|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التخلص من مشكلات الماضي بالمقارنة التحتية أ. شروق الجبوري السؤال ♦ ملخص السؤال: فتاة يتيمة الأب منذ صغرها، عاشتْ وحيدةً طوال عمرها، ينقصها الكثير مِن العاطفة، تعيش في خوفٍ ولا تشعر بالأمان، وتشعر بالوحدة وعدم الثقة بالنفس. ♦ تفاصيل السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاةٌ في مُقتبل العمر، طفولتي لم تكنْ سعيدةً، أصبحتُ يتيمةَ الأب وأنا في الثامنة مِن عمري، حملتْ أمي على كاهلِها هَمَّ التربية وتوفير المال، ولن نستطيعَ أنا وإخوتي أن نجازيها على ما تحمَّلَتْه مِن تعبٍ وهمٍّ مِنْ أجْلِنا. لم تكن الحالةُ الماديةُ جيدةً؛ وهذا ما جعلني أشعر بالحِرمان، وهناك ذكريات وأشياء ما زالتْ عالِقةً في ذاكرتي، وأشعر بغُصَّة كلما تذكرتُها. عِشْتُ وحيدةً منذ طفولتي، ينقصني الكثير مِن العاطفة، لا أُجيد التعبير عن عاطفتي تُجاه أحدٍ، لم أشعُرْ يومًا بالأمان، بل أعيش في خوفٍ مُستمرٍّ مِنْ كلِّ شيءٍ، فقدتُ ثِقَتي في كلِّ مَنْ حولي بلا استثناء، حتى أقرب الناس إليَّ! منذ سنتين تخرَّجْتُ مِن الجامعةِ، وسافرتُ إلى أمريكا لإكمال الدراسات العليا، واجهتْنِي العديد مِنَ المصاعب، وأغلبها مصاعب نفسية، أشعر بالوحْدةِ، ولا يكاد يمرُّ يومٌ بدون بكاءٍ وانكسار وتفكيرٍ في مُستقبلٍ مجهولٍ. حولي بنات مِن نفس جنسيتي، ولكن لا أشْعُر بالراحة عند الجلوس معهنَّ، فكلما جلستُ معهنَّ أشعر بالانكِسار. الغالبيةُ العُظْمَى يشْعُرْنَ بالاستقرار النفسيِّ؛ لأنَّ لديهنَّ أسرةً، أو زوجًا، ومَن يُساعد في اتخاذ القرارات والتفكير، أو أطفالًا يغمرونهن بالحبِّ والحنان، ويشغلْنَ أوقاتهنَّ. أصبحتُ أشُكُّ في نفسي، فلا سفر يُفرحني، ولا حقيبة مِن تلك الماركة الشهيرة تغريني، ولا مطعم فاخر يسيل له لُعابي، بل إنني حين أسأل نفسي: ما الذي يجعلك سعيدة؟! لا أجد إجابة! أشْعُر أنَّ حياتي بلا هدفٍ، بلا معنى، فقدتُ الشعورَ بالحياةِ ولذَّتِها، رغم تفوُّقي في دراستي، لكني دائمًا أشْعُر بالفشَل والنَّقْص، أشْعُر بضيقٍ يعتصر قلبي وروحي، ليس هناك أحدٌ أشكو له لأُخْرِجَ مِن قلبي هذا الضيق. حاولتُ أن أقتربَ مِن ربي؛ فبدأتُ بحِفْظ القرآن، وأتممتُ حِفْظ ٣ أجزاء أو أكثر، كثيرًا ما أستيقظ في جَوْف الليل لأُوَفَّق لساعة استجابة. بعد فترة فترتْ همتي، ولا أدري ماذا أصابني؟! واجهتُ مَصاعِبَ كثيرةً في حياتي أنْهَكَتْني وأنهكتْ روحي، فما عدتُ أقوى على الصبر. أُقابل في حياتي مَشاكل كثيرةً، حتى أصبحتُ أشعر أني مغضوب عليَّ، تارة يقال لي: إن الله إذا أحَبَّ أحدًا ابتلاه، وتارةً يُقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ [الشورى: 30]، احترتُ مِن أيِّ الفريقَيْنِ أنا؟! أنا تائهةٌ وأشعُر بالضياع، وأخشى أن يمضيَ عمري وأنا على هذا الحال، فلا سعدتُ في دنياي، ولا ظفرتُ بآخرتي! دلوني على طريق الراحة الجواب أختي الكريمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. يُسعدنا أن نرحبَ بانضمامك إلى شبكة الألوكة، ونسأل الله تعالى أن يُسَدِّدنا في تقديم ما ينفعك وينفع جميع المستشيرين. كما أودُّ أنْ أُحَيِّي ما لمستُه فيك مِن شعور بالامتنان لوالدتك، ورغبتك في تعويض بعض تضحياتها، وكذلك حِرْصك على التفوُّق الدراسي، واستشعارك بهذه النِّعمة، وشكر الله تعالى عليها، فتلك بمجموعها سماتٌ إيجابيةٌ، وخصال صالحة، أتمنى منك الحفاظ عليها، وتعزيزها واستثمارها في مُواجهة مشاعرك السلبية التي تسلَّلتْ إلى نفسك. فقد استشففتُ مِن سياق رسالتك أنَّ لديك اتجاهًا غير صائب في تفسير الحقائق، وإخراجها عن إطارها الواقعي، فأنت يا عزيزتي قد عانيتِ ظروفًا صعبةً في مقتبل العمر، لكن وقوفك نفسيًّا وفِكْريًّا عند ما طوَيْتِه مِن ذكريات - جعلك بعيدةً كلَّ البُعد عن الواقع الجديد الذي تعيشينه الآن. فأنت الآن قد منَّ اللهُ تعالى عليك بالحصول على شهادة جامعية، وغيرك كثيرون قد حُرِمُوا ويُحْرَمُون منها بسبب ظروفٍ مشابهةٍ لظروفك السابقة، بل إنه - عزَّ وجلَّ - يزيد في نعمِه لك، ففتح عليك بمواصلة الدراسات العليا، وفي دولة تشتهر بتقدُّم جامعاتها علميًّا، ثم فتَح عليك بالتفوُّق الدراسي، ولا شك أنك مُحاطَة بالكثير مِن النِّعَم التي لا يمكنك إحصاؤها، ولكن أسلوبك الفكري في اجترار ذكريات مؤلمة يَحُول دون استئناسك بها، فالأسلوبُ الصائب فكريًّا هو تذكُّرك لتلك المعاناة بابتسامةٍ وسعادةٍ؛ لأنها لم تمنعْ وصولك لمركز قد يكون الآن مصدر حَسَد أو غبطة لك ممن حولك. ولذلك تجدين يا عزيزتي أنَّ كثيرين ممن ذاع صيتهم بنجاح ما، يُشيرون إلى معاناتهم وآلامهم السابقة بفخرٍ وسعادةٍ؛ لأنهم يعتبرونها مصدر دفْعِهم وطموحهم واجتهادهم نحو النجاح. وعليه، فإني أتمنى منك اتِّباع أسلوب ما يُسَمَّى بـ: (المقارنة التحتيَّة)، والذي يتلخَّص في إجرائك مُقارنات فكرية باختيار إحدى النِّعَم التي تنعمين بها، مع حال آخرين يفتقدونها، ثم تخيلي نفسك مكان هؤلاء، واستشعري مشاعر حِرْمانهم منها، ثم اختاري نعمةً غيرها... وهكذا. فهذا النوعُ مِن المُقارنات يُعَدُّ مِن أسباب الشعور بالسعادة والاستئناس بما يحيط بالإنسان، كما أنها تُنير بصيرته للحقائق، والنظر إليها بواقعية، وليس بانْحِيازاتٍ فكريةٍ وتأويلاتٍ خاطئةٍ. ولكونك قد تحدَّيت (فعلًا) ظُروفًا وواقعًا صعبًا، وواجهتِ كلَّ ذلك بتفوُّق ونجاحاتٍ لم يصل إليها كثيرون، فإني أجد أنك أهلٌ لاتخاذ هدف مختلف عن أهداف زميلاتك وأسمى منها، كأن يتمثَّل في تسخير جهدك الدراسي والعلمي لخدمة الأمة والإنسانية، والسعي والاجتهاد لتقديم ما يحقِّق هذا الهدف، وما شابه ذلك مِن أهدافٍ. واعلمي يا عزيزتي أنَّ تَكْرارك أسلوب المقارنة التحتيَّة المذكور، وتبنِّيك أهدافًا سامية في الحياة والعيش لأجلها، سيُحَقِّق لك - بإذن الله تعالى - مكاسبَ عديدةً إن واظبتِ عليها، وجعلتِها إطارًا فكريًّا ونفسيًّا لشخصيتك. ومِن بين تلك المكاسب: الشعور بالاستئناس مع الآخرين ومع النفس؛ لأن ذلك يرفع مِن مستوى الرضا الذاتي لديك، ويُعَزِّز ثقتك بنفسك وبقدراتك الكثيرة التي منَّ الله تعالى عليك بها، كما أنَّ العيشَ بتلك المعتَقدات، والسعيَ لتحقيقها، يُعَدُّ من القربات المهمة لله تعالى، إنْ أخلصت النية لذلك، بالإضافة إلى أنَّ نجاحك في تحقيق ذلك سيجعلك - بإذن الله تعالى - مِن الصالحات اللائي يُقررنَ عيون آبائهنَّ في الدنيا والآخرة، وقد تُجزين بذلك بعضًا من تضحيات وعطاء والدتك. وأخيرًا أختم بالدعاء إلى الله تعالى: أن يشرحَ صدرك، ويُصلح شأنك كله، وينفع بك ويجعلك مِن الصالحات. وسنكون سُعَداء بسماع أخبارك الطيبة مجددًا
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |