|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين يدي رمضان الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم الحمد لله الذي أعظم على عباده المنَّة، بما دفع عنهم من كيد الشيطان ورَد أمله، وخيَّب ظنّه، إذ جعل الصَّوم حصنًا لأوليائِه وجُنَّة، وفتحَ لهم به أبواب الجنة، وعرَّفهم أنَّ وسيلة الشَّيطان إلى قلوبهم الأهواءُ المستكنة، وأن بِقَمْعِهَا تصبح النَّفس مطمئنَّة، ظاهرة الشوكة في قصْمِ خَصْمِها قوية المنَّة، وصَلَّى الله على عبده ورسوله محمد، قائد الغُرِّ المُحجَّلين ومُمَهِّد السُّنَّة، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا. أما بعدُ: فإنَّ حكمة الله - جَلَّ وعَلا - اقتَضَتْ أن يجعل هذه الدنيا مزرعة للآخرة، وميدانًا للتَّنافُس، وكان من فضله - عَزَّ وَجَلَّ - على عباده وكرمه أن يجزيَ على القليل كثيرًا، ويضاعفَ الحساب، ويجعلَ لعباده مواسم تعظم فيها هذه المُضاعَفة؛ فالسَّعيد مَنِ اغتنمَ مواسم الشهور والأيام والسَّاعات، وتقرَّب فيها إلى مَوْلاه بما أمكنَه من وظائف الطَّاعات؛ عسى أن تصيبَه نفحة من تلك النَّفَحات، فيسعد بها سعادةً يأمن بعدها منَ النار وما فيها منَ اللَّفَحات، قال الحسن - رحمَه الله - في قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]؛ قال: "مَن عجز بالليل كان له من أول النهار مستعتب؛ ومن عجز بالنهار كان له منَ الليل مستعتب". ومن أعظم هذه المَوَاسم المُبَارَكة وأجلِّها شهرُ رمضان، الذي أُنزل فيه القرآن المجيد؛ ولذا كان حريًّا بالمؤمن أن يحسنَ الاستعدادَ لهذا القادم الكريم؛ ويتَفَقَّه في شروط ومستحبَّات وآداب العبادات المرتبطة بهذا الموسم الحافل؛ لئلاَّ يفوته الخير العظيم؛ ولا ينشغل بمفضول عن فاضل؛ ولا بفاضل عمَّا هو أفضل منه. أخي المسلم: استَحْضِرْ في قلبكَ الآن أحب النَّاس إليكَ؛ وقد غابَ عنكَ أحد عشر شهرًا، وَهَبْ أنَّك بُشِّرتَ بقدومه وعودته خلال أيام قلائل، كيف تكون فرحتكَ بقُدُومه؟! واستبشارك بقربه؟! وبشاشتكَ لِلِقَائِه؟! إنَّ أَوَّلَ الآداب الشَّرعيَّة بين يدي رمضان أن تَتَأَهَّبَ لقدومه قبل الاستهلاك، وأن تكونَ النَّفس بقدومه مستبشرة، ولإزالة الشك في رؤية الهلال منتظرة، وأن تستشرفَ لنظره استشرافها لقدوم حبيبٍ غائبٍ مِن سَفَره؛ إذ إنَّ التَّأَهُّب لشهر رمضان والاستعداد لقدومه مِن تعظيم شعائر الله - تباركَ وتعالى - القائل: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]. يفرح المؤمنونَ بقُدوم شهر رمضان، ويستبشرونَ ويَحْمَدونَ الله أن بلَّغهم إيَّاه، ويعقدون العزم على تعميره بالطَّاعات، وزيادة الحسنات، وهَجْر السَّيئات، وأولئكَ يبشَّرون بقول الله - تباركَ وتعالى -: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58]؛ وذلك لأنَّ محبَّة الأعمال الصالحة والاستبشار بها فَرْع عن محبَّة الله - عَزَّ وَجَلَّ - قال - تعالى -: {وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة: 124]، فترى المُؤمنينَ مُتلَهفينَ مُشْتاقينَ إلى رمضان، تحنُّ قلوبهم إلى صوم نهارهِ، ومُكابَدة ليله بالقيام والتَّهَجُّد بين يدي مولاهم، وتراهم يُمَهِّدون لاستقبال رمضان بصيام التَّطَوُّع خاصَّة في شعبان. باع قوم منَ السَّلف جارية لهم لأحد الناس، فلمَّا أقبل رمضان أخذَ سَيِّدُها الجديد يَتَهَيَّأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال رمضان - كما يصنع كثيرٌ منَ الناس اليوم - فلمَّا رأتِ الجاريةُ ذلكَ منهم قالت: "لماذا تصنعونَ ذلكَ؟!"، قالوا: "لاستقبالِ شهر رمضان"، فقالت: "وأنتم لا تصومونَ إلاَّ في رمضان؟ واللهِ لقد جئتُ من عند قوم، السَّنَةُ عندهم كأنَّها كلها رمضان، لا حاجةَ لي فيكم، رُدُّوني إليهم"، ورجَعتْ إلى سَيِّدها الأول. سمعَ المؤمنونَ قول رسولِ الله: ((كُلُّ عمل ابنِ آدم يضاعف: الحسنةُ بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال - تعالى -: إلاَّ الصَّوم؛ فإنَّه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي))؛ الحديث رواه مسلم. فعلموا أنَّ الامتناع عنِ الشَّهَوات لله - عَزَّ وَجَلَّ - في هذه الدُّنيا سبب لنَيْلِها في الآخرة؛ كما أشارَ إلى ذلكَ مفهوم قولِ رسول الله: ((مَن شربَ الخمر في الدُّنيا، ثمَّ لم يَتُب منها حُرمها في الآخرة))؛ مُتّفق عليه. وقوله: ((مَن لبسَ الحريرَ في الدُّنيا لم يلبسْه في الآخرة))؛ متفق عليه، وقوله: ((مَن ترك اللباس تواضعًا لله - وهو يقدر عليه - دعاهُ الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره مِن أيِّ حلل الإيمان شاءَ يلبسها))؛ رواه التِّرمذي وحَسَّنه، والحاكم وصَحَّحه؛ ووافَقَه الذَّهَبي. وعن ابن عَبَّاس - رضيَ الله عنهما - أنَّ رسولَ الله بعثَ أبا موسى على سريَّة في البحر، فبينما هم كذلكَ قد رفعوا الشراع في ليلة مُظلِمة، إذا هاتف فوقهم يهتفُ: "يا أهل السَّفينة! قفوا أخبركم بقضاء الله على نفسه"، فقال أبو موسى: "أخبِرْنا إن كنتَ مُخْبَرًا"، قال: "إنَّ الله - تباركَ وتعالى - قَضَى على نفسه أنَّه مَن أعطش نفسه له في يوم صائفٍ، سقاهُ الله يوم العطش"؛ رواه البَزَّار، وحَسَّنَه المُنذري. وفي رواية عن أبي موسى - رضيَ الله عنه - قال: "إنَّ اللهَ قَضَى على نفسه أنَّ مَن عطَّش نفسه لله في يوم حارّ، كان حقًّا على الله أن يَرْويه يوم القيامة"، قال: فكان أبو موسى يَتَوَخَّى اليوم الشَّديد الحر، الذي يكاد الإنسان ينسلخ فيه حرًّا، فيصومه"؛ رواه ابن أبي الدنيا. وعن سهل بن سعد - رضيَ الله عنه - عن النَّبي قال: ((إنَّ في الجنَّة بابًا يُقال له الرَّيَّان، يدخل منه الصَّائمونَ يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أُغلق، فلم يدخل منه أحد، فإذا دخل آخرهم أغلق، ومَن دخل شرب، ومَن شربَ لَمْ يظمأ أبدًا)). وعن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((أتاني جبريل، فقال: يا محمد، مَن أدرك أحد والديه فمات، فدخل النار فأبعده الله؛ قل: آمين، فقلت: آمين، قال: يا محمد، مَن أدرك شهر رمضان فمات، فلم يُغفر له فأُدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين؛ قال: ومَن ذُكِرتَ عنده فلم يصلِّ عليك، فمات فدخل النار، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين))؛ رواه الطَّبَراني في "الكبير"؛ وصَحَّحه الألباني. فهل تعجب أخي المؤمن أنَّ جبريل ملك الوحي يقول في هذا الحديث، وفيما رواه مسلم: ((مَن أدرك شهر رمضان ولم يُغفر له، باعدَهُ اللهُ في النار))؟! ثم يؤمِّن خليل الرحمن الصَّادق على دُعائه؟! وأي عَجَب! ورمضان فرصة نادرة ثمينة، فيها الرَّحمة والمغفرة، ودواعيها مُتَيسرة، والأعوان عليها كثيرونَ، وعوامل الفساد محدودة، ومَرَدة الشياطين مُصَفَّدون، ولله عتقاء في كل ليلة، وأبواب الجنَّة مُفَتحة، وأبواب النيران مغلقة، فمَن لم تنلْه الرَّحمة مع كل ذلك فمتى تناله إذًا؟! ولا يهلك على الله إلاَّ هالك، ومَن لم يكن أهلاً للمغفرة في هذا الموسم، ففي أيِّ وقت يتأهل لها، ومَن خاضَ البحر اللجاج ولم يَطَّهَّرْ، فماذا يطهره؟! إِذَا الرَّوضُ أمْسَى مُجْدِبًا فِي رَبيِعِهِ فَفِي أَيِّ حِينٍ يَسْتَنِيرُ ويخْصبُ؟ لقد بيَّن الصادق المصدوق اختلاف سعي الناس في الاستعداد لرمضان، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - بمحلوف رسول الله -[1]: ((ما أتى على المسلمينَ شهر خير لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهر شَرّ لهم من رمضان؛ وذلك لما يعدُّ المؤمنون فيه منَ القوة للعبادة[2]، وما يعد فيه المنافقون من غَفلات الناس وعوراتهم[3]؛ هو غنْمٌ للمؤمن[4] يغتنمه الفاجر))[5]؛ أخرجه الإمام أحمد، ونسَبَهُ ابن حجر في "التعجيل" إلى صحيح ابن خُزَيمة؛ وصَحَّحَه العَلاَّمة أحمد شاكر رقم 8350. وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - من طريق آخر مرفوعًا: ((أظلَّكم))؛ أي: أشرف عليكم وقرب منكم ((شهركم هذا بمحلوف رسول الله؛ ما مَرَّ بالمؤمنين شهر خير لهم منه؛ ولا بالمنافقين شهر شر لهم منه، إنَّ الله - عَزَّ وَجَلَّ - لَيَكْتب أجْرَه ونوافله من قبل أن يُدخِله، ويكتب إصره؛ أي: إثمه وعقوبته، (وشقاءَه من قبل أن يُدخلَه)؛ لأنه يعلم ما كان، وما يكون، ((وذلك أنَّ المؤمن يعدُّ فيه القوة للعبادة منَ النَّفَقة، ويعد المنافق اتباع غفلة الناس واتباع عوراتهم، فهو غنم للمؤمن، يغتنمه المنافق))؛ رواه الإمام أحمد، والبيهقي، والطبراني في "الأوسط"؛ وابن خُزَيمة في صحيحه؛ وسكت عنه المُنذري؛ وأَوْرَده الهيثمي؛ وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" عن تميم مولى ابن رمانة، ولم أجد من ترجمه. ا هـ. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() بين يدي رمضان الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم اذا يقول عند الإفطار؟ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((ثلاث دعوات مُستَجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر)). وهذه الدَّعوة التي لا ترد تكون عند فطره، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عنِ النبي: ((ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حين يفطر، والإمام العادل، ودعوة مظلوم))، وعن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضيَ الله عنهما - قال رسول الله: ((إنَّ للصائم عند فطره لدعوة ما ترد)). - وأفضل الدعاء الدُّعاء المأثور عن رسول الله، فقد كان يقول إذا أفطر: ((ذهبَ الظَّمَأ، وابْتَلَّتِ العُرُوق، وثبت الأجر - إن شاء الله)). - وعن معاذ بن زهرة أنَّ النَّبي كان إذا أفطر قال: ((اللهمَّ لك صُمتُ، وعلى رزقكَ أفطرتُ))؛ رواه أبو داود مرسلاً، وقال الألباني: "لكن له شواهد يَتَقَوَّى بها". - وكان ابن عمر - رضيَ الله عنهما - يقول عند فطره: ((اللهمَّ إنِّي أسألكَ برحمتكَ التي وسعتْ كل شيء أن تغفرَ لي))؛ رواه أبو داود. سادسًا: الاستكثار منَ الأعمال الصالحات، فإنَّ من ثواب الحسنة، الحسنة بعدها، ومن ذلك: 1- صيام شعبان: استعدادًا لرمضان، فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: "ما رأيتُ رسول الله استكملَ صيام شهر قط إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان". 2- تلاوة القرآن الكريم: فإنَّ رمضان هو شهر القرآن، فينبغي أن يُكْثرَ العبد المسلم من تلاوته، وحفظه، وتدبُّره، وعرضه على مَن أقرأ منه. كان جبريل يُدَارس النَّبيَّ القرآن في رمضان، وعارضه في عام وفاته مرتين، وكان عثمان بن عفان - رضي الله عنه - يختم القرآن الكريم كل يوم مَرَّة، وكان بعض السَّلَف يختم في قيام رمضان في كل ثلاث ليال، وبعضهم في كل سبع، وبعضهم في كل عشر، فكانوا يقرؤونَ القرآن في الصلاة وفي غيرها، فكان للشافعي في رمضان ستون ختمة يقرؤها في غير الصلاة، وكان الأسود يقرأ القرآن كل ليلتين في رمضان، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزُّهري إذا دخل رمضان يفر من قراءة الحديث ومُجَالَسة أهل العلم، ويقْبلُ على تلاوة المصحف. وكان سفيان الثوري إذا دَخَلَ رمضان ترك جميع العبادة، وأقْبَل على قراءة القرآن، قال الزُّهري: "إذا دخل رمضان فإنَّما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام". قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: "وإنَّما وَرَدَ النَّهي عن قراءة القرآن في أقلَّ من ثلاث على المُدَوَامة على ذلك، فأمَّا الأوقات المفضلة - كشهر رمضان - خصوصًا الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر - أو في الأماكن المُفَضَّلة - كمَكَّة لِمَن دَخَلَها من غير أهلها - فيستحب الإكثار فيها من تلاوة القرآن اغتنامًا للزَّمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما منَ الأئمَّة، وعليه يدل عمل غيرهم". ا هـ. 3- قيام رمضان: فعَن أبي هريرة - رضيَ الله عنه - قال: "كان رسول الله يُرَغِّب في قيام رمضان، من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه))"، وجاء رسولَ الله رجلٌ من قضاعة، فقال: يا رسول الله! أرأيتَ إن شهدت أن لا إله إلا الله، وأنَّكَ رسول الله، وصَلَّيت الصلوات الخمس، وصُمتُ الشهر، وقُمت رمضان، وآتيت الزَّكاة؟"، فقال النبي: ((مَن مات على هذا كان منَ الصِّدِّيقينَ والشُّهداء". 4- الصَّدَقة: فقد كان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان أجود بالخير منَ الرِّيح المُرسَلة، ولا يُسأل شيئًا إلاَّ أعطاه، وقال: ((أفضل الصدقة صدقة في رمضان)). ومِن صور الصَّدَقة: إطعام الطعام، وتفطير الصوام، قال: ((مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا يَنْقصُ من أجر الصائم شيئًا))، فإن عجز عن عَشائه فطَّره على تمرة أو شربة ماء أو لبن، وقال: ((اتَّقوا النار، ولو بشق تمرة))، وعن عليّ - رضي الله عنه - قال رسول الله: ((إنَّ في الجنَّة غُرفًا، يُرَى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعَدَّهَا الله تعالى لِمَن أطعم الطعام، وَأَلاَنَ الكلام، وتابَعَ الصيام، وصَلَّى باللَّيل والنَّاس نِيَام))، وقال: ((صنائع المعروف تقي مصارع السُّوء، وصَدَقة السِّر تُطْفئ غَضَب الرَّب، وصِلة الرَّحم تزيد في العمر))، وقال رسول الله: ((أيما مؤمن أطعمَ مؤمنًا على جوع، أطْعَمَه الله مِن ثمار الجنَّة، ومَن سقى مؤمنًا على ظمأ؛ سقاهُ الله منَ الرَّحيق المختوم)). وقال بعض السَّلَف: ((لأن أدعو عشرة من أصحابي، فأطعمهم طعامًا يشتهونه أحب إليَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل)). وكان كثير منَ السَّلَف يؤثر بفطوره وهو صائم، منهم: عبدالله بن عمر، وداود الطَّائي، ومالك بن دينار، وأحمد بن حنبل، وكان ابن عمر لا يفطر إلاَّ مع اليتامى والمساكين، وربَّما علم أنَّ أهله قد ردوهم عنه، فلم يفطر في تلك الليلة. وكان منَ السَّلَف من يطعهم إخوانه الطعام وهو صائم، ويجلس ليخدمهم، منهم: الحَسَن، وابن المبارك، وقال أبو السوار العدوي: "كان رجال من بني عَدِي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قط وحده، إن وجد مَن يأكل معه أَكَل، وإلاَّ أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس وأكل الناس معه"، قال الإمام الماوردي - رحمه الله -: "ويُستَحَبُّ للرَّجل أن يوسع على عيالِه في شهر رمضان، وأن يحسنَ إلى أرحامه وجيرانه، لا سيما في العشر الأواخر منه". ا هـ. وإذا دُعي المسلم الصائم عليه أن يجيبَ الدَّعوة؛ لأن مَن لم يجب الدَّعوة فقد عصى أبا القاسم، وينبغي عليه أن يعتقدَ جازمًا أنَّ ذلكَ لا يضيع شيئًا من حسناته، ولا ينقص شيئًا من أجره، ويُستَحب للمدعو أن يدعوَ للدَّاعي بعد الفراغ منَ الطعام بما جاء عن النَّبي، وهو أنواع؛ كقوله: ((أكل طعامَكم الأبرارُ، وصَلَّت عليكم الملائكة، وأفطر عندكم الصائمون)). ((اللهمَّ أطعم مَن أطعمني، واسقِ مَن سقاني)). ((اللهمَّ اغفر لهم وارحمهم، وبارِك لهم فيما رزقتهم)).
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |