الدعاء عند استقبال قبر المصطفى

[اسدالغابة]

بسم الله الرحمن الرحيم

الدعاء عند استقبال قبر المصطفى

الحمد لله الذي خلقنا لعبادته ووفقنا لطاعته وشرح صدورنا لتوحيده وهدانا لتحميده وتهليله وتمجيده احمده كما امر واصلي واسلم على خير البشر سيدنا محمدا وعلى آله وصحبه الغرر .
اما بعد :
ان بعض الناس هداهم الله ينظر للقبر النبي الشريف من جهة القبورية فقط ولم يلتفتوا الى جهة انه يحوي جسده الشريف(صلى الله عليه وسلم) وما قيمة القبر بدونه ؟ وما قيمة المدينة بدونه ؟
يقول ابن عقيل الحنبلي لما سئل عن المفاضلة بين الحجرة والكعبة فقال : ان ارت مجرد الحجرة فالكعبة افضل وان ارت وهو فيها فهي افضل من الكعبة.(بدائع الفوائد لابن القيم ج3 ص655 التاج الفاكهي المالكي حاشية ابن عابدين ج 2 ص 688)
وعلى هذا التفريق روي عن الامام مالك انه كان يكره ان يقول الرجل زرت قبر النبي (صلى الله عليه وسلم ) انما يقول زرت النبي (صلى الله عليه وسلم) لان هانما يزور من يسمعه ويراه ويرد عليه(الشفاء للقاضي عياض)
وبنظر لجهة وهو فيه (صلى الله عليه وسلم) فان اهل العلم قالوا : يستحب لمن زار النبي (صلى الله عليه وسلم) ان يقف لدعاء لله تعالى ولا يلزمه استقبال القبلة

فقد روى عن الامام مالك انه لما ناظر ابو جعفر المنصور في المسجد النبوي فقال له ابو جعفر المنصور : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل رسول الله ؟ فقال مالك : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم إلى الله تعالى ، بل أستقبله وأستشفع به فيشفعه الله:

فيك ، قال تعالى (ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله وأستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما)(1) (ذكره القاضي عياض في الشفاء وساقه بإسناد صحيح).

قال الخفاجي في شرح الشفاء :قال السبكي صرح اصحابنا بانه يستحب ا نياتي القبر ويقف ويسلم عليه (صلى الله عليه وسلم)ثم يدعو الله مستقبله(شرح الشفاء ج3 ص398)

وذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الصراط المستقيم (ص396) قول ابن وهب فما رواه عن الامام مالك فقال : اذا سلم على النبي (صلى الله عليه وسلم) يقف ووجهه الى القبر لا الى القبلة ويدنو ويسلم ويدعو ولا يمس القبر بيديه

وصرح بذالك الامام النووي في كتابه الا ذكار في باب الزيارة وذكره في الايضاح في باب الزيارة وفي المجموع (ج8ص272)

وقال الامام ابن تيمية بعد ذكره لهذه الاقوال ( فتفقوا في استقبال القبلة وتنازعوا في تولية القبر ظهره وقت الدعاء)

وهذا فيه دلالة واضحة بان المسالة مختلفا فيه ومتنازع عليها بين اهل العلم مما يجعلها مسالة فقية خلافية لايسوغ جعل المخالف فيها مبتدعا او مشركا لان لفاعل لذالك الامر (الاستقبال للقبر عند الدعاء ) انما اخذ بقول من قال بالجواز وهم قد استندوا في ذالك الى ادلة معتبرة لديهم ولم ياتي بشيء ليس له اصل في الدين فلا يشمله حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد . رواه مسلم من حديث عائشة ( رضي الله عنها)

(1)


وذكره الإمام السبكي في [ شفاء السقام في زيارة خير الأنام ].
والسيد السمهودي في [ خلاصة الوفا ].
والعلامة القسطلاني في [ المواهب اللدنية ].
والعلامة إبن حجر في [ تحفة الزوار ، والجوهر المنظم ].

قال العلامة إبن حجر في [ الجوهر المنظم ] : رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه.
وقال العلامة الزرقاني في [ شرح المواهب ] : ورواها إبن فهد بإسناد جيد.
ورواها القاضي عياض في الشفاء بإسناد صحيح رجاله ثقات ليس في إسنادها وضاع ولا كذاب ومراده بذلك الرد على من لم يصدق رواية ذلك عن الإمام مالك ، ونسب له كراهية.