حدثني الحافظ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ألا إن سلعة الله غالية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المولد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          النهي عن التشاؤم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          التقوى خير زاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحمد لله (3) حمد الله تعالى نفسه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المؤمنون حقا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          عام دراسي أطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مواسمنا الإيمانية منهج استقامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          من أسباب النصر والتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          اتق المحارم تكن أعبد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-03-2020, 01:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,292
الدولة : Egypt
افتراضي حدثني الحافظ

حدثني الحافظ (1)


د. عبدالحكيم الأنيس

أخبار ومواقف عن الشيخ الفقيه المقرئ عبدالوهاب الحافظ



الشيخ عبدالوهاب الحافظ (دبس وزيت) من علماء دمشق، وفقهائها، وصلحائها، المتفق على علمِهم وصلاحِهم، وهذه أخبار ومواقف طريفة تلقي الضوء على سيرته ومسيرته، ممّا سمعتُه من ابن أخيه الشيخ المؤرِّخ الأستاذ محمد مطيع الحافظ.



حدَّثني الشيخُ محمد مطيع الحافظ قال: كان عمِّي الشيخ عبدالوهاب يدْرُسُ عند الشيح عطا الكسم، وقد حضرَ الشيخُ عطا في حفل تلبيسة عمِّي. وفي الصباح لم يذهب العمُّ إلى الدرس، في ذلك اليوم فقط، وجاء في اليومِ الذي بعده، فالتفتَ إليه الشيخ عطا وقال له: أين أنتَ يا عبدالوهاب أمس؟

فقال له: أنتَ تعلم يا سيدي.

فقال له الشيخُ: إنني في صبحية عرسي اغتسلتُ وخرجتُ إلى الدرس - وكان يدْرُس عند الشيخ سليم العطار (ت:1307هـ)-.

(وكان يدرس عند الشيخ سليم العطار: عطا الكسم، وعبد المحسن الأسطواني)، وكان الشيخ ربما قال لهم: لا درسَ غدًا. ومع ذلك فإنهما كانا لا ينقطعان عن الحضور إلى مكان الدرس، يأتيان ويرجعان.

وقد درسا عنده (17) عامًا، لم ينقطعا عن الدرس سوى مرتين: مرة بسبب المرض أو السفر، ومرة بسبب عذرٍ شرعيٍّ، وهو الاحتلام وعدمُ القدرة على الاغتسال بالماء البارد.

ونُقِلَ هذا - أي الحضورُ إلى مكان الدرسِ حتى في حالِ عدمِ وجودِ درسٍ - عن ابن عابدين في دراسته عند الشيخ سعيد الحلبي.

وحدَّثني الشيخُ مطيع أنَّ الشيخ سليم العطار أنه كان يقول: الأسطواني والكسم، والباقي رسم.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: حدَّثني عمِّي أنه كان يَسهر مع أبيهِ الشيخِ عبدالرحيم ويقرآن ختمًا كاملًا، في ليلةٍ واحدةٍ، يقرأ كلُّ واحد منهما رُبعًا. وكان ذلك يتكرَّر كثيرًا.

وكانا يخرجان أحيانًا إلى "الهامة" مشيًا على الأقدام و يقرآنِ في الطريق. ومرة نامَ عمِّي وهو يمشي ويقرأ. وشعر أبوه فنبَّهه وأيقظه!

وقد حجَّ عمِّي سنة (1324) هـ مع أبيه على الجِمال، ومرة سقطَ مِنْ شدة التعب من الجمل، ولطفَ اللهُ به أنه سقطَ على الرمل قال: ولم يشعرْ بالسقوط لشدةِ تعبه، وأدركوه فحملوه، وكان في الثالثة عشرة من عمره.

وفي هذه الحجة التقى الشيخَ محمد رضوان شيخ "الدلائل" والحديث في المدينة المنورة، وأجازه بـ "الدلائل"، وإجازة عامة.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: كان عمِّي لا يدعُ قيامَ الليل صيفًا ولا شتاءً. وكان لا يدعُ تلاوة القرآن، وأقل ما يقرأ ثلاثة أجزاء في اليوم، وهذا في آخر عمره، وأما في شبابه فكانت تلاوته أكثر. وكان لا يقرأ نظرًا في المصحف، ولا يُمسك مصحفًا أصلًا.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: وكان لعمِّي الشيخ عبدالوهاب مواقفُ تُذكر، وكنتُ شاهدًا عليها، أو سمعتُها منه.

أُسندتْ وزارة الأوقاف مرةً إلى رجلٍ ميدانيٍّ اسمه (غ ع)، فجاء شيخٌ من الشيوخ اسمُه (ب) إلى عمِّي وقال له: ما رأيُك أن نذهبَ ونهنئ الوزير؟ وحسَّنَ له هذا، فوافقَ، وذهبَ، وكنتُ بمعيته، وسُرَّ الوزيرُ بمقدمهِ كثيرًا، وحين خرَجَ ودّعهُ إلى باب المصعد وقال له: سأزورك في أقرب فرصة.

ومرَّ الوقت ولم يأتِ، واستقالت الوزارة، ثم أعيد إسنادُ المنصب إليه، فجاء ذلك الشيخُ نفسُه إليَّ وطلبَ مني أنْ أساعدَه في إقناع عمِّي بالذهاب إلى الوزير، ودخلنا على العم وعرَضَ عليه ذلك، فغضب عمِّي، وظهرت الكراهةُ في وجهه، وأشارَ إليَّ ذلك الشيخُ أنْ أساعده، فحاولتُ الكلام، ولكن عمِّي رفضَ ذلك، وقال لنا: لقد وعدني أنْ يزورني ولم يفعل، وأنا لا أذهبُ إليه مرة أخرى.

وقال لي بعد ذلك: هؤلاء سياسيون يجب التعاملُ معهم بحذر، وأنا أعرفُ كيف أتعامل معهم، وأنتَ ما زلتَ شابًا لا تدركُ مقاصدَهم.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: حصلتْ في أيام الرئيس أمين الحافظ اضطراباتٌ في دمشق، وضُرِبَ الجامع الأموي، واعتقل عددٌ من الناس، منهم ابن الشيخ عبدالوهاب، وأخي محمد، وعدد كبير من طبقات الناس، وصدَرَ على ستةٍ حكمٌ بالإعدام، منهم عبدالرحيم طبّاع سبط الشيخ علي الدقر، والدكتور المصري.

وجاء الشيخ عبدالكريم الرفاعي، والشيخ عبدالغني الدقر، والشيخ سعيد البرهاني، وآخرون إلى عمِّي ليقنعوه بالذهاب إلى أمين الحافظ، ليوقف تنفيذَ الحكم، فقال عمِّي: أنا ما تعودتُ الذهابَ إلى المسؤولين، ولكن إكرامًا ووفاءً للشيخ علي الدقر سأذهب.

وذهبوا واستقبلهم الرئيسُ، وحين جاءت القهوة قال عمِّي: نحن لا نشرب، فقال له الرئيس: لِمَ وهل قهوتي لا تشرب؟!

فقال الشيخ: نحنُ لنا حاجة فإنْ وعدتنا بقضائها شربنا، وإلا فلا.

فقال الرئيس: وما هي؟

قال الشيخ: عِدْنا بقضائها أولًا، فوعدهم، فقال الشيخ: حاجتنا أنْ توقفَ تنفيذ حكم الإعدام في الموقوفين من الجامع الأموي.

فقال الرئيس: ولكن هؤلاء أرادوا قتلنا، والقيام بانقلاب!

فقال له الشيخ: وأين أنت الآن؟ ألستَ في قصرِك وعزِّك؟

ولما رأى الرئيسُ إصرارَ المشايخ وعدهم أن لا ينفذ حكم الإعدام. عند ذلك شربوا قهوته.

وكان الشيخ (أ) قد سمع بذهاب العلماء إلى الرئيس، فأرسلَ أحدَ تلاميذهِ ليكون هناك، فتكلَّم وطلبَ من الرئيس أن يزيد رواتبَ أصحاب الشعائر الدينية، فغضب الشيخُ عبدالوهاب، وتدَّخل قائلًا: نحن لم نأتِ لهذا الأمر، وأصحابُ الشعائر يكفيهم ربُّهم، ولا يطلبون مِنْ أحد.

وخرجَ الشيخُ عبدالوهاب، وخرجَ معه وزيرُ الأوقاف عبدالرحمن الكواكبي، ووزيرُ الداخلية محمد خير بدوي، وفي الطريق إلى السيارة جرى حديثٌ عن الموقوفين أيضًا، وجرى على لسانِ الشيخ عبدالوهاب أنَّ في الموقوفين ابنه، وابنَ أخيه، فقال له وزيرُ الداخلية: ولِمَ لمْ تذكرْ هذا للقائد؟ - وكانوا يطلقون على أمين الحافظ القائد - فقال الشيخُ: هكذا كان، فقال الوزيرُ: لابدَّ مِنْ ذكر هذا للقائد. فعاد إليه، ثم رجعَ إليهم ولم يتكلم بشيء...

وبعد وصول الشيخ إلى البيت حدَّثني بما جرى بالتفصيل، وبعد قليلٍ طُرِقَ الباب وفتحتُ أنا، وإذا بضابطٍ من الشرطة العسكرية، ومعه ابن عمِّي وأخي مُصْفرَّيْن، وقال الضابط: أريدُ الشيخ، فرافقته إلى الطابق العلوي من الدار، فدخل وسلَّم ثم قال: القائد يسلمُ عليك، وقد أُمرتُ أنْ أسلمهما إليك. وتبيَّن أنَّ الرئيس أمرَ أنْ يُطلق سراحُهما حالًا، ويُسلَّما إلى الشيخ.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كان عند عمِّي تلميذٌ تركيٌّ اسمُه الشيخ إبراهيم وقد عرَضَ عمِّي عليه الخروج إلى نزهة، وقال له عمِّي: نخرجُ، ولا تصنعْ أنت شيئًا من الطعام...

وأعد عمِّي طعامًا، وخرجا إلى "الهامة"، وهناك نزَع عمِّي جبته، ونزَع إبراهيمُ المِعطف (بالطو)، وعلقاهما على شجرة...

وبعد مدة جاءت الشمسُ فتحولا إلى مكانٍ آخر... وأكلا وقرآ...

ثم أرادا العودة، فقام الشيخُ إبراهيم ليأتي بالجبة والمِعطف، فلم يجدهما، فعاد إلى الشيخ وقال له: "جبتي وجبتك مافي"!

فقال له الشيخ: كيف؟

فقال: لم أجدهما...

وقام الشيخ فتفقَّد المكان فلم يجد شيئًا ...

فمشى إلى الشارع العام بدون جبة... ووقفا ينتظران باصًا، فمرَّتْ سيارةٌ وتجاوزتهما، ثم رجعتْ، وإذا هي سيارة الحاج أبي الهدى الطبّاع، ومعه قريبٌ له، وقد رآيا الشيخ فرجعا ليحملاه، واستفسرا عن الأمر، فأخبرَهما..

وفي اليوم الثاني جاء الطبّاعُ للعم بقطعة جوخٍ نفيسٍ ليخيّطها جبة، وبمِعطفٍ جديدٍ للشيخ إبراهيم...

وبعد أيامٍ بينما كان الشيخُ في جامعه: "جامع شَرْكس" في سوق القطن - وكان على مقربةٍ من الجامع مكانٌ لبيع الملابس المستعملة - جاءه أحدُ أصحابِ المحلات ومعه جبةٌ فقال للشيخ: أليستْ هذه جبتك؟ فقال: بلى. وظهر أنَّ السارق جاءَ بها وبمعطفِ الشيخ إبراهيم وباعهما في ذلك السوق... وهكذا عادت الجبةُ والمِعطفُ إلى صاحبيهما...

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنَّ عمَّه كان يقولُ: ساعة البسط لا تفوّتْها، وإنْ جاعتْ النفسُ قوّتْها.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: كان درسُ عمِّي الشيخ عبدالوهاب جلاليًا جادًا، ويُلطِّفهُ بذكرِ حكايات العلماء، لاسيما المُتأخرون.

وكان درسُ الشيخ أبي الخير الميداني جلاليًا جادًا، ويُلطِّفهُ بذكرِ حكايات العلماء، لاسيما المُتقدِّمون.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني الشيخ مطيع فقال: بدأتُ أفكرُ بكتابة تراجم علماء دمشق بعد وفاة الشيخ أبي الخير، عندما كتبتُ له ترجمة، ونشرتُها في صحيفة النداء عام (1961م)، وكان لي من العمر (21) سنة.

ثم وقعَ في يدي كتابٌ بعنوان "روض البشر" للشطي، وذيله (في منتصف القرن الرابع عشر)، فاستخلصتُ بعضَ التراجم، وبدأتُ أجمعُ، فأول ما جمعتُ ترجمة جدي الشيخ عبدالرحيم، وأخذتُها عن عمِّي الشيخ عبدالوهاب، وأخذتُ عنه كثيرًا من التراجم كترجمة الشيخ سليم المسوتي، وعبد الحكيم الأفغاني، وعطا الكسم، وغيرهم، ما يزيد على (20) ترجمة، فاجتمعتْ لديَّ سفينة، فكان هذا بداية العمل، ثم بدأتُ أجمعُ الوثائق المتعلقة بهم، واستمرَّ هذا العمل إلى سنة (1984م).

واجتمعَ عندي تراجم ووثائقُ كثيرةٌ جدًا، خاصة بعد تعييني في مجمع اللغة العربية سنة (1972م).

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: كان عمِّي في الدرس إذا مرَّ لفظ (طالق) يقول: طا، لا يتلفظُ به.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: أدركتُ مجالسَ العلماء محفوظة عن أي شائبة تشين، مِنْ كلام العوام وأخبارهم، وقصصهم، ومِنْ آخر هذا الجيل الشيخ حسن حبنكة الميداني.

♦ ♦ ♦ ♦




وأدركتُ عمِّي إذا جاء إليه زائرٌ وأرادَ الحديثَ في ذلك يقولُ له: يا أخي إنْ كنتَ على وضوءٍ فخذ المصحفَ واسمعْ لي، وإنْ لم تكن متوضئًا فهذا الماء.

وهذا حفظٌ منه للوقت، وتعليمٌ للناس.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدثني أنَّ الشيخ كان يقولُ: درهمُ علمٍ يحتاجُ إلى قنطارِ عقلٍ.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عزة حصرية عن الشيخ أحمد الحارون أنه كان يقولُ عن الشيخ عبدالوهاب: أبو يوسف الصغير.

♦ ♦ ♦ ♦




وعُيِّنَ الشيخ مطيع عام (1961)م إمامًا لثلاثة أوقات (الفجر والمغرب والعشاء)، براتبٍ قدرُه (65) ليرة، فبدأ يتوسع، ويشتري كتبًا، وكان يرى محمدَ رياض المالح يقتني الكتب فتأثّر به، ورأى الشيخُ عبدُالوهاب الكتبَ تتكاثر فقال له: يا ابني المصروفُ ازداد، -وكان الشيخُ كافلًا لهم - وأريدُ منكَ أنْ تساعدني، فقال له: كما تأمر، فقال: هات (50) ليرة، ودعْ لمصروفِك الشخصي (15) ليرة. وهكذا كان، وكان رُبَّما سكتَ عن بعض الشهور فلم يعطه...والشيخ لا يطالبه.

ثم لما توفي الشيخُ وجدوا في تركتهِ ظرفًا كَتَبَ عليه بخطِّه: "هذا أمانة لمطيع". وإذا بالمبالغ التي أخذها منه قد جمعها له كلَّها، ولم يصرِفْ منها ولا ليرة واحدة... بالإضافة إلى وصيةٍ له ولإخوانهِ، لكلِّ واحدٍ منهم (200) ليرة.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنَّ عمه قال له: لا تشترِ كتبًا إلا الكتاب الذي تدرسُه، أو هو مرجعٌ أساسيٌّ لك.




وكان الشيخ مطيع مرة في وزارة الأوقاف في حدود عام (1965م)، فعرَضَ عليه مسؤولٌ يعرفُ الشيخَ عبدَالوهاب ويعرفُهُ أنْ يجعله يحجُّ ضمن البعثة الرسمية، فقال له الشيخُ مطيع: لابدَّ أنْ أستأذن عمِّي. فاتصلَ به حالًا، فقال له الشيخ: اعتذرْ، وحين تعودُ إليَّ أفهمك. فاعتذرَ، ورجعَ إلى الشيخ فقال له: يا ابني إنَّ الحجَ غير واجبٍ عليك، وأنت تحج أول مرة فلا تحجَّ بمالٍ فيه شبهة، وإذا ذهبتَ معهم حُسِبَ ذلك عليك. اصبرْ وسيعوضك اللهُ خيرًا مِنْ ذلك.

وتُوفي الشيخ عام (1969م)، وكان أهله وأصحابه يجتمعون يومًا في الأسبوع، ويقرؤون ختمًا ويهدون ثوابه إليه.

ومرة في عام (1972م) قال أحدُ محبي الشيخ - وهو الحاج إبراهيم شُقير، وهو من التجار الصلحاء، وكان يرافق الشيخ عبدالوهاب في كلِّ أحواله-. قال للشيخ مطيع - وكانت ليلةَ خميس -: سنذهبُ إلى الحج بالسيارة، فهل تحبُّ أن تأتي معنا؟ فقال له: نعم.

فقال: هات صورةً، وتعالَ إليَّ غدًا.

فذهبَ إليه ضحى الخميس في "سوق البزورية"، فأخذهُ وذهبَ إلى وزارة الداخلية فاستخرجَ جوازَ حجٍّ.

ثم ذهبا إلى السفارة السعودية، فأعطيتْ له تأشيرة.

ثم ذهبا إلى المصرف وبدل الليرة بريال - وكان ذلك مِنْ أعمال المصرف حصرًا. كل ذلك في يوم واحد، وقال له التاجرُ: هيئ ملابسَ فحسب، وغدًا بعد صلاة الفجر نمرُّ بك.

وانطلقوا بعد صلاة الفجر، وصلوا صلاة الجمعة في عمّان. وصلوا صلاة الفجر يومَ السبت في المسجد النبوي.

وكانت حجة موفقة، فيها تيسيرٌ وسرورٌ وراحةٌ.

وحين عادوا سأل الشيخُ مطيعٌ الحاجَّ إبراهيم شقير عما ترتَّب عليه، فقال: لا شيء.




وحدَّثني أنَّ الشيخ عبدالوهاب كان إذا رأى ابنًا أو شخصًا غيرَ ملتفتٍ إلى العلم، أو سقطَ في امتحانٍ يقول: ï´؟ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ ï´¾ [الرحمن: 1، 2]. يُشيرُ إلى أنَّ حبَّ العلم قسمةٌ من الله.




وحدَّثني قال: قال لنا عمِّي الشيخ عبدالوهاب: لا أريدُ لكم الدخولَ في الأحزاب. وابتعدوا عن التدخين فإنه يجرُّ رفقاءَ السوء.

وكَتَبَ الشيخ مكي الكتاني في وصيته ينهى أولادَه عن الدخول في الأحزاب والسياسة. لأنه عانى هو منها (من السياسة) كثيرًا.




وحدَّثني قال: حدَّثني الحاجُّ إبراهيم شُقير مرافقُ عمِّي الشيخ عبدالوهاب - وكان رجلًا ثقةً - أنَّ عمِّي توضأ وهو في زيارة الشيخ محمد النبهان في حلب، وأرادَ أنْ يلبس جوربيه، فأقسم الشيخُ محمد النبهان إلا أنْ يقوم هو بذلك. وألبسَ الشيخَ جوربيه بنفسهِ.



وقال: جاء الشيخُ محمد النبهان مرةً إلى دمشق، وعُرِضَ على عمِّي زيارتُه. فأجابَ وحضرَ، وتكلَّم الشيخُ النبهان في ذلك المجلسِ عن التوحيد.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-03-2020, 01:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,292
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حدثني الحافظ

حدثني الحافظ (2)


د. عبدالحكيم الأنيس





أخبار وطرائف دمشقية




حدثني الشيخ محمد مطيع الحافظ قال: روى لنا الشيخُ أبو الخير الميداني في أحد دروسهِ حديثَ الحسن عن سمرة بن جندب الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أبي بكر، ومن عمر، مرارًا وهو: مَنْ قال في كل يوم: اللهم أنتَ خلقتني وأنتَ تهديني، وأنتَ تطعمني وأنتَ تسقيني، وأنتَ تميتني وأنتَ تحييني. سبع مرات استجابَ اللهُ دعاءه.

وكان الشيخ أبو الخير يقولُ بعدَهُ ما تعريبه: هذا ضمانٌ مؤكدٌ باستجابة الدعاء[1].

♦ ♦ ♦ ♦




وذكرَ صديقُنا الشيخُ إدريس الفاسي الفهري أنه يعملُ في شرح منظومةٍ اسمُها "صحيفة فيما يحتاج إليه الشافعي من مذهب أبي حنيفة" فقال الشيخ مطيع: يحتاج الشافعي -كما حدَّثني الشيخ أبو الخير الميداني - أنْ يقلدَ مذهبَ أبي حنيفة في أربع مسائل:

في قراءة الفاتحة في الصلاة؛ لأن الكثير لا يأتون بالشدات فيها.

وفي شهود النكاح إذا لم يكونوا عدولًا.

وفي لمسِ المرأة في الطواف.

وفي دفعِ الزكاة إلى الأصناف الثمانية.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن الشيخ أبي الخير الميداني أنه كان يقول: مجالسةُ العلماء طلبٌ للعلم.

وكان يحثني ويقول: عندما تأتي إليَّ لقضاء بعض الحوائج لي انوِ طلب العلم. وفعلتُ ذلك، وكنتُ في كثيرٍ من الأحيان أجدُ عنده بعضَ العلماء يتذاكرون في مسائل علمية.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني فقال: سمعتُ الشيخ أبا الخير الميداني يقول - أكثر مِنْ مرة -: نُكِبَ الإسلام بمصيبتين كبيرتين، وطُعِنَ في الظهر:

الأولى: مقتل سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

والثانية: عزل السلطان عبدالحميد الثاني رحمه الله.

وهذا يدلُّ على وعيِ الشيخ، وعلى وعيِ الناس في عصر السلطان بالمؤامرة.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني الشيخ مطيع قال: كان شيخُنا أبو الخير الميداني يقولُ في بيت أحمد شوقي:

آمنتُ بالله واستثنيتُ جنتَهُ ♦♦♦ دمشقُ روحٌ وجناتٌ وريحانُ



لا شيءَ فيه، وهو يقصدُ أنه إذا كانت دمشقُ بهذا الجمال فكيف بالجنة الأخروية؟ هذا ما بقي في ذهن الشيخ مطيع مِنْ تخريج شيخه أبي الخير لهذا البيت.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كان في القصر الجمهوري في عهد الرئيس هاشم الأتاسي غرفةٌ مُعدةٌ للضيوف وفيها كل ما يلزم.

وجاء ابنُ الرئيس مرة من حمص، وأرادَ أنْ ينزل في الغرفة المُعدة للضيوف، فدفع أبوه له شيئًا من المال، وقال: اذهبْ إلى الفندق الفلاني وانزلْ فيه. ولم يُنزله في تلك الغرفة.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كان للرئيس شكري القوتلي قريةٌ في الغوطة تُسمّى "بالا"، وكان يبيعُ منها في حياته إلى أنْ لم يبق له إلا القليل.

وحين صدر قانونُ التأميم سنة (1963م) أو (1964م) وهو يقضي بإعفاء مَنْ كان دخلُهُ أقلَّ من خمسة آلاف ليرة، ذهبتُ إلى الطابو لاستصدار شهادةٍ بذلك، فرأيتُ حسان بن شكري القوتلي يَستصدر شهادةً بذلك مثلنا.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: حدَّثني الشيخ أحمد نصيب المحاميد أنهم كانوا عند الشيخ بدر الدين الحسني إذا سلَّموا من صلاة المغرب بدأ الدرسَ فورًا بلا كلامٍ ولا غيرِه.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمه قال: دخل كلبٌ على ساحة دار الحديث، وكان الشيخ بدرُ الدين جالسًا فيها. فأشار بيدهِ إليهِ وقال: يابا يابا هذا هذا. فنبّهَ إلى إخراجهِ ولم يسمِّه، تورُّعًا عن أنْ يقول: أخرجوا الكلبَ، وابتعادًا عن احتقارِه.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: تزوَّج الشيخُ علي الطنطاوي والأستاذُ سعيد الأفغاني بنتي القاضي صلاح الخطيب، وأمُّهما هي بنتُ الشيخ بدر الدين الحسني.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمِّه أنَّ واليًا من ولاة دمشق عطسَ في مجلس حافل، فمالَ إليه عالمٌ عن يمينه وشمته سرًّا. فاستُحْسِن ذلك منه. وردَّ الوالي عليه، ولم يحصلْ في المجلس رفعُ صوت.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمِّه أنَّ واليًا سقط الكأس مِنْ يده وهو على طعام، فقال أحدُ جلسائه: وللأرضِ مِنْ كأس الكرام نصيبُ.

وكان ذلك جميلًا منه، وغطى على خجلِ الوالي.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنَّ قبرَ الحافظ ابن عساكر في دمشق ليس على وجهِ اليقين الدقيق، وإنما هو اجتهادٌ من الدكتور شاكر الفحّام، حسب الظنِّ أنْ يكون في تلك البُقعة.

والذين ترجموا لابن عساكر قالوا: دُفِنَ بالقرب من قبر نصر المقدسي. وقبر نصر المقدسي قريب من قبور الصحابة، والمكان الذي اجتهد الدكتور شاكر أن يكون فيه قبر ابن عساكر قريبٌ من قبور الصحابة.

♦ ♦ ♦ ♦




وحكى لي قال: مشى أبو سليمان الجيرودي -أحد ظرفاء دمشق- مع الشيخ سعيد البرهاني في "حي العقيبة" بدمشق، وكانا حيث مشيا يسلِّمُ الناسُ على أبي سليمان، ويحتفون به، فقال له الشيخ سعيد مداعبًا: ما هذا يا أبا سليمان؟ أنا شيخُهم وخطيبُ جامعهم (جامع التوبة) ولا يسلِّمون عليَّ كما يسلِّمون عليك! فقال له أبو سليمان: يا سيدي أعطِني (فرنكين) وخُذْ كلَّ هذه السلامات.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: عندنا في دمشق حارةٌ كبرى اسمُها "السمّانة"، وأخرى صغيرةٌ ضيّقةٌ اسمُها الشعيرية، وفيها أسرةٌ تُعرف بـ "بيت الرز"، فقال أبو سليمان الجيرودي: اخلطوها لنأكلَ "رزًّا".

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: حدَّثنا الشيخ سعيد الحمزاوي -وكان نقيبَ أشراف دمشق، وهو من أهل الصلاح، وممن سجنه الفرنسيون وعذبوه- فقال: استيقظتُ ليلة من الليالي وأنا وحدي، والبرد شديد جدًا، بحيث لم أستطعْ النهوض لوضعِ الحطبِ في المدفأة، واشتدَّ عليَّ البردُ والضعفُ، فلجأتُ إلى الله تعالى وقلتُ: يا ربِّ دبِّرني، فلم أشعرْ إلا والنارُ تتقد في المدفأة.

قال الشيخ مطيع: ورُبما كان في الرماد بقايا نار، فاتقدتْ بإذن الله.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني فقال: كان الشيخ سعيد حمزة يقول: جوهرُك عقلك، وجوهرُ عقلك توفيقُ الله تعالى.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني فقال: قال الشيخ سعيد حمزة: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما اشتغلتُ بغير القرآنِ وعلومهِ.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمه الشيخ عبدالوهاب أنه قال: سُئل الشيخ عبدالمحسن الأسطواني -وقد عمِّر فوق المئة- عن تعمِّيرهِ، فقال:

أنا لا آكلُ طعامًا بين طعامين.

وحين بلغتُ الستين طويتُ الفراشَ -يقصد النساء-.

وطلبتُ ممّن حولي ألا يبلغني بمَنْ مات، فإنَّ الأعمار بيد الله، وأنا ضعيفٌ لا أستطيع التعزية.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: زرتُ الشيخ عبدالمحسن مرتين:

الأولى: مع عمِّي، ومرافقهِ الحاج إبراهيم شقير، والشيخ أبي الخير الميداني، والشيخ سعيد البرهاني، وقام الشيخُ واستقبلنا إلى الباب، وكان محنيَّ الظهر من الكبر، وجلس معنا.

وشجعني هذا فزرتُهُ مرةً أخرى مع الأخ رياض المالح، واستجزتُه، فأجازَ لي.

وحين تُوفي كان الثلجُ يغطي دمشق، ولم يخرج في جنازته إلا العلماء والأعيان، ودُفِنَ في مقبرة باب الصغير، ولم يَخرجْ عمِّي في الجنازة؛ لشدة البردِ في ذلك اليوم، وضعفهِ عن التحمُّل، وكان رجلًا نحيفًا، ووَصفتُ له الجنازة بعد عودتي.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمِّه الشيخ عبدالوهاب أن تلميذًا تاجرًا للشيخ عبدالحكيم الأفغاني اسمُه سعيد مارديني قال للشيخ: أحبُّ أنْ أزوجك أختي، وأحبُّ أنْ أقاسمك نصف مالي. فقال له الشيخُ: دعني أفكر. ثم التقيا بعد أيام، فقال الشيخُ له: إنْ أعدتَ ذلك الكلام فلا تعد إليَّ.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني فقال: سمعتُ طلابَ العلم في الحي "حي العقيبة" في دمشق يقولون: إن الشيخ عبدالحكيم الأفغاني بعد أن صلوا عليه لم يستطع أحدٌ رفعه. فجاء الشيخ بدر الدين الحسني وقال له هامسًا: ماذا تريد؟ فقال: سألتُ اللهَ أنْ يغفرَ لجميع المسلمين فأبى، فسألتُه أن يغفرَ لأهلِ عصري فأجابني.

وسألتُ شيخنَا الشيخ أبا الخير الميداني عن هذا الخبر -وكان حاضرًا في التشييع- فقال: لم أرَ، ولم أسمعْ!

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني عن عمه أن الشيخ عبدالحكيم الأفغاني دُفِنَ إلى جانب الشيخ علاء الدين الحصكفي صاحب "الدر المختار"، قريبًا من الشيخ ابن عابدين.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنَّ الشيخ سليم المسوتي حين حجَّ ووقعتْ عينُه على الكعبة دعا اللهَ فقال: اللهمَّ إني أسألك الرضا. أي أن يكون راضيًا عن الله سبحانه، مُسلِّمًا لأمرهِ.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنَّ الشيخ أحمد الحارون كان يدعو فيقول: اللهمَّ لا تُشْمتْ أعدائي بدائي.

وسألتُه: سمعتَ هذا منه؟ فقال: لا، سمعتُهُ من أصحابهِ، ومنهم عزة حصرية.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: حدَّثنا الشيخُ سعيد البرهاني في أحد دروسه في "جامع التوبة" قال: كنّا مع الشيخ شريف اليعقوبي -وكان عالمًا كبيرًا من الأشراف- فقيل له: إن فلانًا مريضٌ فهل تعوده؟ فقال: قفوا حتى أجرد النية -ووقفَ لحظاتٍ- ثم قال: هيا بنا.

ويَقْصدُ بذلك أنْ يعودَه تطبيقًا للسُّنة، لا لأمرٍ آخر.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني أنه سمع الشيخ سعيد البرهاني يقول: لا تُمكِّنْ زائغَ القلب مِنْ أذنيك؛ فإنك لا تدري ما يُوحي إليك.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كان الشيخ سعيد البرهاني يقول: مَثلُ الرجل الذي يتحرَّز من المعاصي ثم يقعُ فيها مثلُ الرجلِ الذي يمشي في طريقٍ موحلٍ فهو يتحرَّز من أن يصيب الوحلُ ثوبه، ويَقصدُ إلى الأماكن التي هي أقلُّ وحلاً، ذات اليمين وذات الشمال، ولكنه إذا أُصيبَ ثوبُه وكثرَ ذلك ترَكَ التحرُّز، ومشى غيرَ آبهٍ قائلًا: إنّ الثوب أُصيب ولا بُدَّ مِنْ غسله، وكذلك الرجلُ إذا عملَ في المعاصي، فإنه يبدأ بمعصيةٍ، ثم أخرى، حتى تكثرَ، ثم يغرق فيها.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني فقال:

عندنا في دمشق حارةٌ اسمُها "مطرح إللي ضيّع القرد فيها ابنه". سُمِّيتْ بذلك لكثرة الاستداراتِ فيها وضيقِها.

وقال: ومرة وقفَ رجلٌ في بعض أزقتها الضيِّقة في الليل واضعًا رِجْلًا على جدارٍ، ورِجْلا أخرى على الجدارِ المُقابل، ومرَّ رجلٌ على رأسه طربوش، فمدَّ ذاك يدَهُ ورفعَهُ عن رأسه، فولى الرجلُ هاربًا فزعًا، ظنَّ أنَّ الجن هي التي سلبته طربوشه.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: سأل رجلٌ آخرَ عن وعدٍ فقال: نسيتُ. فقال له: أنتَ "نسونجي". وفي هذه توريةٌ في النسبة إلى حبِّ النِّساء.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: كان الشيخ المُعمَّر عبدالحكيم عثمان (الباني)، الدمشقي الأصل، المدني، –وهو خال خال والدي- يمازِحُ ضيوفَهُ عندما يعرضُ بعضَ الأفكار والمطارحات، يقول للمُخاطَب "أنت نسونجي"، فيظنُّ أنه يُعرِّض به بحبِّ النساء، بينما هو يقصد النسبة إلى النسيان.

وكان للشيخ المذكور دكانٌ في سوقِ القماشة في المدينة المنورة –وهو أقدمُ سوق في المدينة، مِنْ عهد المماليك- وكان الشيخ مطروقًا من السوريين: الحُجّاج والمعتمرين، فكان إذا زاره أحدٌ نادى على الأجير: اذبحْ يا ولد. فيقولُ له: لبيك يا سيدي، فيذهبُ ويأتي بكأس شاي. والذبيحةُ عنده هي هذه الكأس.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال الشيخ مطيع: أنا أدعو في سجودي الأول بالمغفرة، وفي الثاني لوالديَّ، وفي الثالث لمشايخي، وفي الرابع لمَنْ أسدى إليَّ معروفًا مِنْ أساتذتي.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كنت أنظرُ أمس في كتاب "حياة وأوراق نبيه العظمة"، وقلتُ: هذا وأخوه وأمثالهم كانوا نظيفين، وقد خرجوا من الدنيا ولم يستفيدوا شيئًا.

♦ ♦ ♦ ♦




وسألتُ الشيخ مطيعًا عن كتابه في "تاريخ جامع التوبة بدمشق" فقال: جاهز، ولكن يحتاج إلى صفٍّ.

♦ ♦ ♦ ♦




وسألتُهُ عن موقع المدرسة الرواحية في دمشق، فقال: تخرجُ من باب الجامع الأموي الشمالي، وتمرُّ على السميساطية، والإخنائية، ثم تمشي على اليمين إلى منطقة القيمرية. وقد بقي من الرواحية جدرانُها وساحتُها.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: قال لي عمر رضا كحالة: "إذا توقفتَ عند كل نقدٍ علميٍّ يُوجهُ إليك فلن تفرغ من ذلك ما دمتَ تعمل".

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: طبعة "المختارة" للضياء المقدسي ضعيفة، ووقعتْ فيها تحريفاتٌ كثيرة. والكتابُ لم يُكمله المؤلِّف، والمخطوطة ناقصة، ولم يُكمِل المحققُ تحقيقَه.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: "قال لنا أستاذُنا الأستاذ سعيد الأفغاني: لا تظنوا أنكم إذا تخرَّجتم أصبحتم علماء، وأوصيكم بأمرين:

الأول: أنْ تتابعوا التحصيل.

والثاني: إذا أردتم التأليفَ فتخصصوا بشيءٍ، حتى يكون الواحدُ منكم مرجعًا فيه. وأنا تخصصتُ بالسيدة عائشة".

قال الشيخ: وأنا عملتُ بنصيحته تمامًا، ولهذا عملتُ بالضياء المقدسي، وابن عساكر، وما أظنُّ أحدًا عملَ في الضياء كعملي.

♦ ♦ ♦ ♦




وقال: أعمالُ الأستاذ مطاع الطرابيشي:

رواة محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي والسير وسائر المرويات.

تحقيق "سؤالات خميس الحوزي".

تحقيق "ديوان عمرو بن معدي كرب".

جزء من "تاريخ دمشق" لابن عساكر. وفي مقدمته كلامٌ على كيفية استخراج مصادره.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كنتُ في زيارة الدكتور صلاح الدين المنجد في مكتبه في جدة، وعرضتُ عليه بعض الأعمال التي أقومُ بها عن دمشق، مِنْ متابعة للدارس في تاريخ المدارس، وغيرها من الأعمال. فسُرَّ بذلك، وقال: الآن اطمأننتُ أني إذا متُّ هناك مَنْ يخلفني في أعمالي عن دمشق.

♦ ♦ ♦ ♦




وحدَّثني قال: كنتُ مع أمِّي في أسفل البناية التي تسكنُ فيها، فمرَّ الشاعرُ الأديبُ المعروفُ أحمد الجندي -وكان بيننا معرفةٌ في مجمع اللغة العربية، فقد كان رئيسَ قسم الشؤون الإدارية، ثم كان يتردَّدُ على المجمع- فقالتْ له أمي: يا حاج كيف أم حيّان –زوجته، وهي جارة لها- فقالَ لي: انظرْ ما تقولُ أمُّك! أنا حاج أنا حاج؟! وكان على طريق آخر.

وقد بَرَّهُ وزيرُ الدفاع آنذاك، وأمر له أنْ يدخلَ نادي الضباط فيأكلَ ويشربَ ما شاءَ مجانًا!

♦ ♦ ♦ ♦




يقول أهلُ دمشق: فلان إِيدو لوحدو (يدُه لوحدهِ) كناية عن أنه يعملُ بمُفردهِ بلا مُعينٍ.

وحكى الشيخ مطيع في ذلك حكاية أنّ شابًا دمشقيًّا تزوَّجَ، وغابَ عن أصحابهِ مدةً، فلما التقوا سألوه: أين أنتَ يا فلان؟ فقال لهم: بالله سامحوني، الشغل كثير، وأنا إيدي لوحدي!

♦ ♦ ♦ ♦




وسألتُ الشيخ مطيعًا عمَّن قرأ "الأربعين العجلونية" فقال: قرأتُهُ على الشيخ إبراهيم الخُتني، وأبي الخير الميداني، وقرأت على الشيخ أبي اليُسر عابدين أكثرَهُ.






[1] ونصُّه بالفرنسية: هذا سوكرته.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.10 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (1.79%)]