|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ماذا أفعل أ. أريج الطباع السؤال أنا أُعاني من الاكتِئاب من سِنين طويلةٍ، ذهبتُ إلى الأطبَّاء لكن بدون أية نتيجة، أخاف من كلِّ شيء، أرغبُ دائمًا في البكاء، في البيت أشعُر بوحدة قاتلة رغم أنَّ كثيرًا من النَّاس حولي. أكره الزَّواج أو أن تكون لي أي صلةٍ بالرِّجال، دائمًا حزينة، الحُزْن الذي بِداخلي ينغِّص عليَّ حياتِي. أرجو منكم أن تُساعدوني. الجواب عزيزتي، معلومات كثيرة لا زالت غامضة باستِشارتك، فلم تُضَمِّنيها عمرَك أو ظروفَك التي أوْصلتْك لهذا الحدِّ من الألم، فهلاَّ شاركتِنا بها. من بين سطورك لمستُ أثرَ صدمةٍ مررْتِ بِها في حياتك، هي التي تدفعُك لهذا الحزن، وأعتقِد أنَّ لها صلةً بالرِّجال عمومًا، وبالزَّواج بشكْل خاصّ. فهل أنت واعيةٌ لهذه الصدمة وتكتمينَها بداخلك؟ أم أنَّ آثارها ضبابيَّة، انعكستْ حزنًا بِحياتك وألمًا، دون أن تتوضَّحي معالمَها أو أسبابَها؟ ربَّما يهتم الأطبَّاء بالأعراض التي تُعانينها، وقد يصِفون لك من الدَّواء ما يساعدك، لكنَّك بحاجة لمساعدةٍ أعمق من هذا، أنت بِحاجة للتَّصالُح مع نفسِك وفهمها وطمأنتها، فهي تستحقُّ منك ذلك. فاطمة، أنت - وحْدَك - مَن تَملكين أن تَخرجي ممَّا أنت فيه؛ بلجوئك إلى الله وثقتك به. أثِق أنَّك تعلمين أنَّ ما أصابنا لم يكن ليُخْطئنا، وأنَّ الله - تعالى - قدَّر لنا من المصائب ما يُمكننا احتمالُه لو لجأنا إليْه، بل ربَّما من حكمة الله ورحْمته أنَّه يقرِّبُنا إليه بالابتِلاء؛ حتى لا نأمن الدُّنيا ولا نَرْكَن إليْها. لا أعرف إن كنتُ قادرةً على مساعدتِك للخروج من هذا الألم الذي تعيشينه، لكن لا بدَّ لك من الشَّجاعة لتواجهي ما مرَرْت به في حياتك، وأثَّر عليْك بهذا الشكل. ويُمكنني أن أقف معك - لو أردتِ - لأُشاركَك الحدث مجدَّدًا، ونُحاول أن نفكِّر فيه بطريقة تخفِّف من أثرِه على نفسك. صدِّقيني لو كانت الحياة ستصْفو لأحدٍ، لصَفَت لأنبياء الله وأحبابِه، لكنَّهم أكثرُنا ابتلاءً، أليس كذلك؟ المهمُّ أن نفهم رسائلَ القدر، وما أراده الله لنا من اتِّباع منهجه والسير على هُداه، وألا نجعل للشَّيطان عليْنا سبيلاً أو مدخلاً، مهما كان حزنُنا أو مبلغ ألَمِنا، فقدْ نَخسر دُنْيانا أحيانًا، لكنَّنا بالتَّأكيد لن ندْفع ثَمنها من دينِنا وآخرَتِنا. هناك، حيث تصْفو نفوسُنا من الأكْدار والأحزان، حيثُ يقول أهل الجنَّة مستبْشِرين: {وَقَالُوا الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ المُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لاَ يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلاَ يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 34، 35]. لذلك قاومي أحزانَك، وابْحثي عن أسبابِها حتَّى لا تغْلبك، واستعيذي بالله، والْجَئِي إليه؛ ليساعدك على تَجاوُزها، فحينما نشعُر بعجْزِنا وضعْفِنا، نبحث عن القوَّة الكبرى الحقيقيَّة التي تُعينُنا على تَجاوُز ما نعانيه، ووحْده الله - تعالى - القادر على ذلك بعظمته وجلاله. فأكثري من الدَّعوات والْجَئي لله بصدْق، وثقي أنَّه مَن صَدَق مع الله صدَق الله معه، وأنَّه من اتَّقاه رزقه من حيثُ لا يحتسب، وأبدله من همِّه فرجًا. وأكثري من دعوات الكرْب والحزن، وممَّا وردَنا منها: ((دعوة ذي النُّون، إذ دعا وهو في بطْن الحوت: لا إلهَ إلا أنت، سُبحانك إني كنتُ من الظالمين، فإنَّه لم يدْعُ بِها رجلٌ مسلم في شيءٍ قطُّ إلا استجاب اللهُ له))؛ أخرجه الترمذي. وأخرج أحمد في مسنده من طريق عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ما أصاب عبدًا قطُّ همٌّ ولا حزن فقال: اللَّهُمَّ إنِّي عبدك، ابن عبدِك، ابن أمتِك، ناصيتي بيدِك، ماضٍ فيَّ حُكْمك، عدْل فيَّ قضاؤك، أسألُك - اللهم - بكلِّ اسمٍ هو لك، سمَّيتَ به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقِك، أوِ استأثَرْت به في علم الغيب عندك، أن تَجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدْري، وجلاء حزني، وذَهاب همِّي وغمِّي، إلا أذهب الله همَّه وغمَّه، وأبدله مكانَه فرجًا))، قالوا: يا رسول الله، ألا نتعلَّمهُنَّ؟ قال: ((بلى، ينبغي لِمن سمِعهنَّ أن يتعلمهنَّ)). اربطي نفسَك بالقرآن، واجْعلي لك وردًا تَهرُبين إليه، فيضفي على نفسِك الهدوء والرَّاحة، وحبَّذا لو استمعتِ إليْه بصوتِ مقرئٍ نديٍّ يُساعدك على الخشوع والتدبُّر بِمعانيه. ابحثي عن نفسِك، وعمَّا حباك الله به من قدرات فاغتنِميها، وتَجنَّبي ما تُعانينه من ثغرات تُعِيقُك عن الانطلاق والتحرُّر، ممتعةٌ رحلةُ كشْف الذَّات هذه، جرِّبيها وستجدين بنفسِك المتعة والتحمُّس للانطلاق - بإذن الله. لا ترْكَني للسلبية والبعد عن الناس، بل اجعلي لك جدولاً تُعيدين به تنظيمَ حياتِك وتَرتيبَها من جديد بطريقة تدريجيَّة، ابدئي بالنهوض باكرًا ولا تنسَيْ أذكار الصَّباح والمساء، اقرئِيها مستشعرةً معناها. افتحي الشبَّاك واستنشِقِي عبيرَ الهواء المنعِش، تأمَّلي الكون وعظمة الله بخلْقِه، وتفكَّري بقوْلِه تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2]، اربطيه بِحياتِك، فكلُّ ما مرَّ ويمرُّ بِك من تقدير الله، وعليْكِ أنت فهمُ رسائل القدَر واغتِنامُها لتكون سبيلَك للجنَّة - بإذن الله. ثقتُنا بالله، ورضانا عن قدَرِه، ولجوؤُنا له، كلُّ ذلك يُساعِدُنا لنتخطَّى ما نُعانيه من مِحَن وابتلاءات بشكْلٍ يزيدنا قربًا منه وإيمانًا. لا شكَّ أنَّك كغيرك من الناس تطمحين للكثير بِحياتك، وإن غطَّاها الحزن أو دفَنَها، لكنَّها - ولا شكَّ - باقيةٌ بِداخلك كأحلامٍ تنتظِر منك أن تَحْنِي عليْها وتُساعديها لتتحقَّق، فابدئي برحلة البَحْثِ عن أَهْدافِك واربطيها جميعًا بِهدفك من الحياة، وبالهدف الأسْمى الذي نسعى له طامعين بجنَّة الله ورضاه، وبالسَّعادة الحقيقيَّة التي نقطفها جرَّاء سعْيِنا هذا. ابدئي من اللحظة، وإن رأيت حزنَك يداخله صدمةٌ لا زالت غير واضحة المعالم، أو عجزت عن تَجاوزها وحدك، فإنَّه بالتأكيد تهمُّنا مساعدتُك على تَجاوُزِها. بانتظار المزيد من التَّوضيح - بإذن الله. وفَّقك الله وأسعدك، وملأ قلبَك بالرضا واليقين به.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |