|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن يا كريم كعادتي أجوب المنتديات بالبحث عما هو مفيد فراق لي هذا الموضوع وأحببت عرضه عليكم اختكم لمسة ملاك إيقاظ القلب أولًا الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فلو أن طالبًا في السنة النهائية من دراسته الجامعية ظلّ مستيقظًا طيلة ليلة اختباره الأخير ليستذكر ويراجع المنهج المقرر عليه، ثم أراد أن ينام سويعات قليلة بعد صلاة الفجر وحتى موعد ذهابه لأداء الاختبار، وأوصى والدته بضرورة إيقاظه في الوقت المحدد، وظلت والدته مستيقظة حتى حان ذلك الوقت، فذهبت إليه فوجدته يغُطُّ في سُبات عميق، فنادت عليه لتوقظه فلم يستيقظ، فأخذت تُذكّره بأهمية ذهابه للاختبار وتُخوِّفه من الرسوب، ومِن ثَمَّ التخلُّف فصلًا دراسيًّا آخر، وما يترتب على ذلك من تأخر التخرج وتأجيل للكثير من المشاريع الحياتية التي تنتظر إنهاءه لدراسته.. كل ذلك وصاحبنا لا يسمع كلامها، بل ظل مستغرقًا في نومه، فانتقلت في حديثها عن المستقبل المشرق الذي ينتظره بعد تخرجه، وكيف أنها تُرتِّب له مع والده أمر الزواج، و... . فهل تظن – أخي القارئ - أن هذه الطريقة التي تنتهجها تلك الأم ستجدي نفعًا في إيقاظ ولدها ومِن ثَم ذهابه في الموعد المحدد للاختبار؟! أتخيلك - أخي القارئ - وأنت تجيبني قائلًا: وكيف سيسمعها وهو نائم؟! كيف سيؤثر فيه هذا الكلام مهما جمع من الترغيب والترهيب وهو غارق في النوم؟ إن الحل الأمثل لإيقاظه هو القيام بهزِّه مرات ومرات حتى يستيقظ، فإن لم يُجْدِ الهزُّ نفعًا فعلى الأم أن تنتقل إلى استخدام وسائل أشد وأشد حتى يستيقظ ويدرك حقيقة الوضع الخطير.. حينها سنجده يسابق الزمن لتجهيز نفسه واللحاق بالاختبار. هذا المثال البدهي ينطبق إلى حد بعيد على حالنا وطريقة تعاملنا مع اختبار الدنيا، بمعنى أننا جميعًا لم نوجد في هذه الحياة لنأكل أو نشرب أو نتزوج أو نلهو، بل لأمر عظيم، ألا وهو: عبادة الله عز وجل {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56، 57].. فالله جل شأنه لم يخلقنا إلا لذلك، وسواء شئنا أم أبينا فالاختبار يجري كل يوم، ونهايته تقترب بقدر مرور الأيام والليالي، وبلوغها الأجل المحدد لكل فرد، وبعد ذلك سنعود إلى الله رضينا أم أبينا {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [المؤمنون: 115، 116].. إن الليل والنهار لا يتوقفان عن التعاقب، والنهاية المحددة لكل عبد في الدنيا تقترب ومع ذلك لا نرى من أحوالنا ما يدل على ذلك {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1].. أتدري أخي لماذا؟! لأن قلوبنا تغُط في سُبات عميق {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (2) لَاهِيَةً قُلُوبُهُم} [الأنبياء: 2، 3].. فما العمل في هذه المصيبة؟ لو عدنا لمثال الأم ومحاولتها لإيقاظ ابنها وأسقطناه على واقعنا لوجدنا أن الحل ينبغي أن يبدأ بهز القلب مرات ومرات حتى يستيقظ من رقدة الغافلين، ويفيق من سكرة اللاهين، وبدون هذه الطريقة فلن تكاد تُجدي الوسائل الأخرى نفعًا.. ومن أهم الوسائل التي يمكنها أن تهز القلب وتوقظه من سُباتِه: الإكثار المتوالي من تذكُّر الموت، والتنوع في استخدام الأساليب التي تحقق ذلك، ويكفيك في تأكيد هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسَّعه عليه، ولا ذكره في سعة إلا ضيَّقها عليه.."[1]. وعن صفية رضي الله عنها أن امرأة أتت عائشة رضي الله عنها لتشكو إليها القسوة، فقالت: أكثري ذكر الموت يرق قلبك، وتقدرين على حاجتك، قالت: ففعلت؛ فآنست من قلبها رشدًا، فجاءت تشكر لعائشة رضي الله عنها[2]. وقال عمر بن عبد العزيز لرجل: أكثر ذكر الموت؛ فإنك لا تذكره عند واسع من الأمر إلا ضيَّقه عليك، ولا عند ضيق من الأمر إلا وسَّعه عليك. وكتب إلى بعض أهل بيته: أما بعد؛ فإنك إذا استشعرت ذكر الموت في ليلك ونهارك بَغَّض إليك كل فانٍ، وحبَّب إليك كل باق، والسلام. وقال شميط بن عجلان: من جعل الموت نُصب عينيه لم يُبال بضيق الدنيا ولا بسعتها[3]. وكما أسلفنا فإنه لكي يتحقق المستهدف من ذكر الموت في الانتقال من حالة الغفلة إلى اليقظة فإن ذلك يحتاج إلى الإكثار والتتابع والتنوع في الوسائل وبخاصة في البداية، ويؤكد على هذا المعنى أبو حامد الغزالي فيقول: إعلم أن خطر الموت عظيم، وإنما غفل الناس عنه لقلة فكرهم فيه، وذكرهم له، ومن تذكَّره منهم فإنما يذكره بقلب غافل مشغول بشهوات الدنيا لا بقلب فارغ، فلهذا لا ينجح ذكر الموت فيه. والطريق في ذلك: أن يفرغ العبد قلبه عن كل شيء إلا عن ذكر الموت الذي هو بين يديه، فإذا باشر ذكر الموت قلبه فيوشك أن يؤثر فيه، وعند ذلك يقل فرحه وسروره بالدنيا، وينكسر قلبه[4]. والصفحات القادمة تطرح – بفضل الله – وسيلة إضافية من وسائل تذكر الموت[5] وهي تخيل الأحداث والمشاهدات التي قد تمر بالواحد منا بعد موته، والأمنيات التي يتمنى تحقيقها لو أُجيب طلبه بالرجوع إلى الدنيا مرة أخرى {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 99، 100]. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |