هلا نحرت هواك لمولاك! (دروس من يوم النحر) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1412 - عددالزوار : 140768 )           »          معالجات نبوية لداء الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التربية بالحوار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          صور من فن معالجة أخطاء الأصدقاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          في صحوةِ الغائب: الذِّكر بوابة الحضور (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          آيات السَّكِينة لطلب الطُّمأنينة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (العليم, العالم. علام الغيوب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          سبل إحياء الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التساؤلات القلبية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الحب الذي لا نراه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-01-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,186
الدولة : Egypt
افتراضي هلا نحرت هواك لمولاك! (دروس من يوم النحر)

هلا نحرت هواك لمولاك! (دروس من يوم النحر)
هشام محمد سعيد قربان


سبحان من خلَق الإنسان، وعلَّمه ما لم يكنْ يعلَم، ومما علَّمه الأسماء واللغات، وجعل اختلافَ الألسنة من عظيمِ خلقه، وكبيرِ مِنَّتِه علينا، ونادانا قائلًا سبحانه: ﴿ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ﴾ [القصص: 71]، ﴿ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص: 72].

إن الناظر إلى مفردات اللغة لَيَعجَبُ من سَعةِ وعِظم معناها مقارنةً ببساطة مبناها؛ انظرْ إلى مفردات مثل: إله، ورب، وحمد، وحب، وحسن، وهدى، ونور، وحج، ونحر، ورمي.....، وستجدها مبنيَّةً من حرفينِ أو ثلاثة، ولكن معانيها والمشاعر والأخيلة المكنونة في أعطافها تكاد تكون بحرًا لا يُدرَك قرارُه.

كما اختار الخبير عز وجل بعضَ هذه اللغات المعجزة، لتكون وعاءَ وحيِه لخَلقِه، ولغةَ كلامه وخطابه، ولله المَثَلُ الأعلى، وليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وضَمَّن وحيَه أوامرَ ونواهيَ وتكليفًا وعباداتٍ وحدودًا، وشرَّف الله بعضَ هذه المفردات حين اختارها صفةً واصطلاحًا خاصًّا لبعض هذه العبادات والأخلاق والتكاليف، فمفردةُ الصلاة أو الحمد والحج والسجود والخشوع والصوم - مثلًا - زاد معناها عمقًا وشرفًا حين أضاف اللهُ إليه المعنى الشرعيَّ الاصطلاحي، فَعَلا نَسَبُها حين نُسب جزءٌ منه لله عز وجل شرعًا وتكليفًا وعبادة وقُربة.

علَّمَنا الله ورسوله تفاصيلَ هذه المفردات الاصطلاحية التى شَرُفَ بها المعنى العام، وفي ذات الوقت أرشدَنا أن نُثريَ هذا المعنى الاصطلاحيَّ بسَعة المعنى اللغويِّ، فكأن الاصطلاح بلورة أو كَوَّةٌ يُشرِفُ المؤمن من خلالها إلى بحرٍ زاخر من المعاني اللغوية.

أرسى الرسولُ الأكرم في قلوب صحابته وتابعيه إلى يوم الدين المعنى الاصطلاحيَّ الشرعي للإسلام والإيمان والإحسان والجهاد والهجرة...، حين قال في طرَفٍ من حديث، مجيبًا جبريلَ عليه السلام حينما أتاه سائلًا في صورة رجل غريب حسَنِ الوجه والشعر وأبيض الثياب: "فقال (جبريل): ما الإسلامُ؟ قال رسول الله: ((شهادةُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللهِ، وتقيمُ الصَّلاةَ، وتُؤتي الزَّكاةَ، وتصومُ رمضانَ، وتحُجُّ البيتَ))، قال: فما الإيمانُ؟ قال: ((أن تُؤمِنَ باللهِ وملائكتِه والجنَّةِ والنَّارِ والبعثِ بعد الموتِ والقدَرِ كلِّه))، قال: فما الإحسانُ؟ قال: ((أن تعملَ للهِ كأنَّك تراه، فإنَّك إن لم تكُنْ تراه فإنَّه يراك...))؛ مسند الفاروق - الصفحة: 2 /629: صحيح".

ثم علَّمَنا كيف نُثري هذه المفاهيمَ الاصطلاحية الشرعية حينما نُبحر من خلالها نحو بحر المعاني اللغوية مستضيئينَ بنور الشرع لكيلا نَضِلَّ ولا نحيد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلِمُ مَن سَلِمَ المسلمونَ مِن لسانِهِ ويدِهِ، والمؤمنُ مَن أَمِنَهُ النَّاسُ على دمائِهِم وأموالِهِم، والمجاهدُ مَن جاهدَ نفسَهُ في طاعةِ اللَّهِ، والمُهاجِرُ مَن هجَر الخطايا والذُّنوبَ))؛ الألباني، تخريج مشكاة المصابيح - 31، إسناده صحيح.

يا له من إثراءٍ بديع للمعنى الاصطلاحي للإسلام - مثلًا -! انطلاقًا من: كونه أركانًا خمسة محدودة - هي من حقوق الله على العبد - ووصولًا إلى: سَعةِ المعنى اللغويِّ لمُفرَدةِ مسلم: مَن سَلِمَ الناسُ من لسانه ويده، وهذا من حقوق الله التي يؤديها العبد للعبد، ولا يكمل إسلامه إلا بها، وهذا لعمري إشراقة تُجَلِّي أثر العبادة بين العبد وخالقه على المعاملة بين العبد مع العبد، والعبد مع نفسه!

عباد الله، قبل أيام عدة نحَر حُجَّاجُ بيت الله الحرام هدْيَهم، ونحر أهلُ الأمصار أضاحيَّهم طاعةً لله وقربة من أعظم القربات، والنحرُ مصطلح شرعيٌّ يتضح معناه في سياق مناسك الحج والعمرة.

قال الله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ﴾ [الحج: 34]، ﴿ لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الحج: 37]، ولقد أجاب رسولنا الكريم حينما سئل: "ما هذِهِ الأضاحيُّ؟ قالَ: ((سُنَّةُ أبيكُم إبراهيمَ))، قالوا: فما لَنا فيها يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ((بِكُلِّ شعرةٍ حسنةٌ))، قالوا: فالصُّوفُ؟ قالَ: ((بِكُلِّ شعرةٍ من الصُّوفِ حسنةٌ))؛ رواه الهيتمي المكي في الزواجر - الصفحة 1- 207، صححه الحاكم واعترض بأن في سنده ساقطين، وله روايات أخرى ضعيفة".

إن الصلة بين مناسك عبادة الحج والعمرة وهدي أبي الأنبياء إبراهيمَ وزوجِه هاجرَ وابنِه إسماعيلَ عليهم السلام - مما هو معلوم ومثبت في ديننا، وأخص بالذِّكر النحر، ورمي الجمار، والسعي وغيرها.

قال الله عز وجل: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 100 - 110].

يا له من موقف مَهيب، وامتحان عظيم، تهتز له القلوب! فلقد رُزِق أبونا إبراهيم - وهو فوق الثمانين من عمره - ابنَه الأول إسماعيل عليهم السلام بعد مَظِنَّةِ عقم، وطولِ شوق، وعظيمِ لهفةٍ منه وزوجه، فأحَبَّه حبًّا جمًّا، فلما شب الابن إسماعيل، رأى أبوه في المنام أمرًا إلهيًّا أن يذبح ابنه ووحيده - عندئذٍ - وفِلْذةَ كبده، وفي هذا الأمر الشاقِّ على النفس حكمةٌ لا تخفى، هي تصفية الخُلَّةِ في قلب النبي إبراهيم لله وحده، وإعلاءُ محبة الله على كل شيء، وإظهارُ وتحقيق ما يليق بالأنبياء الكرام من كمال التوحيد وخلوص الطاعة والانقياد لله مِن قِبَلِ الوالد وابنه، والمأمورِ بالذبح والذبيح، وعندما اجتاز الأبُ وابنه الامتحان، فدى الله إسماعيلَ بكبشٍ عظيم، وأصبحت بعده سُنةً للموحِّدين، تُذكِّرُهم بطاعة إبراهيم وهاجر وإسماعيل، وصدقِ توحيدهم، وكمالِ تعبُّدِهم لله وحده، وإحسانهم، وجزائهم من ربهم.

هيا يا أحبتي، ولندلف من: كوَّة المعنى الاصطلاحيِّ الشرعي الشريف لنحرِ الهَدْيِ والأضاحي وأصلِه وقصته وحكمته، إلى: بحرٍ من المعاني لا ساحل له في كلمة نحر وضحى وفدى، فهدي الأضاحي درسٌ من أَجلِّ دروس التوحيد، يعلمنا ضرورة تحدي النفس، والفداء في درب خلوص الطاعة، والارتقاء في مدارج محبة الله.

فهلا تعلَّمْنا من النحر وقصته معانيَ أوسَعَ ومقاصدَ أكبر، نتعلمها منه، ونبقي أثرها في حياتنا إلى ذكرى النحر في حج العام القادم!

هلا نحَرْنا لله - وفي سبيل حبِّه ورضاه - هوانا ومعاصيَنا وعُجْبَنا وكِبْرَنا وكلَّ ما يبعدنا عنه!
هلا نحرنا الأنا وبعض حظوظ النفس لإعلاء كلمة الله ودينه!
هلا ضحينا بالغالي والنفيس؛ ليجزينا الله أعلى وأكرم جزاء: جزاء المحسنين!


هلا نحرت أمَّةُ محمد فُرْقَتَها وخلافها وتشتُّتَها؛ ليفديَها الله بكبشِ الغلَبةِ والتمكين والصبر والنصر والعزة! قال الله تقدَّس في علاه: ﴿ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الروم: 4، 5].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.08 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]