|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من سنن الوضوء الغسلة الثانية والثالثة دبيان محمد الدبيان استحب الجمهور الغسلة الثانية والثالثة لجميع أعضاء الوضوء، ما عدا الرأس والأذنين، فلا يكرر مسحهما، وهو مذهب الحنفية[1]، والمالكية[2]، والحنابلة[3]. واستحب الشافعية الثلاث حتى في الرأس[4]. وقيل: الوضوء ما أسبغ، وليس فيه توقيت مرة أو ثلاث، وهو نص المدونة عن مالك[5]. وهل الغسلة الثالثة أفضل من الثانية، والثانية أفضل من الواحدة مطلقًا؟ قيل: نعم[6]. وقيل: من اعتاد الاقتصار على غسلة واحدة فإنه يأثم بذلك، اختاره بعض الحنفية[7]. والصحيح أن الاقتصار على غسلة واحدة لا يكره، فضلاً عن كونه يأثم، والأفضل أن يتوضأ أحيانًا مرة مرة، وأحيانًا مرتين مرتين، وأحيانًا ثلاثًا ثلاثًا، وأحيانًا يخالف بين الأعضاء؛ فيغسل بعضها ثلاثًا، وبعضها مرتين، وبعضها مرة؛ ليفعل السنة على جميع وجوهها[8]. دليل من استحب الغسلة الثانية والثالثة فيما عدا الرأس: الدليل الأول: (885-114) ما رواه البخاري من طريق ابن شهاب، أن عطاء بن يزيد أخبره، أن حمران مولى عثمان أخبره، أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء، فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدِّث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه)). ورواه مسلم[9]. وجه الاستدلال: الحديث دليل على استحباب الثلاث الغسلات، وأن السنة في الرأس مسحه مرة واحدة. الدليل الثاني: (886-115) ما رواه أحمد، قال: حدثنا عبدالرحمن، حدثنا زائدة بن قدامة، عن خالد بن علقمة، حدثنا عبد خير قال: جلس علي بعد ما صلى الفجر في الرحبة، ثم قال لغلامه: ائتني بطهور، فأتاه الغلام بإناء فيه ماء وطست. قال عبد خير: ونحن جلوس ننظر إليه، فأخذ بيمينه الإناء فأكفأه على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى، ثم غسل كفيه، فعله ثلاث مرار، قال عبد خير: كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات، ثم أدخل يده اليمنى في الإناء، فمضمض، واستنشق، ونثر بيده اليسرى، فعل ذلك ثلاث مرات...الحديث وفي آخره قال: هذا طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن أحب أن ينظر إلى طهور نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا طهوره[10]. [رجاله ثقات وسبق تخريجه والكلام على متنه][11]. وجه الدلالة من هذا الحديث كالحديث السابق على استحباب الثلاث فيما عدا الرأس. الدليل الثالث: (887-116) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ ابن عفراء قالت: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوضعنا له الميضأة، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخره وأدخل أصبعيه في أذنيه[12]. [سبق تخريجه][13]. الدليل الرابع: (888-117) ما أخرجه أبو داود، قال: حدثنا مسدد، حدثنا أبو عوانة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، كيف الطهور؟ فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل ذراعيه ثلاثًا، ثم مسح برأسه فأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه، ومسح بإبهاميه على ظاهر أذنيه، وبالسباحتين باطن أذنيه، ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال: ((هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا أو نقص، فقد أساء وظلم - أو ظلم وأساء)). [إسناده حسن، وسبق الكلام عليه، والإشارة إلى أن لفظ: (أو نقص) وهم من الراوي][14]. الدليل الخامس: من النظر، قالوا: الدليل على أن الرأس لا يشرع له التثليث أن الأصل في المسح التخفيف، ولذلك لا يمسح الوجه في التيمم، ولا يمسح الخف في الوضوء، ولأن تكراره يؤدي إلى أن يصير المسح غسلاً، فينافي مقصود الشارع من التخفيف في طهارته. دليل من قال: يستحب التثليث في الرأس: (889-118) ما رواه مسلم، من طريق أبي أنس (مالك بن عامر الأصبحي) أن عثمان توضأ بالمقاعد، فقال: ألا أريكم وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم توضأ ثلاثًا ثلاثًا.... فقوله: "توضأ ثلاثًا ثلاثًا" يشمل ما يغسل وما يمسح. وأجيب: بأن الأحاديث التي ذكروا فيها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، أرادوا فيها ما سوى المسح، فإن رواتها حين فصلوا قالوا: ومسح برأسه مرة واحدة، والتفصيل يحكم به على الإجمال، ويكون تفسيرًا له، ولا يعارض به، كالخاص مع العام[15]. وقال البيهقي تعليقًا على رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ثلاثًا ثلاثًا، قال: وعلى هذا اعتمد الشافعي في تكرار المسح، وهذه روايات مطلقة، والروايات الثابتة المفسرة تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الأعضاء، وأنه مسح برأسه مرة واحدة[16]. الدليل الثاني: (890-119) ما رواه أبو داود، من طريق يحيى بن آدم، قال: حدثنا إسرائيل، عن عامر بن شقيق بن حمزة، عن شقيق بن سلمة، قال: رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ومسح رأسه ثلاثًا، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا. [إسناده ضعيف، وذكر التثليث في مسح الرأس منكر][17]. الدليل الثالث: (891-120) ما رواه الدارقطني من طريق صالح بن عبدالجبار، ثنا البيلماني، عن أبيه، عن عثمان بن عفان أنه توضأ بالمقاعد، والمقاعد بالمدينة حيث يصلى على الجنائز عند المسجد، فغسل كفيه ثلاثًا ثلاثًا، واستنثر ثلاثًا ثلاثًا، وغسل وجهه ثلاثًا، ويديه إلى المرفقين ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل قدميه ثلاثًا، وسلم عليه رجل وهو يتوضأ، فلم يرد عليه حتى فرغ، فلما فرغ كلمه معتذرًا إليه، وقال: لم يمنعني أن أرد عليك إلا أنني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من توضأ هكذا، ولم يتكلم، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، غفر له ما بين الوضوءين))[18]. [ضعيف جدًّا][19]. الدليل الرابع: (892-121) ما رواه الدارقطني من طريق أبي كريب، نا مسهر بن عبدالملك بن سلع، عن أبيه، عن عبد خير، عن علي - رضي الله عنه - أنه توضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه وأذنيه ثلاثًا، وقال: هكذا وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحببت أن أريكموه[20]. [إسناده ضعيف، والمعروف من هذا الحديث أن المسح مرة][21]. الدليل الخامس: (893-122) ما رواه البيهقي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، أنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا عباس بن الفضل، ثنا إبراهيم بن المنذر، ثنا ابن وهب، عن ابن جريج، عن محمد بن علي بن حسين، عن أبيه، عن جده، عن علي أنه توضأ، فغسل وجهه ثلاثًا، وغسل يديه ثلاثًا، ومسح برأسه ثلاثًا، وغسل رجليه ثلاثًا، وقال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ[22]. [رجاله ثقات إلا أن رواية ابن وهب عن ابن جريج متكلم فيها، وقد خولف ابن وهب في هذا الحديث][23]. الدليل السادس: (894-123) ما رواه الطبراني، قال: حدثنا محمود بن علي، ثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر السالمي، ثنا إسحاق بن محمد الفروي، عن يزيد بن عبدالملك، عن أبي موسى الحناط، عن محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا توضأ أحدكم، فليمضمض ثلاثًا، فإن الخطايا تخرج من وجهه، ويغسل وجهه ويديه ثلاثًا، ويمسح برأسه ثلاثًا، ثم يدخل يديه في أذنيه، ثم يفرغ على رجليه ثلاثًا)). قال الطبراني: لم يروه عن ابن المنكدر إلا أبو موسى، واسمه عيسى بن أبي عيسى، تفرد به يزيد[24]. [إسناده ضعيف جدًّا][25]. قال الشوكاني - رحمه الله -: والإنصاف أن أحاديث الثلاث لم تبلغ درجة الاعتبار حتى يلزم التمسك بها؛ لما فيها من الزيادة، فالوقوف على ما صح من الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من حديث عثمان وعبدالله بن زيد وغيرهما، هو المتعين، لا سيما بعد تقييده في تلك الروايات السابقة بالمرة الواحدة[26]. ا. هـ. دليل من قال: يمسح رأسه مرتين: (895-124) ما رواه أحمد، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن الربيع بنت معوذ، قال: قالت: أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوضعنا له الميضأة، فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا، ومسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخره، وأدخل أصبعيه في أذنيه. [سبق تخريجه في أدلة القول الأول][27]. الدليل الثاني: (896-125) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ، فغسل وجهه ثلاثًا، ويديه مرتين، ومسح برأسه ورجليه مرتين[28]. [الحديث رجاله ثقات، إلا أن ابن عيينة أخطأ في هذا الحديث من وجهين][29]. الراجح: أن الرأس لا يمسح إلا مرة واحدة، وأما ما يتعلق بسائر الأعضاء فالراجح فيه أنه يتوضأ أحيانًا مرة مرة، وأحيانًا مرتين مرتين، وأحيانًا ثلاثًا ثلاثًا، وأحيانًا يخالف بين أعضائه، فيغسل بعضها مرتين وبعضها مرة في فعل واحد، هكذا جاءت السنة: أما الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، فقد ذكرنا أدلته من حديث عثمان في الصحيحين وغيرهما. (897-126) وأما الوضوء مرة مرة، فقد أخرجه البخاري وغيره من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة[30]. وهو ظاهر القرآن؛ فإن آية المائدة أمرت بغسل الأعضاء الأربعة، ولم تذكر عددًا، فمن غسل أعضاء الوضوء مرة واحدة، فقد أدى ما افترض الله عليه، قال - سبحانه وتعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ)[31]. وأما الدليل على استحباب مرتين مرتين: (898-127) فما رواه البخاري، من طريق فليح بن سليمان، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عبدالله بن زيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين[32]. وهذا الحديث غير حديث عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن عبدالله بن زيد؛ فإن مخرج الحديث مختلف. وله شاهد من حديث أبي هريرة: (899-128) رواه ابن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن عبدالرحمن بن ثوبان، عن عبدالله بن الفضل، عن عبدالرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرتين مرتين[33]. [إسناده ضعيف][34]. وأما الدليل على استحباب غسل بعض الأعضاء مرة، وبعضها مرتين، وبعضها ثلاثًا: (900-129) فما رواه البخاري من طريق مالك، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، أن رجلاً قال لعبدالله بن زيد - وهو جد عمرو بن يحيى -: أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ؟ فقال عبدالله بن زيد: نعم، فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين، ثم مضمض واستنثر ثلاثًا، ثم غسل وجهه ثلاثًا، ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين، ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه. ورواه مسلم[35]. فهل كون الرسول - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، هل يفهم من ذلك أنه فعله لبيان الجواز، وأن الثلاث أفضل مطلقًا؛ لكونها أكثر من غيرها؟ أو يكون ذلك من باب تنوع العبادة، ويكون الاستحباب أن يفعل هذا مرة، وهذا مرة، وهذا مرة؟ قولان لأهل العلم. فقيل: إن الثلاث أكمل من الثنتين، والثنتان أكمل من الواحدة، والاقتصار على الواحدة دليل على الإجزاء. قال النووي: قد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وأن الثلاث سنة، وقد جاءت الأحاديث بالغسل مرة مرة، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، وبعض الأعضاء ثلاثًا وبعضها مرتين، والاختلاف دليل على جواز ذلك كله، وأن الثلاث هي الكمال، والواحدة تجزئ. والصحيح: أن ذلك من باب تنوع العبادة، وأن السنة أن يفعل كل هذه الأفعال؛ لإصابة السنة من جميع وجوهها الواردة، فإن الكمال أن يفعل المسلم ما يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)[36]، وتمام المتابعة أن يفعل هذا مرة، وهذا مرة، وهذا مرة كما فعل المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وحتى لا تكون العبادة من قبيل العادة، شأنها شأن العبادات التي وردت من وجوه مختلفة؛ كدعاء الاستفتاح، وأنواع التشهد، ونحوهما. وهل تكرار هذه الأعضاء في بعضها مرة، وفي بعضها مرتين، وفي بعضها ثلاثًا، هل هو على سبيل التشهي؟ أو السنة أن يكون التكرار موافقًا للتكرار الوارد في السنة؟ فما ورد أنه غسل مرة يغسل مرة، وما ورد أنه غسل مرتين يغسله مرتين وهكذا، لا شك أن الأولى الثاني، وإن فعل الأول فلا بأس؛ حيث قد ورد غسل هذه الأعضاء من حيث الجملة مرة ومرتين وثلاثًا، والله أعلم. _______________ يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |