|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الصدقة والزكاة في الإسلام أ. د. محمد هاشم عوض الإسلام يزاوج بطريق فريد بين الأسلوب التدرجي والثوري، وبين المناشدة والإكراه أو الوعد والوعيد، فالزكاة صدقة ولكنها فريضة كما يبدو جلياً من قوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]. وهي المطلوب أداؤها طالما وفت بحاجة المجتمع. ولهذا كان قوله صلى الله عليه وسلم حين أوصى بمعاملة أهل الكتاب إذا نطقوا بالشهادتين: «أخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم، فإن أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم» عن ابن عباس رضي الله عنهما. ولكن ربما لم تف الزكاة الواجبة ولا الصدقات التطوعية باحتياجات الفقراء الضرورية وهنا وجب على الإمام أخذ المزيد من أموال الأغنياء قسراً وردها على الفقراء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله تعالى فرض على الأغنياء في أموالهم بقدر ما يكفى فقراءهم، فإن جاعوا أو عروا فيمنع الأغنياء» (رواه علي). ويؤكد قوله عليه الصلاة والسلام: «في المال حق سوى الزكاة» (روته فاطمة بنت قيس). وقد رأى بعض الفقهاء من أمثال ابن حزم أن «على الأغنياء في كل بلد أن يقوموا بفقرائهم وأن يجبرهم السلطان على ذلك إن لم تقم الزكوات ولا في سائر الأموال لهم، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بد منه، وفي اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، ومسكن ليقيهم من المطر والشمس وعيون المارة» (كتاب المحلى)... «ويلحق بالطعام والكسوة ما في معناهما كأجرة طبيب وثمن دواء وخادم منقطع» (كتاب المنهاج). هذا عن الأموال الواجب دفعها على المسلم الغني لصالح المسلم الفقير وواضح أن تتكفل الدولة بأن توفر للفقراء من أموال الأغنياء ما يكفي احتياجاتهم الأساسية من مطعم وملبس ومسكن وعلاج وهو أساس ما عرف في الغرب ببرامج الرفاهية الاجتماعية، وهي برامج بدأت في أبسط صورها في القرن الثامن عشر في أوروبا وحتى عند اكتمالها في القرن العشرين لم تصل في شمولها إلى ما نادى به الإسلام منذ أربعة عشر قرنا. ذلك أنه بجانب الخدمات المذكورة أعلاه خصص الإسلام شطرا من أموال الزكاة لإعانة الغارمين (الغارقين في الديون) وأبناء السبيل (الذين يعجزون عن إكمال السفر لغرض مشروع وغيرهم ممن تقصر مواردهم عن بلوغ مقاصد خيرة) وهذا ما لا تشمله برامج أي دولة في دول الرفاهية الحديثة. إن كانت الأموال المفروضة على الأغنياء لصالح الفقراء هي الحد المقدر الأدنى في الفوارق التي يجب أن تزال ولو بالإكراه، فإن الإسلام يحث الأغنياء على محو الفوارق المتبقية تطوعًا. فهو يدعوهم إلى التصدق على الفقراء من ﴿ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [البقرة: 177] وسمى ذلك بالبر . كما قال تعالى يحض المسلمين على الإحسان: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النساء: 36]. وإن كان الإحسان بهذا يتجاوز البر مرتبة، فإن الإيثار يفوق حتى الإحسان ويعدل الفلاح لقوله تعالى يمتدح الأنصار: ﴿ وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9]. والله تعالى يعد المتصدقين في الدنيا والآخرة فيقول عز من قائل: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]. من بحث منشور في المؤتمر الأول لجماعة الفكر والثقافة الإسلامية الخرطوم، السودان: 29 محرم - 2 صفر 1403هـ
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |