي الوسوسة؛ وفيه إشارة إلى أن حفظ النفس والدِّين أهم من حفظ البدن، بل الثاني مطلوب بالعرض، والأول مقصود بالذات.

﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4]
الوَسْواس: فَعْلَال من وَسْوَس، والوسوسة: هي الصوت الخفي، ومنها: وسواس الحلي، وقد سمي صوت الحلي وسواسًا لخفائه، وتستعمل الوسوسة في غير الخير.

فالوسواس: هو الإلقاء الخفي في النفس بغير صوت، أو بصوت خفي لا يسمعه إلا من ألقي إليه؛ قالت عائشة رضي الله عنها: سأل أناس النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان، فقال: ((إنهم ليسوا بشيء))، فقالوا: يا رسول الله، فإنهم يُحَدِّثون بالشيء يكون حقًّا؟ قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني، فيُقَرْقِرُها في أذن وليِّه كقرقرة الدجاجة، فيخلطون فيه أكثر من مائة كذبة))؛ صحيح البخاري.

والوسوسة تكون من الشيطان؛ قال تعالى: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى ﴾ [طه: 120]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة، أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس، فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته، فإذا سكت رجع فوسوس))؛ صحيح مسلم، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّل به قرينه من الجن، وقرينه من الملائكة))؛ قالوا: وإياك يا رسول الله؟ قال: ((وإياي، ولكن الله أعانني عليه فأسلم، فلا يأمرني إلا بخير))؛ صحيح مسلم.

وتكون الوسوسة من النفْس؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]، وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يُحَدِّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه))؛ رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعمل أو تكلم))، فالوسوسة التي لا يؤاخَذ عليها العبد هي الخواطر التي لا تُوَطَّن النفس عليها، ولا يَصحبها عقد ولا نية ولا عزم، وإلَّا فقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقِر، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 19]، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وقوله تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 9].

وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تُعْرض الفتن على القلوب عُودًا عُودًا كالحصير، فأيُّ قلب أُشربَها نُكِتَ فيه نكتة سوداء، وأيُّ قلب أَنكرَها نكت فيه نكتة بيضاء، حتى يصير القلب على قلبين: على أبيضَ مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض، والآخر أسود مرْبادًّا كالكوز مُجَخِّيًا - وأمال كفه - لا يعرف معروفًا، ولا ينكر منكرًا، إلا ما أُشرب من هواه))؛ صحيح مسلم.

وقد أخبرنا الله أن النفوس ثلاثة أنواع:
النفس الأمارة بالسوء: ﴿ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ﴾ [يوسف: 53].
والنفس اللوامة: ﴿ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ﴾ [القيامة: 2].
والنفس المطمئنة: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴾ [الفجر: 27، 28].
وليس المراد أن لكل إنسان ثلاث نفوس؛ وإنما المراد أن هذه صفات وأحوال لِذَاتٍ واحدة؛ قال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: "والتحقيق: أنها نفس واحدة، لها صفات؛ فهي أمَّارة بالسوء، فإذا عارضها الإيمان صارت لوَّامة، تفعل الذنب ثم تلوم صاحبها، وتلوم بين الفعل والترك، فإذا قوي الإيمان صارت مطمئنة".

وتواترت الأحاديث في الاستعاذة من شر النفس:
منها الحديث الذي ذكر في مقدمة تفسير هذه السورة.
ومنها خطبة الحاجة: ((إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا))، فمَنشَأ الأعمال السيئة من شر النفس؛ فاستعاذ من صفة النفس، ومن الأعمال التي تحدث عن ذلك.
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم أستهديك لأَرْشَدِ أمري، وأعوذ بك من شر نفسي))؛ [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان]، قال الشوكاني: "وهذا الحديث من جوامع الكلم النبوية؛ لأن طلب إلهام الرشد يكون به السلامة من كل ضلال، والاستعاذة من شر النفس يكون بها السلامةُ من غالب المعاصي؛ فإن أكثرها من جهة النفس الأمارة بالسوء".

وأما الخنَّاس، فهو فَعَّال، من خنس يخنس: إذا توارى واختفى، وقيل: هو الرجوع والتأخُّر؛ فالخنَّاس مأخوذ من هذين المعنيين؛ فهو من الاختفاء والرجوع والتأخُّر، قال تعالى: ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ﴾ [التكوير: 15]، وهي النجوم الخمس تَخْنَس؛ أي: ترجع في مجراها وراءها وتكنس.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طريق المدينة وهو جُنُب، قال: "فانخنستُ منه"؛ أي: فاختفيت منه؛ رواه البخاري.
قال أبو حيان: "والخنَّاس: الراجع على عَقِبِه، المُستتِر أحيانًا، وذلك في الشيطان متمكِّن إذا ذكَر العبدُ اللهَ تعالى تأخَّر، وأما الشهوات، فتخنس بالإيمان، وبلمَّة المَلَك، وبالحياء".

عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للشيطان لَمَّة بابن آدم وللمَلَك لَمَّة؛ فأمَّا لمَّة الشيطان، فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأمَّا لمَّة المَلَك، فإيعاد بالخير وتصديق بالحق، فمن وجد ذلك، فليعلم أنه مِن الله؛ فليحمد الله، ومن وجد الأخرى، فليتعوذ بالله من الشيطان الرجيم))، ثم قرأ: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [البقرة: 268].
اللَّمَّة من الإلمام، ومعناه: النزول والقرب والإصابة، والمراد بها: الهَمَّة والخَطْرة.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والحياء شعبة من الإيمان)).
قال ابن حجر في الفتح: "فإن قيل: لِمَ أفرَدَه بالذكر هنا؟ أجيب: بأنه كالداعي إلى باقي الشُّعب؛ إذ الحَيِيُّ يخاف فضيحة الدنيا والآخرة، فيأتمر وينزجر".

﴿ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 5]
قال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "فالذي يوسوس في صدور الناس: نفوسُهم وشياطينُ الجن وشياطينُ الإنس، و﴿ الوسواس الخناس ﴾ يتناول وسوسة الجِنَّة ووسوسة الإنس، وإلا أيُّ معنى للاستعاذة من وسوسة الجن فقط، مع أن وسوسة نفسه وشياطين الإنس هي مما تضره، وقد تكون أضر عليه من وسوسة الجن؟!".

قال ابن جزي: "فإن قيل: لِمَ قال: ﴿ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾، ولم يقل: في قلوب الناس؟ فالجواب: أن ذلك إشارة إلى عدم تمكُّن الوسوسة، وأنها غير حالَّة في القلب، بل هي مُحَوِّمَة في صدور حول القلب".

فإن قيل: ألم يقل الله عز وجل: ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ [الشرح: 1]، فذكر الصدر ولم يذكر القلب؟
فالجواب: لأن محل الوسوسة هو الصدر على ما قال تعالى: ﴿ يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ﴾ [الناس: 5]، فإبدال تلك الوسوسة بدواعي الخير هو الشرح؛ فلذلك خص الشرح بالصدر دون القلب".

﴿ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 6]
وسواس الجِنَّة: هو وسواس الشيطان، وأما وسواس الناس، ففيه وجهان: أحدهما: أنها وسوسة الإنسان من نفسه، والثاني: أنه إغواء مَن يغويه من الناس؛ قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ﴾ [الأنعام: 112]، قال قتادة: "إن من الإنس شياطين، وإن من الجن شياطين؛ فتعوَّذ بالله من شياطين الإنس والجن".

قيل: إن من الحكمة في ختم المصحف بالمعوذتين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيهما: ((ألم تر آيات أُنزلت الليلة لم يُرَ مثلهن قط: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1] ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]))؛ صحيح مسلم، كما قال في فاتحة الكتاب: ((والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أُعطِيتُه))؛ صحيح الترمذي، فافتتح القرآن بسورة لم ينزل مثلها، واختتم بسورتين لم ير مثلهن؛ ليجمع حسن الافتتاح والاختتام.


وكذلك، أنه لمَّا أمر القارئ أن يفتتح قراءته بالتعوذ من الشيطان الرجيم، ختم القرآن بالمعوذتين؛ ليُحَصِّل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ من القرآن، فتكون الاستعاذة قد اشتملت على طرفي الابتداء والانتهاء، وليكون القارئ محفوظًا بحفظ الله الذي استعاذ به من أول أمره إلى آخره.

والله سبحانه وتعالى أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.69 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.67%)]