عصبيتي تجاوزتْ كل الحدود

[ابوالوليد المسلم]

عصبيتي تجاوزتْ كل الحدود
أ. عائشة الحكمي



السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عصبيَّة جدًّا جدًّا، بشكلٍ غير طبيعي تجاوَز كلَّ الحدود.

وصل بي الحال إلى أني أضربُ نفسي وأبكي، وأكسرُ بعض أثاث البيت! لا أتحمَّل أي نقاش مع زوجي، حتى لو كان بسيطًا، وسرعان ما يتحوَّل إلى صراخٍ في وجْهِه!

زوجي يتحمَّلني كثيرًا، لكن ذلك لن يدومَ ولن يستمر! كيف وقد أصبح يقول لي: أنتِ مجنونة؟! وحينها أصرخ في وجهِه بصوتٍ عالٍ، وأطردُه من البيت، وابني الصغير يبكي كثيرًا بسبب الخوف!

لم أكنْ هكذا مِن قبلُ، بل كنتُ مُسالمةً وهادئةً، ولا أعلم ماذا جرَى لي، أنا أغار على زوجي جدًّا، وأُراقبه، حتى أصبحتْ حياتي مُراقبةً فقط، وتزداد مشكلتي حينما أصدِّق أي شيء أشعر به، وهو غير صحيح، علمًا بأنني مُتزوجة مِن رجلٍ مُتزوِّج ولديه أولاد، وقد جنيتُ على نفسي للأسف!

أنا أُعاني جدًّا مِن هذه الأمور، وأشعر بأني سأموت يومًا ما بسبب عصبيتي، أو سوف أجنُّ على الأقل!

لا أريد حُلولًا كنصائح؛ لأني حاولتُ كثيرًا ولم يُجْدِ أي حلٍّ نفعًا، أريد علاجًا كحبوب مهدِّئة، أو غير ذلك، أريد أن أُشفَى مما أنا فيه، أريد أن أشعر بأنَّ أعصابي هادئة، ولا يهزني شيءٌ، أرجوكم صِفُوا لي علاجًا يريحني؛ فأنا في أَمَسِّ الحاجة إليه.


الجواب:

بسم الله الموفِّق للصواب

وهو المستعان

أيتها العزيزة، يختلف دَوْر المستشار النفسي في المواقع الاجتماعية على الإنترنت عن دَوْره داخل مكتبِه في المستشفيات، أو المراكز النفسية التي يعمل فيها، فإن أردتِ دواءً أو أسلوبًا علاجيًّا يُلائم حالتكِ النفسية؛ فتوجَّهي - فضلًا - إلى الأطباء أو المُعَالِجين النفسيين، والمختصِّين في العلاج السلوكي المعرفي، في أقرب عيادة أو مركز في المنطقة التي تعيشين فيها.

أما في الألوكة، فلا نملكُ سِوى النصح والإرشاد الذي لم ينفعْكِ!

ومِن وصْفكِ لحالتكِ؛ فأنا أميلُ إلى كونكِ شخصية حديَّة؛ مِن أجل ذلك أدعوكِ إلى النظر في استشارة: "علاج للاضطرابات الشخصية"، واستشارة "عصبيتي جعلتني سيئة"، ففيها بعضُ اللُّمَع الإرشادية المفيدة لمن يُعاني من آثارِ الشخصية الحديَّة على عَلاقته بالآخرين! كما قد أجابتِ الدكتورة القديرة "شروق الجبوري" عن بعض الاستشارات التي تُعالج مظنة سؤالك مثل: "عَلاقاتي سيئة مع الناس بسبب عصبيتي"، واستشارة "لا أستطيع السيطرة على انفعالي وعصبيتي"، فأرجو أن تستفيدي منها عبر التطبيق والعزيمة الصادقة وليس مجرد القراءة!

أما زواجكِ من رجلٍ متزوِّج، فهذا اختياركِ أنتِ، وينبغي أن يتحمَّل كلُّ امرئ تبعاتِ اختياره، وأظن أنكِ قد بلغتِ من العمرِ ما يكفي لأن تُعِيدي النظر في طريقة تعامُلكِ مع زوجكِ، وأن تتصرَّفي بحكمةٍ مع زوجٍ له امرأة أخرى تألمتْ كثيرًا ليلةَ زفافِكِ إلى زوجِها!

والحكمةُ شيءٌ لا أستطيع أن أعطيه لأي شخص كائنًا مَن كان؛ لأنها رزق مِن الله، "وأحْسَنُ ما قيل في الحكمة قول مجاهد ومالك: إنها معرفة الحق، والعمل به، والإصابة في القول والعمل، وهذا لا يكون إلا بفهم القرآن، والفقه في شرائع الإسلام وحقائق الإيمان"؛ ["مدارج السالكين"؛ لابن القيمٍ].

وعسى الله أن يرزقكِ وزوجكِ الحكمة، وحُسْنَ الصُّحبة، وأنتِ وإياه في أصلح حال، وأنعم بال، اللهم آمين.

والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين