تفسير سورة الكوثر - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4957 - عددالزوار : 2061897 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4533 - عددالزوار : 1330651 )           »          ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 60 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 73 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-12-2020, 09:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,695
الدولة : Egypt
افتراضي تفسير سورة الكوثر

تفسير سورة الكوثر


محمد حباش



فضل السورة:
عن أنس قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهُرِنا إذ أغفى إغفاءةً، ثم رفع رأسه مُتبسِّمًا، فقلنا: ما أضحَكَكَ يا رسول الله؟ قال: ((أُنزلتْ عليَّ آنفًا سورةٌ))، فقرأ: ((بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 1 - 3]))، ثم قال: ((أتدرون ما الكوثر؟))، فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه نهرٌ وعدَنِيهِ ربِّي عز وجل، عليه خيرٌ كثيرٌ، هو حوض تَرِدُ عليه أمَّتي يوم القيامة، آنيتُه عددُ النجوم، فيُخْتَلج العبدُ منهم، فأقول: ربِّ، إنه من أمَّتي! فيقول: ما تدري ما أحدثَتْ بعدك))؛ رواه مسلم.

وعن ثوبان، أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إني لَبِعُقْرِ حوضي أذُودُ الناس لأهل اليمن، أضرب بعصاي حتى يرفضَّ عليهم))، فسُئل عن عَرْضه، فقال: ((من مَقامي إلى عَمَّان))، وسُئل عن شرابه، فقال: ((أشدُّ بياضًا من اللَّبن، وأحلى من العسل، يَغُتُّ فيه مِيزابان يَمُدَّانه من الجنة، أحدُهما من ذهب، والآخر من وَرِقٍ))؛ رواه مسلم.

سبب نزول السورة:
عن ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف (مكة)، أتوه فقالوا له: نحن أهلُ السقاية والسِّدانة، وأنت سيدُ أهل (المدينة)، فنحن خيرٌ أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، يزعم أنه خيرٌ منَّا؟ قال: بل أنتم خيرٌ منه، فنزلت عليه: ﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]، قال: وأنزلت عليه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ * وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 44، 45]؛ صحيح السيرة النبوية.

مقصود السورة:
الغرض من هذه السورة تفضيل أمر الآخرة على أمر الدنيا، كما قال تعالى:﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46]، وقد فضَّل الله في هذه السورة ما أُعطيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم من ذلك، على المال والولد الذي يتفاخر الناس به، ويحرصون عليه؛ ولهذا أمره الله بالصلاة، وببذل المال في النَّحْر لإطعام المساكين؛ شكرًا لله سبحانه، وألَّا يحزَُنه الذي يقوله أعداؤه؛ لأن العاقبة له ولدينه.

تفسير السورة:
﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]: قُدِّم الضمير "إنَّا" على الفعل "أعطيناك" من أجل الاهتمام والاختصاص؛ اهتمام بالمعطَى، وهو الكوثر، واختصاص بالمعطي، وأنه سبحانه هو وحده الذي أعطى، وبالمعطى له، وهو رسولنا صلى الله عليه وسلم، وجاء الفعل بلفظ الماضي الدالِّ على التحقيق، وأنه أمرٌ ثابتٌ واقعٌ، فإعطاء الكوثر سابقٌ في القدر، حين قدَّر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض.

قيل: هناك فرقٌ بين الإعطاء والإيتاء، فقد قال سبحانه: "أعطيناك" ولم يقل: "آتيناك"؛ لأن الإعطاء تمليكٌ، والإيتاء ليس كذلك، والذي يظهر من النص القرآنيِّ أنه لا فرق بينهما؛ لقوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ [الليل: 5]إلى أن قال: ﴿ وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ﴾ [الليل: 17، 18].

﴿ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]: قال أهل اللغة: الكوثر: فَوْعَل من الكثرة، كنَوْفَلٍ: فَوْعَل من النفل، والعرب تُسمِّي كل شيء كثيرٍ في العدد أو كثير في القدر والخطر كوثرًا، والذي دلَّت عليه النصوص الشرعية أنَّ الكوثر هو النهر الذي أعطاه اللهُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم في الجنة، وماؤه يصبُّ في الحوض الذي يكون في الموقف، كما دلَّ عليه الحديث الثاني، وعلى النهر والحوض خيرٌ كثيرٌ.

قال القرطبيُّ في التَّذكرة: "والصحيح أنَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم حوضَين، أحدُهما في الموقف قبل الصِّراط، والآخرُ داخلُ الجنَّة، وكلٌّ منهما يُسمَّى كوثرًا".

فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم قام مُتبسِّمًا بهذه البُشرى العظيمة، وهذا الاختصاص والفضل الكبير الذي امتنَّ الله تبارك وتعالى به عليه، وهو أيضًا مِنَّةٌ على أمَّتِه جميعًا؛ للخير الكثير الذي تناله منه.

﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]: الفاء للسببية، عاطفة على قوله: ﴿ إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ﴾ [الكوثر: 1]؛ أي: بسبب إعطائنا لك ذلك:
صل لربِّك وانحر؛ شكرًا له تعالى على هذه النعمة.
لا يحزنك الذي يقوله أعداؤك؛ فإن العاقبة لك ولمن اتَّبعك، ومُبغِضُك هو الأقلُّ الأذلُّ المنقطعُ عقبُه.
وقوله: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]: مطلقٌ، فيدخل فيه كلُّ صلاة، وكلُّ نحْرٍ مما ثبت في الشرع مشروعيتُه.

فجمع سبحانه بين الصلاة والنحر؛ للجمع بين النفع القاصر بإقامة الصلاة، والنفع المتعدِّي بالنَّحْر الذي يكون منه إطعامُ الفقراء والمساكين، كما جمع سبحانه بينهما، كقوله تعالى في آية أخرى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 162]؛ لكونهما من أعظم العبادات التي فشا فيها الشِّرك؛ فالصلاة روحها الدعاء والتعظيم وتوجُّهُ القلب إلى المعبود، والخوف منه والرجاء فيه، وكلُّ ذلك مما يقع فيه الذين يَدْعُون أحدًا من دون الله؛ من الأموات أو الجن أو الأشجار، أو الحجارة والأبقار، ويلتجئون إليهم لجلب نفعٍ أو دفعِ ضُرٍّ، وأما الذبائح، فالشِّركُ فيها أظهرُ في التقرُّب إلى من يُعظِّمونهم من دون الله بفعل هذا الأمر.

فالمشركون الذين نزل فيهم القرآن، ما كانت عبادتهم لغير الله إلا في الدعاء والالتجاء والذبح ونحو ذلك، وهم مُقِرُّون أنهم عبيدٌ لله، وتحت قهره، وأنَّ الله هو الذي يُدبِّر الأمر، ولكن دعَوهم والتجؤوا إليهم وذبحوا لهم؛ للجاه والشفاعة.

فمن ذبح لغير الله من الجن، أو الإنس، أو الملائكة، أو الأنبياء، أو الصالحين، وغيرهم من الأصنام والأوثان - كان كمن سجَدَ لهم، وقد أشرَكَ بهذا الفعل، وقد لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لعَنَ الله من ذبح لغير الله))؛ رواه مسلم، ولا يجوز أكل ذبيحته؛ لأنها ممَّا أُهِلَّ لغير الله به.

﴿ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر: 3]: الشانئ لغةً هو المبغِض، يقال: شنأ فلانًا شَنْئًا، إذا أبغَضَه وكرهه، وقد صحَّ عن ابن عباس أنه قال: ﴿ شَانِئَكَ ﴾ [الكوثر: 3]: "عَدُوَّك"؛ صحيح البخاري.
والأبتر في الأصل: المقطوع الذنَب، والمراد به هنا: الإنسان الذي لا يَبقى له ذِكرٌ بخير، ولا يدوم له أثرٌ.

فلا يوجد من شنأ الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بتره الله، قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "إن الله سبحانه بتَرَ شانئَ رسوله من كلِّ خيرٍ، فيبتر ذكره وأهله وماله، ذلك في الآخرة، ويبتر حياته فلا ينتفع بها، ولا يتزوَّد فيها صالحًا لمعاد، ويبتر قلبه فلا يعي الخير، ولا يُؤهِّله لمعرفته ومحبَّته، والإيمان برسله، ويبتر أعماله فلا يستعمله في طاعة، ويبتره من الأنصار فلا يجد له ناصرًا ولا عونًا، ويبتره من جميع القُرَب والأعمال الصالحة، فلا يذوق لها طعمًا، ولا يجد لها حلاوةً، وإنْ باشَرَها بظاهره، فقلبه شاردٌ عنها".

كما يبتر سبحانه وتعالى أهلَ البدع والأهواء الذين خالفوا سنَّته، وهذه قاعدةٌ ثابتةٌ مطابقةٌ للواقع؛ قال أبو بكر بن عياش: "أهل السنة يموتون ويحيا ذكرُهم، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم؛ لأن أهل السنة أحيَوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، وأهل البدعة شنؤوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان لهم نصيب من قوله: ﴿ إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ﴾ [الكوثر:3]".

فسورة الكوثر هي أقصر سور القرآن في عدد الكلمات والجُمَل، تتكوَّن من خبر، ثم أمرين معطوف ثانيهما على أولهما، ثم خبر، وعلى الرغم من كلماتها القليلة المحدودة تضمَّنت من المعاني البديعة والفصاحة والبلاغة الرائعة التي اقتضت بها أن تكون مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [البقرة: 23].

وقد حاول أدعياء النبوة على مرِّ العصور الإتيانَ بمثل هذه السورة لقصرها، ولا يعدو ما جاؤوا به أن يكون إلا مُحاكاةً لكلمات هذه السورة البديعة، فباءت محاولاتُهم بالفشل، وصاروا أضحوكةً بين الناس.

قال ابن كثير في البداية والنهاية: قال المدائني: أُتي خالدُ بنُ عبدالله برجل تنبَّأ بالكوفة، فقيل له: ما علامة نبوَّتِك؟ قال: قد أُنزل عليَّ قرآن، قيل: ما هو؟ قال: "إنا أعطيناك الجماهر، فصلِّ لربِّك ولا تجاهر، ولا تُطِع كلَّ كافر وفاجر"، فأمرَ به، فصُلب، فقال [له خالد] وهو يُصلب: "إنا أعطيناك العمود، فصلِّ لربِّك على عود، فأنا ضامنٌ لك ألَّا تعود".

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرُكَ وأتوبُ إليك، وصلِّ اللهم وبارك على نبيِّنا محمدٍ وعلى آله، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.11 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.48 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (2.95%)]