|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث الحسن بن علي: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ»[1]؛ رواه الترمذي، وقال: «حديث صحيح». قوله: «يَريبُكَ» هُوَ بفتح الياء وضمها: ومعناه اتركْ مَا تَشُكُّ في حِلِّهِ، وَاعْدِلْ إِلَى مَا لا تَشُكُّ فِيهِ. قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: قوله: «دَعْ»؛ أي: اترك، «مَا يَرِيبُكَ»؛ بفتح الياء؛ أي: تشك فيه، ولا تطمئن إليه، «إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»؛ ؛ أي: إلى الشيء الذي لا ريب فيه. وهذا الحديث من أحاديث الأربعين النووية، وهو حديث جامع مهم، وهو باب من أبواب الورع والاحتياط. وقد سلك أهل العلم رحمهم الله في أبواب الفقه هذا المسلك، وهو الأخذ بجانب الاحتياط، وذكروا لذلك أشياء كثيرة. منها: إنسان أصاب ثوبه نجاسة، ولا يدري هل في مقدم الثوب أو في مؤخره، إن غسل المقدم عنده ريبة لاحتمال أن تكون في مؤخرة الثوب! فما هو الاحتياط؟ الاحتياط أن يغسل مقدمه ومؤخره، حتى تزول ريبته ويطمئن. ومنها: لو شك الإنسان في صلاته: هل صلى ركعتين أو ثلاث ركعات، ولم يترجح عنده شيء؟ فهنا إن أخذ بركعتين صار عنده ريبه، فلعلَّه نقص، وإن أخذ بالثلاث صار عنده ريبه، فلعلَّه لم ينقص، لكن يبقى قلقًا؛ فهنا يعمل بما لا ريبة فيه، فيعمل بالأقل، فإذا شك هل هي ثلاث أو أربع، فيجعلها ثلاثًا، وهكذا. فهذا الحديث أصل من أصول الفقه، أن الشيء الذي تشك فيه اتركه إلى شيء لا شك فيه. ثم إن فيه تربية نفسية؛ وهي أن الإنسان يكون في طمأنينة ليس في قلق؛ لأن كثيرًا من الناس إذا أخذ ما يشك فيه يكون عنده قلق إذا كان حي القلب، فهو دائمًا يفكِّر: لعلي فعلت ... لعلي تركت، فإذا قطع الشك باليقين زال عنه ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ»؛ وهذا وجه الشاهد من هذا الحديث لهذا الباب «باب الصدق». فالصدق طمأنينة، لا يندم صاحبه أبدًا، ولا يقول: ليتني وليتني؛ لأن الصدق منجاة، والصادقون ينجيهم الله بصدقهم، وتجد الصادق دائمًا مطمئنًا؛ لأنه لا يتأسف على شيء حصل أو شيء يحصل في المستقبل؛ لأنه قد صدق، ومن صدق نجا. أما الكذب، فبيَّن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ريبة؛ ولهذا تجد أول من يرتاب في الكاذب نفسه، فيرتاب الكاذب: هل يصدِّقه الناس أو لا يصدِّقونه؟ ولهذا تجد الكاذب إذا أخبرك بالخبر قام يحلف بالله أنه صدق؛ لئلا يرتاب في خبره، مع أنه محل ريبة. تجد المنافقين مثلًا يحلفون بالله ما قالوا: ولكنهم في ريبة، قال الله تعالى ﴿ وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74]. فالكذب لا شك أنه ريبة وقلق للإنسان، ويرتاب الإنسان: هل علم الناس بكذبه أم لم يعلموا؟ فلا يزال في شك واضطراب. فنأخذ من هذا الحديث أنه يجب على الإنسان أن يدع الكذب إلى الصدق؛ لأن الكذب ريبة، والصدق طمأنينة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ». والله الموفق. [1] أخرجه الترمذي (2518)، والنسائي (5711)، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |