|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
أنواع القواميس باعتبار الترتيب
أنواع القواميس باعتبار الترتيب سليمة عالاة كما لا يخفى على أي قارئ أن القواميس أنواع عدَّةٌ، تختلف وتتباين باختلاف القضايا والأسس الثلاثة التي تنبني عليها، وهي المادَّة والترتيب والتعريف، ولا شك في أن قضية الترتيب في القواميس القديمة بنوعيها العامَّة والخاصَّة، من أهمِّ القضايا التي استأثرت باهتمام العلماء قديمًا وحديثًا؛ ممَّا يجعلنا نتساءل: ما المقصود بالترتيب؟ وما أنواع القواميس باعتبار الترتيب؟ يُقصد بمصطلح الترتيب: "الطريقة التي عالج بها المعجميون القدماء، تنظيم مادَّتهم المُعجمية "[1]. وقبل الوقوف على مسألة أنواع القواميس باعتبار الترتيب، لا بد من أن نشير إلى رأي المحْدَثين من علماء القواميس في هذا الجانب، فالدكتور "علي القاسمي" يرى أن هناك ثمانيةَ أنواع من الترتيبات في القواميس، فيقول: "إن استقراءنا للمنهجيات المختلفة لترتيب المداخيل... دلَّ على وجود ثمانيةِ أنماطٍ رئيسةٍ، لا ثلاثة أو أربعة كما ذهب إليها من سبقنا، وهي: الترتيب العشوائيُّ، الترتيب المبوَّب، الترتيب الموضوعيُّ، الترتيب الدلاليُّ، الترتيب النحويُّ، الترتيب الجذريُّ، الترتيب التقليبيُّ، الترتيب الهجائيُّ"[2]. ولكن القواميسَ في رأي أغلب المُحْدَثِين ينقسم باعتبار الترتيب إلى قواميسَ تعتمد على صنفينِ من الترتيب: 1ـ الترتيب الخارجيُّ للمداخل: ويسمَّى بالترتيب الأكبر، ويَتِمُّ ذلك باتِّباع طريقة من طرائق الترتيب القائمة على الحروف الهجائية أو غيرها، يقول الدكتور "رشاد الحمزاوي": "وهذا الموضوع مرتبطٌ بقضية الترتيب الذي دارت معاركُه فيما مضى حول الترتيب الصوتيِّ، والأَلِفبائيِّ، وبحسَب أواخر الحروف في العربية، وبحسب اللواحق لأسباب معجمية بحتة"[3]؛ لهذا فإن المُتَّفق عليه بين المعاجم العربية القديمة منذ نشأتها الأولى، حسَب الدكتور "محمد أحمد أبو الفرج" هو: "اتخاذها أصلَ الكلمة أساسًا تُورَد تحته باقي المشتقَّات، كأعرب، واستعرب، وعربي، التي توجد تحت جذر (ع ر ب)، لكنها تختلف بعد ذلك في كيفية ترتيب ألفاظها"[4]، وهذا النوع من الترتيب الداخليِّ ينقسم إلى صنفين: أولهما ـ وهو أقدمها ـ هو الترتيب المَخرجيُّ: أي بحسب مخارج الحروف الصوتية، وقد ظهر هذا أول ما ظهر مع "الخليل" في معجمه "العين"، ولم يُعَمِّرْ بعدَه طويلًا؛ إذ انتهى اعتمادُه في منتصف القرن الخامس بظهور معجم "المحكم والمحيط الأعظم" لابن سِيدَه". ثم إن المعاجم المعروفة بالترتيب المخرجيِّ لا يتجاوز عددُها الخمسةَ وهما: "العين للخليل"، "البارع في اللغة للقالي"، تهذيب اللغة للأزهري"، "المحيط لابن عباد"، والمحكم لابن سيده". ثانيهما: الترتيب الأَلِفْبَائي العادي: بحسب تتابع حروف الهجاء على التصنيف الذي وضعه "نصر بن عاصم الليثي"، وهذا النوع من أكثر الأنواع انتشارًا، وهو ينقسم إلى ضروب كثيرة، أهمُّها: أولها وأهمها: هو ترتيب المداخل تحت الحرف الأول مُعَرَّاةً عن الزوائد فيها، وقد اشتهرت من هذا النوع معاجم كثيرة، أهمُّها: "كتاب الجمهرة في اللغة لابن دريد"، "المجمل والمقاييس لابن فارس"، "المنتهى في اللغة للبرمكي"، "أساس البلاغة"[5]. ثانيها: ترتيب المداخيل بحسب الحرف الأول أيضًا، ولكن دون تعرية الكلمة من الزوائد، وفي هذا الصدد يقول الدكتور "إبراهيم بن مراد": إن هذا النوعَ من الترتيب لم يَشِعْ في المعاجم العامة – خاصة الكبرى منها – بل كان ذا حظٍّ من الاستعمال في المعاجم المختصَّة، مثل الجزأين المخصصين لأسماء النبات من كتاب "النبات لأبي حنيفة الدينوري"، وكتب غرائب القرآن والحديث، وبعض المعاجم العلمية المختصة[6]. ثالثها: ترتيب المداخل تحت الحرف الأخير منها، ويسمى بنظام التقفية، وقد اشتهرت بهذا النوع معاجم منها: "تاج اللغة وصحاح العربية للجوهري"، و"العباب الزاخر واللباب الفاخر للصغاني"، و"لسان العرب لابن منظور"، و"القاموس المحيط للفيروزآبادي". والنوع الثالث من الأنواع التي تندرج في الترتيب الخارجي هو الترتيب الأبجدي، وقد ظهر في بعض المعاجم العلمية المختصة، وخاصة في معاجم الأدوية المفردة[7]. 2ـ أما الترتيب الداخلي: ويسمى بالأصغر، فيتم باتباع ترتيب خاص للمعلومات في المدخل الواحد[8].وهذا النوع من الترتيب لم يكن ملتزمًا في المعاجم العربية القديمة، ولكنه صار ملتزمًا بنسب متفاوتة في المعاجم الحديثة جميعها، ولعل أفضلها المعجم العربي الأساسي[9]، وقد أشرنا فيما سبق إلى الترتيب الخارجي لدى المعجميين العرب، ووجدنا أنه قام على عدة أنظمة هي: النظام الصوتي والتقلبات، ونظام القوافي، والنظام الألفبائي، ورأينا أن عناية القدماء به كانت كبيرة وتعد الأساس الأول الذي قامت عليهم معجماتهم. أما إذا انتقلنا إلى الترتيب الداخلي للمداخل، فهو كما قلنا أقل حظًّا وانتشارًا عند القدماء، خصوصًا في "العين" للخليل، و"القالي في البارع" و"ابن دريد في الجمهرة"؛ إذ "يلاحظ عندهم" خلط الأسماء بالأفعال، والمجرد بالمزيد، ولعل عذرهم في ذلك أن اللغة العربية لغة اشتقاقية، وهذا ما دفعهم إلى جعل أصل المادة اللغوية أساسًا للبحث عن الكلمات التي تشتقُّ من ذلك الأصل[10]. ونجد "ابن سيده" في المخصص قد التزم بهذا الترتيب وإن لم يفِ به وفاء تامًّا، لكنه حاول أن يرتب الكلمات ترتيبًا داخليًّا مقبولًا كتقديم المجرد على المزيد، والفعل على الاسم، والأمر نفسه فعله "الفيروزآبادي" في معجمه، إذ فصل معاني كل صيغة عن الأخرى، وقدَّم الصيغ المجرَّدة على المزيدة، وأخَّر الأعلام، لكنه رغم ذلك لم يسلم من نقد "ابن فارس الشدياق" في معجمه "الجاسوس على القاموس"؛ إذ خصص له بابًا من أبواب كتابه، نقدَ فيه ترتيبَه الداخليَّ، فقال: "ومن خلله أنه لم يذكر المشتقات باطِّراد وترتيب، فيخلط الأفعال بالأسماء، والأصول بالمزيدات، والأولى تمييز بعضها من بعض"[11]. [1] ـ المتن اللغوي في المعجم العربي، دراسة في كيفية المعالجة، د.حيدر جبار عدنان، مجلة اللغة العربية وآدابها، العدد السادس، 2008. [2] ـ المعجمية العربية بين النظرية والتطبيق، علي القاسمي، ص48. [3] ـ من قضايا المعجم العربي بالأندلس، محمد رشاد الحمزاوي، ص158. [4] ـ المعاجم اللغوية الحديثة في ضوء علم اللغة الحديث، محمد أحمد أبو الفرج، ص40. [5] ـ المعجم العربي المختص حتى منتصف القرن الحادي عشر الهجري، إبراهيم بن مراد، ص107. [6] ـ المصدر نفسه. [7] ـ المصدر نفسه، ص108. [8] ـ المتن اللغوي في المعجم العربي، دراسة في كيفية المعالجة ، د. حيدر عدنان، مجلة اللغة العربية، العدد السادس، 2008. [9] ـ صناعة المعجم الحديث، د. أحمد مختار عمر، ص98. [10] ـ المتن اللغوي العربي، دراسة في كيفية المعالجة، د. حيدر عدنان، مجلة اللغة العربية، العدد السادس، 2008. [11] ـ الجاسوس على القاموس، ابن فارس الشدياق ، ص
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |