الصوم والصحة النفسية .. علاج الإدمان والاكتئاب

[ابوالوليد المسلم]

الصوم والصحة النفسية .. علاج الإدمان والاكتئاب
هناء المداح


كما أن للصوم فوائد جمة لصحة أجهزة الجسم كلها، له أيضًا فوائد وآثار إيجابية عديدة على صحة الإنسان النفسية، ودور كبير في ضبط انفعالاته، وتهذيب وتقويم سلوكه.
يشير الدكتور أحمد هارون مستشار العلاج النفسي، وعلاج الإدمان؛ إلى أن هناك العديد من الدراسات التي تناولت سُبل؛ ومجالات الهداية في النفس البشرية، وتأثير الصوم على الصحة النفسية للأفراد، وتقليل الانفعالات، وتهذيب الدوافع وغيرها من الخصال النفسية الحميدة.
وتابع هارون أن خصالا نفسية معينة قد تم تعديلها بفضل الصيام، وقد وصلت لدرجة معينة من التحسن، مما جعل الأمر بحاجة إلى المزيد من البحث، حتى كانت آخر الدراسات التي أثبتت وجود معايير علمية في الصيام لاعتباره برنامجًا علاجيًا محدد الهدف، والمدة، ومحدد الفرص، والوظائف، وعليه يتم اعتباره من أفضل البرامج العلاجية لتعديل السلوك.
وأضاف: إن إيقاع الحياة السريع والمتزايد في الأهداف، والإنجازات، مع تلاحق النجاحات، والإخفاقات؛ يجعل الفرد مسلسلاً بمزيد من مشاعر التوتر والقلق الذي إذا ما استمر خلق شيئاً من الشعور بالكآبة، ثم الاختلال المزاجي، الذي يعقبه الإصابة بأي من اضطرابات القلق العام كالاكتئاب، أو الوساوس أو غيرها.
زيادة الثقة وارتفاع التفاؤل:
وقال مستشار العلاج النفسي: من هنا كانت الحكمة في تغيير مسار اليوم، وتعديل سلوك الفرد فيه في إطار جماعي مشترك، لاكتساب الفرد مقومات صحية، ونفسية جديدة، كفرص جديدة لبث روح التجديد في إطار اليوم، والالتزام بمواعيد محددة لوجبات ثابتة كالسحور، والإفطار، إضافة إلى الانخراط في تقاليد اجتماعية، وأخرى دينية روحية من شأنها زيادة الثقة في النفس، وارتفاع معدل التفاؤل، والأمل، وتعديل سلوك جديد في نفوس الأفراد ذوي الظن السيئ المتشائمين المعتادين على روتين يومي يعيق تجدد الحياة في عروقهم النفسية.
من جانبها قالت استشارية الطب النفسي بمؤسسة حمد الطبية في قطر الدكتورة سهيلة غلوم: إن الصيام له فوائد نفسية لا تحصى على الفرد، أهمها: أنه يحد من بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب، والقلق، والأرق، فهو حافز يولد القدرة على تحمل ضغوط الحياة، ومواجهتها؛ مما يؤدي إلى الاستقرار النفسي.
وأوضحت أن الصيام وممارسة العبادات في شهر رمضان، وما ينتج عنه من تقارب، وتواصل اجتماعي خاصة في فترة الإفطار، والسحور، وكذلك أداء صلاة التراويح وسط الآخرين؛ يبعد المريض عن عزلته، ويبدأ نوعًا من التفاؤل، والأمل، مما يجعله يفكر بشكل إيجابي حول ذاته والآخرين.
وأشارت غلوم إلى أن هناك 6% من سكان العالم يعانون من الاكتئاب، أي ما يعادل 350 مليون شخص من كل الفئات العمرية، وقد أكدت بعض الدراسات العلمية أن الصيام يخفف من حدة أعراض الغضب، والقلق، والأرق؛ التي قد تظهر على بعض الصائمين.
وبينت أن أداء العبادات، وقيام الليل خلال شهر رمضان المبارك؛ يشعر الصائمين براحة البال، وذلك لأن الصيام يقوي مناعة الصائمين ضد الضغوط النفسية نتيجة مشاق الحياة، وصعوباتها.
المساعدة في علاج الإدمان:
وأشارت إلى أن الدراسات النفسية والطبية أكدت أثر الصيام في علاج المرضى الذين يخضعون لعلاج من الإدمان، مؤكدة أن الصيام يهذب النفس، ويرتقي بها؛ مما له تأثير على طريقة التفكير، والتدبر في الأمور، وذلك ينعكس إيجابًا على النفسية، كما أن الصيام يعطي الفرد قوة إرادة للتغير نحو الأفضل.
وتقول الخبيرة النفسية سهام حسن: إن الصوم جنة يهدينا إليها الرحمن لإصلاح الجسد، وتهذيب النفس، وقد انهالت الأبحاث العلمية لإثبات فوائد الصيام الصحية، وعلاج بعض أمراض الكبد، والقولون، والسكر وغيرها، كما أثبتت العديد من الدراسات الحديثة فوائد نفسية كثيرة للصوم إذ يربي النفس، ويهذبها، ويساعد في تكوين الشخصية، وجعلها شخصية تتحمل المسئولية، وتتحمل الصبر، والمشقة.
وأضافت سهام أن الصيام يعطى للشخص فرصة يفكر في ذاته، وعلاقته بالله، فطوال العام عمل، وانشغال بأمور دنيوية، وبُعد عن ربه، إضافة إلى أنه يؤدى إلى حفظ التوازن، والثبات الذي يسعى إليه الإنسان دائمًا للارتقاء بذاته.
وتابعت الخبيرة النفسية أن الصيام ينمى قدرة الشخص على التحمل، والصبر، وقوة الإيمان من صوم، وصلاة، وتلاوة القرآن، كما أنه يجعل الشخص يسيطر على شهواته، وملذاته، ويضبط انفعالاته، ويراقب تصرفاته.
وأضافت: إن الصيام يؤدى بالشخص إلى الإحساس بالتواضع، وكسر الشعور بالغرور، والتكبر، ويعمق إحساسه بمن هو أقل منه، ويدفعه إلى الخشوع، والاتجاه الصحيح إلى الله، وهو ما يعزز إيمان الإنسان، ويقوى عقيدته.