من روائع الماضي بمجلة الأزهر .. شهر الله المحرم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121319 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-03-2020, 03:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي من روائع الماضي بمجلة الأزهر .. شهر الله المحرم

من روائع الماضي بمجلة الأزهر .. شهر الله المحرم
أ. د. علي عبدالواحد وافي





المحرَّم شهر الله، وقد سُمِّي بهذا الاسم؛ لأن القتال كان لا يُستحلُّ فيه، وأضيف إلى الله تعالى إعظامًا له، ومن الشهور أربعةٌ حُرُمٌ، كانت العربُ لا تستحلُّ فيها القتل إلا حيَّانِ: خثعم وطيِّئ، فإنهما كان يستحلاَّن كل الشهور، وكان الذين ينسؤون الشهور أيام المواسم يقولون: "حرمنا القتال في هذه الشهور إلا دماء المحلين"، فكانت العرب تستحل دماءهم - خاصة - في هذه الشهور.

وجمع المحرَّم: محارم ومحاريم ومحرمات.

ولمنزلة شهر المحرَّم في الإسلام لم يندب صيام شهر كامل على سبيل التطوع إلا هذا الشهر، كما كانت له منزلتُه الخاصة في نفوس العرب قبل الإسلام، ولا أدلَّ على ذلك من أنه قد خُصَّ من بين الشهور الأربعة الحُرُم بالاسم الذي يدل صراحةً على حرمتِه، وذلك قبل العبثِ في مدة الشهور وأوضاعها، وابتداع نظام النسيء الذي غيَّر وبدَّل، وجعلهم يتناسَون أن تشريع الله للناس إنما هو تشريعٌ للكون كله، والحَيْدة عنه مخالفةٌ لأصلِ هذا التكوين وبنائه، فالتحليل والتحريم حقٌّ خالص لله - تعالى - ومزاولته من البشر بعدما أنزل الله ليس كفرًا فقط، بل زيادة في الكفر يُضَل به الذين كفروا.

ولمزيد من التوضيح والإرشاد قال الكاتب رحمه الله:
يُطلَق اسم المحرَّم على الشهر الأول من شهور السنة العربية القمرية، وقد كان لهذه الشهور في أقدم عهود الجاهلية أسماءٌ أخرى غيرُ الأسماء المعروفة الآن، وإن اختلف الرواة في تحديد تلك الأسماء، وأشهر ما ورد في صدد المحرَّم أنه كان يطلق عليه اسم "المؤتمر"؛ لأن العرب كانوا يعقدون فيه المؤتمرات للفصل في أقضيتهم، فيستفتحون في السنة الجديدة بتصفية خلافاتهم في العام السابق، ورسم ما ينبغي أن تسير عليه عَلاقاتهم في العام الجديد، وأما الأسماء التي تُطلَق الآن على الشهور العربية، فالمشهور أنها وضعت في عهد كلاب بن مرَّة أحد أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك قبل الإسلام بنحو قرنين.

وقد اختُلِف في تعليل تسميتها بهذه الأسماء، وأشهر ما ورد في صدد المحرم أن العرب سمَّوْه بهذا الاسم لحرمة القتال فيه.

وقد اشترك مع المحرم في هذا الحُكمِ ثلاثةُ أشهر أخرى، وهي: رجب، وذو القعدة، وذو الحجة؛ فكانت هذه الأشهر الأربعة عند العرب أشهرَ سلامٍ وهدوءٍ، يتفرَّغون فيها لأمور معاشهم، وتنمية مواردهم، وشؤونهم الأدبية والثقافية والدينية، وتقرَّر هذا النظام لديهم من قبل الإسلام بأمدٍ طويل، وكان لها حظٌّ عظيم فيما وصل إليه العرب من رقي وحضارة قبل الإسلام، بل يرجع إليها أكبر قسط من الفضل في بقاء الجنس العربي نفسه؛ فقد كانت العَلاقاتُ بين قبائلهم وبطونهم عَلاقاتٍ متوترةً تسُودُها الإحَن والعداوات، ولم تتوافَر لدى أمة ما أسبابُ التناحر والتقاتل والتطاحن بمقدار ما توافرت لدى هذه الأمة في جاهليتها، وما كان أكثر دواعي الحرب ومقتضياتها عندهم، وكان يكفي أن تنشب حربٌ بين قبيلتين أو بطنين لأتفهِ الأسباب حتى ينضم إلى كلتَيْهما حلفاءُ وأنصارٌ من القبائل والبطون الأخرى، وتظلُّ الحرب مستمرَّة عدة سنين، وتحصد آلافًا من الفريقين المتنازعينِ، فلولا نظام الأشهر الحرم لاستأثرت هذه الحروب بجميع مظاهر نشاطهم، واستغرقت جميع أيامهم، ولوقف نموُّهم الاجتماعي والحضاري، بل لفَنِي الجنس العربي نفسه.

وظل العربُ أمدًا طويلاً محافظين كل المحافظة على حرمةِ هذه الشهور في مواقيتها، حتى إن الرجل منهم كان يلقَى قاتلَ أبيه فيها فلا يمسُّه بسوء، بَيْدَ أنه قد شقَّ على بعضهم الكفُّ عن القتال ثلاثة أشهر متواليات، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، فأدخلوا على الأشهر الحرم تعديلاً يتيح لهم تقصير هذه المدة، والاعتداء على حرمة شهر المحرم بالذات، وهو نظام النَّسِيء (مِن نسأه: إذا أخَّر أجَلَه)؛ وذلك بأن يراعوا حرمة شهرين متتابعين، وهما ذو القعدة وذو الحجة، بدلاً من ثلاثة، ويُحلُّوا القتال في شهر المحرم، على أن ينسؤوا حُرمتَه؛ (أي: يُؤخِّروها) وينقلوها إلى شهر آخر كصفر مثلاً، فإذا جاء صفر واحتاجوا فيه للقتال أحلُّوه وحرموا ربيعًا الأول، وهكذا، فأصبح المعتَبَر في التحريم عندهم مجرد العدد، لا خصوصية الأشهر الحرم، وكانوا أحيانًا يحلُّون شهرًا آخرَ من الأشهر الحرم غير شهر المحرم، ويُؤخِّرون حرمتَه وينقلونها إلى شهر آخر من غير الأشهر الحرم.

وكانوا أحيانًا يزيدون في عدد شهور السنة فيجعلونها ثلاثة عشر أو أربعة عشر، ويجعلون أربعة منها حرمًا، ليتَّسِع لهم الوقت للقتال، ومن أجل ذلك اضطربت مواقيتُ حجِّهم، فكان يجيء حجُّهم أحيانًا في غير ذي الحجة، ويُروَى أن أبا بكر قد حج بالناس في السنة التاسعة من الهجرة في شهر ذي القعدة؛ لأن اضطراب المواقيتِ عند أهل مكة قد تقدَّم بالحج في هذا العام عن موعده.

وقد أقر الإسلامُ نظام الأشهر الحرم في وضعه الأصيل، وقضى على كلِّ ما حدث في هذا الوضع من تلاعبٍ، فقرَّر أن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، لا يصح نقصُها ولا زيادتها، وأنه لا يجوز أن يُستبدَل بشهر المحرم شهرٌ آخر، فيجعل المحرم من الشهر الحلال وتنتقل حرمته إلى هذا الشهر الآخر، وأنه لا يجوز أن يفعل ذلك في أي شهر آخر من الشهر الحرم، وأن النسيء ضلالٌ وكفرٌ وتغيير لكلمات الله، وفي هذا يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ﴾ [التوبة: 36]، ويقول: ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ [التوبة: 37]؛ أي: ليجعلوا عدد الشهور التي يُحرِّمونها متفِقًا مع عدد الشهور التي حرَّمها الله، فيعتبرون في التحريم مجرد العدد، لا خصوصية الأشهر الحرم، ﴿ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 37].

ويقول الرسول - عليه الصلاة والسلام - في خطبته في حجَّة الوداع، وهي الخطبة التي لخَّص فيها كثيرًا من أحكام الشريعة الإسلامية وجعلها دستورًا للمسلمين من بعده:
((أيها الناس، إن الشيطان قد يئِس أن يُعبَد في أرضكم هذه، ولكنه قد رضي أن يُطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم؛ (أي من الأمور التي تعدُّونها صغيرة).

أيها الناس، ﴿ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ ﴾ ، وإن الزمان قد استدار كهيئتِه يوم خلَق الله السموات والأرض، (وذلك أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قد أعاد حينئذٍ الشهور إلى أوضاعها الصحيحةِ، فكانت حجة الوداع في مواقيتها في شهر ذي الحجة)، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاثة متواليات، وواحد فرد: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي بين جمادي وشعبان، ألا هل بلغت؟! اللهم فاشهد)).

إنه يظهر أنه لم يكن لدى العرب حينئذٍ فكرة دقيقة عن مدَّة الشهر القمري من الناحية الفلكية (وهو الوقت الذي تستغرقه دورة القمر حول الأرض دورة كاملة، ومقداره تسعة وعشرون يومًا، واثنتا عشرة ساعة، وأربع وأربعون دقيقة، وثانيتان، وتسع ثوالث).

ولذلك كانوا يسيرون في الغالب في تقدير هذه المدة على طريقة تقريبية، فيجلعون شهرًا ثلاثين يومًا، ويجعلون الشهر التالي له تسعة وعشرين يومًا، إلا إذا ثبتت رؤيتُهم لهلال الشهر الجديد في ليلة غير الليلة المتفقة مع حسابهم التقريبي، فيُصحِّحون بذلك حسابهم.

وفي هذا يقول الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((إنَّا أمَّة أميَّة لا تكتب ولا تحسُبُ، الشهر هكذا وهكذا))، وأشار في الأولى إلى مجموع أصابع يدَيْه ثلاث مرات، وأشار في الثانية إلى مجموعها مرتين وخنس الإبهام في الثالثة"؛ (أخرجه البخاري عن عبدالله بن عمر).

فقد افتتح الرسول عليه الصلاة والسلام حديثه بقوله: ((إنَّا أمَّة أُمِّية لا تكتب ولا تحسُب))، يقصد بذلك أنهم لا يعرفون قوانين علم الفَلَك، وبالتالي لا يعرفون مدة الشهر القمري في صورة دقيقة، وأنهم لذلك يسيرون في عدة أيام الشهر على طريقة تقريبية، فيجعلون شهرًا ثلاثين يومًا، ويجعلون الشهر التالي تسعة وعشرين يومًا.

ولاتِّقاءِ ما عسى أن يكونَ في الحساب التقريبي من خطأ، أوجب الإسلامُ في الشهور المرتبطة ببعض الشعائر الدينية (كشهر رمضان الذي تُؤدَّى فيه فريضةُ الصوم، وشهر ذي الحجة الذي تُؤدَّى مناسكُ الحج في أيام معينة منه، وخاصة أهم ركن من أركانه، وهو الوقوف بعرفة، فإنه لا يصحُّ أداؤه إلا في مدة محدَّدة من اليوم التاسع وليلة العاشر)، أن يعتمد فيها على رؤية الهلال، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام في شهر رمضان: ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يومًا)).

ولشهر المحرم في الإسلام مكانةٌ مقدَّسة خاصة؛ ولذلك سماه الرسول عليه الصلاة والسلام: "شهر الله"، ولم يندب عليه الصلاة والسلام إلى صيام شهرٍ كامل على سبيل التطوُّع غير شهر المحرم، وجعله أفضل صيام بعد رمضان.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّ الصيام أفضل بعد رمضان؟ فقال: ((شهر الله الذي تدعونه المحرم))؛ (رواه أحمد، ومسلم، وأبو داود).

ويظهر أنه كان له كذلك مكانةٌ خاصة في نفوس العرب في الجاهلية، بدليل أنه اختُصَّ من بين الشهور الأربعة الحُرُم بالاسم الذي يدلُّ صراحةً على حرمتِه، وذلك قبل أن يعبثوا في مدة الشهور وأوضاعها، ويبتدعوا نظام النسيء الذي كان يُتِيحُ لهم في الغالب انتهاكَ حرمة هذا الشهر بالذات.

ويُسمَّى اليوم العاشر من شهر المحرم: عاشوراء، وقد يُسمَّى التاسع كذلك: تاسوعاء، والراجح أن هذه وتلك تسميتان عربيتان قديمتان، وليستا منقولتَينِ من لغةٍ أخرى، ويظهر أنه كان ليوم عاشوراء مكانةٌ دينية خاصة عند قريش في الجاهلية.

فقد رُوِي عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن "يوم عاشوراء كان يومًا تصومُه قريشٌ في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومُه، فلما قدِم المدينة صامه، وأمَر الناس بصيامه، فلما فُرِض رمضان قال: ((من شاء صامه ومن شاء تركه)).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 75.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 73.59 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]