|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سِفرُ الحزنْ إهداء إلى فيديريكو غارسيا لوركا " الفرحُ الحزينْ" "أكثرُ الأفراحِ حزناً أن تكونَ شاعراً كلُّ الأحزان الأخرى لا قيمةَ لها حتى الموت" مدخلْ الحزنُ نبوءةٌ لم يكنْ يوماً لأيٍّ كانْ ولكنّهُ لمنْ لم يكنْ يوماً... كنتُ قد شارفتُ على الإبتداءْ حينما طلَّ نورسٌ أسمرٌ من شرفةِ الغيمِ الورقيِّ ورقصَ لي رقصة الكلماتِ المتقاطعة ودونَ أن ألحظَ أنّي انتهيتُ منّي قبل أن أبدأ وأنّي فرغتُ من حزْمِ الفراغ في داخلي قبل أن أبدأ وأنّي امتلأتُ صدىً وصوراً تشبهني من حيثُ المبدأ انحنى مغادراً ملوّحاً : هي لحظةٌ فلتبدأ فلتنقطعْ فلتنتهي فوداعاً يا سيّدةَ الوقتِ ويا زهرة باردة يا سحابة عابرة من فوقِ الحلم لا تطيلي المكوث هنا ولا ترحلي مجدداً (2) كلُّ بيتٍ فيهِ حزنٌ وكعكٌ وقهوة كلُّ بيتٍ فيه موتٌ فيه ظلمٌ فيه برتقالْ كلُّ بيتٍ فيه زيتونٌ وكرمةُ عنبٍ ومذاقُ الحنطةِ ولونُ القمحِ وأسرارُ الزعترْ كلُّ بيتٍ فيه خيطٌ وإبرةٌ تحيكُ لي حكايتي كلُّ بيتٍ فيهِ فارسٌ قربَ مدفأتي ومفتاحي وقفل أسراري كلُّ بيتٍ فيهِ كلُّ شيءٍ وأيُّ شيءٍ ولا شيءْ كلُّ بيتٍ هناكَ كان لي ولم يكنْ (3) وجرّبتُ طعمَ البكاءِ الغزيزِ ودفءَ الشتاءْ ونعاسَ الشمسِ في حدقةِ الأفقْ وجرّبتُ معنى أن أكون هنا دون أن أكون هنا ومعنى أن أنامَ في المتنِ لأستيقظَ في الحاشية وذات مرةٍ جرّبتُ العتمة في النهارْ وصوتي في جوقةِ الخيالْ وعرقلةَ سير الذاكرة تبعاً للنظامْ جرّبتُ حصاراً داخلياً وحرباً باردة تنازلتُ فيها عن ملكيّتي لأحلامي وقصائدي التي لم تعدَ بيتَ القصيدِ وبرجوازيّتي الصغيرة وعلبة اللونينِ واللوحة البيضاءْ وجرّبتُ الجسرَ المؤدي إلى ما أريد فأنا أريدُ أن أجرّبَ الإنتماءَ إلى مكانٍ أو كمانٍ أو سماء أو حتى أغنية (4) كلّما جفّتْ بحيرةُ الداخلِ أسمعُ بكاءَ المالكِ الحزينْ وألملمُ ما تبقّى من فتاتِ الأملِ الهزيلِ وأرحلُ إلى قبّةِ الشمسِ البعيدة لأطعمَ أسرابَ الحمامِ من فتاتي لأعلّقَ ما تبقّى من حكايتي على ظهر غيمةٍ بيضاءْ فتسقطُ مثقلَةً من التعبِ ثمّ أرحلُ إلى حديقةِ الفضاء لأقطفَ نجمةً فضيّةً أزيّنُ بها شعري فتحترقُ وأحترقُ دونما دخّانْ وأرحلُ وأرحلُ إلى بيّارةِ الوجهِ المخضّبِ بذرّاتِ الحفنةِ السمراءْ وأعصرُ حُلماً وأشربُ حدّ الثمالة وأسكنُ المدينةَ الضائعة يوماً ونصفَ اليومِ ثمَّ أرحلْ ثمّ أرحلْ (5) خذني إليكَ أيّها الوطنُ الغريبُ فأنا حزينةٌ كطعمِ البرتقالْ وغريبةٌ كبيوتِ السحابِ المهاجر من سماء لأخرى وعالقةٌ في حلقِ الدخّانِ الكثيفِ الذي يلفُّ وجهكَ أيّها البعيدُ البعيدُ القريبُ خذني إليكَ طيفاً وأفقاً يعانقُ عصفوراً ملوّناً أو حمامةً حمراءَ أو ثورةً تحلّقُ عند مئذنةِ الشمسْ فكلّما ضاقت بكَ الأرضُ بما رَحُبتْ بي السماءْ اكتبني واسمي زرقاوينِ شفافينِ على وجهِ غيمةٍ ثقيلةٍ وانتظرني حتى أهطلَ إليكْ (6) إذا ما سألَ اللونُ الرماديُّ عنّي لأنّي تغيّبتُ كثيراً عن مكاني في اللامكانْ إذا ما سألتْ عقاربُ الساعةِ الواقفة عنّي لأنّي ضيّعتُ كثيراً من اللاوقتِ في الوقتِ إذا ما سألَ قلمُ الرصاصِ والغيمةُ الورديّةُ والمقعدُ الخشبيُّ عنّي إذا ما سألَ الماءُ الملوّنُ والهواءُ المعلّبُ والشبّاكُ الأزرقُ عنّي أخبروهم بأنّي أفقتُ ذاتَ صباحْ فألفيتني عصفوراً وبي رغبةٌ فطريّةٌ للطيرانْ أخبروهم بأنني لم أكُ حقاً صاحبةَ القرارْ ولكنَّهُ من كان صاحبي وأخبروهم بأنّني حلّقتُ مطوّلاً دونَ أجنحةٍ ثمَّ سقطتُ على حزنِ وطني وموتهِ ولم أمتْ لأنَّ الحزنَ يحييني (7) عدني عدني أيّها الحزنُ أن ترسمَ وطني على يدي فتشربُ الطيرُ من دمعهِ عدني أن تمسحَ الدمَ المتراشقَ عن عينهِ التي بقيتْ وأنْ تحملَ عيني الأخرى إليهِ علّي أراهُ كما أشتهيه كما أشتهيه كما أشتهيه |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |