|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() وصفة إسلامية ونفسية لعلاج الغضب أثبتت الدراسات العلمية الحديثة أن الغضب هو السبب المباشر لنحو 20 مرضا عضويا فضلا عن الأمراض النفسية والعداوات الاجتماعية وحالات الإحباط التي تصيب بعض الغاضبين. وإذا كان السؤال البدهي: لماذا يغضب الإنسان؟ فإن السؤال الأهم: كيف يسكن الإنسان غضبه ويرشِّده كعاطفة إنسانية إلى ما يفيده ويفيد مجتمعه.؟؟؟ عدد من علماء الطب النفسي والعضوي وأساتذة الشريعة الإسلامية يضعون وصفة شرعية ونفسية لعلاج الانفعالات التي صارت لغة العصر وعملته الرديئة. الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية العالمية للطب النفسي يقرر حقيقة علمية ثابتة وهي أن الغضب سبب مباشر للأمراض، وان قابلية الإنسان للغضب في ازدياد مستمر على مستوى العالم. ويقول: قد نفسر نحن العلماء هذا بزيادة ضغوط الحياة أو الشره المادي الذي أصاب الناس أو بعدم قدرة الإنسان العقلية والنفسية على التعامل مع المشكلات ولكن في تصوري أن السبب الأبرز لظهور مخاطر الغضب الصحية والنفسية أن إنسان اليوم لا يجد من يشكو له ويخفف عنه ضغوطه اليومية. ولذا ننصح دائما الإنسان الذي ألم به الغضب أيا كان سببه ونوعه، أن يبوح بمشكلاته للآخرين وأن يعبر بشكل بسيط وحضاري عن غضبه أمام الناس. فهذا البوح للآخرين يساعد على تخفيف حالة الغضب وإزالة أسبابه. وقد أثبتت التجارب العلمية أن خصوصية العلاقة بين الأصدقاء تخفف حالة الغضب والتوتر، لأن الغضب قد لا تكون له سلبية مباشرة ولكن السلبية تكون في حالة الإحباط والعجز التي قد يحس بها الغضبان عقب سكون غضبه ومن هنا تصبح الشكوى للآخرين جزءا من العلاج! حقائق طبية ويضيف الدكتور بهاء السكري أستاذ وظائف الأعضاء بطب الأزهر بعدا آخر الى خطورة الغضب على الصحة العامة، وهو أن الانفعالات تقف وراء معظم الأمراض العصرية، خاصة ضعف مقاومة الجسم وضغط الدم وضيق التنفس وأمراض الجهاز الهضمي والقولون وجلطات المخ، وهذه الأخيرة كشف آخر بحث أجري في كندا أن هناك نحو 50 ألف شخص أصيبوا بها بسبب الغضب، وما يصاحبه من شعور بالإحباط، فضلا عن أمراض الأوعية الدموية والعيون وأمراض القلب والسكر والصدر وغيرها من التأثيرات الضارة على أعضاء الإنسان. ويكشف الدكتور السكري حقيقة طبية، وهي أن كثرة الانفعالات تؤثر في الحالة الجنسية بين الزوجين، وبالتالي تفتح بابا آخر للمشكلات والانفعالات، فعند الغضب يحدث خلل في هرمونات الجنس ما يؤدي الى عدم القدرة على الإنجاب نتيجة حدوث بعض التلفيات في الأنسجة والخلايا. ولذلك فإننا نقول لكل صاحب انفعال: عليك ألا تغضب على الأقل حفاظا على صحتك وحماية لنفسك وبدنك من نحو عشرين مرضا ستصيبك أنت قبل أن تصيب من حولك بالتوتر. إحباط وانطواء الدكتور محمد سعد حامد أستاذ الغدد الصماء بكلية الطب بجامعة عين شمس يوضح أن الانفعالات تؤثر في مركز معين موجود بوسادة المخ، نتيجة تأثر العصب السمبتاوي مما يؤدي إلى سرعة نبضات القلب وشحوب الوجه واصفراره ورعشة اليدين وربما حالة من الهستيريا والتشنج. وهذا وغيره يؤثر في ثقة الإنسان بنفسه وقدرته على التعامل مع الآخرين مما يدفعه إلى العزلة والانطواء الأمر الذي يزيد من عدم قدرته على التعامل مع الآخرين، ويرفع عنده درجة الإحباط وكراهية الناس. تغليب العقل وبعيدا عن عوامل الغضب الوراثية أو تقليد الآباء والمعلمين وسلوكيات الناس المعيبة في الشوارع، يحمل الدكتور محمد عويضة أستاذ الطب النفسي بالأزهر كل إنسان مسؤولية تدريب نفسه على مقاومة الغضب. ويقول الدكتور عويضة: من أخطر ما يفعله البعض لعلاج الغضب، اللجوء إلى المهدئات التي تأكل صحة ونفسية الإنسان، وتؤدي إلى توتره على المدى البعيد. وما ننصح به الجميع هو أن يغلب الإنسان عقله في التعامل مع مسببات الانفعال ويترك لنفسه مساحة من التأمل ثم يبتعد عن مكان الانفعال وسببه، ويتذكر أن حل المشكلات لا يكون بالانفعال بل في الهدوء، ثم على الإنسان أن يرضى بما هو فيه، وألا يخلق في نفسه حالات من التمرد، فالشعور بالرضا سوف يخلق بالضرورة حالة من الهدوء والعقلانية والقدرة على حل المشكلات والتعامل مع الناس دون غضب. الصبر على البلاء العلاج الإسلامي لمرض الغضب متنوع، ولكن البداية تكمن في أن يرضى المسلم بقدر الله وقضائه ويصبر على بلائه في النفس والمال والبدن. الدكتور رشاد خليل أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر يشير إلى أن المؤمن الحق يكون في رضا تام عن النفس وأقدار الله في خلقه. ويضيف: لِم يغضب الإنسان؟ هل لأن أحدا سبه أو لمال فقده، أو لمنصب فاته أو لزوجة أو ابن قصرا في حقه أو لتجارة أو صنعة خاسرة؟ المؤمن يتعامل مع هذه المنغصات طبقا للناموس الكوني الإيماني: “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين. الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”. والمؤمن لا يصيبه الإحباط ولا يسترسل في حالات الانفعال والغضب لأنه يدرك أن كل أذى تعرض له في نفسه أو مع أصدقائه أو في ماله أو في تعاملات الناس القاسية معه، كلها مصائب متوقعة يجب الصبر عليها والتعامل معها بمنطق ان لها جزاء وثوابا في الدنيا والآخرة، ولذا قال عليه السلام: “إن الله عز وجل بقسطه جعل الفرح والروح في الرضا واليقين، وجعل الغم والحزن في السخط والشك”، وفي الحديث أيضا: “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وان أصابته ضراء صبر فكان خيرا له”. الإساءة والإحسان ويشير الدكتور رشاد خليل إلى أن معظم إن لم يكن كل انفعالات الناس اليومية تأتي لأسباب تافهة، كما أن الغضب يتملك الإنسان لأنه يقف أمام الإساءة وينسى الإحسان، أو لأنه يقف أمام المشكلة وينسى الحل. ومنطق الإسلام وتجارب الحياة تؤكد أن هذا التصرف غير معقول، وان الصواب ألا يسمح الإنسان لنفسه بأن تنفعل لتوافه الأمور وألا يقف طويلا أمام أسباب الغضب، بل عليه أن يذهب ليبحث عن الأسلوب الأفضل للتعامل مع أسباب الانفعالات ومصادرها. فإن كان لك جار سوء فاصبر عليه، وان سابك أو شاتمك فلا ترد عليه إلا بإحسان، وان استشعرت الظلم من إنسان فاسلك الطريق السليم لرد مظلمتك بعيدا عن الغضب، وإن أصابتك مصيبة في مالك أو وظيفتك أو صحتك فاعتبرها من قضاء الله وابحث رفعها بالوسائل المتاحة لك. إن منطق الإيمان هذا سوف يخفف مظاهر أي سبب من أسباب الانفعالات اليومية بدءا من منبهات السيارات في الشوارع وحتى الهموم الإسلامية العامة: “ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير. لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور”. تسكين الغضب ومع تأكيده على أن مساوئ الغضب يدركها الجميع، يتوقف الدكتور محمد إبراهيم الفيومي أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر أمام بعض وسائل الإسلام في تسكين الغضب. ويقول: الإسلام اعتبر الغضب من أمراض النفس الإنسانية، بل ربط بين الانفعال الأحمق وسلوك الجاهل البغيض عندما قال القرآن في سورة الفتح: “إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين”، ولاشك أن الآية تشير إلى أن الغضب كثيرا ما يقود صاحبه للانفعال بالباطل والدفاع ضد الحق. وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغضب وقال لرجل جاءه يسأله عن عمل قليل فقال عليه السلام: “لا تغضب” وكررها الرسول، وفي حديث آخر قال عليه السلام: “ما تعدون الصرعة فيكم”؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرجال، فقال: “ليس ذلك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب”. كما حث الإسلام على البعد عن أسباب الغضب خاصة أمراض الكبر والمزاح والمجادلة والتعصب. وفي علاج الغضب أيضا شدد الإسلام على فضيلة كظم الغيظ ومقابلة السيئة بالحسنة، وهذا واضح في قوله تعالى: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين”، وقوله تعالى: “خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين”، وقوله تعالى: “ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن” وعن صفات المؤمنين قال الله عزوجل: “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”. ويذكّر الدكتور رشاد المسلم بأهمية التدريب على كظم الغضب على الأقل من منطلق عدم تعريض النفس لعشرات الأمراض العضوية والنفسية، كما اثبت أهل الطب، ومن منطلق عدم التنابذ والتقاطع والتشاحن. ونحن هنا نشير إلى ما أشار إليه أبو حامد الغزالي عندما وضع برنامجا إسلاميا من خمس نقاط لعلاج الغضب بعد هياجه: الأولى: أن يخوف المسلم نفسه بعقاب الله له لو أمضى غضبه. الثانية: أن يحذر نفسه من حجم العداوة والأذى والانتقام الذي سوف يقع فيه الغاضب مع أحبابه وزملائه وجيرانه. الثالثة: أن يتذكر قبح صورته عند الغضب، وحسن وجهه عند الفرح، وان يدرك ما كشفه العلماء حديثا من مساوئ الغضب ومضاره. الرابعة: أن يتعرف إلى محاسن فضيلة كظم الغيظ، وكيف أن الصمت والصبر والإحسان للناس تفوت الانفعالات وتصل الأرحام وتعيد الترابط الإنساني المطلوب. الخامسة: أن يتفكر المسلم دائما في السبب الذي يدعوه إلى الانفعال وسوف يجد أن شياطين الإنس والجن تزخرف للإنسان الغضب وتدفعه للانتقام. ولا بأس أن يسلك المؤمن في سبيل تسكين غضبه وسائل رياضية أو ترفيهية مباحة، وقد ورد في أكثر من حديث عن رسولنا الكريم ما يفيد أن حركات مثل الجلوس أو القعود أو الاضطجاع أو الوضوء بالماء البارد، كل هذا مما يفوت حالة الغضب عند هياجه. كظم الغيظ قال الله سبحانه وتعالى: “وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين. الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين” . اللجوء إلى المهدئات من أخطر ما يفعله البعض لعلاج الغضب، اللجوء إلى المهدئات التي تأكل صحة ونفسية الإنسان، وتؤدي إلى توتره على المدى البعيد، وما ننصح به الجميع هو أن يغلب الإنسان عقله في التعامل مع مسببات الانفعال، ويترك لنفسه مساحة من التأمل، ثم يبتعد عن مكان الانفعال وسببه. ووقانا الله وإياكم الغضب إلا من أجل الله وفى الله فى أمان الله
__________________
![]() مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |