النصيحة للإخوان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 130062 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370049 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 27-01-2020, 11:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي النصيحة للإخوان

النصيحة للإخوان




مصطفى مهدي





إنَّ المرء خلال سيْرِه في الحياة قد يعثُر وهو يبْصِر أو لا يُبْصِر، وقد يَعجِز وهو يدْري أو يَجهل كيف غلبَه ذلك العجْز، وقد يبتغي قضاءَ نهمته وإشْباع رغْبته لواحدةٍ من متطلَّباته الَّتي تدفع سيْرَه، فيدرك السَّبيل أو يجهله، قد يُمكر به، أو يُحيط به ضررٌ، أو يغفل عن مصلحة سهلة الإدْراك، أو أمْنية بعيدة المنال لينشغل بغيرها، قد يبْدو منه ما يَحتاج لتقْويم وتوْجيه واستدْراك، فالمرء في حياته يَحتاج لمرآة تُراقِب أفعاله، وترصد تحرّكاته، ولكن يُرجى فيها ألاَّ تكون صمَّاء بكْماء، ولكن عاقلة مدركة محسنة، مخلصة محبَّة، مُعذِرة منذِرة، فحينئذٍ تكون النَّصيحة.

النَّصيحة تعدّ سمة من السّمات الفرديَّة والجماعيَّة التي هي من خصائص الجنس البشري، والتي زيَّنها الشَّرع وحلاَّها بجملة من الضَّوابط والقواعد، التي تضمن تحقيق الهدف من النَّصيحة وترك الآثار الإيجابيَّة على كلّ من الباذِل والمتلقِّي.

وقد أوْلى الشَّرع الاهتِمام البالغ لأمر النَّصيحة كمظْهَر من مظاهر التَّعاون والأخوَّة والولاية والمناصرة، ويظهر هذا من خلال جُملة الأدلَّة الشَّرعيَّة القرآنيَّة والحديثيَّة، الَّتي ترشد وتحثّ على بذْل النَّصيحة، وقد يتَّسع مدى النّصح ويتَّضح أكثر بمعرفة المعنى اللُّغوي للنَّصيحة الَّذي يعين على فهْم المراد بالنَّصيحة شرعًا، وما يُمكن اندراجه في المفهوم العامّ للنَّصيحة، حتَّى ولو وُضع لها تعريفٌ عرفي خاصّ يقْصرها على بعض المراد.

فأصل النَّصيحة لغة - كما قال في "لسان العرب" (2 - 615) -:
"نَصَحَ الشيءُ: خَلَصَ، والنُّصْح نقيض الغِشّ، ويقال: نَصَحْتُ له نَصيحتي نُصوحًا؛ أَي: أَخْلَصْتُ وصَدَقْتُ، والاسم: النَّصيحة".

وأمَّا الاصطِلاح الخاصّ لمعنى النَّصيحة، فيمكن الإشارة إليه بما قال ابن الأثير في "النّهاية" (5 - 142):
"النَّصيحة: كلمة يُعَبَّرُ بها عن جملة هي إرادة الخير للمَنْصوح له، وليس يُمكنُ أن يُعَبَّر هذا المعنى بكلمة واحدة تَجْمَع معناه غيرها"، وتبِعه جملة من العُلماء لا يخرج تعريفهم للنصيحة عن هذا المعنى.

فبالنَّظر في هذين النقْلَين يمكن أن يقال: إنَّ النّصح هو "إرادة الخير وبذله بإخلاص وصدق"؛ فكل خير يقرّ الشَّرع بذْله، والحثّ عليه، والإرشاد إليه، من النّصح، وكلّ شرّ يمنع منه الشَّرع فالتَّحذير منه والصَّرف عنه من النَّصيحة، وهذا الَّذي أشار إليه صاحب "عون المعبود" نقْلاً عن الخطَّابي:
"النَّصيحة كلِمة يعبَّر بها عن جُملة هي إرادة الخير للمنصوح له، وليس يُمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلِمة واحدة يحصرها ويجمع معناها غيرها، وأصل النَّصيحة في اللغة الخلوص؛ يقال: نصحت العسل، إذا أخلصته من الشَّمع" [13 - 196].

وقال النَّووي:
"وقيل: النَّصيحة مأخوذة من: نصحَ الرَّجُل ثوبَه إذا خاطه، فشبَّهوا فعل النَّاصح فيما يتحرَّاه من صلاح المنْصوح له بما يسدّه من خلل الثَّوب"؛ "شرح مسلم" (2 - 37).

الأدلة الشرعية والنصيحة:
إذا ما استحْضر المرء هذا المعنى العامَّ للنَّصيحة، ثمَّ تأمَّل في رياض الآيات القرآنيَّة، وخاض حياض الأحاديث النَّبويَّة، وجد أنَّ الأدلَّة الشَّرعيَّة قد أرشدتْ وحثَّت على العناية بأمر النَّصيحة على اختِلاف مراتب الحكم التَّكليفي للنَّصيحة وبذلها، ورتَّبت الثناء والأجر والثواب، والأوصاف المحبوبة، والخصال الممدوحة.

وكذلك النَّاظر في الموارد الشَّرعيَّة يجد أنَّها قد وردت إمَّا مصرحة بلفظ النَّصيحة، وإمَّا مصرّحة بالمعنى العامّ الَّذي يمثّله مفهوم النَّصيحة.

فمن ذلك: قوله - تعالى - في أمر نوح - عليْه السَّلام - وقومه: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 62].

وكذلك شأن هود - عليه السَّلام -: ﴿ أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ ﴾ [الأعراف: 68].

وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 91].

فكلّ دعْوة إلى الله - سبحانه - نوعٌ من النُّصح والإرْشاد إلى الخير والحثِّ عليه.

وقد وردت لفظة النّصح في السنَّة في جملة من الأحاديث؛ فمن ذلك حديث جرير بن عبدالله: "أتيت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قلت: أُبايعُك على الإسلام، فشرَط عليَّ النّصح لكلّ مسلم"؛ البخاري (1 - 1 ح 58).

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا: ((العبد إذا نصح سيّده وأحسن عبادةَ ربِّه، كان له أجْره مرَّتين))؛ البخاري (2 - 899).

وأخرج مسلم عن تميمٍ الدَّاري أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الدّين النَّصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم))؛ (1 - 74).

وكذلك أخرج مسلم عن أبي المليح أنَّ عُبيدالله بن زياد عاد معْقِلَ بن يسار في مرضِه، فقال له معقل: إنّي محدِّثك بحديث لولا أنِّي في الموت لم أحدِّثْك به، سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من أميرٍ يلي أمرَ المسلمين ثمَّ لا يجهد لهم وينصح، إلاَّ لَم يدخل معهم الجنَّة))؛ (1 - 125).

وفي لفظ آخر: ((ما من عبدٍ يَسترْعيه الله رعيَّة فلم يحطْها بنصْحه، إلاَّ لَم يَجد رائحة الجنَّة))؛ (6 - 2614).

وكذلك أخرج من حديث أبِي هُرَيرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حقّ المسْلِم على المسلم ستّ))، قيل: ما هنَّ يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيتَه فسلِّمْ عليه، وإذا دعاك فأجِبْه، وإذا استنصحك فانصحْ له، وإذا عطِس فحمِد الله فسمِّتْه، وإذا مرض فعُده، وإذا مات فاتْبعه))؛ (4 - 1704).

وأمَّا المفاهيم الشَّرعيَّة العامَّة التي تندرج فيها النَّصيحة، فهي كلّ ما شمل مفهومه بذْل الخير للبشريَّة بشتَّى الصور الدعويَّة والمادّيَّة والمعنويَّة؛ فالنَّصيحة حينئذٍ تدخل في مفهوم الموالاة بين المؤْمنين؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

وتدخل النَّصيحة في التَّعاون على البرّ والتَّقوى؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

وتسلك النَّصيحة في سلك الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المنكر، الَّذي به تتحقَّق خيريَّة هذه الأمَّة؛ لأنَّ النّصح يتَّفق مع الأمر بالمعروف في إيجاده، ويتآلف مع النَّهي عن المنكر في إعدامه؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

وقوله - جلَّ وعلا -: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

وتندرج في مفهوم الأخوَّة الإيمانيَّة؛ بل هي إحدى المقْتضيات لهذه الأخوَّة، كما في قوله - سبحانه -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10].

ويؤيّده ما روى البخاريُّ عن أبي هُرَيرة عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِعْ بعضُكم على بيْع بعْض، وكونوا عبادَ الله إخوانًا، المسلم أَخو المسلم؛ لا يَظْلِمه ولا يَخذله ولا يحقره، التَّقوى ها هنا - ويُشير إلى صدْره ثلاث مرَّات - بِحسب امرئٍ من الشَّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسْلم حرام؛ دمُه وماله وعرضه))؛ (4 - 1986).

فالنَّاظر في هذه الآيات والأحاديث يرى أنَّ الشَّرع قد أوْلى النَّصيحة أهمّيَّة قصوى؛ لأنَّه نوع من تفعيل الإيمان عمليًّا، ونوع من التَّواصي بالحقّ والتَّواصي بالصَّبر، وكذلك ضربٌ من ضروب الموالاة لبني الملَّة الواحدة في تعاوُن على نصرة الدّين وإقامة شعائره أينما حلَّ المسلم.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 87.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 86.22 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.95%)]