|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() و أنا خيرُكم لأهلي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه و نستعينُه و نستغفرُه ، و نعوذُ بالله مِنْ شرورِ أنفسِنا و مِنْ سيِّئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يهدِه الله فهو المهتدي ، و مَنْ يُضْلِلْه فلنْ تجدَ له وليّاً مرشداً ، و أشهدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريكَ له ، و أشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه و رسولُه ، أمَّا بعدُ : فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله ، و خيرَ الهدي هَدْيُ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، و إنَّ شَرَّ الأمورِ مُحْدَثاتها ، و كلّ محدثةٍ بدعة ، و كلّ بدعةٍ ضلالة ، و كلّ ضلالةٍ في النَّارِ . كلماتٌ نردِّدها دائماً ، نقولُ دائماً في مستهلِّ حديثِنا : و خير الهدي هدي محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فإذا كانَ هذا الهدى هو خير الهدي إذاً يجبُ علينا أنْ نتعلَّمَه ، ثمَّ يجيبُ علينا أنْ نتأسَّى به ، و ذلك أنَّ الله تباركَ و تعالى إنما بعثَه ليكونَ لنا قدوةً ، و ما أحسنَ أنْ يكونَ للإنسانِ قدوة ، و لذلك قيلَ : فتشبَّهوا إنْ لم تكونوا مِثْلَهم *** إنَّ التَّشبُّه بالكرامِ فلاحُ الله جلَّ و علا يقولُ لنبيِّه محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم و هو سيِّدُ الخَلْقِ ، سيِّد وَلَدِ آدم ، يقولُ له : " أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ... " ، فإذا كانَ أمرَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يقتديَ فنحن مِنْ باب أولى أنْ نؤمَرَ بهذا الأمرِ ألا و هو أنْ نقتديَ ، ثمَّ نقتديَ بمنْ ؟؟ الرَّسولُ صلَّى الله عليه و سلَّم أمِرَ أنْ يقتديَ بمنْ سبقَ ليكونَ له أسوة ، و نحن نقتدي كذلك بمنْ سبقَ ، و لكنْ كلَّما كانَ القدوةُ خيراً و أفضلَ و أعظمَ كلَّما كانَ هذا أولى ، و لم نجدْ على وجهِ الأرضِ منذ خلقَ آدمَ إلى يومِنا هذا .. إلى أنْ تقومَ السَّاعةُ ، و لنْ يجدَ أحدٌ أحسنَ قدوةً مِنَ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم . فإذا كانَ الأمرُ كذلك و أنه يجبُ علينا أنْ نتَّخذَ هذا النَّبيَّ قدوةً - صلَّى الله عليه و سلَّم - إذاً ينبغي علينا أنْ نعرفَ أوَّلاً كيفَ كانَ يعيشُ صلَّى الله عليه و سلَّم حتَّى نقتديَ به ؟؟ و الكلامُ عنْ سيرتهِ يطولُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ليسَ هذا المجالُ مجالَ الخوضِ في كلِّ سيرتهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و قد أحسنَ الإخوةُ القائمونَ على هذا الملتقى أنْ ينتقوا مَثَلاً مِنْ حياةِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ألا و هو سيرته مع أهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و انتقَوا عنواناً جميلاً كذلك و هو و أنا خيرُكم لأهلي مُقْتَبَسٌ و مُتْقَطَعٌ مِنْ حديثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " . هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه الذي أمرَنا الله أنْ نقتديَ به له مِنَ الأشغالِ ما الله به عليمٌ ، فهو قائدُ الأمَّةِ و مُرْشِدُها ، و هو كذلك المربِّي و القدوة ، و هو صاحبُ الأمرِ ، و هو صاحبُ النَّهي - صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه - يحملُ هَمَّ الأمَّةِ كلّها ، و له إحدى عشرةَ زوجةً صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و عنده جهادٌ في سبيلِ الله تعالى ، و دعوةٌ إلى الله جلَّ وعلا ، و كانَ يصومُ حتَّى يقال لا يفطرُ ، و كانَ يقومُ حتَّى يقال لا ينامُ ، يقومُ حتَّى تتفطَّر قدماه صلَّى الله عليه و سلَّم ، و يجلسُ مع أصحابهِ و يسافرُ معهم .. و مع هذا كلِّه لم يقصِّر في حقِّ أهلهِ أبداً صلواتُ الله و سلامُه عليه !! فإيتوني بهؤلاء النَّاسِ الذين يقولونَ أوقاتنا لا تَسَعُ !! حتَّى تفرّغ بعض وقتِنا لأهلِنا !! . فكيف استطاعَ هذا النَّبيُّ الكريمُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه أنْ يفرغَ مِنْ وقتهِ لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟ يقولُ ابنُ القيِّم عنْ هذا النَّبيِّ الكريمِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه : و كانتْ سيرتُه مع أزواجهِ حُسْنَ العِشْرَة و حُسْنَ الخُلُقِ ، و كانَ يسرِّب إلى عائشةَ بنات الأنصارِ يلعبنَ معها ، و كانتْ إذا هَوِيَتْ شيئاً - أي أحبَّتْ شيئاً - لا محذورَ فيه تابعَها عليه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . قالَ : و كانتْ إذا شربتْ مِنَ الإناءِ مِنْ موضعٍ وَضَعَ فمَه مكانَ الموضعِ الذي وضعتْ فيه فمَها فيشربُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و إذا تعرَّقتْ عَظْماً - أي نهشتْ مِنْ عَظْمٍ - أتى المكانَ الذي نهشتْ فنهشَ منه تطييباً لقلبِها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . يقولُ : و كانَ يقرأ القرآنَ في حِجْرِها ، يضعُ رأسَه في حِجْرِ زوجتهِ عائشةَ و يقرأ القرآنَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و ربما سابقَها فسبقتْه و سابقتْه فسبقَها صلواتُ ربِّي و سلامُه ، و كانَ يقولُ : " خيرُكم خيرُكم لأهلهِ و أنا خيرُكم لأهلي " صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ في هذا الوقتِ الحرجِ يُراعي مشاعرَ أزواجهِ ، و كانَ يُنْقَلُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه في هذا المرضِ مِنْ بيتٍ إلى بيتٍ حتَّى تأخذ كلُّ واحدةٍ منهنَّ حقَّها في رعايتهِ و العنايةِ به صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه حتَّى شعرْنَ مِنْ كَثْرَةِ أسئلتهِ : " أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا ؟ " ، فَشَعَرْنَ أنه يتمنَّى أنْ يبقى طوالَ هذه الفترةِ عند عائشةَ فأذِنَّ له صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، يطلبُ الإذِنَ حتَّى في هذه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه !! له في حياتهِ مواقفُ كثيرةٌ مع أزواجهِ ننبِّه على بعضِها ، لأنَّ القَصْدَ هو التَّأسِّي ، أنْ نعرفَ كيف كانَ يعيشُ ؟؟ كيف كانَ يُعَامِلُ ؟؟ كيف كانَ يتصرَّف إزاءَ مشكلاتهِ ؟؟ لأنه بشرٌ مِثْلنا ، و يتعاملُ مع بشرٍ ، و يحدثُ له مِنَ المشكلاتِ كما يحدثُ لنا ، كيف عالجها ؟؟ و كيف ينبغي لنا أنْ نفعلَ إذا وقعنا بمثلِ أو قريبٍ ما وقعَ فيه صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ؟؟ * - خرجَ يوماً إلى البقيع في اللَّيلِ - و كانَ في يومِ عائشةَ - يدعو لأهلِ البقيعِ ، فظنَّت عائشة أنه قد يكونُ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ ، و كانَ له تسع نسوةٍ في ذلك الوقتِ ، فخافتْ أنْ يكونَ خرجَ إلى بعضِ نسائهِ فتبعتْه رضيَ الله عنها ، فإذا هو عند البقيعِ ، لم يذهبْ إلى امرأةٍ مِنْ نسائهِ ، فظلَّتْ تنتظرُ ، فلمَّا أرادَ الرُّجوعَ أسرعتْ حتَّى لا يراها ، و كانَ النَّبيُّ قد رأى ظِلاً - زول شخص - فلم يهتمّ ، فلمَّا وصلَ إلى البيتِ فإذا عائشةُ نائمةٌ ، و لكنَّها تنهدُ مِنَ التَّعبِ ، مِنَ الرَّكضِ الذي ركضتْه ، فقالَ لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم :ما لكِ يا عائشةُ ؟ حشيا رابية ؟ قالتْ : لا . قالَ : لتخبرني أو ليخبرني اللَّطيفُ الخبيرُ . قالتْ : يا رسولَالله ! بأبي أنتَ و أمِّي ، فأخبرته الخبرَ . قالَ : أظننتِ أنْ يحيفَ الله عليكِ و رسولُه ؟ يعني خِفْتِ أنْ أظلمَكِ في ليلتكِ و أذهب إلى امرأةٍ غيرِك ، هذا لا يقعُ منِّي أبداً قالتْ : مهما يكتم النَّاسُ فقد علمَه الله ، قالَ : فإنَّ جبريلَ أتاني حين رأيتُ ، و لم يدخلْ عليّ ، و قد وضعتِ ثيابَكِ ، فناداني فأخفى منك ، فأجبته فأخفيته منك ، فظننتُ أنْ قد رقدتِ ، و كرهتُ أنْ أوقظَكِ ، و خشيتُ أنْ تستوحشي ، فأمرَني أنْ آتي البقيعَ فأستغفرَ لهم . فقالتْ : يا رسولَ الله ، أنتَ شغلتك آخرتك ، و أنا شغلتني دنياي ، أنت تفكِّر في الآخرةِ ، وأنا أفكِّر في الدُّنيا ، أنتَ تفكِّر في الآخرةِ و في الاستغفارِ لأهلِ البقيعِ ، و أنا أفكِّر أنك قد تذهبُ لبعضِ نسائك . و في بعضِ الرِّواياتِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم قالَ لها : أجاءَكِ شيطانك ؟ - الذي حرَّككِ هذا مِنْ مكانكِ - - فقالتْ : يا رسولَ الله ، أوَ لي شيطانٌ ؟ فقالَ : نعم ، لكلِّ إنسانٍ شيطانٌ " قرين " ، قالتْ : حتَّى أنتَ يا رسولَ الله !! قالَ : نعم ، إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، هنا " فأسلمَ " اختلفَ فيها أهلُ العِلْمِ بعضُهم قالَ : " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمَ " ، أي دخلَ في الإسلامِ ، و المعنى الآخر " إلا أنَّ الله أعانني عليه فأسلمُ " أي أسلمُ منه ، لا يأتيني منه شَرٌّ ، و لكنَّه شيطانٌ ، ما زالَ شيطاناً على ما هو عليه ، و الشَّيطانُ هو كافرُ الجِنِّ ، و مسلمُ الجِنِّ مؤمنٌ ، فكلُّ شيطانٍ هو مِنْ كفَّارِ الجِنِّ . بعد هذا قالتْ له عائشةُ : كيف أقولُ يا رسولَ الله إذا زرتُ القبورَ ؟ فقالَ لها : قولي السَّلامُ على أهلِ الدِّيارِ ، مِنَ المؤمنينَ و المسلمينَ ، يرحمُ الله المستقدمينَ مِنَّا و المستأخرينَ ، و إنا إنْ شاءَ الله بكم لاحقونَ . انتهتِ القِصَّةُ ، لو كانَ غير عائشة و غير محمَّد صلَّى الله عليه و سلَّم في أيَّامنا هذه ، واحد تلحقه زوجته و هو ذاهبٌ و ينتبه لها ماذا يفعلُ معها ؟ إذا ما ضربها .. إذا ما وقعَ الطَّلاقُ .. إذا ما وقعتْ مصيبةٌ و العياذُ بالله لمثلِ هذه الأمورِ ؛ انظروا كيف عالجَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم الأمرَ ، و كيف صارتْ بعد أنْ لحقته و شكَّت و كذا صارتْ تسأله ماذا أصنعُ ؟ لأنها تطلبُ العِلْمَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فكانَ يعالجُ أمثالَ هذه الأمورِ بحِلْمٍ . و وقعتْ قِصَّةٌ أخرى قريب مِنْ هذه أيضاً لعائشةَ أمِّ المؤمنينَ رضيَ الله عنها لأنها الوحيدةُ التي كانتْ تظهرُ دلالها على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؛ لأنها تعلمُ حبَّه لها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، كما قيلَ : عرفَ الحبيبُ مكانه فتدلَّلا ، يعني عرفتْ مكانها عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فصارتْ تتدلَّل عليه ، و النَّبيُّ يقبلُ منها صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لذلك أكثرُ حوادثِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم مع هذه المرأةِ رضيَ الله تباركَ عنها و أرضاها. * - في يومٍ مِنَ الأيامِ كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم جالساً مع أصحابهِ في بيته فأهْدِيَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم طعامٌ ، قيلَ مِنْ زينب ، و قيلَ مِنْ صفيَّة ، أمَّهات المؤمنينَ رضيَ الله عنهنَّ ، أهدتْ له طعاماً و لكنْ في يومِ عائشةَ ، فلمَّا سمعتْ عائشةُ بهذا خرجتْ أمام النَّبيِّ و أمامَ الصَّحابةِ رضيَ الله عنهم ، فأخذتِ الإناءَ الذي فيه الطَّعامُ و رمته في الأرضِ حتَّى كسرته ، - غَيْرَةً .. يعني لماذا تهدينَ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم في يومي ؟؟ - فرمتِ الإناءَ في الأرضِ حتَّى انكسرَ و فسدَ الطَّعامُ الذي فيه ، فالتفتَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إلى أصحابه و قالَ : " غارتْ أمُّكم " فقط .. انتهى الأمرُ ! و الذي لا إلهَ إلا هو إنه يغلبُ على ظنِّي أنه لو فعلتِ امرأةُ أحدِنا مِثْلَ هذا الأمرِ أمامَ ضيوفهِ إنْ ما أمسكَه ضيوفه و إلا مدفونة أو يضربُها ، أو يطلِّقها ، أو لا يكلِّمُها شهراً أو سنةً .. حسب ما يرى مِنَ العقوباتِ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم راعى قضيَّةَ الغيرةِ عندها ، و إنَّ هذا شيءٌ فِطْرِيٌّ في المرأةِ ، مفطورةٌ على هذا الأمرِ ، الغيرةُ تقتلُ المرأةَ قتلاً ، و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم اكتفى بقولهِ : " غارتْ أمُّكم " و تركها حتَّى هدأتْ ، فلمَّا هدأتْ جاءَها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قالَ لها : " إناءٌ بإناءٍ ، و طعامٌ بطعامٍ " فقط ، سكتَ عنها و لم يعاقبْها ، و أكيد أنها ندمتْ ، تعجَّلتْ .. النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم أنهى الموضوعَ و قالَ : المهم الإناء الذي كسرتهِ تردِّينَ بدلَه إناءً ، و الطَّعام الذي أفسدتهِ تأتينَ بدلَه بطعامٍ ، و انتهى كلُّ هذا الأمرِ ، هكذا كانَ يعالجُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم قضاياهُ و هو القدوةُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، و لا يقولَنَّ قائلٌ إنه لا يغارُ صلَّى الله عليه و سلَّم ، بالعكس ، لما غارَ سعدُ بنُ عبادة رضيَ الله عنه و قالَ : و الله لو وجدتُ رجلاً مع امرأتي لقتلتُه و قتلتُها ، يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : " أتعجبونَ مِنْ غيرةِ سعد ؟! و الله إني لأغيرُ مِنْ سعدٍ " صلَّى الله عليه و سلَّم ، هذا لا يعني أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم لا يغارُ و لكنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يعالجُ الأمورَ بحِكْمَةٍ و تَؤُدَةٍ و بنظرٍ صحيحٍ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . * -جاءتْ تشتكي إليه يوماً صفيَّةُ أمُّ المؤمنينَ و تقولُ إنَّ بعضَ نسائِكَ ، و هي عائشة و حفصة ، و قلنَ لي : إنكِ مِنْ بني إسرائيل و نحن قرشيَّتانِ . يعني تفتخرانِ عليها بأنهما قرشيَّتانِ ، فجاءتْ تشتكي للنَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فقالَ : " هلَّا قلتِ لهنَّ : زوجي محمَّد ، و أبي هارون ، و عمِّي موسى " فقط ، و أنهى الموضوعَ . ما عاقبَ عائشةَ و حفصةَ لأنه يعلمُ صلَّى الله عليه و سلَّم أنَّ هذه غيرةٌ تقعُ بين النِّساء ، أنهى الموضوعَ بأنْ طيَّب خاطرَها و علَّمها كيف تجيبُ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . * - غضبتْ عليه يوماً نساؤه و ذلك أنهنَّ كنَّ يشعرنَ بأنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثر ، بل هذا كانَ يصرِّحُ به صلَّى الله عليه و سلَّم لما سأله عمرو بنُ العاص قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليكَ ؟ قالَ : " عائشة " قالَ : و مِنَ الرِّجالِ ؟ قالَ : " أبوها " ، فهو يصرِّح بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه لكنْ في المعاملةِ يعدلُ ، الحبُّ القلبيُّ الإنسانُ لا يملكُه ، و لذلك جاءَ في الحديثِ - و إنْ كانَ فيه كلامٌ - " اللَّهمَّ هذا قسمي فيما أملكُ فلا تحاسبني فيما لا أملكُ " و هو القلبُ ، فَمَيَلانُ القلبِ لا يملكُه الإنسانُ ، فكانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم يميلُ إلى عائشةَ كثيراً و لكنْ يعدلُ مع نسائهِ كلِّهنَّ رضيَ الله عنهنَّ و صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . فاجتمعتْ نساءُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ إنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنَّا ، و نحن نريدُ أنْ يعدلَ حتَّى في المحبَّةِ ، و كانَ النَّاسُ يعلمون ذلك كما قلنا عمرو بن العاص سأله قالَ : مَنْ أحبُّ النَّاسِ إليك ؟ قالَ : " عائشة " ، و لما مَرِضَ مَرَضَ الموتِ كانَ يقولُ : " أين أكونُ غداً ؟ " يريدُ عائشةَ ، و تمرض عندها ، فالقصدُ أنَّ النَّاسَ كانوا يعلمون ذلك عِلْمَ اليقينِ ، أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يحبُّ عائشةَ أكثرَ مِنْ غيرِها ، و هي المرأةُ الوحيدةُ التي لم يدخلْ عليها رجلٌ سوى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم ، أمَّا باقي نسائه كلّهنَّ تزوَّجنَ قبلَ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم بأزواج آخرينَ ، فالشَّاهدُ أنَّ النِّساءَ شَعَرْنَ بهذا فأرسلنَ إلى فاطمةَ بنتِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و قلنَ لها : قولي لرسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم أنْ يعدلَ بيننا و بين بنتِ أبي بكرٍ ، نريدُ العدلَ ، فذهبتْ فاطمةُ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و إذا هو في بيتِ عائشةَ و معها في الفراشِ نائمٌ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه ، فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءَك أرسلْنني إليكَ يسألْنَك العدلَ في ابنةِ أبي قُحافةَ ، و أنا ساكِتةٌ ، فقالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم : " أي بُنيَّة ، ألستِ تُحبِّين ما أُحِبُّ ؟ " ، فقالتْ : بلَى ، قالَ : " فَأحبِّي هذه " ، فقامتْ فاطمةُ حين سمعتْ ذلك مِنْ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فرجعتْ إلى أزواجِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فأخبرتْهنَّ بالذي قالتْ و بالذي قالَ لها رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقُلْنَ لها : ما نراكِ أغنيتِ عنَّا مِنْ شيءٍ ، فارجعي إلى رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم فقولي له : إنَّ أزواجَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فقالتْ فاطمةُ : و الله لا أُكلِّمُه فيها أبداً ، فاجتمعتِ النِّساء .. كيف العملُ ؟ قلنَ : أمّ سلمةَ اذهبي أنتِ و كلِّميه ، فدخلتْ أمُّ سلمةَ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فقالتْ : يا رسولَ الله ، إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يتكلَّم معها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فقلنَ لها : كلِّميه مرَّةً أخرى ، قالتْ : إذا جاءَ في ليلتي ، فجاءَ في ليلتِها صلَّى الله عليه و سلَّم فكلَّمتْه ، قالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنكَ العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، فلم يردّ عليها النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فلمَّا ما رد عليها اجتمعتِ النِّساءُ مرَّة أخرى و قلنَ يا زينبُ اذهبي أنتِ و كلِّميهِ ، فدخلتْ زينبُ على النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم و معه عائشةُ - طبعاً بعد أيام - فقالتْ : إنَّ نساءَك ينشدْنك العدلَ في ابنةِ أبي قحافةَ ، ثمَّ تكلَّمتْ في عائشةَ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم ساكتٌ و عائشةُ ساكتةٌ ، تقولُ عائشةُ : فالتفتُّ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : هل يأذنُ لي فيها ؟ أردُّ عليها أمْ أسكتُ ؟ ففهمتُ منه أنه لا يكرهُ أنْ أنتصرَ ، تقولُ : فتكلَّمتُ بها حتَّى أسكتُّها ، تقولُ : فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم و تبسَّم : " إنَّها ابنةُ أبي بكر " و انتهى الأمرُ . نحن نريدُ مِنْ هذا كلِّه ليسَ الصِّراعَ بين النِّساءِ و لكنْ كيف عاملَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم هذا الصِّراعَ ؟ كيف تعاملَ معه صلَّى الله عليه و سلَّم ؟ أنا أعرفُ الآن لا أقولُ كثيرينَ لكنْ أكثر مِنْ شخصٍ قطعاً عندهم أكثر مِنْ زوجةٍ و الله مشاكل و مآسٍ و الله المستعان ، يعني لا يتحمَّل منها كلمة ، فلانة قالتْ كذا و ضرب ، لمَ تتكلَّمينَ عليها ؟ فلانة قالتْ كذا ، ما أكلمك أسبوعاً ، و كذا .. عقوبات صارمة جدّاً و لا يُرَاعى فيها قضيَّة الغيرة التي عند النِّساءِ ، و النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم انظروا كيف كانَ يراعي هذا الأمرَ و لا يهتمُّ له كثيراً ، بل يرى أنه مِنْ طبيعةِ المرأةِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . * - كانَ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه إذا دخلَ بيتَه وقتُه لبيتهِ ، أنا يعجبُني بعضُهم يقولُ : أنا لا يمكنُ أنْ آخذَ معي عملاً إلى البيتِ ، يعني عملي في العملِ .. في الوزارةِ ، لا آخذُ معي ورقةً إلى البيتِ ، لماذا ؟ يقولُ : هذا وقتُ العملِ ، و أنا أهمّ شيء وقت العملِ للعملِ ، لا أضيِّعه و إنما أجعلُه للعملِ ، لا أنام و لا أقصِّر في عملي و إنما أؤدِّي العملَ الذي يُطْلَبُ مني ، انتهى العملُ لا يمكنُ أنْ أحملَ معي عملاً إلى البيتِ ، بيتي لي ، عندي أشياء أخرى أزاولُها . و نحن نقولُ كذلك ، لا ينبغي للإنسانِ أنْ يشغلَ أهلَه بأعمالهِ في الخارجِ فيأتي بأعمالِ المكتبِ إلى البيتِ أو يشغل أهلَه له بما حصلَ له مع أصدقائهِ !! فليكنْ وقتُك لأهلِكَ ، و لذلك تقولُ عائشةُ رضيَ الله عنها لما سُئِلَتْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ماذا كانَ يصنعُ في بيتهِ ؟ قالتْ : " كانَ يكونُ في مهنةِ أهلهِ " يعني هذا الوقتُ لأهلهِ ، إذاً فليكنْ كذلك لأهلهِ صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . * - تقولُ عائشةُ : كانَ يُسابقُني ، خرجتُ معه مرَّةً في سفرٍ فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم و تأخَّر هو معي ، فلمَّا تأخَّرنا لا يرانا أحدٌ التفتَ إليَّ فقالَ : تسابقينني؟ قلتُ له : نعم ، فتسابقَ معها ، تقولُ : فسبقتُه صلَّى الله عليه و سلَّم . تقولُ : فلمَّا مَرَّتِ الأيامُ و زادَ اللَّحْمُ و ثقلتُ جاءني يوماً في سفرٍ آخرَ فقالَ : تسابقينني ؟ قلتُ : نعم ، فأمرَ الجيشَ أنْ يتقدَّم ، فسابقني فسبقني ، فقالَ : هذه بتلك . يذكِّرها أني سابقتكِ قبلَ سنواتٍ ، فالقصدُ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم كانَ يُراعي مشاعرَ أهلهِ صلواتُ الله و سلامُه عليه . *- قالَ لعائشةَ مرَّةً : " إني لأعلمُ إذا كنتِ عنِّي راضيةً ، و إذا كنتِ عليَّ غضبى " . قالتْ : مِنْ أين تعرفُ ذلك ؟ قالَ : " أمَّا إذا كنتِ عنِّي راضيةً فإنكِ تقولينَ : لا و رَبِّ محمَّد - يعني تقسمين بربِّ محمَّد - و إذا كنتِ غضبى قلتِ : لا و رَبِّ إبراهيم " ، هو واحدٌ ، ربُّ محمَّدٍ هو رَبُّ إبراهيم ، لكنْ إذا كنتِ راضيةً تقولينَ لا و رَبِّ محمَّد ، و إذا كنتِ غضبى تقولينَ لا و رَبِّ إبراهيم ، أشعرَها أنه يتنبَّه لمثلِ هذه الأشياء ، فقالتْ : أجل والله يا رسولَ الله ، ما أهجرُ إلا اسمَك . * - عمرُ بنُ الخطَّابِ رضيَ الله عنه يقولُ : كنَّا - يعني قريش - نغلبُ نساءَنا . يعني المرأة في قريش مكسورة الجناح ..مهضومة الحقّ .. فيقولُ : كنَّا نغلبُ نساءَنا ، و كانتِ الأنصارُ تغلبُهمُ النِّساءُ . العكس ، يقولُ : فلمَّا جِئْنَا المدينةَ يعني لما هاجرْنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم حصلَ خصامٌ بيني و بين زوجتي ، فتكلَّمتُ عليها فراجعتني يعني ردَّت عليّ يقولُ : أوَّل مرَّة امرأة تردُّ عليّ !! لأنَّ قريشاً يغلبونَ نساءَهم .. لا تتكلَّم المرأة .. ساكتة .. مستسلمة ، قالَ : فراجعتني !! فأنكرتُ ذلك ، قالتْ : و ما لي لا أردُّ عليك و نساءُ النَّبيِّ يُرَاجِعْنه ؟؟!! إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم تراجعه نساؤه فأنتَ يا عمرُ مِنْ بابٍ أولى ، قالَ : أوَ تصدقينَ ؟ يعني هذا الكلام صحيح ، قالتْ : اسألْ حفصةَ زوجةَ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم . يقولُ : فجمعتُ عليَّ ثيابي و ذهبتُ إلى حفصةَ فقلتُ : أتراجعْنَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؟ قالتْ : نعم ، و تهجرُه إحدانا أحياناً مِنَ النَّهارِ إلى اللَّيلِ . يعني ليس فقط نراجعُه بل و نزعل و نتدلَّل و ما نتكلَّم معه حتَّى اللَّيل .. ، قالَ : ويحكِ يا حفصةُ ، أوَ ما تخافينَ أنْ يغضبَ الله لغضبِ رسولهِ فتهلكي ؟؟!! يعني كيف تراجعينَ النَّبيَّ صلَّى الله عليه و سلَّم ؟! استنكرَ عمرُ هذا الأمرَ رضيَ الله عنه ، و الحقيقةُ النَّبيّ صلَّى الله عليه و سلَّم يسمحُ بهذا صلواتُ ربِّي و سلامُه عليه . أنا أقولُ إذا كانَ هذا حالُ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم فماذا يجبُ علينا نحن أنْ نصنعَ ؟؟ كيف نعاملُ أهلينا في بيوتِنا ؟؟ الله تعالى يقولُ : " ... وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ..." ، أي بما تعارفَ عليه النَّاسُ ، أي كما أنك تريدُ ما لكَ عليها مِنْ حقٍّ فأدِّ ما عليكَ لها مِنْ واجبٍ .. لا بدَّ ، مستحيل أنْ يأخذَ الإنسانُ و لا يعطي ، لذلك قالوا : الغُنْمُ مع الغُرْمِ .. الذي يدفعُ يأخذُ الذي لا يدفعُ لا يستحقُّ أنْ يأخذَ أبداً .
__________________
![]() مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |