تذكرت الوباء الكبير - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118572 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40143 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366852 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-04-2020, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي تذكرت الوباء الكبير

تذكرت الوباء الكبير[1]

د. محمود النوبي أحمد سليمان

ما يحدث الآن من نشرات وإحصاءات وتحذيرات من وباء كورونا (كوفيد 19)، ذكرني ببحث أعددته عن تأثر الشعر بواحد من الأوبئة الخطيرة التي حدثت في العصور الوسطى (الوباء الكبير أو الموت الأسود)، وأصاب العالم بأسره، ولم تقتصر العدوى في هذا الوباء القديم على البشر فقط، بل أصابت الحيوانات والطيور حتى السمك في الماء؛ فمات منه معظم خلق الله على الأرض.

فقلت في نفسي: إذا كان ذلك كذلك، فإن وباء كورونا (كوفيد 19) الذي أزعج العالم يعد هينًا إذا تم قياسه بالوباء الكبير الذي حدث في العصور الوسطى، وإليكم المقدمة النظرية لبحثي، وقد أوردت فيها بعض ما جاء في كتب التاريخ لوصف ذلك الوباء المميت:
"الوباء الكبير أو الفناء الكبير، اسم يطلق على طاعون سنة 749هـ - 1348م، الذي اجتاح الأرض من أقصاها إلى أقصاها؛ فكان مقدمة لتناقص أعداد السكان في الشرق الأدنى وفي أوروبا على حد سواء، وقد عرف المسلمون هذا الوباء الشامل باسم (الفناء الكبير)، على حين عرفه الغرب الأوربي باسم (الموت الأسود Black Death )"[2].

وقد عمَّ هذا الوباء جميع أجناس البشر وغيرهم من دواب الأرض، حتى حيتان البحر، وطير السماء، ووحش البر، وحكى المقريزي كثيرًا عن البلاد التي انتشر فيها، في آسيا وأوروبا وإفريقية، فضلًا عن جزر البحر المتوسط، وروى أنه كان يموت بالقاهرة ومصر في اليوم الواحد بسبب ذلك الوباء ما بين عشرة آلاف وعشرين ألفًا، وأن الفلاحين بأسرهم ماتوا، فلم يوجد من يضم الزرع، وأن المواشي هلكت، ومات صيادو السمك في دمياط، وهم في سفنهم والشباك بأيديهم مملوءة سمكًا ميتًا، وهكذا أقفر الريف من الزراع، وأقفرت المدن من سكانها؛ فتوقف بذلك النشاط العمراني، وتعطلت الصنائع، وعم الأحياء الحزن والألم والهم ..."[3].

ومما ورد من إحصاءات لمن مات في القاهرة وحدها؛ فقال ابن تغري بردي: "وحصرت عدة من صلي عليه بالمصليات التي خارج باب النصر وباب زويلة وباب المحروق وتحت القلعة، ومصلى قتال السبع تجاه باب جامع قوصون في يومين، فبلغت ثلاث عشرة ألفًا وثمانمائة، سوى من مات في الأسواق والأحكار، وخارج باب البحر وعلى الدكاكين وفي الحسينية وجامع ابن طولون، ومن يتأخر دفنه في البيوت ...وهم أضعاف ذلك"، حتى قالوا: إن عدة الأموات في يوم واحد قد بلغت عشرين ألفًا، وقد ضبط في شهر شعبان ورمضان، فبلغ عدة من مات فيهما من الناس، فكان نحو تسعمائة ألف إنسان، ووصف المؤرخون شوارع القاهرة بعد هذا الوباء، وما حدث بها من فناء، فقالوا: فما أهلَّ ذو القعدة إلا والقاهرة خالية مقفرة، لا يوجد بشوارعها مارٌّ، بحيث إنه يمر الإنسان من باب زويلة إلى باب النصر، فلا يرى من يزاحمه، وعلت الأتربة على الطرقات، وتنكرت وجوه الناس، وامتلأت الأماكن بالصياح ...[4].

وقد وصف الشعراء ذلك الوباء؛ ليكون شعرهم بمثابة وثيقة تاريخية مؤكدة للأحداث؛ فقال ابن الوردي[5]:
إسكندرية ذا الوبا
سبع يمد إليك ضبعه[6]

صبرًا لقسمته التي
تركت من السبعين سبعه[7]


أما عن انتقال العدوى، فقالوا: إنها كانت تنتقل عن طريق الهواء؛ فلذلك إذا أصيب أحد في بيت، تبعه أهل البيت جميعًا واحدًا بعد واحد، حتى يفنوا جميعًا بعد ليلة أو ليلتين[8].

وشعرًا وصف الصفدي سرعة الإصابة بالطاعون، فقال[9]:
قد نغص الطاعون عيش الورى
وأذهل الوالد والوالده

كم منزل كالشمع سكانه
أطفأهم في نفخة واحده


صورة معبرة، سكان البيت مثل مجموعة من الشموع، أطفأهم الوباء بقوته في نفخة واحدة، ويؤكد هذا المعنى الصفدي أيضًا في قوله:
مصيبة الطاعون قد أصبحت
لم يخلُ منها في الورى بقعه

يدخل في المنزل لو أنه
مدينة أخلاه في جُمعه


ولو تتبعت ما وُصف به هذا الوباء في كتب التاريخ ما وفيت، ومما يختصر القول في ذلك عبارة لابن تغري بردي عن حال الناس في مصر، وقد ماتوا عن أموالهم وضياعهم وأراضيهم وأمتعتهم، فقال: "وإذا ورث إنسان شيئًا انتقل في يوم واحد لرابع وخامس"، فهو تعبير يدل على كثرة الموت، وانتقال الميراث سريعًا بين الورثة، فكل وريث يموت في اليوم نفسه ليرثه آخر بعده، "وأخذ كثير من الناس دورًا وأموالًا بغير استحقاق لموت مستحقيها"، ولهول ما ورد فيه، شعر بعض المؤرخين بالتقصير في الإخبار؛ فقال ابن تغري بردي بعدما حكى عن فجائع ذلك الوباء صفحات طويلة: "... ورأيت أنا من رأى هذا الوباء، فكانوا يسمونه الفصل الكبير، ويسمونه أيضا بسنة الفناء، ويتحاكون عنه أضعاف ما حكيناه"[10].

فهذه الأخبار وغيرها تدل على هول الحدث على الخاصة والعامة، الأغنياء والفقراء، حتى كبار رجال الدولةوالحكام، سلموا أمورهم إلى الله وحاول كل منهم التوجه إليه بإكرام الرعية والفقراء؛ قال الصفدي: "فلم يبق أحد إلا وغلب على ظنه أنه يموت بهذا الداء، واستعد الناس جميعًا، وأكثروا من الصدقات، وتحللوا وأقبلوا على العبادة"[11]؛ وشعرًا وصف ابن الوردي حال الخوف والقلق والتشتت الذي أصاب الناس فقال:
فهذا يوصي بأولاده
وهذا يودع إخوانه

وهذا يهيئ أشغاله
وهذا يجهز أكفانه

وهذا يصالح أعداءه
وهذا يلاطف جيرانه[12]


وإذا نظرنا إلى لغة الأبيات، فلتكرار اسم الإشارة (هذا) في أول كل شطر من الأبيات، ثم ضمير الغائب (الهاء) آخره في إشارة إليه - دلالة مؤكدة على التشتت والحيرة والقلق الذي أصاب الناس، ثم يأتي الفعل المضارع بعد كل اسم إشارة في الأبيات ليؤكد معنى استمرار الحال.

أما عن أعراض الطاعون، ومراحل تطوره، فقد توقف المؤرخون والشعراء عندها كثيرًا؛ فقالوا: كان يخرج خلف أذن الإنسان بثرة؛ فيخر صريعًا، ثم صار يخرج للإنسان كبة تحت إبطه؛ فيموت أيضًا سريعًا، وهذه الأعراض وجدت في الأسماك والحيوانات والطيور التي كانوا يجدونها ميتة في هذا الوباء، وأشد مراحله عندما "يحس الإنسان في نفسه بحرارة، ويجد غثيانًا، فيبصق دمًا ويموت عقيبه"[13].

شعرًا وصف ذلك الصلاح الصفدي فقال[14]:
تعجبت من طاعون جلق إذ غدا
وما فاتت الآذان وقعة طعنه

فكم مؤمن تلقاه أذعن طائعًا
على أنه قد مات من خلف أذنه

(جلق: اسم دمشق).

وقال:
رعى الرحمن دهرًا قد تولى
يجازي بالسلامة كل شرطِ





فالأبيات تشير إلى غفلة الناس عن هذا الوباء، فنرى فيها ملامح الاغتيال الجماعي، فهو يطعن خلف الأذن، أو يأتي من تحت إبط، ولا يفرق في طعناته بين طائع وعاصٍ.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 91.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.36 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.89%)]