|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() أضواء على مقومات النظام الاقتصادي محمد عيد العباسي فلسفة الإنتاج والعمل في الإسلام: 6- ويعد الإسلام استخراج خيرات الكون، واستثمار ما فيه، وإحياء الأرض، والانتفاع بخيراتها هدفاً من أهدف خَلْقِ الإنسان، وواجباً دينياً عليه، وعبادة ينوي بها التقرب إلى الله - عز وجل - قال الله - تعالى -: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}؛ [هود: 61]. وقوله: {وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}. أي: وطلب منكم عمارتها، وسمي المستعمرون كذلك لأنهم ادَّعوا أنهم جاؤوا لعمارة البلاد التي احتلوها ولإصلاحها، وتهيئة أهلها لحكمها، وكذبوا، بل جاؤوا لنهب خيراتها، واستعباد وأهلها، فهم أجدر بأن يسَمَّوْا مستدمرين، وقال – سبحانه -: {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}؛ [لقمان: 25]. وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً}؛ [البقرة: 29]. وقال: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15]. وهذه النصوص وأمثالها تعطي قيمة أخلاقية عالية للإنتاج والعمل، وتبين تحريم البطالة والكسل والفراغ، ولو كان من أجل زيادة التعبد، خلافاً لدعاوى المتصوفة المتأخرين، فتأمل قوله - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}؛ [الجمعة: 10]. أي: إذا قضيتم صلاة الجمعة، واستمعتم إلى خطبتها، فاخرجوا من المساجد وتعاطَوا أعمالكم المختلفة ونشاطكم في الأرض لكسب الرزق. قال ابن كثير: "روي عن بعض السلف أنه قال: "من باع واشترى في يوم الجمعة بعد الصلاة بارك الله له سبعين مرة؛ لقول الله - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ}". وقد ندبنا الله - تعالى - إلى استخراج كلِّ كنوز الأرض، والاستفادة منها لتوفير السلع للناس، وتحسين مستواهم الدنيوي والمادي، وقد تعهد ربنا - سبحانه - أن يُوجِد في الأرض الخيرات والأقوات التي تكفي البشر، وتزيد عن حاجتهم مهما تزايدوا وكثروا، ودون دفعهم لتقليل النسل أو تنظيمه، خلافاً لنظرية الكاهن الإنكليزي (مالتوس) الذي ادَّعى أن عدد البشر في تزايد، وثروات الأرض في تناقص؛ لذلك على البشر تحديد نسلهم، وإلا حلَّت بهم المجاعات والأمراض والمصائب، وقد أثبت الواقع خطأ هذه النظرية، وصحة ما أخبر به الرب الكريم الرحيم حيث قال: {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا}؛ [هود: 6]. والدابة: كل ما يدب على الأرض أو يمشي عليها، كما بين الله - جل وعلا - في قوله: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير}؛ [النور: 45]. ولا شك أن الإنسان ممن يمشي على رجلين، فهو دابة على هذا، وإن كان الناس اصطلحوا فيما بعد على استعمال كلمة الدابة للحيوان خاصة، كما يدل على ذلك قوله - عز وجل -: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: 9، 10]، وتأمل قوله - تعالى -: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا}. لتدرك أن الله - تعالى - وضع في الأرض الأقوات اللازمة الكافية للإنسان على مر القرون والأزمان، وبارك في هذه الأرض، وكثَّر فيها هذه الأقوات والخيرات. وقد يسأل البعض: ما دام الأمر كذلك فلماذا تحدث هذه المجاعات؟ ولماذا تعيش كثير من الشعوب في ضيق مادي وفقر شديد؟ والجواب أن هذه المشاكل الاقتصادية الكثيرة وهذا الضيق والفقر المدقع إنما هو نتيجة عوامل ثلاثة: أولها: كسل كثير من الشعوب، وتأخرهم في الاستفادة من خيرات أرضهم، وجهلهم بالطرق الحديثة التي تساعد على كثرة الإنتاج وتيسره. ثانيها: سوء التوزيع، وخاصة إذا تذكَّرنا ما حل في البلاد المحتلة، فقد نهبها المحتلون المجرمون الجشعون، واستغلوا أهلها، ولم يعطوهم إلا الفتات، وكدسوا الأموال الطائلة، ولم يَخْرجُوا حتى تركوا أكثرها خراباً يبابا. كما أن من سوء التوزيع تسلط من خلَفهم على الحكم من أبناء البلاد الفقيرة الأقوياء وغالبهم ممن كان يتعاون مع المحتل الأجنبي على ثروات البلاد، والاستئثار بها، وحرمان الأكثرية الشعبية من هذه الثروات، بقوة الحديد والنار، والتغطية على ذلك بالتأييد الأجنبي. ثالثها: هذه الحروب الطاحنة والنزاعات الدموية، والصراعات المحلية التي تستنزف الثروات، وتخرب البلاد، وتقضي على ما يسمى البنية التحتية فيها، وتقتل الآلاف المؤلفة، وتشرد الملايين، وتملأ الأرض فسادا ووراء هذه الحروب والمنازعات في الغالب يد المحتلين المجرمين تغزيها وتسعرها لتبقي تسلطها وتحكُّمها في هذه البلاد، وأكثرها بلدان إسلامية، ولتمنع قيام نهضة إسلامية، تمهد السبيل لإعادة الخلافة الإسلامية، التي تقيم للمسلمين كياناً قوياً واسعاً يحقق لهم العزة، والسيادة والمجد، وينقذهم من مخالب تلك الذئاب البشرية المسعورة، ولا أحد يجهل تلك الألغام المؤقتة التي تركها المحتلون في غالب البلاد التي خرجوا منها، ليرجعوا إليها من النافذة بعد أن خرجوا من الأبواب، ومن تلك الألغام منطقة كشمير بين الهند وباكستان، ومنطقة الصحراء الغربية بين الجزائر والمغرب، وغيرهما كثير وقد أصبح من البدهي المكشوف مكر أصحاب الشركات الكبرى للسلاح وغيره لإيقاد نار الحروب والفتن بغية تسويق منتجاتها، وزيادة أرباحها، وتكديس الأموال في جيوب أصحابها، دون أن يبالوا بمآسي الشعوب وقتل أبنائها وتيتيم أولادها وحرمان نسائها من رجالها وأبنائها، فالمال عند هؤلاء المجرمين أغلى وأسمى وأعز وأعلى من سلامة الناس وسعادتهم، وراحتهم وطمأنينتهم. ولا شك أن من المعروف أن هؤلاء الرأسماليين هم الذين يصنعون السياسيين ويقودونهم، وبدون أموالهم ومساعداتهم لا يستطيعون أن يصلوا إلى كراسي الحكم حسب أنظمة الديموقراطية الزائفة. وأنا حين أحمِّل الدول المحتلة سواء الاحتلال القديم أو الحديث، وسواء الاحتلال السياسي والعسكري أو الاحتلال الاقتصادي - لا أعفي أبناء البلاد الفقيرة وخاصة الحكام وأهل الحل والعقد فيها من المسؤولية، إذ لولا جهلهم وقلة وعيهم وسذاجتهم، من ناحية، وأطماعهم في الوصول إلى السلطة والاستئثار بالأموال الطائلة، وممالأة الدول الأجنبية من ناحية أخرى على حساب الوطن، لولا ذلك لما استطاع الأجنبي الغادر من تحقيق ما أراد. 7- حرية الملكية الفردية وصيانتها: من أهم أسس الاقتصاد الإسلامي أنه صان الملكية الفردية وحماها عن أي اعتداء، هذا طبعاً إذا كان وصل إليها صاحبها عن طريق مشروع، وقد قرر الله - تعالى - ذلك في كتابه الكريم فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}؛ [النساء: 29]. وقال: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}؛ [البقرة: 188]. وأكد ذلك النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - في أكبر تجمع حاشد جرى في حياته وهو حجة الوداع - فخطب في الناس تلك الخطبة التاريخية العظيمة، التي قرر فيها أهم مبادئ الإسلام وتشريعاته فقال بعد أن مهد لانتباه الناس بخطابات مثيرة: ((أي شهر هذا؟ وأي يوم هذا؟ وأي بلد هذا؟ أليس شهر ذي الحجة، ويوم عرفة، والبلد الحرام؟)) فأجابوا: نعم. فقال: ((فإن دمائكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا)). ثم في آخر خطبته أشهد الله أنه قد بلغ الناس ما أمر تبليغه إياهم[8]. كما أكد - صلى الله عليه وسلم - ذلك مرة أخرى في مناسبة ثانية فقال: ((كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه وماله وعرضه))[9]. وقال - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: ((ولا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه))[10]. وبهذه التقريرات الجازمة الحازمة يعيش المرء في المجتمع الإسلامي آمناً مطمئناً على نفسه وعرضه وماله من أي اعتداء، فإذا حصل عليه أي اعتداء رغم ذلك فهناك القضاء ليعيد إليه حقه المسلوب كاملاً غير منقوص، ولا يستطيع أحد كائناً من كان حتى ولو كان رئيس الدولة نفسه أن يظلم أحداً شيئاً، أو أن يأخذ شيئاً منه أو ينال منه إلا بحقه، والشريعة هي الحامية لذلك، والدولة كلها مستخلفة لتنفيذ شرع الله - عز وجل. وهذه مَيزة عظيمة لنظام الإسلام عن الأنظمة المستبدة، والأنظمة الاشتراكية والشيوعية التي لا يأمن أحد من الناس على الزوجة فضلاً عن أملاكه وعرضه. ولا شك أنه في ظل هذا الأمن يعم الاستقرار والطمأنينة، فيخرج الناس أموالهم ويستثمرونها فتنشط الأحوال الاقتصادية وتكثر فرص العمل، وتعمر البلاد، وتزدهر الأوطان وينعم الناس. 8- إشراف الدولة على النشاط الاقتصادي: ومن وظيفة الدولة في الإسلام الإشراف على النشاط الاقتصادي؛ حتى لا يحدث أي خلل فيه، وخوفاً من أن يتدخل بعض المنتفعين والأغنياء وأصحاب الشركات الكبرى وغيرهم للتلاعب بالسوق، واحتكار البضائع، وإحداث الأزمات، والقيام بالغش والظلم والخداع، فالدولة حارسة للقوانين المأخوذ، من الشريعة الإسلامية بقوة السلطان، ولكن الإسلام يحرم على أصحاب السلطة وعلى الدولة نفسها ممارسة التجارة والزراعة والصناعة، فينافسون الناس، ويظلمونهم، ويستأثرون بالكسب والأرباح دونهم، متمتعين بصفتهم الرسمية، وهيبة الحكم، وإن ممارسة الدولة نفسها للتجارة والزراعة والصناعة يؤدي إلى ظلم كبير، إذ لو حدث أي خلل أو غش أو تلاعب فمن الذي يراقبه ويحاسب عليه؟! هذا فضلا عن الفشل والإخفاق الذي يحُل بكل ما تقوم به الدولة من هذه الأنشطة؛ لأن الذي يقوم عليها هم الموظفون، وبما أن هؤلاء لا يستفيدون شيئاً من هذه المشروعات لو نجحت، كما أنهم لن يخسروا شيئاً إذا خسرت، فيؤدي هذا إلى ضعف حماستهم وحرصهم على نجاحها وتقدمها، فلا يبذلون الجهد المطلوب، ولا يهتمون الاهتمام اللازم لنجاحها وتقويتها، وعلى هذا فسيكون مصيرها الانهيار والإفلاس كما حدث في كثير من البلدان التي تنهج النهج الاشتراكي، أو الشيوعي الذي تسيطر فيه الدولة على وسائل الإنتاج، أو تمتلك كل شيء وتؤمم المؤسسات والشركات والمصانع والمزارع، وما خبر ما حل بالمعسكر الشيوعي العالمي منا ببعيد. وما يعرف بأملاك الدولة وهي في الحقيقة الأراضي التي ليست لأحد، فهي أملاك الله التي لم يتملكها أحد، يأمر الإسلام بالسماح لأي أحد بتملكها، إذا سبق إليها، بشرط أن يعمرها ويحييها خلال ثلاث سنوات، فإذا لم يحيها خلال هذه المدة نزعت منه، وردت إلى حالها الأولى، وذلك قطعاً لكل طريق يعطل الأراضي عن الاستثمار والإعمار وإفادة الناس. وفي هذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق))[11] ويقول: ((من عمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها))[12]. واختلفوا: هل يحتاج ذلك إلى إذن السلطان؟ فرأى الشافعي وصاحبا أبي حنيفة أنه لا حاجة إلى ذلك وذهب أبو حنيفة إلى وجوبه، ولعل الأول هو الأرجح لعدم ورود ذلك في الأحاديث، والله أعلم. وكان الخليفة الراشد الثاني عمر - رضي الله عنه - يمهل من يحوط أرضاً ثلاث سنوات ليعمرها، فإن لم يفعل نزعها منه. وهذا هو الذي ينسجم مع الغرض الذي شرعه الله من وضع اليد على الأرض وتملكها، فهو أراد بذلك إحياءها، ولم يرد تعطيلها وحجزها عن الإفادة منها واستثمارها، ومن وظيفة الدولة المسلمة جمع الزكاة من الأغنياء، وتوزيعها على الفقراء، هذا في المواشي والمزروعات، وأما في النقود فقد ترك لصاحب المال إخراج زكاة ماله بنفسه، وفي هذا تحقيق المصلحة المثلى بإيصال المال إلى مستحقيه، فبعضهم يعرف مالك المال، وربما كان من أقاربه فهو يساعده بذلك، ويصل رحمه، وربما كان بعض الفقراء لا يعلمهم الناس، فتتولى الدولة إيصال الزكاة إليهم. ثم إن علمت الدولة أحداً منع زكاة ماله عاقبته بأخذ الزكاة منه قسراً، وزيادة على ذلك تأخذ نصف ماله الذي وجبت فيه الزكاة؛ كي تمنع أي أحد أن تسول له نفسه هضم حق الفقراء. وفي هذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من أعطاها مؤتجراً فله أجرها، ومن منعها فإنا أخذوها منه، وشطر ماله، عزمه من عزمات ربنا - عز وجل - ليس لآل محمد منها شيئ))[13]. وللقيام بواجب إشراف الدولة أنشأ المسلمون وظيفة المحتسب الذي يرأس جهازاً خاصاً في الدولة يسمى الحسبة، وذلك في وقت مبكر وفي عهد الخلفاء الراشدين، يتولى العاملون فيه مراقبة المكاييل والموازين، ومنع الاحتكار لأقوات الناس، ومنع الغش، ومعاقبة المتلاعبين بالأسواق والأسعار، والذين يبيعون المواد المحرمة ويصنعونها وينتجونها، وغير ذلك من الشؤون والمخالفات، وطرق الكسب الحرام، وكل ما فيه إضرار بمصلحة الناس، وشؤون معاشهم وحياتهم. 9- يتبنى الإسلام مبدأ الحرية الاقتصادية: ويمنع الدولة من التدخل لتحديد أسعار السلع، ويترك ذلك لحركة السوق الطبيعية بناء على قانون العرض والطلب، حرصاً على تحقيق العدالة، ومنعاً لظلم البائعين والمستهلكين؛ ذلك لأنه ليس من العدل إجبار البائع على بيع سلعته بسعر أقل مما يصل إليه التعامل الحر في السوق، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: غلى السعر على عهد - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله لو سعرت؟ فقال: ((إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر، وإني لأرجو أن ألقى الله، ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم ولا مال))[14]. هذا إذا كانت السوق تسير بوضع طبيعي تجري فيه المنافسة الحرة، ويتوفر فيه تكافؤ الفرص، وتشرف الدولة عليه، فتوفر الشروط الطبيعية، وتمنع الغش والاحتكار والتلاعب. أما إذا وقع شيء من الاحتكار وتمالؤ التجار على رفع الأسعار، والتلاعب بالسوق، فحينئذ يجوز للدولة أن تتدخل، وتمنع الظلم، وتحدد الأسعار؛ دفعاً للظلم والاستغلال. أقول: وبسب أن الموضوع قد طال، وبسطه يحتاج إلى كتاب فأكتفي بما سبق وأختم الموضوع بذكر بعض المبادئ الاقتصادية التي لم تذكر مجرد ذكر فأقول: من هذه المبادئ ما يلي: 10- يسعى الإسلام لتداول المال بين جميع الناس، ويحارب حصر تداوله بين الأغنياء، فقد أرسى القرآن هذه القاعدة بقوله - تعالى -: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ}الحشر7 [الحشر:7]، كما يسعى الإسلام لتفتيت الثروة كلما انقضى جيل من البشر عن طريق نظام المواريث، ويساعد على التقريب بين الطبقات إضافة إلى ذلك بواسطة نظام الزكاة والصدقات والكفارات والأوقاف. 11- يفرض الإسلام العدالة في تشريع الضرائب، وبعيد النظر فيه كي لا يكون مجحفا بالطبقات الفقيرة، ويجعله متناسباً مع مقدار الثروة التي يملكها الإنسان، ولذلك يقلل ما أمكن من الضرائب غير المباشرة على السلع الضرورية أو يلغيها. 12- يحث الإسلام على ما يوجب تحقيق الاكتفاء الذاتي للبلاد وخاصة في الأقوات الضرورية للناس حتى لا يتحكم أجنبي فيها. 13- كما يوجب إقامة تعاون اقتصادي كامل مع الدول الإسلامية وإقامة السوق الإسلامية المشتركة، والاستغناء عن الدول الأجنبية ما أمكن. 14- يوجب الإسلام: تحقيق التوازن الاقتصادي مع القوى الاقتصادية الدولية الكبرى، بل وتحقيق التوازن العسكري أيضاً. 15- يوجب الإسلام الحصول على أرقى التقنيات العلمية واستخدامها الزيادة الإنتاج وتحقيق الازدهار الاقتصادي. 16- لا يمنع الإسلام من مشاركة المرأة في العمل المناسب لطبيعتها النفسية والعضوية، بشرط عدم الإخلال بواجبات بيتها؛ من رعاية الزوج والولد، وبشرط تجنب الخلوة والاختلاط بالرجال، والتقيد باللباس الشرعي. والحمد لله أولاً وآخراً. ـــــــــــــــــــــــــ [1] رواه أحمد (4/197) عن عمرو بن العاص وسنده صحيح. [2] رواه الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع - 1887". [3] رواه بنحوه الشيخان وغيرهما عن عمر". [4] رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة، وصححه الألباني في "الإرواء - 860". [5] رواه مسلم والترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود. [6] رواه ابن ماجه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد، وصححه الألباني في "صحيح الجامع 922". [7] رواه البخاري وغيره عن ابن عمر. [8] رواه مطولا مسلم في صحيحه، وأورده الألباني في "حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ص71 و 88. [9] رواه مسلم (ص 1986). [10] أورده الألباني في "الإرواء - 5/ 280/1459" وعزاه إلى أحمد (5/72) والطحاوي في (شرح المعاني - 2/340) و(المشكل 4/41) وابن حبان والبيهقي وغيرهم، وصححه. [11] رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن سعيد بن زيد، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5976) ومعنى (ليس لعرق ظالم حق) أي أن من يغتصب أرض الآخرين فيغرس فيها أو يزرع، فلا حق له، وبقلع غراسه وزرعه". [12] رواه البخاري عن عائشة. [13] رواه أبو داود (الزكاة 5/1575) والنسائي (الزكاة 4/2442) والدارمي (الزكاة 36/1/333/1684) وأحمد (5/2و4) كلهم من عن معاوية بن حيدة القشيري، وحسنه الألباني في "صحيح السنن". [14] رواه أحمد (3/156، و2/337و 373و 3/85 و 282) وأبو داود (البيوع 51/3451) والترمذي (بيوع 73) وابن ماجه (تجارات 27) والدارمي (البيوع 13) وصححه الألباني في "صحيح السنن".
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |