|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله د. فهد بن بادي المرشدي (المحصول الجامع لشروح ثلاثة الأصول) قال المصنف رحمه الله: (فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فَقُلْ: رَبِّيَ الله الَّذِي رَبَّانِي، وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعَمِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي، لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ). الشرح الإجمالي: بدأ المصنف بالأصل الأول، وهو معرفة العبد ربه، (فـــ) قال لك: (إذا) سُئلت، و(قيل لك): (من ربك؟)، أي: من هو معبودك الذي خلقك ورزقك ورباك بالنعم الظاهرة والباطنة؟ (فقل) له: (ربي) هو (الله) لا أعبد إلا إياه، ولا أصرف شيئًا من أنواع العبادة لغيره، وهو (الذي) أوجدني من العدم، و(رباني) بالنعم وحده لا شريك له، بل (وربَّى) كذلك (جميع العالمين بنعمه) الظاهرة والباطنة، فهو سبحانه المنعم على العباد بكل ما لديهم من النعم، (وهو معبودي)، أي: مألوهي المستحق للعبادة وحده لا شريك له، (ليس لي معبود سواه) أتذلل له، أو أصرف له شيئًا من العبادات؛ فكما أنه وحده المتفرد بالخلق والرزق والتدبير لي ولجميع العالمين، فهو المتفرد والمستحق للعبادة وحده دون سواه [1]. الشرح التفصيلي: هذا شروع من المصنف رحمه الله تعالى في تفصيل الأصول الثلاثة التي تقدمت مجملة؛ حيث بدأ بذكرها هنا مفصلة، وابتدأ ببيان الأصل الأول، وهو: معرفة العبد ربه، وبدأ يشرح ويفصل معنى: (معرفة العبد ربه) بطريقة السؤال والجواب؛ لأن هذا أوقع في النفس، وأقرب إلى التعليم، فكأنه قال: الأصل الأول من أصول الدين الثلاثة التي يجب على العبد معرفتها: إذا قال لك قائل: من ربك؟ أي: من هو معبودك وخالقك ورازقك الذي ليس لك معبود سواه[2]، فقل له: (ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمه)، أي: مربيهم بالنعم، فالرب هو الله، وربوبيته، هي: تربيته الخلق بنعمه الظاهرة والباطنة، وأعظم أنواع التربية التي ربى بها الله جل وعلا الناس أن بعث لهم الرسل يعلمونهم، ويرشدونهم ما يقرِّبهم إلى الله جل وعلا، وهذه هي أعظم نعمة؛ قال جل وعلا: ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58]، والتربية أنواع كثيرة؛ منها: تربية الأجسام، وتربية الغرائز، وتربية الفكر، وتربية العقل، وكل هذا قد مَنَّ الله جل وعلا على ابن آدم به[3]، فربوبية الله سبحانه وتعالى لجميع الخلق هي: قيامه سبحانه وتعالى بشؤونهم، وتدبيره لأمر خلقه، فهو القائم على كل نفسٍ بما كسبت، لا غنى لأحد عن فضله، بل كل مخلوق فهو تام الفقر إلى الله سبحانه وتعالى فقرًا ذاتيًّا لازمًا، لا يستطيع الانفكاك عنه، ولا الخلاص منه[4]، وتربية الله لخلقه نوعان: الأول: تربية عامة تشمل المؤمن والكافر، فالله جل جلاله ربى جميع الخلق بنعمه، فهو الذي خلقهم ورزقهم وأعطاهم السمع والبصر والأفئدة وأنعم عليهم بالنعم. والثاني: تربية خاصة بالمؤمن، وهي تربيته بالإيمان، والعمل الصالح، بأن وفقه الله وهداه، وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير، والعصمة من كل شر[5]. وقول المصنف: (وربى جميع العالمين بنعمه)؛ المقصود منه بيان أن ربوبية الله سبحانه وتعالى لا تختص بصنفٍ من الخلق، بل جميع الخلق مربوبٌ لله سبحانه وتعالى علويه وسفليه، فكل ذلك مربوبٌ له سبحانه وتعالى، لا يخرج عن رزقه ولا عن ملكه ولا عن تدبيره وتصريفه، ولا عن خلقه سبحانه وتعالى، ثم بعد أن أثبت المصنف الربوبية العامة لكل مخلوق في هذا العالم، ولكل ما سوى الله سبحانه وتعالى: أتبَعَ هذا الأمرَ بحق هذه الربوبية، وهو عبادته سبحانه وتعالى، فقال: (وهو معبودي)، يعني: وهو الذي أتقرَّبُ إليه بالعبادة؛ لأنه هو مربي الخلق، أي: لكونه ربًّا صار لي معبودًا، فالرب هو المستحق أن يكون المعبود، وسيأتي بيان العبادة التي هي حقه سبحانه وتعالى، ثم بيَّن المصنف أن هذه العبادة لا بد أن تكون خاليةً من الشرك، فقال: (ليس لي معبود سواه)، وهذا تأكيد على ما دلت عليه الجملة السابقة من إفراده سبحانه وتعالى بالعبادة، فقوله: (وهو معبودي): يفيد الحصر؛ لأنها لفظة مُعرَّفة بالإضافة، وهي مما يفيد الحصر في لغة العرب، فهو تعالى المعبود المستحق للعبادة، إلا أنه أكَّد ذلك بالعبارة الأخرى بقوله: (ليس لي معبود سواه) [6]. [1] ينظر: حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (26)، والتنبيهات المختصرة شرح الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة، إبراهيم الخريصي (18)، وتيسير الوصول شرح ثلاثة الأصول، د. عبدالمحسن القاسم (56)، وشرح الأصول الثلاثة، عبدالرحمن البراك (16). [2] حاشية ثلاثة الأصول، عبدالرحمن بن قاسم (25). [3] شرح ثلاثة الأصول، صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (56). [4] شرح الأصول الثلاثة، د. خالد بن عبدالله المصلح (21). [5] تفسير السعدي (39)، وشرح الأصول الثلاثة، عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي (36). [6] ينظر: شرح الأصول الثلاثة، د. خالد بن عبدالله المصلح (22).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |