|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تعريف السنة (2) بوعلام محمد بجاوي لفظ "السنة" في القرآن: لفظ "السنة" في القرآن جاء في تسعة مواضع، وتكرَّر ذكرها في ثلاثة مواضع؛ في موضعين منها ذكرت مرتين، وموضع آخر ثلاث مرات، فيكون المجموع ثلاث عشرة مرة، في ثلاثة مواضع منها مضافًا إلى "الأولين"، وفي أربعة مواضع أُخَر لـ "لله" تعالى، وفي موضع في أوله أضيفت لـ "الرسل السابقين"، وفي آخرها لـ "الضمير العائد لله تعالى"، وفي آخر في أوله لـ "الأولين"، ثم لـ "الله" مرتين، وكُتبت في ثلاثة مواضع بتاء مفتوحة، وفي أحد هذه المواضع تكرَّرت ثلاث مرات كلها بتاء مفتوحة: أولًا: إضافة السُّنَن للأمم السابقة: الموضع الأول: قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: 12، 13]. قال الطبري أبو جعفر محمد بن جرير (ت: 310): يقول تعالى ذكره: لا يؤمن بهذا القرآن قومك الذين سلكت في قلوبهم التكذيب ﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ [يونس: 97] أخذًا منهم سنة أسلافهم من المشركين قبلهم من قوم عاد، وثمود، وضربائهم من الأمم التي كذبت رسلها، فلم تؤمن بما جاءها من عند الله حتى حلَّ بها سخط الله فهلكت، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل؛ ا هـ[1]. أي: سيرة من قبلهم من الأمم المغضوب عليها، وهو قول الزجاج أبي إسحاق إبراهيم بن السري (ت: 311)؛ أي: وقد مضَت سنة الأولين بمثل ما فعله هؤلاء، فهم يقتفون آثارهم في الكفر؛ ا هـ[2]. لكنه - الطبري - قال بعد ذلك: ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال "ثنا" يزيد، قال "ثنا" سعيد عن قتادة: قوله: ﴿كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: 12، 13]: وقائع الله فيمن خلا قبلكم من الأمم. ظاهره: سنة الله في الأمم السابقة وهي العذاب. قال ابن أبي زمنين أبو عبدالله محمد بن علي (ت: 399): ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الحجر: 13]؛يعني: وقائع الله في الأمم الخالية التي أهلكهم بها، يخوف المشركين بذلك؛ ا هـ[3]. الخلاصة: الآية محتملة: السنة مضافة إلى الله تعالى؛ أي: سنة الله في إهلاك المكذبين، وهو تفسير قتادة. السنة على ظاهر اللفظ ﴿سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾اللفظ مضافة إلى الأمم السابقة؛ أي: لسنة الأولين في التكذيب بالرسل والآيات، قال أبو محمد مكي بن أبي طالب (ت: 437): ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾: وقد خلت وقائع الله بمن خلا قبلهم منالأمم. وقيل: المعنى: وقد تقدمت سنة الأولين في التكذيب بالآيات، فهم يقتفون آثارهم؛ ا هـ[4]. وقال الماوردي أبو الحسن علي بن محمد (ت: 450): فيه وجهان: أحدهما: قد خلت سنة الأولين بالعذاب لمن أقام على تكذيب الرسل. الثاني: بألَّا يؤمنوا برسلهم إذا عاندوا. ويحتمل ثالثًا: بأن منهم مؤمنًا وكافرًا. كما يحتمل رابعًا: من أقام على الكفر بالمعجزات بعد مجيء ما طَلَب من الآيات؛ ا هـ[5]. الاحتمال الثاني والثالث والرابع في تفسير سيرة الأولين، والأقرب على القول بأن المقصود ﴿سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾: الاستهزاء بالرسل لقوله: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [الحجر: 11]. ونسب الرازي أبو عبدالله محمد بن عمر (ت: 606) للزجاج - وسبق نقل كلامه وأنه سنة الأولين في الكفر -: سنة الأولين: سنة الله في الأولين أنه يسلك (يدخل) الكفر في قلوبهم. قال: أما قوله تعالى: ﴿وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ ففيه قولان: الأول: أنه تهديد لكفار مكة، يقول: قد مضت سنة الله بإهلاك من كذب الرسل في القرون الماضية. الثاني: - وهو قول الزجاج -: وقد مضت سنة الله في الأولين بأن يسلك الكفر والضلال في قلوبهم، وهذا أليق بظاهر اللفظ؛ ا هـ[6]. وحمله محمد الطاهر ابن عاشور (ت: 1393) على سنة إرسال الله الرسل، والمقصود: "تجدد لهؤلاء إبلاغ القرآن على سنة إبلاغ الرسالات لمن قبلهم، وفيه تعريض بأن ذلك إعذار لهم ليحل بهم العذاب كما حلَّ بمن قبلهم"؛ ا هـ[7]. الموضع الثاني: قال تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا﴾ [الكهف: 55]. قوله تعالى: ﴿تَأْتِيَهُمْ﴾ قرينة لفظية على أن المقصود سنة الله في الأولين، وهو إنزال العذاب على المكذبين المعاندين؛ قال الطبري: يقول عزَّ ذكره: وما منع هؤلاء المشركين يا محمد الإيمان بالله إذ جاءهم الهدى بيان الله، وعلموا صحة ما تدعوهم إليه وحقيقته، والاستغفار مما هم عليه مقيمون من شركهم، إلا مجيئهم سنتنا في أمثالهم من الأمم المكذبة رسلها قبلهم، أو إتيانهم العذاب قبلًا؛ ا هـ[8]. وحمله الزجاج على طلب أن تأتيهم سنة الأولين؛ أي: سنة الله وهي نزول العذاب[9]. وحمله الطاهر ابن عاشور على ظاهره: سيرة وطريقة الأولين: الكفر والعناد؛ قال: و﴿سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾: طريقتهم في الكفر. وإضافة "سنة" إليهم تشبه إضافة المصدر إلى فاعله؛ أي: السنة التي سنَّها الأوَّلون، وإسناد منعهم من الإيمان إلى إتيان سنة الأولين استعارة. والمعنى: ما منع الناس أن يؤمنوا إلا الذي منع الأولين قبلهم من عادة العناد والطغيان، وطريقتهم في تكذيب الرسل والاستخفاف بهم؛ ا هـ[10]. الموضع الثالث: قال تعالى: ﴿قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ﴾ [الأنفال: 38]. المقصود: سنة الله في الأولين؛ قال الطبري: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل يا محمد للذين كفروا من مشركي قومك: إن ينتهوا عما هم عليه مقيمون من كفرهم بالله ورسوله وقتالك وقتال المؤمنين فينيبوا إلى الإيمان، يغفر الله لهم ما قد خلا ومضى من ذنوبهم قبل إيمانهم وإنابتهم إلى طاعة الله وطاعة رسوله بإيمانهم وتوبتهم. ﴿وَإِنْ يَعُودُوا﴾ يقول: وإن يعد هؤلاء المشركون لقتالك بعد الوقعة التي أوقعتها بهم يوم بدر، فقد مضت سنتي في الأولين منهم ببدر ومن غيرهم من القرون الخالية؛ إذ طغوا وكذبوا رسلي ولم يقبلوا نصحهم من إحلال عاجل النقم بهم، فأحل بهؤلاء إن عادوا لحربك وقتالك مثل الذين أحللت بهم، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل؛ ا هـ[11]. ثانيًا: في أول الآية إلى الرسل أو الأولين وفي آخرها إلى الله بالضمير أو الاسم الظاهر: الموضع الأول: قال تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا﴾ [الإسراء: 76، 77]. قال الطبري: يقول تعالى ذكره: لو أخرجوك لم يلبثوا خلافك إلا قليلًا، ولأهلكناهم بعذاب من عندنا، سنتنا فيمن قد أرسلنا قبلك من رسلنا، فإنا كذلك كنا نفعل بالأمم إذا أخرجت رسلها من بين أظهرهم، ونصبت السُّنَّةَ على الخروج من معنى قوله: ﴿لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا﴾؛ لأن معنى ذلك: لعذَّبناهم بعد قليل كسنتنا في أمم من أرسلنا قبلك من رسلنا، ولا تجد لسنتنا تحويلًا عمَّا جرت به؛ ا هـ[12]. والمقصود: سنة الله فيمن أرسل قبلك. الموضع الثاني: قال تعالى: ﴿اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾ [فاطر: 43]. قال ابن أبي زمين: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ﴾ ينتظرون ﴿إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ﴾؛ أي: سنة الله في الأولين أنهم إذا كذبوا رسلهم أهلكهم ﴿فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ لا يبدل الله بها غيرها ﴿وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا﴾؛ أي: لا تحول، وأخر عذاب كفَّار آخر هذه الأمة إلى النفخة الأولى بالاستئصال، بها يكون هلاكهم، وقد عذب أوائل مشركي هذه الأمة بالسيف يوم بدر؛ ا هـ[13]. ثالثًا: إضافة السنة إلى الله تعالى لفظًا: الموضع الأول: قال تعالى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا﴾ [الأحزاب: 38]. المقصود: سنة الله فيما أحل لأنبيائه؛ أي: إن سنة الله أنه لا حرج على أنبيائه فيما أحلَّ وفرض لهم، ولو كان مما يتحرَّج منه في عرف أقوامهم، وقيل المقصود بالأنبياء داود عليه السلام. قال ابن عطية أبو محمد عبد الحق بن غالب (ت: 542): هذه مخاطبة من الله تعالى لجميع الأمة، أعلمهم أنه لا حرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نيل ما فرض الله له وأباحه من تزويج زينب بعد زيد، ثم أعلم أن هذا ونحوه هو السنن الأقدم في الأنبياء من أن ينالوا ما أحل الله لهم، و﴿سُنَّةَ﴾ نصب على المصدر أو على إضمار فعل تقديره: الزم أو نحوه، أو على الإغراء، كأنه قال فعليه سنة الله، و﴿الَّذِينَ خَلَوْا﴾هم الأنبياء بدليل وصفهم بعد بقوله ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ﴾ [الأحزاب: 39]؛ ا هـ[14]. الموضع الثاني: قال تعالى: ﴿مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 61، 62]. المقصود: سنة الله في المنافقين إذا أظهروا الكفر أنهم يقتلون. قال الطبري: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ﴾ هؤلاء المنافقين الذين في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم معه من ضرباء هؤلاء المنافقين [أي الذين خلوا]، إذا هم أظهروا نفاقهم أن يقتلهم تقتيلًا، ويلعنهم لعنًا كثيرًا، وبنحو الذي قولنا في ذلك قال أهل التأويل؛ ا هـ[15]. الموضع الثالث: قال تعالى: ﴿فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ﴾ [غافر: 85]. الموضع الرابع: قال تعالى: ﴿وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الفتح: 22، 23]. فـ "السنة" في القرآن: العادة والطريقة، ومعظمها وجلها في معاملة الله للكافرين المعاندين إلا في موضع. [1] تفسير الطبري (جامع البيان عن تفسير آي القرآن) 14/ 20. [2] معاني القرآن 3/ 174. [3] تفسير ابن أبي زمنين 2/ 381. [4] الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه 6/ 3867 – 3868. [5] النكت والعيون 3/ 150. [6] مفاتيح الغيب (تفسير الرازي) 19/ 127. [7] التحرير والتنوير (تفسير محمد الطاهر بن عاشور) 14/ 24. [8] تفسير الطبري 15/ 300. [9] معاني القرآن 3/ 296. [10] التحرير والتنوير 15/ 350. [11] تفسير الطبري 11/ 176 – 177. [12] تفسير الطبري 15/ 21. [13] تفسير ابن أبي زمنين 4/ 36. [14] المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز. [15] تفسير الطبري 19/ 187.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() تعريف السنة (3) بوعلام محمد بجاوي بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. السنة عند الفقهاء الأصوليين: الأصوليون والفقهاء يستعملون لفظ "السنة" في موضعين: الموضع الأول: الأدلة: لا تختلف عن "السنة" عند المحدِّثين، إلا أن كلامهم في أحاديث الأحكام تقيَّدبموضوع علم أصول الفقه أو الفقه، وهو الأدلَّة الشرعية أو الأحكام الشرعية؛ قال الغزالي أبو حامد محمد بن محمد (ت: 505) في كلامه عن المجتهد: وأما "السنة": فلا بد من معرفة الأحاديث التي تتعلَّق بالأحكام، وهي وإن كانت زائدةً على ألوف، فهي محصورةٌ، وفيها التخفيفان المذكوران: [الأول]: ألا يلزمه معرفة ما يتعلَّق من الأحاديث بالمواعظ وأحكام الآخرة وغيرها. الثاني: لا يلزمه حفظها عن ظهر قلبه؛ بل أن يكون عنده أصل مُصحح لجميع الأحاديث المتعلقة بالأحكام؛ ا هـ[1]. وهو نفس الكلام في "القرآن"، وكلامه هذا معطوف عليه، قال: أما "كتاب الله عز وجل" فهو الأصل، ولا بد من معرفته، ولنُخفِّف عنه أمرين: أحدهما: أنه لا يشترط معرفة جميع الكتاب؛ بل ما تتعلق به الأحكام منه، وهو مقدار خمسمائة آية. الثاني: لا يشترط حفظها عن ظهر قلبه؛ بل أن يكون عالِمًا بمواضعها بحيث يطلب الآية المحتاج إليها في وقت الحاجة؛ ا هـ[2]. فليس في كلامه تخصيص "السنة" بأحاديث الأحكام كما ليس في كلامه تخصيص "الكتاب" بآيات الأحكام، والأحكام تستفاد من: أقواله صلى الله عليه وسلم وأفعاله - ومنها التروك - وإقراره وهو السكوت وعدم الإنكار، فتعرف السنة على هذا بـ: ما صدر من الرسول صلى الله عليه وسلم من الأقوال والأفعال والتقرير[3]. الموضع الآخر: الحكم الشرعي التكليفي: ومقصودهم الندب والاستحباب؛ قال القاضي أبو محمد عبدالوهاب بن علي بن نصر المالكي (ت: 422) في كلامه عن الأحكام:والندب ما تتعلَّق الفضيلة بفعله، ولا يتعلَّق العقاب بتركه، وهو مُشاركٌ للواجب في الوصف الأول، ويُباين له في الوصف الثاني، وله اعتبارات؛ يُقال: ندب، ومستحب، ومسنون، وتطوُّع، وإرشاد، ونفل، وفضيلة، ومرغب فيه، وأصل الندب في اللغة الدعاء إلى الشيء، يُقال: ندبته إلى كذا؛ ا هـ[4]. ويقول الفقهاء: سنن الوضوء...، سنن الصلاة... لما يستحب ولا يجب. تنبيه: والفرق بين الأصوليين والفقهاء أن إطلاق الأصوليين في الكليات، وإطلاق الفقهاء في الجزئيات ففي الموضع الأول يتكلم الأصوليُّون عن دليل السنة على الأحكام جملة، والفقهاء عن دليل السنة في مسألة أو حكم خاص؛ كقولهم في حكم: والدليل على وجوبه: الكتاب، والسنة، والإجماع. وفي الموضع الآخر كذلك: مقصود الأصوليون أنواع أو أقسام الأحكام، والفقهاء حكم خاص؛ كقولهم: التيامن في الوضوء سنة. [1] المستصفى 2/ 384، ط الأشقر. [2] المستصفى 2/ 383. [3] البحر المحيط 4/ 164، ط الأشقر. [4] المعونة على مذهب عالم المدينة 3/ 1693.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |