التدرج سنة ربانية ( تمهيد وتقديم ) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1366 - عددالزوار : 139776 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-02-2020, 12:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,140
الدولة : Egypt
افتراضي التدرج سنة ربانية ( تمهيد وتقديم )

التدرج سنة ربانية ( تمهيد وتقديم )


د. أمين الدميري




معنى السنة: لغةً:
السَّنَن: الطريقة، يقال استقام فلان على سَنَن واحد، ويقال: امضِ على (سَنَنِك)؛ أي: على وجهك، والسُّنة: السيرة[1].

معنى ربانية: لغة:
(رب) كل شيء: مالكه، والرب اسم من أسماء الله تعالى، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة، وربَّى ولده وربَّبه وترببه؛ أي: رباه، وربيب الرجل: ابن امرأته من غيره، وهو بمعنى مربوب، ومُربَّى أيضًا من التربية[2].

وبما أن الله تعالى هو المنشئ للكون والكائنات، فإن طريقته سبحانه في الإنشاء والإيجاد هي التدرج.

مقدمة:
إن الله تعالى هو رب الكون والكائنات، وقد خلَق كل شيء بتقدير وحكمة، كما خلق كل شيء على أحسن ما يكون، وبطريقة تدل على كمال حكمته وربوبيته؛ فهو رب العالَمين سبحانه وهو مالِكهم، وسيدهم، ومصلح شؤونهم، ومعبودهم بحق لا معبود غيره؛ فالكل خاضع لسلطانه، وتلك من معاني ربوبيته.

ذكر القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]، قال: (رب العالمين: مالكهم، وكل مَن ملك شيئًا فهو ربه، فالرب: المالك، والرب: السيد، قال تعالى: ﴿ اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ﴾ [يوسف: 42]، والرب: المصلح والمدبِّر، والرب: المعبود، واختلف في اشتقاقه، فقيل: (إنه مشتق من التربية)[3].

ومن معاني الربوبية كذلك: (إنشاء الشيء حالاً فحالاً إلى حدِّ التمام)[4]، إذًا فتبليغ الشيء إلى كماله شيئًا فشيئًا هو من معاني الربوبية؛ ولهذا حينما خلق الله تعالى السموات والأرض وما بينهما، لم يخلق ذلك في لحظة واحدة، وهو سبحانه قادر، ولكن تم ذلك على مراحلَ وحِقَبٍ زمانية لا يعلم مداها إلا هو سبحانه؛ ليعلمنا سبحانه وتعالى حُسن التدبير والترتيب، والإعداد والإحكام في كل شيء.

قال الرازي - رحمه الله - في تفسير قوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [الأعراف: 54]: وهذا معنى ما يقوله المفسرون من أنه تعالى خلق العالَم في ستة أيام ليعلم عباده الرِّفق في الأمور والصبر فيها[5].

كذلك خلق الله تعالى الإنسان مرحلة بعد مرحلة، وطَورًا بعد طور، وتلك حكمة بالغة؛ فكان خلق الإنسان في أتم صورة وأحسن تقويم؛ ليعلمنا الله تعالى كيف يكون الوصول إلى الكمال، وأنه لا يأتي دفعة واحدة، وتلك تربية خَلْقية (بفتح الخاء).

ففي الخلق علمنا الله تعالى التمهل، والإعداد، والبدء بالأهم؛ كما قال تعالى في بيان ذلك في سورة فصلت: ﴿ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ ﴾ [فصلت: 9 - 11]، فكان البدء بالأرض، ثم تقدير الأقوات، ثم الاستواء، ثم لما أصبحت الأرض صالحة للحياة خلَق الإنسان.

وكذا في خلق الإنسان بدأ بذكر التراب؛ لأنه المادة الأولى والأساس في خلق الإنسان؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ﴾ [الحج: 5].

أما في التربية الخُلُقية وأمر الهداية، فنجدُ أن القرآن الكريم لم ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة واحدة - كما طلب المشركون - ولكنه نزل مفرَّقًا حسب الوقائع والأحداث؛ ليسهُل حفظه وفهمُه، والوقوف على أحكامه، ومعرفة حدوده وتدبر آياته؛ قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ﴾ [الفرقان: 32].

ونزل القرآن أول ما نزل يربِّي الناس على التوحيد، ويرسي قواعد الدين الخالص على العقيدة السليمة، ولم يأمر بتكاليف ولم ينزل بتشريعات خلال المرحلة المكية؛ لأن الأساس هو بناء الرجال أولاً على الإيمان بالله واليوم الآخر وحبِّ الله ورسوله، ثم كانت التشريعات بالمدينة المنورة.

ومن هنا تتبين لنا سنَّة التدرج، وأنها سنَّة ربانية، وفى ذلك تنبيه للدعاة والمصلحين، أنه ما من بناء لا يراعَى فيه التدرج، ولا ينشأ على خطوات ومراحل، إلا انهدَّ على أهله، وانهدم على صاحبه، وكان كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، ولم يجد لعمله ثمرة، ولا لدعوته إجابة.


[1] مختار الصحاح مكتبة لبنان 1989 ص 278.

[2] المرجع السابق ص 200.

[3] تفسير القرطبي، طبعة دار الشعب - جزء 1، ص 119.


[4] المصطلحات الأربعة/ أبو الأعلى المودودي، دار التراث العربي ص 40.

[5] مفاتيح الغيب، دار الغد العربي - طبعة أولى 1992م/ 1412هـ، ج7، ص 98.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.57 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.86 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.25%)]