أبي لا يهتم بنا

[ابوالوليد المسلم]

أبي لا يهتم بنا
أ. يمنى زكريا


السؤال

♦ ملخص السؤال:
فتاة تعيش مع أسرتها، ووالدُها يعامل أمها معاملةً سيئةً، والفتاةُ تأثرتْ بشدة مِن والدها، وكرهت الزواجَ، وترفُض كلَّ مَن يتقدَّم لها، وتسأل: ماذا أفعل تجاه والدي؟ وماذا أفعل لكني أحمي أمي وإخوتي من أبي؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة في بداية العشرين مِن عمري، أعيش وسط أسرة شبه مفككة، والدي متحجّر القلب، يُعامل والدتي وأولاده بقسوةٍ، ويفضّل إخوته علينا.

كنا ميسوري الحال في بداية الحياة، لكن والدي ترَك العمل، ويرفض أن يعمل نهائيًّا، فافتقرنا، ويلُقي والدي اللومَ علينا، ويقول: أنتم سببُ الفقر الذي أعيش فيه، ولا يحمد لله على شيءٍ.

أبي يضرب والدتي، ويشتمها ويهينها أمامنا، وقد حاولتُ إقناع والدتي بأن تتركه، لكنها ترى أنه لا يوجد لها سنَد في الدنيا، فإذا تركَتْهُ فسيزداد الحال سوءًا!

حاولتُ كثيرًا الحديث مع والدي، لكنه يرمي التهمة على أمي، مع أني أرى أنه هو المخطئ، وأمي تُحاول الحفاظ على البيت والأولاد بأِّي سبيل.

أنا أكبرُ إخوتي، ولديَّ إخوة أصغر مني، ولا يهتم بهم، بل يهملهم، ولا يريد أن يُنْفِقَ عليهم.


تقدَّم لخطبتي شابٌّ ووالدي رفَض بدون سبب، ولا يهتم بأمري، مما تسبَّب لي في أزمةٍ نفسيةٍ شديدةٍ، حتى إنني كنتُ أحبس نفسي في غرفتي بالأسابيع لأبكي.


أصبحتُ أرفض كلَّ مَن يتقدَّم لي، كرهتُ أبي والرجال بسبب سُوء المعامَلة، وأخشى أن أرتبطَ بشخصٍ يكون كوالدي، فأذوق الذُّل مِثْل أمي.

الجواب

أُرَحِّب بك أختي الكريمة في شبكة الألوكة، سائلين الله أن يُعينك، وأن يُعيدَ السكينة والهدوء لبيتك قريبًا - إن شاء الله.


أختي الحبيبة، لا أحد يملك أن يختارَ والديه، ولكننا نملك وسائلَ أخرى تُعيننا على تحسين الأوضاع بقدْر المستطاع، منها:
الدعاء لهما بأن يُصْلِحَ الله بينهما، وأن يُصْلِحَ حال والدك، وأن يرزقَ أمك الصبر.

تحدَّثي معهما حبيبتي، ولكن كل طرف على حدة، حاولي التقرُّب من الوالد، وحاولي تصحيحَ بعض مفاهيمه وبعض تصرُّفاته، وذكِّريه بالقوامة، وأنه هو قائد الأسرة والمسؤول عنها، وذكِّري الوالدةَ بأن الزوجة هي دائمًا الطرف الأسرع في الإصلاح والتواصُل، وساعديها على احتساب الأجْر عند الله.

لا تستسلمي أبدًا، فقد تطولُ فترة العلاج؛ لأنَّ فترة المرض طالتْ؛ فاستعيني بالله، ولا تتعجَّلي النتيجة.

التفتي لنفسك، وأعيدي تنظيمَ وقتك، وكوِّني علاقات طيبةً مع الصديقات الصالحات.

لا ترفُضي فكرة الزواج، فإن جاء مَن ترتضين دينه وخُلُقه فاستمري في الموضوع، وكلي ثقة بأنه وقتما يكتب الله لك الزواج فستنجحين في إقامة بيت ناجح مع زوجك، تكون فيه العلاقةُ قائمةً على التوافُق والتفاهُم، ولا تعمِّمي أبدًا فكرتك السيئة عن الرجال.

لا تنسَيْ أختي الغالية أننا مطلوب منا بِر والدينا والإحسان إليهما مهما فعلوا، والصبر على أذاهما؛ فهما باب للجنة؛ ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [البقرة: 83].

أيضًا أريدك أن تنظري للموضوع بنظرة أشمل، ولا تضعي كل اللوم على الوالد، فقد تكون هناك تصرُّفات صدرتْ مِن الأم ترتَّبَتْ عليها تصرفاتُ والدك، فإن كان كذلك فساعديها على تجنُّبِها.


وأخيرًا أسأل الله الكريم أن يُوَفِّقَ بين والديك، وأن يعينك على رأْبِ الصَّدْع

وأن يرزقك برَّهما، ويرزقك الزوج الصالح