الليلة الأولى! (قصة) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-12-2020, 05:04 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,587
الدولة : Egypt
افتراضي الليلة الأولى! (قصة)

الليلة الأولى!










(قصة)



ماهر فيروز









غادر قريته الوادعة، يمَّمَ ركابَه إلى مدينة إبّ، وبالأخصِّ معهد الإمام البيحاني، كان الشوق يحدوه، والأمل يسوقه، وربمَّا كان في كلِّ خطوةٍ يختصر سِنِي عُمُرِه لينظر إلى نفسه وقد أصبح عالمًا ملء السمع والبصر!



لمَّا منَّ الله عليه بالقبول، وحان موعد الدراسة، لم يكن يَعنيه أن يقطع مسافة أربع ساعاتٍ ماشيًا على قدميه، وفوق ظهره فرشه وبطانيَّته ووسادته، وفي يده كيس فيه ملابسه وبقية أغراضه؛ ليدلف إلى الخط الأسفلتي في (سوق السبت)، ويواصل رحلته على متن صندوق سيارة (هايلوكس) قديم، تسفُّه الريح مرة، ويَهُدُّ قواه زحمةُ الراكبين مرة أخرى!



ليصل مع المغرب إلى موطنه الجديد: (إب)، ومنزله العامر: (معهد الإمام البيحاني).



كلَّما تذكَّرَ رحلته هذه، هجم على خاطره ذكرى رفيقه الذي مشى معه، وقَطَعَا هذه المسافة وهو يحكي له قصةَ خلافه مع زوجته، وحنينهما إلى بعضهما البعض؛ لينتهي هذا المشهد بطلاق زوجته منه، وجنونه على إثرها!



آهٍ، يسأل عنه اليوم، ويقولون: إنه يهيم في الأرض على وجهه ولا يُدرى أين مكانه؟ فليته يجده ويتقاسم معه عقله ليَعيشَا معًا بعقلٍ واحدٍ كما مَشَيا معًا في دربٍ واحدٍ!



بعد أن أجرى ترتيبات سكنه، ووُزِّعَ في غرفةٍ يَسكن بها، كان شيئًا جميلاً أن يكون بجوار أخيه سمير البَتول، يأنس بقربه؛ فهي المرة الأولى التي يفارق فيها بيته لمدة تزيد عن الأسبوع!



عُلِّقَتْ أسماءُ ساكني غرفته، الأمير: محمد شحرة، نائبه: عصام الهتار، صلاح الزراف، محمد السحولي، عبدالكريم العواضي، رضوان العزب، بسام الصهباني، محمود الصبري... لفيف من الأسماء التي عَلِقَتْ بذاكرته المهترئة!



وضع أغراضه في غرفته، وبسط فرشه، وكان الذي يفصل بينه وبين زميله كرتون توضع في أعلاه الكتب وفي أسفله الملابس، وإن يَسُرَ ببعض زملائه الحال جعل الفاصل كيسًا سميكًا من أكياس صابون (الكريستال)!



إلى حدٍّ ما كانت غرفته هي أحسن الغرف حالاً، فعدد أفرادها لا يزيدون عن اثني عشر طالبًا، وبقيَّةُ الغرف الأخرى يصل عدد أفرادها إلى ستة عشر طالبًا، ينقسمون في وقت وجبات الأكل إلى حلقتين، يتولى اثنان منهما في كل يومٍ مباشرة تقديم الطعام ورفعِه، وتتسابق الغرف أيُّها التي ستُحرز السبق في مثاليَّة الترتيب والهدوء والمشاركة.



في ليلته الأولى خرج مع أساتذته: طه، إبراهيم، نشوان، فواز، وثالثهم محمد العمراني - الذي لا يكاد يفارقهم إلا في نوم - إلى أحد البوفيهات لشرب الشاهي مشوبًا بالطرفة الساحرة، والتعليقة الساخرة.



هناك سمع أقاصيصَ (فواز) وطُرَفَه ابتداءً مع والده - رحمه الله - ومرورًا بإخوانه وأهل قريته، وأخيرًا بسجلِّه الحافل - في هذا الباب - في المعهد مع رفيقه (نشوان) الذي سجد في الصلاة لتتدحرج حبة الطماطم من جيبه بين يدي المصلين في جامع الرحمن؛ لينتهي المجلس بضحكات عالية تجعل من بجوارهم يتوقَّفون عن أحاديثهم، ويسترقون بعض ما يدور في مجلسهم من أعاجيب!



من أيامٍ ليست بالقليلة كان يَسمع عن شيخ المعهد (محمد بن محمد المهدي)، فنسج له صورةً خياليَّةً في رأسه، حفظ له قصيدة نشرتها مجلة المنتدى عام 1416هـ في ختام دورة صيفية ألقاها في المعهد، ولا يزال يحتفظ بتلك المجلة إلى يومه هذا وإن تناثرت بعض أوراق المجلة الأمامية.



صلى الفجر في مسجد الرحمن، وعَجِبَ أن يجد إمامًا تَخنقه العَبْرة في سورة الفاتحة ويتوقف مرات كثيرة ليُخفي عبراته! أكمل صلاته، ثم التفت إليه أستاذه (علي عبدالله صالِح البنَّاء) ليقول له: نُسلِّم على الشيخ المهدي، كانت مفاجأة أن تكون الحقيقة على خلاف الخيال، رجل قابض على لحيتِه، محمرَّةٌ عيناه من أثر بكاء ومناجاة في الليل، نحيل الجسد، وشعر مخضوب بالكتم.



كان له شرف تقبيل رأسه، بعد أن أخبره رفيقه أنَّ اللائق بسلام أهل العلم والفضل تقبيل رؤوسهم، أخبره صاحبه أن هذين الطالبين جديدان على المعهد، من منطقة الحرث.



بدأ الشيخ بسرد أسماء قرى منطقته، ويذكر من حلَّ بها من أهل العلم والفضل، ويعزو ذلك للجعدي في طبقات اليمن، أو للأكوع في هجر العلم ومعاقله.



ذكر مرورَه على بعض هذه المناطق في الزمن الغابر، ربّما وصاحبكم لم يزل في صلب أبيه، مضى الشيخ متعلِّلاً بانشغاله، ثم بقينا في حديث حول بساطة عيشه، وحضور دمعته، وذكائه الحاد الذي أعجب خصومه قبل مقرَّبيه، وحمْلِهِ لهمِّ دعوةٍ غرسها فآتت ثمارها.



استغرق الجميع في الحديث عن الشيخ، وما يُحكى عنه من مواقف مشرقةٍ، ومواقف عفويةٍ مُحرجة لهم معه، كرمْي أحدهم زميله بحذائه فيَختفي بجوار الباب، فتصيب تلك الرمية أول خارج من باب المسجد في صدره! والمفاجأة أنَّ الشيخ لم يزد على ابتسامةٍ عَلَتْ مُحيَّاه؛ لمعرفته أن هذا مِن نزق الاغتراب، وسقوط الكُلفة، ومحاولة تسليَة أنفسهم!



كانت الساعة تشير إلى السادسة والنصف، ليدقَّ أحدهم على باب المسجد أن وقت الإفطار قد حان!


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.10 كيلو بايت... تم توفير 1.63 كيلو بايت...بمعدل (3.16%)]